اليمين يفتح معركة الرئاسة الفرنسية

مع عقبات سياسية وقضائية تعيق عودة ساركوزي للإليزيه

الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي لدى وصوله إلى ميدان تروكاديرو أمام برج إيفل في باريس لإلقاء خطاب حملة الرئاسة (رويترز)
الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي لدى وصوله إلى ميدان تروكاديرو أمام برج إيفل في باريس لإلقاء خطاب حملة الرئاسة (رويترز)
TT

اليمين يفتح معركة الرئاسة الفرنسية

الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي لدى وصوله إلى ميدان تروكاديرو أمام برج إيفل في باريس لإلقاء خطاب حملة الرئاسة (رويترز)
الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي لدى وصوله إلى ميدان تروكاديرو أمام برج إيفل في باريس لإلقاء خطاب حملة الرئاسة (رويترز)

لم يفاجئ نيكولا ساركوزي، رئيس الجمهورية الفرنسية السابق، أحدًا بإعلان ترشحه أول من أمس لخوض غمار معركة رئاسة الجمهورية في الربيع المقبل. فساركوزي البالغ من العمر 61 عامًا، يريد أن يكون أول رئيس سابق يعود إلى قصر الإليزيه بعد خمس سنوات من الغياب، بسبب الهزيمة التي أنزلها به في ربيع عام 2012 الرئيس الحالي فرنسوا هولاند. وبذلك، يريد رئيس حزب «الجمهوريون» اليميني أن يثأر من خصمه السياسي، الذي من المرجح أن يواجهه مجددًا بعد ثمانية أشهر، إذا ما اعتبر نهاية العام الحالي، أن «الظرف السياسي» ملائم للفوز بولاية ثانية من خمسة أعوام.
بيد أن حلم العودة مكللاً بالنصر إلى قصر الإليزيه يواجه عوائق كثيرة؛ أولها الانتخابات الداخلية لحزب «الجمهوريون» التي ستحدد في العشرين والسابع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، هوية مرشحه لمواجهة مرشح الحزب الاشتراكي ومرشحة الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) مارين لوبن. ومن بين المرشحين الـ13 لحزب «الجمهوريون»، يكمن الخطر الذي يهدد ساركوزي في شخص رئيس الحكومة الأسبق ووزير الخارجية السابق، آلان جوبيه، الذي أعلن منذ شهور طويلة خوضه المنافسة الداخلية. ووفق استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «إيبسوس» ونشرت نتائجه أمس مجلة «لو بوان»، فإن جوبيه يتصدر لائحة المرشحين لدى «الجمهوريون»، حيث حصد 73 في المائة من أصوات العينة، بينما حصل ساركوزي على 55 في المائة من الأصوات. والأسوأ من ذلك بالنسبة للرئيس السابق الذي خسر 13 نقطة قياسًا للاستطلاع السابق، أنه حل هذه المرة في المرتبة الخامسة، بحيث تقدم عليه رئيس حكومته السابق والمرشح الرئاسي الآخر فرنسوا فيون، ورئيس الحكومة الأسبق (غير المرشح) جان فرنسوا رافاران، وكذلك وزير الاقتصاد الحالي (غير اليميني) إيمانويل ماكرون. أما على المستوى الوطني (أي بغض النظر عن الانتماء الحزبي)، فإن الاستطلاع يبين أن جوبيه يحظى بالمرتبة الأولى (48 في المائة من الآراء الإيجابية)، بينما يحل ساركوزي في المرتبة الـ15 بعيدًا جدًا عن منافسه الأول.
لكن هذا الاستطلاع لا يأخذ بعين الاعتبار، لا كتاب ساركوزي الجديد «كل شيء من أجل فرنسا»، الذي سينزل إلى المكتبات اليوم، والذي سيكون بمثابة برنامجه الانتخابي، ولا إعلانه رسميًا ترشحه للانتخابات الرئاسية، الذي جاء في مقدمة الكتاب المذكور وأعاد ساركوزي التأكيد عليه في تغريدة على حسابه الخاص على «تويتر».
يجمع المراقبون (وهذا ما أبرزته الصحافة الفرنسية الصادرة أمس) على أن ساركوزي يراهن على استدارة المزاج الفرنسي العام إلى اليمين المتشدد، إن لم يكن اليمين المتطرف. ولذا، فإن حملته الانتخابية لن تدور بالدرجة الأولى على المسائل الاقتصادية، من بطالة وغياب النمو وضعف الاقتصاد الفرنسي، ولا على السياسة الخارجية أو مستقبل الاتحاد الأوروبي، بل على ثلاثية الأمن والهوية والإسلام.
وعثر ساركوزي على شعار حملته «لن نتراجع بعد الآن». وبحسب كريستيان جاكوب، رئيس المجموعة البرلمانية اليمينية في الجمعية الوطنية وأحد كبار الداعمين لرئيس الجمهورية السابق، فإن هذا الشعار لا يعني عدم التراجع بوجه انتشار «البوركيني» والبرقع والنساء المحجبات والأوقات المخصصة للنساء في المسابح العمومية، ووجبات الطعام الخصوصية المقدمة في مطاعم المدارس العامة. وبكلام آخر، فإن الشعار يعني ألا تساهل بعد الآن مع كل ما يمكن اعتباره مسًا بـ«الهوية الوطنية»، أو أسلوب الحياة الفرنسي والعلمانية.
واقع الأمر أن الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا منذ يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، وارتباط منفذيها المزيف بالإسلام وزعمهم بأنهم يقومون بها للدفاع عنه، لم ينتج عنه فقط ارتفاع الشعور المعادي للإسلام والعرب في المجتمع الفرنسي، بل أيضًا ازدياد التنافس بين السياسيين للظهور بمظهر المدافع العنيد عن الهوية الوطنية وأمن المواطنين، والوقوف بوجه ما ينظر إليه على أنه «تمدد» للإسلام في الحياة الفرنسية. وليس الجدل الذي لم يهدأ بعد حول ارتداء «البوركيني» لبضع عشرات من النساء المسلمات (من بين مئات الآلاف) على الشواطئ الفرنسية، سوى المظهر «اليومي» لشعور مستبطن للعداء المتنامي لـ«ظهور» الإسلام.
من بين المرشحين اليمينيين الكثيرين، يريد ساركوزي الظهور بمظهر «الرجل القوي»، الذي يستطيع إعادة الهيبة للدولة التي «استسلمت»، كما يقول، بوجه القوانين التي يتعين التقيد بها. لكن موقف ساركوزي له بعد آخر محض انتخابي. فالرئيس السابق، عبر تبينه خطابًا متشددًا، يريد من جهة مسايرة الرأي العام الفرنسي، ولكنه من جهة أخرى يريد أن «يستعيد» أصوات اليمين التي ذهبت إلى الجبهة الوطنية. وهذه الأخيرة جعلت منذ سنوات الدفاع عن الهوية الوطنية والتنديد بعدم قابلية الإسلام للتأقلم والاندماج في المجتمع الفرنسي ورفض الهجرات الكثيفة والمطالبة بالتشدد في التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين، أساس دعايتها السياسية والانتخابية التي نجحت، إلى حد أن مارين لوبن التي ستخوض بلا أدنى شك، المواجهة الانتخابية الرئاسية، غالبًا تحتل المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي، ويبدو أنها ستكون حاضرة في الجولة الثانية من الانتخابات، مما يعني تقدمها إما على المرشح الاشتراكي أو على المرشح اليميني. لكن هذا الحضور لا يعني آليًا أنها ستكون الرئيسة القادمة للجمهورية الفرنسية، إذ إن المجتمع الفرنسي لا يبدو أنه أصبح «مستعدًا» للقبول برئيس يميني متطرف في قصر الإليزيه. ولذا، فإنه من المرجح أن يكون المرشح الذي سيواجه لوبن في الجولة الثانية هو الرئيس القادم لفرنسا. من هنا، حدة المنافسة يمينًا للفوز بترشيح حزب «الجمهوريون»، لأن ضعف اليسار الاشتراكي وتراجع شعبية هولاند إلى الحضيض، يعنيان إزاحة المرشح اليساري من سباق الدورة الثانية، مما يفتح الباب لمرشح اليمين «الكلاسيكي» للفوز بالرئاسة.
من هذه الزاوية، تبدو استراتيجية ساركوزي بالغة البساطة؛ المزايدة يمينًا والرهان على إبراز العضلات وفرض نفسه مرشحًا يتمتع بالخبرة في إدارة شؤون الدولة وطرح اليسار أرضًا. لكن إلى جانب صعوبة التغلب على منافسيه، وأولهم جوبيه، يتعين عليه أن يتخطى صعوباته القضائية. فالرئيس السابق موضع اتهام رسميًا في فضيحتين اثنتين؛ الأولى مالية وتتناول التمويل غير القانوني لحملته الرئاسية السابقة التي تخطت بالملايين ما يسمح به القانون، والثانية تتناول سوء استخدام النفوذ والإفساد وانتهاك سر التحقيق القضائي الخاص بدوره في التدخل لمصلحة قاضٍ كبير، مقابل معلومات تتناول مشكلاته مع العدالة. كذلك، فإن اسم ساركوزي وارد في مجموعة أخرى من الفضائح، منها حصوله على تمويل ليبي زمن العقيد القذافي لحملته الانتخابية، ودوره في فضيحة نتيجة تحكيم حصل بموجبه النائب والوزير السابق وصديق ساركوزي، برنار تابي، على ما يزيد على 400 مليون يورو من الخزينة الفرنسية عام 2008، تعويضًا عن عطل وضرر تسبب بهما مصرف فرنسي كان تابعًا للدولة. يضاف إلى ذلك كله فضيحتان مزعجتان؛ الأولى تتناول استطلاعات للرأي بملايين الدولارات أعطيت لشركة عائدة لمستشارين للرئيس ساركوزي من غير مناقصة عامة يفرضها القانون، والثانية تتناول ظنونًا بدفع عملات ناتجة عن صفقة عسكرية مع باكستان عندما كان ساركوزي أحد مسؤولي حملة المرشح الأسبق للرئاسة، إدوار بالادور، مع وجود دور لرجل الأعمال اللبناني الأصل زياد تقي الدين.



الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.