جنازة أحد متطرفي باريس قادت الاستخبارات الأميركية والبلجيكية إلى صلاح عبد السلام

اعتقال الإمام العلمي وأسرته بتهمة التحريض على الكراهية في بروكسل

رجال الأمن البلجيكي وصحافيون مجتمعون أمام مقر رئيس الوزراء في بروكسل عقب اعتداء إرهابي على شرطيين في مدينة شارل لوروا جنوب البلاد في 7 أغسطس (غيتي)
رجال الأمن البلجيكي وصحافيون مجتمعون أمام مقر رئيس الوزراء في بروكسل عقب اعتداء إرهابي على شرطيين في مدينة شارل لوروا جنوب البلاد في 7 أغسطس (غيتي)
TT

جنازة أحد متطرفي باريس قادت الاستخبارات الأميركية والبلجيكية إلى صلاح عبد السلام

رجال الأمن البلجيكي وصحافيون مجتمعون أمام مقر رئيس الوزراء في بروكسل عقب اعتداء إرهابي على شرطيين في مدينة شارل لوروا جنوب البلاد في 7 أغسطس (غيتي)
رجال الأمن البلجيكي وصحافيون مجتمعون أمام مقر رئيس الوزراء في بروكسل عقب اعتداء إرهابي على شرطيين في مدينة شارل لوروا جنوب البلاد في 7 أغسطس (غيتي)

