شاشة الناقد: ماذا عن إرهابيين أميركيين بيض؟

دانيال ردكليف (يمينًا) أمام المواجهات.
دانيال ردكليف (يمينًا) أمام المواجهات.
TT

شاشة الناقد: ماذا عن إرهابيين أميركيين بيض؟

دانيال ردكليف (يمينًا) أمام المواجهات.
دانيال ردكليف (يمينًا) أمام المواجهات.

* قوّة عظمى Imprium
* إخراج: دانيال راغوزيز
* دراما اجتماعية | الولايات المتحدة - 2016
* تقييم الناقد:(3*)(من خمسة)
نشأ دانيال ردكليف كممثل بخاصّتين: هو الصبي الشجاع والمقدام في سلسلة «هاري بوتر» التي حملته بنجاحاتها الكبيرة - إلى الشهرة، والممثل ذو القامة القصيرة التي لا تستطيع أن تصبغ عليه أدوارًا تتطلب معارك بدنية أو مواجهات مع أشرار يعمدون إلى حل مشكلاتهم بقبضات الأيدي أو بالسلاح.
«قوّة عظمى» يضع الممثل الذي تجاوز الآن سنوات الشباب الأول (عمره الآن 27 سنة) في الدور المناسب: إنه شاب، اسمه ناتان، يعمل محللاً للمعلومات في «مكتب البوليس الفيدرالي» (FBI) وعادة وراء المكاتب حيث الأمان الافتراضي. وحين يبدأ التحقيق مع مسلم أسود متهم بشروعه بعملية إرهابية، يلفت ناتان اهتمام أنجيلا، التي تعمل في مكتب مكافحة الإرهاب التابع لتلك الوكالة. تستعيره من رئيسه وتطلعه على مهمّته الجديدة: الانخراط في حركة نازية جديدة للتجسس عليها من الداخل وتقديم ما يلزم من براهين على خطط إرهابية تحضّر لارتكابها.
في البداية، وعلى نحو مقنع، يحاول ناتان، درء هذه المهمّة متذرعًا بقصر قامته، وبعده الشكلي الواضح عن الإيهام بالتطرف والخطر. لكن أنجيلا (توني كوليت تعلك طوال الوقت) ترد، على نحو أقل إقناعًا لمشاهديها، بأن هذه الخصال هي خير سبيل للاحتكاك بالإرهابيين البيض الذين يحملون أعلامًا عنصرية ونازية ويكنون العداء للسود واليهود وسواهم من الأعراق والعناصر.
وبالفعل، دانيال هو أقصر الممثلين في هذا الفيلم وعليك أن تحسب، كمشاهد، أن الكاتب والمخرج دانيال راغوزيز (صاحب أفلام قصيرة فقط من قبل)، عليه أن يعمل ضعف جهده لكي يبرر الوضعية «الفيزاكيلية» لبطله. والنجاح في هذا الصدد هو إبقاء شخصيته هذه محاطة بالمخاطر. مخاطر اكتشاف أمره، ومخاطر ممارسة الهيمنة عليه ومخاطر تعرضه للضرب من قبل أي من أترابه المتطرفين الذين يبدون، بالنسبة إليه عمالقة.
المخرج ينجح في هذا السبيل أكثر مما ينجح في الابتعاد، في النصف الثاني من الفيلم، عن التقليدي وتسيير الموضوع باتجاه تصعيد سياسي أو فكري جيد. عوض هذا ينتهي إلى سباق وقت ما بين ناتان الذي يحاول إحباط عملية مزمعة ورؤسائه الذين يحاولون الوصول في الوقت المناسب لإنقاذه من الخطر.
على ذلك هو فيلم جيّد وواعٍ سياسيًا لحقائق قد لا ترد للمرّة الأولى في الأفلام الأميركية لكنها مؤداة هنا بتركيز، وهي أن الرغبة في إلقاء القبض على مسلمين يؤدي إلى توريط «إف بي آي» البعض لإثبات التهمة عليهم (كما في مطلع الفيلم) وأن الإسلاموفوبيا معززة بتغييب المعاقل الأخرى الصانعة للإرهاب مثل تلك المجموعات البيضاء العنصرية المتطرفة المؤهلة للقتال والتخريب وتنفيذ المهام الإرهابية كما حدث في الواقع أكثر من مرّة خلال السنوات الثلاثين الأخيرة.
«قوّة عظمى» جيد في مضامينه وفي مشاهد بناء الوضع الذي ستنطلق عليه القصّة. سيبقى مشوّقًا إلى حد ثم يتحول إلى فيلم مثير للفضول فيما بعد.

(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز