في قالب جذاب.. {طيران الشرق الأوسط} تطرح إرشادات السلامة لمسافريها

في قالب جذّاب وخارج عن المألوف طرحت شركة طيران الشرق الأوسط (MEA)، فيلما مصوّرا عن إجراءات السلامة التي ترافق المسافر على جميع رحلاتها.
فأسوة بشركات طيران عالمية كـ«إير فرنس» و«العربية» (الإماراتية) و«بيغازوس إيرلاينز» (تركية) و«القطرية»، قامت الـ«ميدل إيست إيرلاينز» بتصوير فيلم قصير ومدته نحو الست دقائق، ليعرض في جميع رحلاتها للمسافرين، بحيث يتعرّفون من خلاله إلى إجراءات السلامة التي يجب أن يتقيّدوا بها طيلة مدة الرحلة وفي حال حصول أي حوادث طارئة.
الفيلم الذي أشرف عليه طاقم عمل خطوط طيران الشرق الأوسط (قسما السلامة العامة ومكتب المضيفين) وأخرجه فيليب عرقتنجي، نجح في لفت انتباه المسافر لمتابعته دون ملل بعدما كانت تلك الإجراءات تمرّ مرور الكرام عنده أثناء تلاوتها من أحد أفراد طاقم الطائرة، أو من خلال مشاهدتها في فيلم تقليدي على الشاشة عند موعد إقلاع الطائرة. ولعلّ لجوء الشركة المذكورة إلى استخدام قالب تصويري سريع وخفيف الظلّ مع خلفية مواقع سياحية لبنانية معروفة ومحتوى بسيط وواضح، ساهم في نجاح هذه الخطوة التي تابعها نحو المليون مشاهد (على الصفحة الإلكترونية لشركة MEA)، ونحو 400 ألف شخص على مواقع التواصل الاجتماعية الأخرى في ظرف ثمانية وأربعين ساعة من بدء عرضه.
هذا الفيلم الذي صوّر في عدد من المناطق اللبنانية السياحية الشهيرة (فاريا وارز الباروك ومنطقة الروشة ومغارة جعيتا وقلعة بعلبك)، يبدأ مع مشهد على درب من أرز لبنان يظهر فيه عدد من الشباب اللبناني مؤلّفا لوحة راقصة عفوية، وليطلّ بعده مباشرة ممثلان يجسدان شخصيتي مضيفين من طيران الشرق الأوسط (شاب وصبية يرتديان الزي الجديد للشركة)، فتتأهل الصبية بالمسافرين بالعربية وليتبعها المضيف مترجما كلامها إلى الإنجليزية، ويمرّ خلالها على أسفل الشاشة الترجمة للنص نفسه مكتوبا بالفرنسية معلنا لائحة إرشادات السلامة.
ومن مشهد يصوّر داخل الطائرة يتم إرشاد المسافر فيه إلى الوضعية السليمة للحقائب، ننتقل مع المضيفين إلى إجراء سلامة آخر وهو كيفية استخدام حزام الأمان مع خلفية لمشاهد من جبال فاريا المغطاة بالثلج. وفي مغارة جعيتا نتعرف إلى تلميح إرشادي آخر يتعلّق بمنع التدخين على متن الطائرة شاملا السيجارة الإلكترونية. ومن نفس الموقع الذي يترافق مع أضواء خافتة (صوّر في المساء)، تعلن المضيفة أنه حان وقت الاسترخاء والتخلّص من سموم الأجهزة الرقمية (Digital detox). وليتحوّل المسافر بعدها إلى إرشاد سلامة من نوع آخر يتعلّق بأقنعة الأكسجين، التي تستعمل في حالات الهبوط الاضطرارية. ومع خلفية قلعة بعلبك يتألّف المشهد الخاص بتعريف المسافرين إلى ممرات الخروج من الطائرة، ومن هناك وفي فقرة عنوانها «وجهتنا الأناقة»، يتلو المضيفان التعليمات الخاصة بسترة النجاة والصفّارة. وعلى مركبة في بحر الروشة تظهر خلفها صخرتها الشهيرة ينتهي الفيلم الإرشادي، بتمنّ من المضيفين في أن يمضي المسافرون مع طيران الشرق الأوسط رحلة ممتعة مع ذكر عبارة «جاهزون للإقلاع؟».