تلقّت السلطات الأمنية البلجيكية مساعدة كبيرة من وكالة الأمن القومي الأميركية «إن إس أي»، التي نجحت عبر تقنيات التتبع المتقدمة وبرنامج للتنصت في مراقبة الهواتف الذكية التي شارك أصحابها في جنازة أحد منفذي تفجيرات باري، مما ساهم في وصول الشرطة البلجيكية إلى مكان اختباء صلاح عبد السلام في العاصمة بروكسل واعتقاله في 18 مارس (آذار) الماضي.
وأوضحت مصادر مطلعة للإعلام الحملي أمس أنه «حدثت انفراجة كبيرة في عمليات المتابعة والرصد لتحركات المطلوب الأمني الأول في ذلك الوقت صلاح عبد السلام الناجي الوحيد من بين المشاركين في تفجيرات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التي قتل فيها 130 شخصا. وقد قدم عدد من منفذي هجمات باريس من بلجيكا، كما صنع بعض المتفجرات المستخدمة فيها في شقة ببروكسل». وتمثلت الانفراجة في مراقبة جنازة في مطلع مارس لمشتبه به آخر في تفجيرات باريس، يدعى شكيب أكروح الذي فجر نفسه أثناء مداهمة الشرطة الفرنسية لأحد المنازل في حي سانت دوني، حيث كان يختبئ عبد الحميد أباعود، بعد أيام قليلة من حدوث التفجيرات.
وعلمت إدارة التحريات والبحث البلجيكية بموعد الجنازة، وطلبت مساعدة من وكالة الأمن الأميركية لتعقب الهواتف الذكية للمشاركين في الجنازة. وتتبعت هذه الأخيرة الجنازة من مكان سري، حيث قام أحد أصحاب الهواتف بتصوير المراسم. وذكر الإعلام البلجيكي أنه حسب الموقع الأميركي «باز فيد»، فإن وكالة الأمن الأميركية رفضت التعليق على هذه الأمور واكتفت بتكرار ما سبق أن ذكرته في وقت سابق وهو أن الحلفاء في الناتو يواجهون تهديدات وتزداد الأمور تعقيدا: «ولكي نحقق خطوات إلى الأمام، نعمل على التكامل في العمل الاستخباراتي».
يأتي ذلك فيما أفادت تقارير إعلامية في بروكسل أمس الاثنين أن الشيخ العلمي الذي يحمل الجنسية الهولندية ويقيم في مدينة فرفييه البلجيكية، قد اعتقل هو وابنه وزوجته مساء الأحد.
وعلى موقعها، قالت صحيفة «لوسوار» اليومية البلجيكية والناطقة بالفرنسية إن الشرطة البلجيكية ألقت القبض على العلمي وزوجته وابنه في منزلهم بمدينة فرفييه واستجوبتهم حول صدور أكثر من قرار من السلطات الفيدرالية بإبعاد العلمي خارج بلجيكا وإعادته إلى هولندا، على خلفية الاشتباه في استخدامه أسلوبا يساهم في نشر التشدد في خطبه بمسجد فرفييه. في غضون ذلك، قامت الشرطة أمس بعرض ابنه على قاضي تحقيقات خاص بالشباب صغار السن الأقل من 17 عاما، لينظر في مدى اعتقاله أو إطلاق سراحه على خلفية تحقيقات تتعلق بنشر فيديو يدعو فيه إلى قتل غير المسلمين.
وفي مطلع الشهر الجاري، توالت ردود الفعل على الدعوة التي أطلقها المراهق لقتل غير المسلمين بحسب ما جاء في فيديو أظهر الشاب وهو يتجول ليلا في أحد شوارع مدينة فرفييه شرق البلاد. وقالت وسائل الإعلام إن الشاب هو ابن الإمام العلمي الذي يحمل الجنسية الهولندية ويقيم في المدينة البلجيكية القريبة من الحدود مع هولندا. وحسب تقارير إعلامية صدرت الأسابيع الماضية، فقد أوقف الإمام الشيخ العلمي عطلته ليقدم ابنه إلى الشرطة.
وأشار الإمام إلى أنه «منهار»، إلا أنه لن يتغاضى عن سلوك ابنه البالغ 17 سنة. وأضاف أنه سيوقف عطلته للعودة مع ابنه إلى بلده من أجل تسليمه فورا إلى الشرطة. وقال محاميه إن الإمام العلمي لن يتغاضى بأي حال من الأحوال عن الأقوال والأفعال التي تشاع عن ابنه المراهق.. «وبصفته والدا ومواطنا، فهو منهار مما علم». وأوضح: «ألغى (العلمي) عطلته في الخارج للعودة مع ابنه وتسليمه للشرطة، وتقديم كل التوضيحات التي ترغب فيها أجهزة الشرطة. ويؤكد على تعاونه التام مع العدالة، ويطلب من ابنه القيام بالأمر نفسه».
وللإشارة، فإن وزير الدولة لشؤون اللجوء والهجرة تيو فرانكين لم يستطع تنفيذ أمر الترحيل الصادر بحق العلمي منذ شهر يوليو (تموز) 2015. ويقوم المعني بالأمر الذي يتمتع بجنسية مزدوجة ويقيم ببلجيكا منذ عشر سنوات بثاني دعوى استئناف أمام مجلس دعاوى الأجانب. ونجح دفاعه في إلغاء المرسوم الملكي الأول بالطرد الذي اتُّخذ ضد موكله رغم وجود رأي سلبي للجنة الاستشارية للأجانب. ولا يزال بانتظار ما الذي سيحدث بشأن المرسوم الملكي الثاني بالطرد الذي تم اتخاذه في نفس الظروف في شهر مارس الماضي.
ويؤكد نبيل خولالن، محامي ابن العلمي أن موكله «في طريق العودة وسيسلم نفسه للشرطة طواعية من أجل الاستماع إليه وتقديم التوضيحات». وجاء ذلك فيما قال المندوب العام لحقوق الطفل بفيدرالية والونيا بروكسل، إنه لم يكن من الضروري أن يتم الكشف عن هوية المراهق الذي نشر على الإنترنت شريط فيديو يدعو فيه وهو يتجول في شوارع فرفييه إلى قتل المسيحيين. وأعرب برنارد ديفوس عن استهجانه لذلك، معتقدا أن المراهق يجب أن يتمتع بالحق في حماية الشباب. وقال: «من الواضح أنه حتى ولو عرض طفل نفسه للخطر، فهذا ليس سببا للاستيلاء على هويته وصورته».
وكان وزير الدولة لشؤون اللجوء والهجرة قد كشف في وقت سابق عن هوية المراهق، في حين أن قسم فرفييه التابع للنيابة العامة بلييج وسلطات بلدية فرفييه ترفضان الحديث عن هويته. وقد نشرت الصحافة بعد ذلك هذه المعلومات، فيما بثت بعض وسائل الإعلام صورة المراهق. ويرفض المندوب العام الحجة التي تقول بأن الشاب هو الذي أعد بنفسه الشريط وذلك لتبرير نشر هويته. وأوضح: «لا ينبغي أن يمنع هذا الأمر الصحافيين من احترام القانون بشأن حماية الشباب. ولحماية القاصرين، ينص هذا القانون على عدم نشر مثل هذه المعلومات».
ومع ذلك، فقد أشار مكتب ديفوس إلى أن وسائل الإعلام، تخضع لواجب المحافظة على السرية. ولم يكن القانون بشأن حماية الشباب مفيدا أكثر من الوقت الراهن مع التكنولوجيات الجديدة وشبكات التواصل الاجتماعي. ويخلص مكتب المندوب العام لحقوق الطفل إلى أن الشاب لديه الحق في عدم تحديد هويته باعتباره بريئا في انتظار محاكمة محتملة، وبالتالي لم يستفد من نظام الحماية المفترض.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».