تواصل المعارك في الحسكة السورية مع تقدم لوحدات حماية الشعب الكردية

تواصل المعارك في الحسكة السورية مع تقدم لوحدات حماية الشعب الكردية
TT

تواصل المعارك في الحسكة السورية مع تقدم لوحدات حماية الشعب الكردية

تواصل المعارك في الحسكة السورية مع تقدم لوحدات حماية الشعب الكردية

برغم استمرار الوساطات للتوصل الى اتفاق ينهي اشتباكات مستمرة منذ ستة ايام، تتواصل المعارك العنيفة بين المقاتلين الاكراد وقوات النظام السوري في مدينة الحسكة في محاولة من كلا الطرفين لاثبات قوته على الارض.
وتتواصل المعارك غداة تضارب معلومات حول التوصل الى اتفاق تهدئة في المدينة، التي يتقاسم الاكراد وقوات النظام السيطرة عليها في شمال شرقي سوريا، إذ نفت مصادر كردية تقارير افاد بها مصدر عسكري والاعلام الرسمي حول اتفاق لوقف اطلاق النار.
وبعد هدوء بعد ظهر يوم أمس (لاحد)، افاد صحافي متعاون مع فرانس برس في الحسكة الاثنين بأن الاشتباكات تجددت بعد منتصف الليل وتركزت في جنوب ووسط المدينة، مع تقدم لوحدات حماية الشعب الكردية من حي الغويران (جنوب). وقال انه شاهد عناصر من جيش النظام السوري ينسحبون باتجاه الجزء الغربي من الحي.
واعتبر مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، ان تجدد المعارك يعود الى ان الاكراد "يسعون الى تحسين موقعهم في المفاوضات الجارية لحل الازمة برعاية روسية في القامشلي".
وكان مصدر للنظام اكد لوكالة الصحافة الفرنسية ان عسركيين روس يعقدون اجتماعات مع الطرفين في القامشلي لحل الأزمة، فيما تحدث مصدر كردي عن "بعض الوساطات" من دون تحديد الجهة.
ويسيطر الاكراد على ثلثي الحسكة، فيما تسيطر قوات النظام على باقي المدينة.
وبدأت المواجهات الاربعاء باشتباكات بين قوات الامن الداخلي الكردية (الاسايش) وقوات الدفاع الوطني الموالية للنظام، لتتدخل فيها لاحقا كل من وحدات حماية الشعب الكردية وقوات النظام.
وتصاعدت حدة المعارك مع شن الطائرات السورية الخميس والجمعة غارات على مواقع للاكراد في الحسكة للمرة الاولى منذ بدء النزاع في سوريا قبل اكثر من خمس سنوات.
ومنذ ذلك الحين، تحلق الطائرات السورية، وفق المرصد، بشكل متقطع في سماء المدينة من دون تنفيذ أي غارات، ويأتي ذلك بعد تحذير واشنطن دمشق من شن غارات تعرض سلامة مستشاريها العسكريين العاملين مع الاكراد على الارض للخطر.
واعتبر عبد الرحمن ان "كلا الطرفين يهدف من خلال المعارك الجارية الى اثبات قوته على الارض في المدينة وتثبيت وجوده في كامل محافظة الحسكة".
ويسيطر الاكراد على الجزء الاكبر من محافظة الحسكة الحدودية مع تركيا والعراق، فيما تسيطر قوات النظام على عدد من القرى ذات الغالبية العربية في محيط مدينتي القامشلي والحسكة. ويوجد تنظيم "داعش" في اقصى الريف الجنوبي الحدودي مع محافظة دير الزور.
ومع استمرار المعارك الاثنين، اتهم مصدر عسكري في قوات النظام وحدات حماية الشعب الكردية "بخرق الهدنة عبر رفضها اجلاء الجرحى والقتلى الى القامشلي"، فيما نفت مصادر كردية وجود هدنة أساسا، مؤكدة استمرار العمليات القتالية في المدينة.
ويطالب الاكراد بتحديد وجود قوات النظام في المربع الامني في وسط المدينة، حيث كافة المؤسسات الحكومية والامنية ومبنى المحافظة، كما يشددون على ضرورة حل قوات الدفاع الوطني التي طالما تشتبك مع قوات الأسايش.
ومنذ اتساع رقعة النزاع في سوريا في العام 2012، انسحبت قوات النظام تدريجيا من المناطق ذات الغالبية الكردية محتفظة بمقار حكومية وادارية وبعض القوات في المدن الكبرى، ولا سيما في الحسكة والقامشلي. كما انه في مارس (اذار) الماضي اعلن الاكراد النظام الفدرالي في مناطق سيطرتهم في شمال سوريا.
واكد مصدر في المكتب الاعلامي للادارة الذاتية الكردية (روج آفا) للوكالة أن "حاليا ليس هناك اي مخطط للسيطرة الكاملة على المدينة (الحسكة)". وقال "نحن نريد تطوير الادارة الذاتية والنظام الفدرالي وعلى النظام عدم التدخل في شؤون المجتمع والانكفاء في مربعه الامني". وأوضح ان المطالب التي يتم تبادلها عبر "بعض الوساطات غير المباشرة" تتضمن بشكل اساسي "حل قوات الدفاع الوطني في المدينة".
وهذه ليست المرة الاولى التي يطالب فيها الاكراد بحل قوات الدفاع الوطني، فخلال اشتباكات دامية في مدينة القامشلي في ابريل(نيسان) الماضي طالب الاكراد باعادة النظر بتشكيلات الدفاع الوطني، الامر الذي لم يتحقق.
ويرفض النظام مطلب الاكراد بحل قوات الدفاع الوطني، وعرض فقط تسريح بعض العناصر، وفق ما افاد موقع "المصدر" الاخباري المقرب من النظام.
ويوضح عبد الرحمن ان النظام "يعتمد أساسا على قوات الدفاع الوطني في مدينة الحسكة، إذ يفوق عديدها عدد القوات النظامية المنشغلة في جبهات قتال أخرى".



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.