«الحسكة السورية».. مصدر النفط وميزان ترجيح الحرب

تتقاسم قوات نظام الأسد والأكراد و«داعش» الإرهابي السيطرة على المحافظة وريفها

«الحسكة السورية».. مصدر النفط وميزان ترجيح الحرب
TT

«الحسكة السورية».. مصدر النفط وميزان ترجيح الحرب

«الحسكة السورية».. مصدر النفط وميزان ترجيح الحرب

تسعى جميع القوى المتقاتلة في الحرب السورية السيطرة على مدينة الحسكة الواقعة شمال شرقي البلاد على الحدود التركية لأهميتها الاستراتيجية في قلب الموازين، وذلك لما تملكه المدينة من موقع استراتيجي في إمداد خطوط القتال، كما تعتبر المورد الرئيس للبترول في سوريا، حيث تنتشر حقول النفط في رميلان والهول والجبسة.
التقارير والتغطيات القادمة من محافظة الحسكة بشمال شرقي سوريا مليئة بالعنف، ويطغى عليها لون الدم أسوة بأنحاء البلاد التي طغت مشاهد الحرب على يومياتها، حيث تستمر عمليات القصف من قبل قوات النظام السوري المدعوم من القوات الروسية إلى جانب التفجيرات الانتحارية من قبل تنظيم "داعش" المتطرف، مرورًا بالقصف المتواصل والعمليات البرية بين الأكراد والفصائل الأخرى المقاتلة، مواجهات شبه يومية بين الفصائل المعارضة المختلفة التي تسيطر على المحافظة الغنية بحقول النفط.
محافظة الحسكة السورية، تتميز بتنوع كبير في مكوناتها من عرب وكرد وسريان وآشوريين وأرمن وإيزيديين، وكان لها نصيب كبير من محاولات النظام لزرع الفتن العرقية والطائفية.
تقع هذه المحافظة شمال شرقي سوريا على الحدود مع تركيا والعراق، وتبلغ مساحتها 32334 كلم مربعا، ويزيد عدد سكانها على مليون وأربعمائة ألف نسمة بحسب إحصاء 2009، أكثرهم من الأكراد والسريان والآراميين والآشوريين إلى جانب عدد من القبائل العربية وجماعات من الأرمن.
تمثل مدينة الحسكة مركزا لمحافظة تحمل الاسم نفسه وتنقسم إلى أربعة أقسام و14 ناحية، ومن أهم مدنها المالكية والقامشلي والدرباسية وعامودا ورأس العين، وفي شمالها تقع بقايا مدينة حموقار التاريخية المصنفة أثريا ضمن أقدم مدن العالم.
ويخترق نهر الخابور الحسكة على مسافة تمتد إلى 400 كلم، وتقع المحافظة على ارتفاع ثلاثمائة متر من النهر عند تلاقيه جنوبا مع نهر جغجغ، ويجعل تساقط المطر بوفرة ونظام الري الدقيق المقام على الخابور من الحسكة منطقة مميزة بخصوبة أراضيها الزراعية ووفرة مياهها وجمال طبيعتها.
عرب الحسكة هم جزء مما يعرف بعرب الجزيرة، يحاولون التعايش مع ظروف الحرب والصراعات بالمنطقة، من خلال الدخول في تحالفات وتشكيل فرق عسكرية للدفاع عن كيانهم، معتبرين أن الحرب فُرضت عليهم وأنهم من ضحاياها.
بعد أكثر من خمس سنوات على الثورة السورية، تبدو خارطة القبائل العربية في محافظة الحسكة، شمال شرقي البلاد، مقسمة ومشتتة، كواحدة من الصور القاتمة التي رسمتها الحرب في تلك المناطق.
ويتقاسم الأكراد وقوات النظام السوري وتنظيم "داعش" السيطرة على المحافظة وريفها، في حين تتداخل مناطق السيطرة ببعضها في نقاط عدة، ودخلت قبيلة الشمر -كبرى العشائر العربية هناك- قبل نحو عامين ونصف العام تحالفا ضم قوى عربية وكردية وسريانية، وأعلنوا الإدارة الذاتية المشتركة في شمال شرقي سوريا.
اليوم، تتقاسم وحدات حماية الشعب الكردية السيطرة على مدينة الحسكة مع قوات النظام السوري، في وقت حقق المقاتلون الأكراد تقدما كبيرا، أدى خلال الأيام الأخيرة إلى محاصرة المتطرفين في أجزاء صغيرة جنوب المدينة، قبل أن تسقط هذه المواقع، وبالتالي طرد "داعش" من الحسكة.
