«التحالف» يدك مخازن عسكرية في نهم.. والجيش يواصل التقدم بتعز

دعوات نفير بذمار واستعدادات لاقتحام بيحان

مقاتلون من المقاومة في تعز بطريق العودة للمدينة بعد ردع الميليشيات في جبهات متعددة جنوب المحافظة (أ.ف.ب)
مقاتلون من المقاومة في تعز بطريق العودة للمدينة بعد ردع الميليشيات في جبهات متعددة جنوب المحافظة (أ.ف.ب)
TT

«التحالف» يدك مخازن عسكرية في نهم.. والجيش يواصل التقدم بتعز

مقاتلون من المقاومة في تعز بطريق العودة للمدينة بعد ردع الميليشيات في جبهات متعددة جنوب المحافظة (أ.ف.ب)
مقاتلون من المقاومة في تعز بطريق العودة للمدينة بعد ردع الميليشيات في جبهات متعددة جنوب المحافظة (أ.ف.ب)

لم تكن صور زيارات أجراها الفريق علي محسن الأحمر، نائب الرئيس اليمني، مجرد صور عادية مرفقة مع خبر تفقد منشآت نفطية أو زيارات عامة وحسب، بل كان القصد منها، بحسب مصادر مطلعة «دلالات واسعة على تنسيق يجري مع قيادات قبلية.. ويبدو أن الوقت قد حان لتحرير بيحان من ميليشيات الحوثي وصالح».
وكان الأحمر في زيارة ميدانية أمس، إلى مقر شركة «صافر» لعمليات الاستكشاف والإنتاج النفطي وشركة «جنة هنت» للنفط بمحافظتي مأرب وشبوة، للاطلاع على آلية العمل في الشركتين وجهود تفعيلها ومضاعفة أدائها، كما زار مقر عمليات قوات الشرعية في بيحان (شمال غربي محافظة شبوة) بقادة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وعددا من المواطنين وأبناء القبائل.
واحتدمت الاشتباكات الميدانية في مختلف الجبهات اليمنية، التي يسعى فيها الجيش اليمني والمقاومة إلى استعادة الأراضي لصالح الحكومة اليمنية من ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية.
ففي تعز، اشتدت حدة المواجهات العنيفة بالمحافظة في الوقت الذي يزداد فيه حماس قوات الشرعية يوما بعد يوم لحسم المعركة وفك الحصار الكامل، وتطهير تعز من الانقلابيين.
وأمام خسائر الميليشيات لقيادات كبيرة في صفوها، ومن ضمنهم قيادات عسكرية بارزة، ارتكب الانقلابيون مزيدا من الانتهاكات بحق المواطنين عبر القصف والقتل الممنهج في مدينة تع،ز وقرى وأرياف المحافظة، بما فيها جبهات الصلو وحيفان والأحكوم.
وما زالت الاشتباكات عنيفة في محيط المواقع التي تمت السيطرة عليها من قبل قوات الجيش والمقاومة في محاولة من الميليشيات الانقلابية استعادتها، في مناطق الكمب والدعوة (شرقا)، ومحيط جبل الهان والربيعي وحذران (غربا)، وفي الأحكوم (جنوب المدينة)، وسقط خلال المواجهات قتلى وجرحى من الميليشيات الانقلابية.
وسيطر الجيش على وادي حنش، غرب المدينة، وأجرى تمشيطا على مواقع عدة بين جبل الهان ومنطقة مدرات، في حين تشتعل المواجهات في مناطق بالربيعي وتتقدم باتجاه مفرق شرعب في منطقة حذران.
صحيا، قدم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أدوية طبية لمستشفى الثورة العام.
يأتي ذلك وسط وضع صحي مأساوي تشهده تعز، جراء استمرار الحرب والحصار المطبق من قبل ميليشيات الانقلاب منذ أكثر من عام؛ إذ تحاصر الميليشيات مداخل المحافظة، وتمنع دخول الأدوية والمواد الطبية وجميع المستلزمات الضرورية للمستشفيات، بما فيها أسطوانات الأكسجين.
وأعلن ائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز إيصاله أدوية طبية إلى مستشفى الثورة العام في المدينة، بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وتمويل تكاليف النقل من قبل الهيئة اليمنية الكويتية للإغاثة، عبر مكتب الصحة العامة والسكان بعدن، برعاية وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة، ومحافظ محافظة تعز.
وقال رئيس ائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز، الدكتور عبد الكريم شمسان، إن «مشروع توزيع الأدوية والمستلزمات الطبية المقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة، الذي تمول تكاليف نقله الهيئة اليمنية الكويتية للإغاثة، ما زال مستمرا، وستقدم المساعدات الطبية لكافة المستشفيات العاملة في مدينة تعز، حال اكتمال وصولها إلى تعز».
وأعلنت قوات الجيش اليمني الموالية للحكومة، أمس (الخميس)، مقتل وجرح عناصر انقلابية في غارات جوية للتحالف بمنطقة جبلية شرقي العاصمة صنعاء.
وأفاد المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية الموالية للحكومة في حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بأن مقاتلات التحالف استهدفت أربع دوريات تابعة لمسلحي الحوثي وقوات صالح كانت في طريقها إلى منطقة محلي بمديرية نهم شرقي صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل وإصابة جميع من كانوا على متنها.
وقال المركز إن «طيران التحالف استهدف أيضا مخزن أسلحة وتعزيزات وتجمعات وآليات عسكرية تابعة للحوثيين وقوات صالح في منطقة مسورة في المديرية ذاتها»، مشيرا إلى أن قوات الجيش الوطني مدعومة بالمقاومة الشعبية والتحالف العربي تخوض معارك عنيفة منذ فجر أمس، وتواصل التقدم باتجاه منطقة محلي بمديرية نهم التي تبعد عن العاصمة صنعاء بنحو 50 كيلومترا، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وفي محافظة ذمار اشتعلت المواجهات في المعقل الثاني لميليشيات الحوثي بعد محافظة صعدة، ويتزامن التصعيد بدفع ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح بتعزيزات عسكرية، تشمل أطقما ومدرعات من معسكرات الحرس الجمهوري إلى السجن المركزي في المحافظة، التي تشهد مواجهات عنيفة في محيطها، في محاولة لإجبار المسلحين القلبيين من أبناء مديرية عتمة، التابعة لمحافظة ذمار، على الانسحاب من محيط مبنى السجن.
ويأتي اشتعال المواجهات بعد اندلاع اشتباكات عنيفة بين مسلحين من قبائل مديرية عتمة والميليشيات الانقلابية على إثر سماع أبناء عتمة قيام ميليشيات الانقلاب بتهريب أحد القتلة من السجن المركزي، وتسبب ذلك في مواجهات عنيفة بين الطرفين سقط فيها قتلى وجرحى من الجانبين، بنيهم قيادي حوثي يدعى أبو سلمان الديلمي، الذي يعد مشرف الحوثيين في السجن.
وقال مصدر في المقاومة الشعبية في ذمار لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيات الانقلابية فشلت في إجبار المسلحين القبليين على الانسحاب من محيط السجن المركزي، حيث شددت قبائل مديرية عتمة، إحدى مديريات محافظة ذمار، من حصارها ونشرت أكثر من 200 مسلح مدججين بمختلف أنواع الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة، وقذائف الآر بي جي وأطبقت الحصار على السجن».
وأضاف أن «الميليشيات أصبحت تعيش يوما أسود في محافظة ذمار، وهي الآن أصبحت بين فكي كماشة، المسلحين والدخول في مواجهات معهم، في الوقت الذي استهدف المسلحون من المقاومة الشعبية في ذمار قيادات ومقار وتعزيزات للميليشيات».
وتصر قبائل مديرية عتمة على ضرورة إعدام القاتل أبو القاسم الذي تم تهريبه من السجن، المتورط بقتل أحد أبناء المديرية، غير أنه وبعد وساطة قبلية نجحت بإقناع قبائل عتمة بمنح الميليشيات الانقلابية مهلة 24 ساعة لتسليم القاتل أبو القاسم، مع بقاء مسلحي عتمة في محيط السجن المركزي. ولكن جرى ما كان يحسب له، وتم تهريب القاتل إلى محافظة عمرة دون احترام لاتفاق المشايخ والوساطات؛ ما تسبب في اشتعال المواجهات.
إلى ذلك، دعا محافظ ذمار، علي بن محمد القوسي، أفراد قبائل المحافظة كافة إلى «هبة شعبية مسلحة لطرد الغزاة الحوثيين من داخل المدينة والمراكز والأرياف، وإزالة نقاطهم غير القانونية، ومنعهم من استمرار جرائمهم العلنية في حق المواطنين والدولة، واستعادة دور المجالس المحلية ومؤسسات الدولة الشرعية تحت قيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي».
