متعة استكشاف الطبيعة في «البندقية الخضراء»

متعة استكشاف الطبيعة في «البندقية الخضراء»
TT

متعة استكشاف الطبيعة في «البندقية الخضراء»

متعة استكشاف الطبيعة في «البندقية الخضراء»

خيم الهدوء بشكل لا يصدق على القناة الصغيرة. ويقف، إلى اليمين، طائر البلشون بلا حراك في أحد الحقول. ويحدق أحد فئران المسك الضخمة بنظرات مستكشفة عبر النباتات الكثيفة على ضفاف النهر.
تلتقي أفرع الشجر على الضفتين فوق المياه، لتُكسب أهوار ماري بويتفن ألقابًا رفيعة نوعًا ما، مثل «كاتدرائية الطبيعة» و«البندقية الخضراء».
ويعد اللقبان منطقيين لأي شخص يأتي هنا من أجل جولة بالزورق. والزوارق هي أشهر وسيلة لاستكشاف ماري بويتفن. وكانت تصنع في الماضي من خشب البلوط، أما اليوم فكثير منها يصنع من اللدائن المدعمة بألياف زجاجية. وحتى عام 1960 كان لا يمكن الوصول إلى كثير من الأماكن سوى بالزوارق، حتى إن الحيوانات والقش ومواد البناء كانت تنقل بنفس الطريقة.
وتوفر الشركات السياحية كثيرًا من الجولات بالزوارق. وأشهر المناطق لزيارتها هي أومباركادير كاردينو في مانيه القريبة من شرق كولون، التي تفتخر بكثير من الفنادق والمطاعم الحميمية والمريحة وعدد كبير من القنوات.
ويمكنك استكشاف ماري بويتفن بمفردك باتباع الممرات المائية المزودة بلافتات، أو في إطار جولة مع ما يصل إلى 10 ركاب محشورين في مقاعد ضيقة.
وهذه المنطقة تعج بالحيوانات البرية. وتعتبر فئران المسك - التي تسمى راجوندا بالفرنسية - ذات قيمة في المنطقة بسبب لحومها. ويجب اصطيادها للتحكم في أعدادها. وتعتبر لحوم الراجوندا المفرومة من الأكلات الخاصة وتباع في برطمانات في كثير من الأماكن.
وتعيش في ماريه بوتيفن أيضًا الغزلان والدببة البرية والخفافيش. وبالطبع يعد الأنقليس (ثعبان البحر) وجبة تقليدية أخرى.
ويكسر خوار البقر من حين لآخر الصمت الذي يخيم على ممرات الغابات الضيقة، خلال استكشاف المنطقة بالدراجة.
وفي ممرات الدراجات تسير بمفردك لكيلومترات في بعض الأوقات. وعند مرحلة ما سوف تضطر إلى النزول من الدراجة لعبور جسر خشبي منحدر ضيق فوق إحدى القنوات، التي تبدو مياهها البنية المائلة للرمادي تتدفق بالكاد.
وأحيانًا أخرى سوف تشاهد طائر التدرج وهو يتمايل عبر مسارات الغابة.



العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
TT

العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)

وسط أجواء من العراقة التي تتمثّل بها جبال العلا ووديانها وصحرائها، شمال السعودية، احتفلت، الجمعة، «فيلا الحجر» و«أوبرا باريس الوطنية» باختتام أول برنامج ثقافي قبل الافتتاح في فيلا الحجر، بعرض قدّمته فرقة باليه الناشئين في أوبرا باريس الوطنية.

«فيلا الحجر» التي جاء إطلاقها خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، في 4 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تعدّ أول مؤسسة ثقافية سعودية - فرنسية تقام في السعودية، لتعزيز الدبلوماسية الثقافية على نطاق عالمي من خلال التعاون والإبداع المشترك، بما يسهم في تمكين المجتمعات ودعم الحوار الثقافي، وتعد أحدث مشروعات الشراكة الاستراتيجية بين «الهيئة الملكية لمحافظة العُلا»، و«الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا».

