السعودية تطلق برنامجًا وطنيًا يُقصي البيروقراطية ويكافح البطالة

«تسعة أعشار» يستهدف رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي

وزير العمل السعودي والتنمية الاجتماعية ووزير التجارة والاستثمار (تصوير: علي العريفي)
وزير العمل السعودي والتنمية الاجتماعية ووزير التجارة والاستثمار (تصوير: علي العريفي)
TT

السعودية تطلق برنامجًا وطنيًا يُقصي البيروقراطية ويكافح البطالة

وزير العمل السعودي والتنمية الاجتماعية ووزير التجارة والاستثمار (تصوير: علي العريفي)
وزير العمل السعودي والتنمية الاجتماعية ووزير التجارة والاستثمار (تصوير: علي العريفي)

في خطوة من شأنها تحفيز القطاع الخاص السعودي، وزيادة معدلات نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، أعلنت وزارتا «العمل» و«التجارة»، دعمهما «اللامحدود» لهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، يأتي ذلك في وقت تستهدف فيه السعودية رفع نسبة مساهمة هذه المنشآت في الناتج المحلي الإجمالي إلى 35 في المائة بنهاية العام 2030.
وفي لقاء مفتوح على هامش إطلاق برنامج «تسعة أعشار» يوم أمس، أكد كل من وزير العمل والتنمية الاجتماعية الدكتور مفرج الحقباني، ووزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي، أن البيروقراطية المعطلة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ستكون من الماضي، مشددين على أن برنامج «تسعة أعشار» سيسهم في خلق مزيد من الوظائف وبالتالي مكافحة البطالة.
وفي شأن ذي صلة، اتفق الوزيران على تقديم الدعم الكامل والاستثنائي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة سعيا إلى تحسين بيئات العمل في هذه المنشآت والعمل على مكافحة البطالة وإيجاد الفرص الوظيفية.‬‬‬‬
وجاء هذا الاتفاق على هامش رعاية الوزيرين حفل افتتاح ملتقى «آليات دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال» وتدشين برنامج «تسعة أعشار» يوم أمس الخميس في الرياض، بحضور محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة الدكتور سعد القصبي، ومحافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور أحمد الفهيد، ومدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) الدكتور عبد الكريم النجيدي، ومحافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة المكلف الدكتور غسان السليمان.
وقال الدكتور مفرج الحقباني في كلمته الافتتاحية إن «برنامج تسعة أعشار يعد من منطلقات رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020. وذلك عبر إيجاد وتحسين بيئة العمل في سوق العمل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وتخفيض معدل البطالة وزيادة مشاركة المرأة، وحماية هذه المنشآت من الخلل الهيكلي الذي تشهده سوق هذه المنشآت حاليًا».
وأكد الدكتور الحقباني خلال حديثة، أن برنامج تسعة أعشار يشهد تشاركية حقيقية بين منظومة العمل والتنمية الاجتماعية ومنظومة التجارة والاستثمار، ويؤكد على إزالة كل المعوقات البيروقراطية التي قد تنشأ بين التعاملات القطاعية بشكل عام.
وأشار وزير العمل والتنمية الاجتماعية السعودي، إلى أن صدور قرار مجلس الوزراء بتشكيل مجلس إدارة هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة مؤخرًا، يأتي ليقدم خطوة تنفيذية للهيئة للبدء بالعمل على تحقيق أهدافها المستقبلية، وقيادة هذا القطاع وتطويره والرقي به وحماية منشآته من المنافسة غير العادلة ومن التحديات التي تواجهها، مؤكدًا أن منظومة العمل والتنمية الاجتماعية ستكون داعمة للهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وخلال لقاء مفتوح على هامش البرنامج، أكد الدكتور الحقباني أن وزارته تستهدف تصحيح وتعديل آليات السوق حتى يكون حاضنًا لأبناء وبنات الوطن الباحثين عن فرص العمل المناسبة، مضيفا: «برنامج تسعة أعشار يعتبر برنامجًا وطنيًا يحتاج لتضافر الجهود وحل مشاكل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي مكافحة البطالة».
من جهته، قال الدكتور ماجد القصبي إن «من أهم أهداف برنامج تسعة أعشار، هو دعم المنشآت المتوسطة والصغيرة لتجاوز عدة تحديات بارزة في بيئة الأعمال للجنسين، وذلك عن طريق تقديم حزمة من البرامج والمبادرات الإلكترونية وغير الإلكترونية، بالإضافة إلى الوصول إلى المنافسات الحكومية وغير الحكومية».
وأشار الدكتور القصبي إلى صدور قرار مجلس الوزراء بتشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وقال: «نتطلع لأن يكون القرار انطلاقة نحو تشجيع الابتكار والإنتاج المحلي، لما يمثله هذا القطاع من دعامة اقتصادية هامة، وأن ينعكس ذلك وطنيا من خلال برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030».