«لقد حاولنا قدر المستطاع في هذا الفيلم التوعوي الإرشادي، تقديم محتوى مفيد وسليم متقيدين بالعبارات التقنية المتبعة من منظمة الطيران العالمي» تقول فرح مكّي (مسؤولة عن طاقم المضيفين في شركة طيران الشرق الأوسط). وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد استخدمنا مواقع سياحية لبنانية معروفة لتسليط الضوء عليها من خلال هذا الفيلم فشكّلت خلفيّات للمشاهد عامة. أما اللوحات الراقصة فلم تكن من صلب الفكرة التي اقترحناها على رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط في لبنان محمد الحوت، فكانت إضافة على الموضوع تقدّم بها مخرج العمل فيليب عرقتنجي، الذي اختاره رئيس مجلس إدارة الشركة محمد الحوت شخصيّا بعد أن أعجب بفيلمه السينمائي «البوسطة»، والذي نجح خلاله في الربط ما بين جيلين مختلفين في لبنان (الشباب والمسنين)، وهي الفكرة التي رغب في أن تكون عنوان هذا الفيلم الإرشادي، بحيث يلفت بمضمونه وتصويره جميع الأعمار دون استثناء.
وعما إذا نجح الفيلم في إيصال الرسالة التي ترغب فيها الشركة إلى المسافر، رغم طغيان المشهدية والحركة السريعة على محتواه ردّت فرح مكّي: «المشهدية السريعة والملوّنة إضافة إلى النمط الفولكلوري المستعمل كخلفية موسيقية، ساهم في جذب انتباه المسافر، الذي بالكاد كان يتنبّه إلى هذه الإرشادات في الفيلم القديم الذي أنتجته الشركة منذ نحو العشر سنوات. ولقد لمسنا تجاوبا كبيرا من قبل المسافرين في هذا المجال، إذ استطاعت غالبيتهم أن تتذكّر عدة إرشادات من الفيلم، فيما كان الأمر شبه معدوم في الفيلم القديم، ونحن عملنا على إحداث نوع من الاستمرارية في سياق الفيلم، بحيث لا يملّ المسافر من مشاهدته في كلّ مرة يعرض على شاشة الطائرة أمامه، فيحفظ محتواه تلقائيا من خلال سفراته المتكررة معنا».
ردود فعل إيجابية وسلبية عدة حصدها هذا الفيلم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبره البعض لا يتناسب بمشهديته السطحية والمرتكزة على الرقص والحركة السريعة مع هدفه التوعوي. فيما وجدته شريحة من اللبنانيين قفزة متطوّرة في عالم الإرشاد وسلامة المسافر، تشدّ هذا الأخير بصورة مباشرة إلى مشاهدته وحفظ محتواه بأسلوب عفوي وبسيط. ولعلّ نسبة المشاهدة العالية التي حقّقها منذ عرضه على الصفحات الإلكترونية، هي أفضل برهان على أنه أحدث وقعا مدويا على الساحة اللبنانية.
نجح القيّمون على هذا الفيلم في ابتكار أسلوب جديد في إرشاد المسافر وتوعيته على إجراءات السلامة خلال رحلة الطيران، ورغم أن شركات أجنبية أخرى سبق وقدّمت أفلاما مشابهة، فإن النسخة اللبنانية تميّزت بالإبداع والابتكار والجديد بعيدا كلّ البعد عن الكليشهات المستخدمة في الأفلام الأخرى. وتقول فرح مكّي في هذا الصدد: «لقد شاهدنا تلك الأفلام ولكن ما قمنا به يختلف تماما إن من حيث الميزانية التي رصدت للفيلم (نحو المائة ألف دولار) أو من حيث المحتوى النظري والسمعي الغنيين بتفاصيل مختلفة تنسجم مع طبيعة اللبناني المحبّ للحياة عامة».
تجدر الإشارة إلى أن هذا الفيلم استغرق تحضيره نحو السنة وبدأ تصويره في أبريل (نيسان) الماضي، وهو ترجمة حسيّة لروح الشباب التي تبذل إدارة شركة طيران الشرق الأوسط جهدها كي تعنون بها مختلف نشاطاتها.