وقال في بيان له إن الميليشيات الانقلابية أثبتت أنها «مجرد غزاة ميليشياويين على محافظتنا، يقتلون ويختطفون ويفجرون منازل إخواننا وأبنائنا المواطنين دون أن يكون لهم أي رادع أو حسيب، وقد مثلت هذه العصابة قمة الفجور في الخصومة بعد ممارساتها الوحشية الأخيرة في عتمة وذمار والحدا وعنس، وغيرها من المناطق التي تعاني من سطوتهم الإجرامية».
وحذر «المتواطئين مع هذه الميليشيات الإجرامية من محاولة إعاقة عملية التحرير، وبأنهم سيقعون تحت طائل المسؤولية الجنائية، طال الزمن أو قصر».
كما كرر المحافظ دعوته إلى «المغرر بهم أو الواقفين موقف الحياد إلى الانضمام إلى داعي النصر المؤزر».
من جانبه، وجه الشيخ حمير صلاح المصري، أحد أكبر مشايخ قبيلة عنس وعضو مجلس المقاومة الشعبية في محافظة ذمار، «نداء لكل قبائل المحافظة لإعلان النفير العام والبدء بالتحشيد المسلح لاقتحام مدينة ذمار وإسقاطها من يد الميليشيات الانقلابية بالقوة، واستعادتها إلى حضن الجمهورية، واعتقال كل مشرفي ميليشيات الانقلاب المتورطين في جرائم القتل والتنكيل والاغتيالات والاعتقالات بحق أبناء المحافظة ومحاكمتهم»، وذلك بحسب مركز ذمار الإعلامي.
وبدوره، دعا عبد الوهاب محمود معوضه، القيادي في المقاومة الشعبية بمديرية عتمة وعضو مجلس النواب (البرلمان)، كل أبناء المديرية ومديريات محافظة ذمار إلى إعلان موقف موحد ضد الميليشيات الانقلابية، وموقف داعم لكل من قتلوا ظلما وعدوانا، أو تعرضوا لأي نوع من أنواع التنكيل والأذى.
إلى ذلك، شهدت مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، انتشارا أمنيا كبيرا لقوات اللواء 30 مشاه التابع لمحور عتق بقيادة العميد ناصر علي النوبة بصورة مفاجئة، وشرعت القوات العسكرية في نشر دورياتها في مداخل ومخارج ووسط أحياء المدينة وأمام المرافق الحكومية، حيث أوضحت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الحملة العسكرية تأتي لمنع حمل السلاح وتأمين عاصمة المحافظة، وتعقب المسلحين الخارجين عن النظام والقانون، على حد قولهم ذلك.
وأكدت المصادر، أن عملية الانتشار الأمني لقوات اللواء 30 مشاه ستكون دائمة لتأمين وحماية المرافق الحكومية المهمة في عاصمة المحافظة عتق على طريق استعادة المعسكرات والمراكز الإدارية في المدينة للعمل، حيث تتزامن الحملة العسكرية مع زيارة نائب الرئيس هادي لمقر قيادة العمليات للمقاومة والجيش الوطني في بيحان شمال غربي المحافظة النفطية.
ومن ناحية ثانية واصلت قوات الحزام الأمني بمحافظة أبين، 80 كيلومترا من عدن، نشر قوات أمنية كبيرة معززة بعدد من الأطقم والمدرعات العسكرية في مناطق وجبال مديرية المحفد شمال شرقي المحافظة الساحلية؛ لاستكمال عمليات تطهير المدينة من الجماعات الإرهابية، وذلك بمشاركة المقاومة الجنوبية ودعم وإشراف قوات التحالف العربي بعدن.
وبدأت عملية انطلاق الحملة العسكرية صباح أمس (الخميس) من مركز المحافظة زنجبار وصولاً إلى مديرية المحفد الريفية لتطهيرها من العناصر الإرهابية، واستكمال عملية التطهير للمحافظة من شر «القاعدة» والجماعات المتطرفة.
وقالت مصادر أمنية في الحزام لـ«الشرق الأوسط» إن الحملة العسكرية لتطهير مديرية المحفد التي تعد وكرا كبيرا لعناصر «القاعدة» وآخر معاقلها في أبين، مشيرين إلى أن الحملة تمت عبر خطين ومحورين، القوة الأولى تحركت من الجهة الغربية عبر موديه المحفد، والقوة الثانية تحركت من الجهة الجنوبية عبر أحور المحفد، وسط دعم القبائل في المدينة للحملة العسكرية الرامية إلى تطهير المنطقة من الجماعات الإرهابية وحفظ الأمن والاستقرار واستعادة هيبة الدولة وتعقب الجيوب الإرهابية في المدينة الريفية المهمة.



هدنة غزة أمام عقدة «الانتقال للمرحلة الثانية»

مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
TT

هدنة غزة أمام عقدة «الانتقال للمرحلة الثانية»

مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)

تتعدد مطالب الوسطاء بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار» في قطاع غزة، في ظل تعقيدات ما زالت تواجهها «المرحلة الأولى» بشأن تسليم جثث الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، وعدم التوافق على تفاصيل المرحلة التالية، وسط مخاوف من تكرار ما حدث في اتفاق يناير (كانون الثاني) الماضي الذي نقضته إسرائيل.

وتضمن «اتفاق وقف إطلاق النار» في يناير الماضي، ثلاث مراحل، بدأت المرحلة الأولى عند التوصل إليه وانتهت في الأول من مارس (آذار) الماضي، لكن «حماس» وإسرائيل لم تتوصلا إلى اتفاق بشأن كيفية الانتقال إلى المرحلة الثانية.

في ذلك الحين، أرادت «حماس» الدخول في المرحلة الثانية، والتي كانت ستشهد انسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء الذين تحتجزهم الحركة، وبدلاً من ذلك، ضغطت إسرائيل من أجل تمديد المرحلة الأولى، من دون الالتزام بإنهاء الحرب أو سحب القوات، وعادت لاستئناف الحرب في 18 مارس.

وجددت مصر «مطالبتها الأطراف المعنية بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في قطاع غزة»، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مساء الجمعة، من الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس.

وشملت المرحلة الأولى من «اتفاق أكتوبر» وقف العمليات العسكرية وانسحاباً جزئياً للجيش الإسرائيلي وصفقة تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع، وحتى الآن سلمت الفصائل الفلسطينية بغزة 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 25 آخرين من أصل 28، فيما لم يتم فتح معبر رفح بعد، وبين الحين والآخر تقوم إسرائيل بشن ضربات على القطاع.

وقال مصدر لإذاعة الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن رئيس الأركان إيال زامير «أوصى بعدم الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق مع حركة (حماس) قبل استعادة جميع جثث الأسرى الإسرائيليين في غزة، وعدم السماح بأي عملية لإعادة إعمار القطاع قبل تنفيذ عملية نزع السلاح كلياً».

تواجه المرحلة الثانية من «اتفاق غزة» عقبات سياسية، حيث ترفض إسرائيل أي إدارة فلسطينية للقطاع، وتعرقل تشكيل لجنة تكنوقراط، بينما تدفع واشنطن نحو قوة دولية، في حين لا يزال مصير إعادة إعمار غزة غير واضح، بحسب مراقبين.

امرأة وطفل يجلسان وسط أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية ليلية بجانب امرأة أخرى تراقب عملية الإنقاذ بغزة (أ.ف.ب)

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، أكرم عطا الله، أن «تقسيم الاتفاقيات مع إسرائيل على مراحل يسمح لها بنقضها، وهو ما حدث في (اتفاق يناير)، وسبق أن حدث من قبل في (اتفاق أوسلو)، وهي تتلاعب بالفلسطينيين عبر استخدام القوة العسكرية وفرض الأمر الواقع، لذا فالانتقال لأي مرحلة تالية يبدو وكأنه (عُقدة)».

وتم توقيع «اتفاقية أوسلو» والمعروفة رسمياً باسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، في سبتمبر (أيلول) من عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتتكون الاتفاقية من 17 بنداً بدءاً من إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية وانتهاء بتسوية المنازعات والتعاون الإسرائيلي - الفلسطيني فيما يتعلق بالبرامج الإقليمية، وفق التفاصيل المنشورة في وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وقال عطا الله لـ«الشرق الأوسط» إن «دفع إسرائيل لتنفيذ باقي مراحل (اتفاق أكتوبر) يكون عبر تحرك الوسطاء والدول العربية والإسلامية نحو الضغط على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للالتزام بباقي بنود الاتفاق، وحتى الآن يمكن القول بأن الولايات المتحدة ما زالت حريصة على تنفيذه». لكنه تحدث أيضاً عن عقبات تواجه الاتفاق الحالي في مقدمتها «النوايا الإسرائيلية، واتجاه الأنظار نحو تفاصيل (القوة الدولية)، وإدخال تعديلات على مهامها، والسماح لإسرائيل بالحركة الأمنية داخل القطاع، وهو ما أغضب الدول الراعية للاتفاق».