معاناة المدنيين السوريين من أبناء الحسكة الذي نزحوا عنها فرارا بأرواحهم بعد احتدام المعارك بين الأطراف المتحاربة لا زالت معقدة، لكن هؤلاء النازحين العائدين بعد توقف الاشتباكات وجدوا بيوتهم باتت أثرا بعد عين، حتى التي سلمت من الدمار لم تنج من السرقة.
قول أهالي مدينة الحسكة السورية العائدين إلى أحيائهم المدمرة إن المنازل التي سلمت من القصف تعرضت لسرقة ممنهجة يطلق عليها الأهالي "التعفيش" قامت بها قوات ومليشيات النظام، فيما تعرضت الأحياء الجنوبية للمدينة التي انسحب منها عناصر تنظيم "داعش" لدمار كبير جراء قصف قوات النظام والوحدات الكردية وطائرات التحالف الدولي.
بعد نزوح قارب الشهر دخل الأهالي إلى أحياء النشوة الشرقية، والليلية، وغويران، والعزيزية التي سيطرت عليها قوات النظام والوحدات الكردية ليكتشفوا أن منازلهم تحولت إلى ركام، وما سلم منها تعرض للسرقة وسط غياب الإمكانات المادية لدى معظم الأهالي لإصلاح ما دمره القصف.
وكانت الأحياء الجنوبية للحسكة (شمال شرقي البلاد) قد شهدت مواجهات عنيفة بين قوات النظام وتنظيم داعش، وتأرجحت السيطرة عليها بين الجهتين إلى أن تمكنت قوات وميليشيات النظام من السيطرة عليها بعد تقدم الوحدات الكردية بمساندة طيران التحالف من المحور الغربي.
أهمية هذه المحافظة بالنسبة لميليشيات النظام السوري، والفصائل الإرهابية المقاتلة، ضد الثوار والمعارضة السورية، تعود إلى موقعها الاستراتيجي، وما تملكه من موارد طبيعية وآبار نفطية، فيما لا زالت قوات النظام السوري تحاول السيطرة على كامل المنطقة، بيد أن المقاتلين الأكراد الذين يسيطرون على مناطق شاسعة في المحافظة لا زالوا صامدين أمام نظام الأسد.
وكان النظام السوري، قد أعلن في وقت سابق التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مع وحدات الشعب في المدينة، بعد معارك بين الجانبين دامت نحو أسبوع.
ونقل التلفزيون التابع للنظام عن مصدر عسكري، لم تسمّه أو تبيّن منصبه، قوله إن وقف إطلاق النار في الحسكة بدأ عند الساعة الثانية بعد ظهر أمس (11 تغ)، مشيراً إلى أن بنود الاتفاق تنص على البدء بتبادل تسليم الجرحى وجثامين القتلى والأسرى عند الساعة التاسعة من مساء نفس اليوم (19 تغ) إضافة إلى فتح طريق الحسكة القامشلي (شمال شرقي الحسكة) والطرق المؤدية إلى أماكن تمركز قواته.
كما نص الاتفاق بحسب التلفزيون، على "فتح جميع الطرق في المدينة واستمرار العمل والمساعدة بخصوص حل المشكلة الكردية والبدء بمناقشة أحوال الموظفين المسرّحين من عملهم في الدوائر الحكومية"، دون تفاصيل إضافية.
وفي نفس السياق أشارت مواقع مقربة من المقاتلين الأكراد إلى أن "الاتفاق ينص على سحب كافة قوات النظام من المدينة، وتكليف الشرطة بحراسة مقرات النظام في المربع الأمني، إلى جانب احتفاظ مسلحيهم بالمناطق التي تقدموا فيها خلال الأسبوع الماضي".
وكان الأكراد قد سيطروا خلال الأيام الماضية على عدة أحياء ومقرات للنظام في مدينة الحسكة، وحاصروا قوات النظام في مركزها ومربعها الأمني الذي يضم المقرات الأمنية للنظام.
ومنذ أكثر من 3 سنوات تتقاسم قوات النظام مع الأكراد السيطرة على مناطق محافظة الحسكة، ويعد الاشتباك الأخير هو الأعنف بين الطرفين؛ حيث استخدمت قوات النظام الطيران والمدفعية في قصف مواقع المقاتلين الأكراد رغم التحذيرات الأميركية.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.