ليلى سمور لـ «الشرق الأوسط»: مشكلة الكوميديا السورية التكرار

ترى أنه بسبب رخص التكلفة ووجود جمهور لها خارج سوريا تهافت المنتجون عليها

الفنانة ليلى سمور
الفنانة ليلى سمور
TT

ليلى سمور لـ «الشرق الأوسط»: مشكلة الكوميديا السورية التكرار

الفنانة ليلى سمور
الفنانة ليلى سمور

على الرغم من مسيرتها الفنية الطويلة نسبيًا، التي انطلقت في تسعينات القرن الماضي، فإن المتابع لرحلة الفنانة السورية ليلى سمور مع الدراما يلاحظ انتقائيتها في الأدوار والشخصيات التي تقدمّها، بحيث تحرص على ترك بصمتها عليها، خصوصا أنها عملت في كثير من الدرامات العربية، كالمصرية والخليجية واللبنانية وغيرها. وفي الموسم الدرامي الحالي، تابعها المشاهد في عدد قليل من المسلسلات، ومنها المسلسل الكوميدي «سليمو وحريمو». وفي حوار معها، تتحدث الفنانة ليلى سمور لـ«الشرق الأوسط» عن مشاركاتها القليلة في الدراما السورية، قائلة: اعتذرت عن عدة مسلسلات، ومنها مسلسل كوميدي من 90 حلقة بعنوان «الغرباء»، مع الفنانين محمد خير الجراح وأندريه سكاف وآخرين، وكنت الشخصية الرئيسية فيه، ولكنني اعتذرت لأنني لم أجد نفسي فيه، لا بالدور ولا بطريقة الإخراج. واعتذاري دائمًا يكون بسبب عدم وجودي في المكان الصحيح - تتنهد ليلى - الشللية أثرت علي كثيرًا، وحوربت من قبل البعض لأنه لدي كرامة، ولا أقبل بأي شيء يعرض علي، وعندما أعتذر مرتين وثلاث، يتحدثون عن أنني مغرورة ومثيرة للمشكلات، فأنا لا أقبل بدور لأجل الظهور أمام الجمهور والحصول على المال، فإمكانياتي وتاريخي الفني ودور البطولة في مسلسلات متنوعة كانت ببصمات أهم المخرجين ومع نجوم مصر لا يسمح لي بأن أقدم دورًا تافهًا، أو ليس له قيمة، وأن يكون مروري فيه مرور الكرام.. هذا يتعبني نفسيًا، ويجعلني عصبية.
وماذا عن مسلسل باب الحارة؟ وهل عُرِضَ عليك المشاركة في جزئيه الجديدين الثامن والتاسع؟ نعم - توضح ليلى - عُرِضَ علي من قبل الجهة التي كانت ستنتجه، وهي شركة «قبنض»، ولكن عندما عاد المسلسل لبسام الملا لم يتحدث معي أحد حول مشاركتي فيه، مع أنني كنت موجودة في الجزئين الأول والثاني منه، حيث دور «فوزية» كان مكتوبًا لي، وانسحبت من الجزء الثالث، فقدمته شكران مرتجى بطريقتها الخاصة، وبعد اعتذاري عنه لم أتابع أي جزء منه، ولكنني من خلال الناس الذين أقابلهم في الشارع ألاحظ أن هناك تذمرًا منه، وهناك من يشيد بقراري الاعتذار عنه، والانسحاب منه، وإني أسمع هذا الكلام باستمرار من أناس عاديين.
وتبرر ليلى تزايد عدد مسلسلات البيئة الشامية في الفترة الأخيرة بأنها ذات تكلفة أقل من غيرها من الدرامات، فهي تصوّر في الشام، وبأمكنة محدودة، وفي داخل البيوت الشامية التقليدية، ولذلك لا تحتاج لصرف مادي وبذخ، وهذا يجعل المنتجين يتهافتون عليها، وكذلك فإن لها جمهورها العريض، خاصة خارج سوريا.
وحول دخول عالم الدراما السورية من قبل ممثلات لا يمتلكن الموهبة والحرفية فقط لجمال شكلهن، ترى ليلى أنها ظاهرة سيئة، وأنها انتشرت بشكل فاقع أخيرا حتى أن الجمهور صار يتحدث عنها، وتضيف: «من أقابلهم من الناس يشكون ويتذمرون، ويقولون لي لماذا يحصل مثل هذا عندكم في الدراما، وردي عليهم يكون: وهل أنا المسؤولة عن ذلك؟ صحيح أن الساحة مفتوحة أمام الجميع، ولكن هناك بعض شركات الإنتاج يهمها الكم وليس النوع، وهذا يتسبب بانخفاض قيمة الدراما السورية، فعندما لا تتوفر شخصيات وأدوار ونصوص مهمة، ستتراجع الدراما السورية، وهي حاليًا بالفعل متراجعة. وأنا ألوم أصحاب شركات الإنتاج الذين برأيي لا يهمهم سوى الربح، وأن تعود أموالهم التي صرفوها على إنتاج مسلسل تلفزيوني، خصوصا في ظل الأزمة الحالية، ومن يقول إن المسلسلات التي تنتج وتصور خارج سوريا أفضل، فبرأيي يعود السبب لقوة الإنتاج في الخارج، بينما الداخل يعيش الأزمة والحرب، التي كان لها ارتداداتها على الواقع الفني، ونشطت الشللية، حيث الاعتماد فقط على الفنانين الموجودين داخل سوريا، وهم يتكررون نفسهم، والأجور ليست جيدة، فهم يعملون حتى يبقوا واقفين على أرجلهم، وهذا أثّر على القيمة الفنية للمسلسلات».
وعن المسلسلات المشتركة السورية اللبنانية، وإعطاء دور البطولة بشكل دائم لممثلات لبنانيات، تقول ليلى: تعود حسب رأيي للعلاقات الخاصة التي تتحكم بالأعمال الدرامية، وهذا الأمر ليس سيئًا، وبالنسبة للفنانين اللبنانيين، فعددهم قليل في البطولة، وأبرزهم يوسف الخال ونادين نجيم، وهما ممثلان جيدان، وحضورهما جميل على الشاشة، والجمهور معجب بهما، فنادين نجيم لطيفة وقريبة من القلب، وهي تؤدي الدور بشكل راقٍ وجميل ويشبهها، وهي ليست أدورًا صعبة ومركبة.
وحول المسلسلات التي تناولت الأزمة، تقول ليلى إنها كانت مؤلمة، ولم تستطع متابعتها، وكان الأفضل أن نخرج من جو الأزمة والتعب الذي نعيشه، ولذلك أتابع الأعمال الكوميدية، ومنها السوداء التي تتابع هذه الأزمة، فهي أعمال خفيفة ولطيفة، وأقرب من الدراما الاجتماعية التي تقدّم مناظر القتل والدم.
وليلى التي كان لها بصمتها في عالم الكوميديا، تقول إنها تحب الكوميديا أكثر، ولكن مشكلة الكوميديا السورية التكرار، حيث النصوص نفسها، والممثلون نفسهم والأداء نفسه، وهو سلاح ذو حدين.
وحول المسلسلات المدبلجة التي شاركت في بعضها، واعتذرت أخيرا عن المشاركة في عمل جديد لشركة سامه، تقول ليلى: الدبلجة فن صعب، وهناك فنانون أُكِلَتْ حقوقهم المادية، ولذلك فالمأمول من تجمع «صوتنا فن» الذي تأسس أخيرًا أن يحمي فناني الدوبلاج السوريين ماديًا ومعنويًا، تماشيا مع ما تم الإعلان عنه، وتحقيقا لهدف هذا التجمع المعلن.
وترى ليلى أن سبب غياب المسلسلات التاريخية ومسلسلات السيرة الذاتية في السنوات الأخيرة يعود لغياب جمهورها، فهي كالمسرح الذي تخلى عنه جمهوره، خاصة أن الجيل الشاب الجديد من الجمهور يحب المسلسلات العصرية والاجتماعية.
وحول إمكانية أن تكون مخرجة، تبتسم ليلى، وتقول: الرغبة كانت في أن يكون ابني (طارق حداد) مخرجًا، وهذا ما تحقق بالفعل، وحققت حلمي بالإخراج من خلال ابني، فهو حاليا يعيش في فرنسا، ويخرج أفلاما في شركة فرنسية، وقد حقق كثيرا من الإنجازات والجوائز، خصوصا في إخراج الأفلام الوثائقية.