ووفقاً لموقع «أكسيوس» الأميركي، مساء الاثنين الماضي، فقد وزّعت واشنطن مسودة مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن الدولي، تقترح فيه إنشاء قوة أمنية دولية تعمل لمدة لا تقل عن عامين قابلة للتمديد حتى نهاية عام 2027.

وترى واشنطن أن تشكيل هذه «القوة الدولية» يمثل المفتاح الأساسي للمرور إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. وتشمل هذه المرحلة من الاتفاق موضوعات الحكم والسلاح وقوات الاستقرار الدولية وإعادة الإعمار.

مراسم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ المصرية (الرئاسة المصرية)

وقبل أيام، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر إسرائيلية أن بنيامين نتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، يجريان مفاوضات مع الإدارة الأميركية للحصول على ورقة تفاهمات تمنح إسرائيل حرية العمل في غزة، هدفها وضع حدود لحرية التحرك الإسرائيلي وترسيخ ضمانات أميركية بشأن ما سيحدث في حال فشلت القوة الدولية في نزع سلاح «حماس».

الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء حمدي بخيت، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتقال إلى مراحل متقدمة لاتفاقيات وقف إطلاق النار مع إسرائيل تحولت إلى (عُقدة)، وهو سلوك اعتادت عليه الحكومات الإسرائيلية حينما تُصر على تقسيم الاتفاقيات إلى مراحل»، لافتاً إلى أن «دفع الاتفاق الحالي يقع على مسؤولية الوسطاء، كما أن الولايات المتحدة يجب أن تكون حريصة على تنفيذه باعتبارها ضامنة للاتفاق».

وأضاف «تواجه حركة (حماس) موقفاً صعباً الآن؛ لأنها سلمت جميع الرهائن الأحياء لديها وقاربت على تسليم جميع الرفات، والآن يتم التركيز على ورقة تسليم السلاح، وهي من الممكن استخدامها للانتقال إلى المرحلة الثانية وضمان التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق».

وشهدت إسطنبول التركية اجتماعاً وزارياً موسّعاً، قبل أيام بمشاركة وزراء خارجية تركيا وقطر والسعودية والإمارات والأردن وباكستان وإندونيسيا، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار، ومتابعة تنفيذ «مبادرة ترمب» وما تلاها من «إعلان شرم الشيخ»، إضافة إلى نتائج اجتماع التحالف العالمي لتنفيذ «حل الدولتين» الذي عُقد في الرياض أخيراً.


اليمن: تنديد حقوقي وحكومي بحملات القمع الحوثية في ذمار

منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
TT

اليمن: تنديد حقوقي وحكومي بحملات القمع الحوثية في ذمار

منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)

اتهمت منظمة حقوقية يمنية الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، بتنفيذ واحدة من أكبر حملات القمع الجماعي ضد المدنيين في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بعد أن اختطفت 76 مواطناً وأخفتهم قسراً منذ أكثر من عشرة أيام، دون السماح لأسرهم بمعرفة أماكن احتجازهم أو التواصل معهم.

وقالت منظمة «مساواة لحقوق الإنسان» في بيان إن الجماعة شنت في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حملة مداهمات واعتقالات واسعة ومتزامنة في عدد من مديريات المحافظة، طالت أكاديميين وتربويين وشخصيات سياسية واجتماعية، في تصعيد وصفته بأنه «الأوسع منذ انقلاب الجماعة على الدولة».

وأوضحت أن مصير المختطفين لا يزال مجهولاً حتى اليوم، وبينهم مرضى وكبار في السن، وسط غياب أي معلومات رسمية أو إنسانية عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية.

وأكدت المنظمة الحقوقية في بيانها أن استمرار الجماعة في إخفاء هؤلاء المختطفين يمثل «جريمة إخفاء قسري مكتملة الأركان، وانتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية، وفي مقدمتها اتفاقيات جنيف الأربع والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية».

الحوثيون يقمعون السكان في مناطق سيطرتهم خشية تزايد الأصوات المناهضة لانقلابهم (رويترز)

وأضاف البيان أن هذه الممارسات «ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية»؛ كونها تأتي ضمن سياسة ممنهجة تستهدف المدنيين لبث الرعب في المجتمع وإسكات الأصوات الحرة. وحمّلت المنظمة قيادة الميليشيات الحوثية في ذمار المسؤولية القانونية والجنائية الكاملة عن سلامة جميع المختطفين وحياتهم.

ودعت منظمة «مساواة» الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط حقيقية على الحوثيين للكشف عن مصير المختطفين والإفراج عنهم فوراً ومن دون شروط، كما حثّت المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية على توحيد الجهود لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

انتهاكات ممنهجة

أدانت السلطة المحلية في ذمار، والمعيّنة من قبل الحكومة اليمنية الشرعية، بشدة حملة الاختطافات الواسعة التي نفذتها الجماعة الحوثية بحق العشرات من أبناء المحافظة، مؤكدة أن تلك الاعتقالات طالت أكاديميين وسياسيين ووجهاء وشخصيات اجتماعية؛ فقط لأنهم مارسوا حقهم في التعبير أو احتفوا بالمناسبات الوطنية، وعلى رأسها ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت بأسلاف الجماعة في 1962.

وقالت السلطة المحلية، في بيان، إنها تتابع بقلق بالغ ما تشهده المحافظة من مداهمات للمنازل واحتجاز تعسفي للمواطنين، معتبرة أن ما تقوم به الجماعة «انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ومبادئ الدستور والقوانين النافذة، واعتداء سافر على الحريات العامة وكرامة المواطنين».

وأضاف البيان أن هذه الممارسات «لن تسقط بالتقادم»، وأن مرتكبيها سيخضعون للمساءلة القانونية يوماً ما، مؤكداً أن أبناء ذمار «سيظلون متمسكين بمبادئ الثورة والجمهورية، ورافضين لكل أشكال الاستبداد والعنف الذي تمارسه الميليشيات بحقهم لمجرد التعبير عن آرائهم».

عناصر حوثيون خلال تجمع للتعبئة العسكرية في أوساط القبائل (إ.ب.أ)

وطالبت السلطة المحلية الجماعة بسرعة الإفراج عن جميع المختطفين والمعتقلين تعسفاً، ووقف انتهاكاتها فوراً، محمّلة إياها كامل المسؤولية عن تبعات هذه الممارسات التي «تهدد السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، وتزرع بذور الفتنة والكراهية بين أبناء المحافظة».

كما دعا البيان المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وكافة القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، إلى إدانة هذه الانتهاكات والضغط من أجل إطلاق سراح جميع المختطفين والمخفيين قسراً، وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم التي تعكس، بحسب البيان، «طبيعة المشروع القمعي الذي تمارسه الميليشيات بحق اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها».


أموال التهريب تدفع الحوثيين للتنكيل بالمهاجرين الأفارقة

محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
TT

أموال التهريب تدفع الحوثيين للتنكيل بالمهاجرين الأفارقة

محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)

تعرض المئات من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن لعمليات تنكيل على يد مسلحي الجماعة الحوثية في أطراف محافظة صعدة الحدودية (شمال)، في وقت أعلنت فيه السلطات اليمنية استمرار تدفق المئات منهم أسبوعياً إلى سواحل محافظة شبوة الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية على بحر العرب.

وذكرت مصادر حقوقية في محافظة صعدة أن الحوثيين نفذوا حملة مطاردة للمهاجرين غير الشرعيين في منطقة سوق القهر التابعة لمديرية منبه، واستخدموا خلالها الأسلحة بعد اشتباكات محدودة، قبل أن يسيطروا على الوضع.

وأرجعت المصادر أسباب الهجوم إلى خلافات نشبت بين المشرفين الحوثيين في المنطقة وعدد من المهاجرين الذين يعملون في تهريب القات والمخدرات.

وأوضحت المصادر أن الحوثيين، الذين يفرضون سيطرتهم الكاملة على المحافظة، ساعدوا على وصول أعداد كبيرة من المهاجرين الأفارقة إلى المناطق الحدودية، خصوصاً إلى سوق القهر، وقدموا لهم الدعم والسكن، بل شيدوا لهم مقرات لإعادة تغليف وتهريب المخدرات والحشيش، وأشرفوا على تلك الأنشطة بشكل مباشر.