وأضاف أن «منظومة التجارة والاستثمار لن تدخر جهدا في العمل بكل طاقتها لضمان مقومات النجاح للهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولتحقيق الهدف المنشود برفع نسبة مساهمة هذه المنشآت في الناتج المحلي من 20 في المائة، إلى 35 في المائة بنهاية العام 2030».
وأكد وزير التجارة والاستثمار على أهمية الشراكة بين وزارته مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ومجلس الغرف السعودية، لتحقيق الأهداف المأمولة من الهيئة، مؤكدًا في الوقت ذاته على أهمية ترحيب الهيئة بأي أفكار جديدة من أجل تبني نهج أكثر إبداعا في دعم وتطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بما يسهم في التحول الوطني المأمول في ظل قيادة رشيدة ووطن عزيز.
من جانبه، قال الدكتور عبد الكريم النجيدي، مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف): «الصندوق أخذ على عاتقه زمام المبادرة لمساعدة الشباب والشابات من خلال حزمة من البرامج النوعية، منها برنامج تسعة أعشار، الذي يقدم من خلال بوابته الإلكترونية حلولاً لأعمال رواد ورائدات الأعمال في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وذلك إيمانا بأهمية دور الشباب في تحقيق أهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ولأهمية دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تمكين الشباب والشابات من الحصول على فرصتهم في ريادة الأعمال والاستثمار».
وقال الدكتور النجيدي: «ندرك في صندوق هدف أهمية الاستفادة من مهارات الشباب والشابات، لأننا نراها من أهم الموارد، لذلك نسعى دائما للاستفادة القصوى من طاقاتهم، من خلال تقديم الخيارات والحلول التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم العملية وتساعدهم في إطلاق أعمالهم الخاصة».
وخلال اللقاء المفتوح يوم أمس، قال الدكتور النجيدي «نعمل على تفعيل برنامج تسعة أعشار وذلك لإيجاد فرص عمل منتجة ومستدامة، مضيفًا: «استطلعنا آراء 200 رائد ورائدة أعمال لتطوير خدمات برنامج تسعة أعشار والمساهمة بالتالي بشكل فاعل في تحسين بيئات الأعمال».
إلى ذلك، يهدف برنامج تسعة أعشار الذي ينفذه صندوق تنمية الموارد البشرية إلى تطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة الحجم وجعلها مؤسسات منتجة للوظائف عن طريق مجموعة من الخدمات الأساسية التي تهدف إلى النمو والارتقاء في القطاع وجعله بيئة أكثر جذبا للسعوديين، من خلال المساهمة في معالجة تحديات الإجراءات الحكومية التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وإيجاد الوظائف للسعوديين عن طريق دعم نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع بيئة ريادة الأعمال في السعودية لبناء منشآت صغيرة ومتوسطة واعدة.
ويقدم البرنامج كثيرا من الخدمات، منها: دعم الأعمال الناشئة حيث يتم تبني روّاد الأعمال واحتضانهم خلال المراحل الأولى من بدء المشروع بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST)، وتمكينهم من امتلاك منتج أو خدمة جاهزة لتقديمها للمستثمرين وعرضها في السوق.‬‬‬‬‬‬
كما يقدم البرنامج خدمة الحلول المالية والذي يهدف إلى دعم النظام البيئي في المنشآت الجديدة والمنشآت القائمة الموجودة في المملكة العربية السعودية، من خلال استقطاب أصحاب المشاريع والباحثين عن التمويل المالي وجمعهم مع أصحاب رؤوس الأموال.
وتسعى خدمة «أضف خدمتك» إلى المساعدة على تحويل كافة أفكار العمل المفيدة إلى واقع، ولا تخضع الخدمة إلى أي معايير مقيِدة للأهلية. وتوفر خدمة «الوصول للمنافسات» استعراض الفرص المطروحة من قِبل الجهات الحكومية والشركات الكبرى مع كافة التفاصيل اللازمة ومعايير التأهيل المطلوبة، إضافة إلى ذلك، ستتمكَن منشآت الأعمال من تقديم عروض أسعارها للفوز بالفرص المتاحة لها من خلال نظام إلكتروني متطور وسهل يضمن تحقيق الشفافية من خلال عرض معايير التأهل ذاتها إلى كافة منشآت الأعمال المسجَلة في الخدمة.‬‬‬‬‬‬
وتهدف خدمة «الوصول إلى السوق» إلى تمكين روَاد الأعمال من تأسيس حضور لهم على الإنترنت والاختيار ما بين التصاميم التي تعكس الطابع الخاص لكل متجر، وباستطاعة رواد الأعمال ربط حساب وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم بالموقع الإلكتروني ومتابعة المستجدات من خلاله وهي عبارة عن عملية نقر وربط بسيطة مما يسرّع عملية إعداد الواجهة الإلكترونية وبدء التجارة، إضافة إلى توفير مواقع آمنة للمستودعات تحت إدارة شركاء تسعة أعشار.



القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)
جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)
جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

في ظل ما يشهده القطاع العقاري في السعودية من تطورات متسارعة، سجلت عمليات الإقراض التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الثالث من عام 2024، إذ وصلت القروض العقارية من تلك الشركات إلى نحو 28 مليار ريال (7.4 مليار دولار)، حسب بيانات البنك المركزي السعودي (ساما).

وحسب «ساما»، بلغ إجمالي القروض العقارية التي حصلت عليها الشركات 5 مليارات ريال، بينما سجل قطاع الأفراد ما يقارب 23 ملياراً.

مع العلم أن شركات التمويل في المملكة سجلت صافي دخل في الربع الثالث هو الأعلى منذ عام 2022، إذ حققت 768 مليون ريال (204.5 مليون دولار).

أما القروض العقارية التي توفرها المصارف التجارية، فشهدت ارتفاعاً في خانتي الأفراد والشركات على السواء، وبمعدل 13 في المائة على أساس سنوي، لتبلغ 846.48 مليار ريال (225 مليار دولار) بنهاية الربع الثالث، مقارنة مع 747 مليار ريال (199 مليار دولار) في الفترة المماثلة من عام 2023.

وشكّلت القروض العقارية للأفراد من المصارف التجارية نحو 77.6 في المائة من الإجمالي بقيمة 657 مليار ريال، بارتفاع نسبته 11 في المائة على أساس سنوي، في حين كانت حصة الشركات نحو 22.4 في المائة من الإجمالي، وبنمو 22 في المائة.

نمو قياسي

في هذا السياق، قال الرئيس الأول لإدارة الأصول في «أرباح كابيتال»، محمد الفراج، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «سوق العقارات السعودي تشهد زخماً غير مسبوق، مدفوعاً بارتفاع ملحوظ في حجم القروض العقارية للأفراد الممنوحة من قبل شركات التمويل. إذ شهد العام الماضي نمواً قياسياً في هذا النوع من القروض».

وتوقع الفراج أن يستمر هذا الاتجاه الصاعد لسوق التمويل العقاري في عام 2025، وبنسبة 12 في المائة، بدعم من خفض معدلات الفائدة والنمو المتسارع في الأوضاع الاقتصادية، وزيادة القوة الشرائية وتنامي ثقة المستهلك، ونجاح السياسات الحكومية لدعم قطاع الإسكان، وتنوع المنتجات العقارية، والطلب المتزايد على المساكن.

ورجح أن يساهم هذا الارتفاع في تحفيز النشاط الاقتصادي وزيادة الطلب على مختلف السلع والخدمات.

جدير بالذكر أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي كان قد خفّض أسعار الفائدة 3 مرات متتالية خلال الفترة ما بين سبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول) من عام 2024 بحوالي 100 نقطة أساس، وصولاً إلى مستوى 4.25 و4.5 في المائة.

جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري في الرياض (واس)

الرهن العقاري

وتولي السعودية اهتماماً كبيراً بسوق الرهن العقاري، وذلك من أجل تعزيز السيولة في قطاع التمويل العقاري. وتم توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم تهدف إلى تطوير وتعزيز هذا القطاع الحيوي.

وقامت «الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري» المملوكة بالكامل لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مؤخراً بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة «حصانة» الاستثمارية، من أجل تطوير هذا النوع من الأسواق، وجذب مستثمرين محليين وعالميين في السوق العقارية الثانوية.

كانت «الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري» وقّعت مذكرة تفاهم مع شركة «بلاك روك» الأميركية، لتطوير برامج التمويل العقاري في المملكة، وتعزيز مشاركة المؤسسات في أسواق رأس المال.

كما أبرمت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مذكرة تفاهم مع شركة «كينغ ستريت»، المختصة في إدارة رأس المال، بهدف تفعيل المبادرات التي تساهم في إنشاء منظومة مستدامة لإعادة تمويل الرهن العقاري.

معلوم أن هذه الاتفاقيات تهدف إلى توسيع الأسواق عبر القنوات المحلية والدولية، وتنويع مصادر التمويل عبر أسواق الدخل الثابت، مما يعزز استقرار سوق التمويل العقاري، ويسهم في تحقيق أهداف «رؤية 2030»، خصوصاً في مجالات الإسكان وتطوير القطاع المالي.

وكان وزير البلديات والإسكان السعودي، ماجد الحقيل، توقع في نوفمبر الماضي أن تصل قيمة السوق العقارية بحلول عام 2030 إلى نحو 1.3 تريليون ريال (346 مليار دولار)، وذكر أن «الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري» حققت حجم إعادة تمويل في المحافظ بأكثر من 37 مليار ريال (9.8 مليار دولار).