هاني العمري لـ«الشرق الأوسط»: أعدّها وقفة مع الذات ومع وطني لبنان

يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
TT

هاني العمري لـ«الشرق الأوسط»: أعدّها وقفة مع الذات ومع وطني لبنان

يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)

في خضم الحرب الدائرة على أرض لبنان، يزداد، يوماً بعد يوم، إطلاق الأغاني الوطنية من قِبل عدة فنانين، فهم يَعدُّونها بمثابة صرخة يوجهونها بأسلوبهم إلى العالم كي يتناولوا معاناة بلدهم.

الفنان هاني العمري اختار مدينة بيروت كي يكرّمها بأغنية تخرج عن المألوف، فهو لم يلجأ إلى وصف مكانتها عنده، أو مناجاتها بحزن بوصفها عاصمة لبنان، بل قدّمها في قالب يحكي عن تبدّل وجهها إلى حدٍّ جعلها غريبة عنه. منتصباً أمام هذا التغيير الجذري الذي أصابها، يرفع هاني العمري صوته متسائلاً عن سبب ترك المدينة وحيدة لمصيرها.

«بيروت ما عرفتا» سبق أن حصد العمري عنها جائزة «بيروت غولدن آووردز» في الذكرى الأولى لانفجار المرفأ. يعيد إطلاقها، اليوم، مع كليب مصور يواكب ما تعيشه المدينة. والجديد فيها هو هذه الخلطة الفنية التي اعتمدها، وتتألف من صوته مغنياً، وبإلقاء كلماتها في قصيدة شعر بصوت مؤلفها النحّات والشاعر رودي رحمة.