جانب من تجمعات المهاجرين غير الشرعيين في أطراف محافظة صعدة (إعلام محلي)

ورجّحت المصادر أن يكون سبب الخلاف إحساس قادة مجموعات التهريب من المهاجرين بأنهم لا يحصلون إلا على القليل من عائدات التهريب، بينما تذهب الحصة الكبرى إلى المشرفين الحوثيين، الأمر الذي دفعهم إلى التمرد، بدعم من مهربين أفارقة كبار اقترحوا العمل بشكل مستقل عن الحوثيين، وهو ما دفع الأخيرين إلى تنفيذ حملة دهم عنيفة لطردهم من المنطقة.

شبكة تهريب

اعترافات سابقة لخلايا تهريب كشفت عن وجود شبكة واسعة تدير عمليات تهريب المهاجرين من السواحل اليمنية وحتى محافظة صعدة، بإشراف مباشر من قيادات حوثية. وتقوم هذه الشبكة بتسهيل انتقال المهاجرين داخل الأراضي اليمنية مقابل مبالغ مالية، كما يتم استغلال بعضهم في الأعمال العسكرية أو في المزارع، بينما يُدفع بالبقية نحو المناطق الحدودية لاستخدامهم في تهريب المخدرات ونبتة «القات» التي تمضغ في اليمن على نطاق واسع والمصنفة ضمن المواد المخدرة في أغلب دول العالم.

وفي تطور آخر، نفذت الجماعة الحوثية بقيادة المشرف الأمني المدعو مشتاق السرايا حملة مطاردة في منطقة جبلية تُعرف باسم «المجمع»، استهدفت مجموعة من العمال اليمنيين وعدداً من المهاجرين الأفارقة بعد خلافات بينهم حول تشغيل مطاعم ومقاهٍ لخدمة المهاجرين.

وبحسب المصادر، فإن يمنيين كانوا يديرون مطعماً ومقهى في تلك المنطقة بإذن من المشرفين الحوثيين لتقديم الوجبات للمهاجرين والمهربين، لكن خلافاً مالياً نشب بينهم استدعى تدخل الحوثيين، الذين داهموا المكان وأحرقوا المطعم والمقهى، ودمروا المعدات، وأجبروا اليمنيين على مغادرة المنطقة، فيما أقاموا حاجزاً أمنياً لحماية المهاجرين غير الشرعيين الذين يُستخدمون في أنشطة التهريب والأعمال العسكرية هناك.

تدفق متزايد

تواصلت موجات تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، حيث استقبلت سواحل محافظة شبوة خلال اليومين الماضيين مئات المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي، ليضافوا إلى أكثر من ألف وصلوا خلال الشهر الماضي فقط.

ووفقاً لتقرير صادر عن مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية، فقد وصل إلى ساحل كيدة في مديرية رضوم بمحافظة شبوة 255 مهاجراً غير شرعي على متن قارب تهريب، بينهم 208 رجال و44 امرأة، جميعهم من الجنسية الإثيوبية، باستثناء عدد قليل من الصوماليين.

وأوضح التقرير أن شرطة المحافظة اتخذت الإجراءات القانونية الممكنة حيالهم وفقاً للإمكانات المتاحة، مشيراً إلى أن هذا العدد يضاف إلى نحو ألف مهاجر وصلوا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

الحوثيون شكّلوا شبكة لتهريب المهاجرين من السواحل إلى الحدود اليمنية (إعلام حكومي)

ومنذ مطلع العام الحالي، استقبلت محافظة شبوة آلاف المهاجرين غير الشرعيين، بعد أن أصبحت سواحلها الواقعة على بحر العرب قبلة للمهربين، عقب تشديد الإجراءات الأمنية في سواحل محافظة لحج الواقعة غرب عدن، التي كانت أهم منفذ لاستقبال المهاجرين بسبب قربها من سواحل جيبوتي على الضفة الأخرى من البحر الأحمر.

ويحذر مراقبون من أن استمرار تدفق المهاجرين عبر السواحل اليمنية في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية في البلاد، خاصة في ظل استغلال الحوثيين لهذه الفئة في أعمال التهريب والتجنيد القسري، ما يهدد بزيادة معدلات الجريمة وتنامي شبكات الاتجار بالبشر عبر الحدود.