وبمشاركة 9 راقصات و9 راقصين تراوح أعمارهم بين 17 و22 عاماً من خلفيات متنوعة، أدّى الراقصون الناشئون، تحت إشراف مصمم الرقصات الفرنسي نويه سولييه، عرضاً في الهواء الطلق، على الكثبان الرملية، ووفقاً للحضور، فقد نشأ حوار بين حركاتهم والطبيعة الفريدة للصخور والصحراء في العلا، لفت انتباه الجماهير.

تعزيز التبادل الثقافي بين الرياض وباريس

وأكد وجدان رضا وأرنو موراند، وهما القائمان على برنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح الموسم 2023 - 2024 لـ«الشرق الأوسط» أنه «سعياً إلى تحقيق الأهداف الأساسية لبرنامج ما قبل الافتتاح لـ(فيلا الحجر)؛ جاء (مسارات) أول عرض إبداعي للرقص المعاصر تقترحه الفيلا». وحول إسهامات هذا العرض، اعتبرا أنه «سيسهم في تحديد ما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم العلاقة بأرض العلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية».

من جهتها، شدّدت فريال فوديل الرئيسة التنفيذية لـ«فيلا الحجر»، لـ«الشرق الأوسط» على التزامهم «بتقديم عروض لفنون الأداء وتسليط الضوء على الطاقة الإبداعية للمواهب السعودية والفرنسية والدولية» مشيرةً إلى أن شراكة الفيلا مع أوبرا باريس الوطنية، من شأنها أن «تعزِّز وتشجّع التعاون والحوار الثقافي بين السعودية وفرنسا، وعلى نطاق أوسع بين العالم العربي وأوروبا، إلى جانب تشكيل فرصة فريدة لصنع إنجازات ثقافية تتميز بالخبرة في بيئة فريدة ولجمهور من كل الفئات».

«مسارات»

وبينما أعرب حضور للفعالية من الجانبين السعودي والفرنسي، عن إعجاب رافق العرض، واتّسم باستثنائية تتلاءم مع المكان بعمقه التاريخي وتشكيلاته الجيولوجية، أكّد مسؤولون في «فيلا الحجر» أن عرض «مسارات» جاء تحقيقاً للأهداف الأساسية لبرنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح، حيث يعدّ أول عرض إبداعي للرقص المعاصر على الإطلاق تقترحه المؤسسة المستقبلية، وتوقّعوا أن يُسهم العرض في تحديد ما يمكن أن تسهم به هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم علاقتها بأرض العُلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية.

وانتبه الحضور، إلى أنه احتراماً للمكان الغني بالتنوع البيولوجي وبتاريخه الممتد إلى آلاف السنين (العلا)، جاء العرض متحفّظاً وغير تدخلي، فلم تُستخدم فيه معدات موسيقية ولا أضواء، بل كان مجرد عرض مكتف بجوهره، في حين عدّ القائمون على العرض لـ«الشرق الأوسط» أنه حوارٌ مع البيئة الشاسعة التي تحتضنه وليس منافساً لها.

15 لوحاً زجاجياً يشكّلون عملاً فنياً معاصراً في العلا (الشرق الأوسط)

«النفس – لحظات طواها النسيان»

والخميس، انطلق مشروع «النفس – لحظات طواها النسيان» بعرض حي، ودُعي إليه المشاركون المحليون للتفاعل مع المنشأة من خلال التنفس والصوت؛ مما أدى إلى إنتاج نغمات رنانة ترددت في أرجاء الطبيعة المحيطة، ووفقاً للقائمين على المشروع، فإن ذلك يمزج العمل بين التراث، والروحانية، والتعبير الفني المعاصر، مستكشفاً مواضيع خاصة بمنطقة العلا، مثل العلاقة بين الجسد والطبيعة.

وكُشف النقاب عن موقع خاص بالمنشأة والأداء في العلا، حيث يُعدّ المشروع وفقاً لعدد من الحاضرين، عملاً فنياً معاصراً من إنتاج الفنانة السعودية الأميركية سارة إبراهيم والفنان الفرنسي أوغو شيافي.

يُعرض العمل في موقعين مميزين بالعلا، حيث تتكون المنشأة في وادي النعام من 15 لوحاً زجاجياً مذهلاً يخترق رمال الصحراء، بينما تعكس المنحوتات الزجاجية المصنوعة يدوياً جيولوجيا المنطقة في موقع «دار الطنطورة».