لحّن العمري "بيروت ما عرفتا" من تأليف الشاعر رودي رحمة (هاني العمري)

ويخبر العمري حكاية ولادة هذه الأغنية: «كنا نجتمع على مائدة غداء في إحدى المناطق اللبنانية، رودي وأنا وعدد من الأصدقاء. وفجأة صدح صوت رحمة يلقي كلمات قصيدة هزّت مشاعري. استوقفني كلامها المختلف، وطلبت منه أن يعيد تلاوتها. عندها ومن دون أن أشعر قمت بتلحينها ارتجالياً في الوقت نفسه».

في ذلك الوقت فكّر هاني العمري بأن يصدر الأغنية في ذكرى انفجار 4 أغسطس (آب). ويتابع: «لم تأخذ الأغنية حقّها المطلوب في تلك الآونة، لكن، ومنذ نحو أسابيع قليلة، قررت أن أطلقها من جديد مع صورة مختلفة. فالكليب الذي يغلفها، اليوم، من إخراج عبد رمضان أخذها إلى منحى مختلف، ويتناسب مع ما نمرّ به في لبنان. إنه القهر بحد ذاته، والأغنية تجسّده بكلام يتضمن الغُصّة والدمعة في آن. لكنه في الوقت نفسه يأخذنا بصورة شعرية وكأن بيروت إنساناً يهرب من مصيره».

لوحة فنية مؤثرة رسمها هاني العمري بصوته، وبإلقاء كلماتها الشاعرية لرودي رحمة في آن، فجاء وقْعها على مستمعها مختلفاً، يترك أثره الكبير عنده. ويعلّق العمري: «وضع رودي رحمة كلمات هذه الأغنية (بيروت ما عرفتا) في ذكرى انفجار بيروت. ولكن مدينتي، اليوم، أيضاً لم أستطع أن أتعرّف إليها. فالعتب بكلام رودي كان كبيراً ومؤثراً، متسائلاً عن سبب التخلّي عن بيروت. كما أن فكرة هذا الخليط بين الغناء وإلقاء الشعر في الوقت نفسه، لم يسبق أن حصل من قبل في أغنية وطنية. فألقى الكلمات بأسلوب وصوت يُحدثان الخوف عند سامعها، وكأنه يدق ناقوس الخطر. ويأتي غنائي لكلماتها كاسراً مشاعر الخوف بنغمة مشبعة بالإحساس. فالفكرة بحد ذاتها جديدة، كما أن اللحن ينطوي على الحنان والصلابة معاً».

العمري ورودي رحمة قدما صرخة وطنية في "بيروت ما عرفتا" (هاني العمري)

يرى هاني العمري أن من خصائص الأغنية الوطنية الناجحة هو الصدى الذي تتركه عند سامعها. «يجب أن يتلاقى فيها الكلام واللحن والصورة بشكل متناغم. من هذا المنطلق تشق الأغنية الوطنية طريقها لتلامس الناس».

وعما تعني له بيروت، يقول، لـ«الشرق الأوسط»: «تمثّل كل بلدي لبنان بجميع أطيافه وتفاصيله، وتشكّل نموذجاً عنه يضاهيه أهمية. واليوم نقف أمام مشهدية تدميرها من دون رحمة، وكأنه مقدَّر لها دائماً الولادة من تحت الرماد، كما طائر الفينيق».

ويرى هاني العمري أن الأغنية الوطنية تشكّل وسيلة تعبير تفنّد ملامح وطن. «هذه الملامح تحمل مراتٍ أحلامَنا تجاه وطننا، ومراتٍ أخرى ترسم صدماتنا وهواجسنا».

"بيروت ما عرفتا" تحاكي تبدل وجه بيروت في أثناء الحرب (هاني العمري)

ويستذكر العمري كلاماً أسرّ له به الموسيقار الراحل إلياس الرحباني. «قال لي ذات مرة، الفن والموسيقى هما مصدرا ثقافاتنا واعتزازنا بأنفسنا، وذكر لي أهمية الفنان في لبنان، وأعطاني مثالاً على ذلك؛ زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى منزل فيروز. فقد اختارها من بين شخصيات سياسية لبنانية عدّة كي يعرّف عن لبنان الذي يحبّ، للعالم أجمع».

يتسلّح هاني العمري بالتفاؤل، على الرغم من كل المعاناة والحرب الدائرة على أرض الوطن. ويتابع، لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحب التشاؤم أبداً، ونحن اللبنانيين نؤمن بقوة ببلدنا لبنان وقدرته على الصمود. لقد عصفت بنا الحروب أكثر من مرة، لكننا لم نستسلم أو نحبط لمصير مجهول. اليوم أيضاً نعيش نفس طبيعة المصير، ولكننا نتمسك بالأمل. ولا بدّ أن نتجاوز كل هذه المخاطر قريباً من دون شك».

ويُعدّ العمري من الفنانين اللبنانيين الذين لم تراودهم فكرة هجرة لبنان. ويختم، لـ«الشرق الأوسط»: «حبّي لبلدي لبنان لا يوازيه أي حب آخر، لذلك لا أستطيع التخلّي عنه أبداً، فأنا متمسك بأرضي وجذوري، وإلا فلن أستطيع إكمال مسيرتي الفنية».