الجيش اليمني يواصل الحسم بفك تطويق تعز جزئيًا

أعلن السيطرة الكاملة على جبل الهان وفتح خط الضباب

مقاتل من المقاومة في جبهة الضباب غربي تعز أول من أمس («الشرق الأوسط»)
مقاتل من المقاومة في جبهة الضباب غربي تعز أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

الجيش اليمني يواصل الحسم بفك تطويق تعز جزئيًا

مقاتل من المقاومة في جبهة الضباب غربي تعز أول من أمس («الشرق الأوسط»)
مقاتل من المقاومة في جبهة الضباب غربي تعز أول من أمس («الشرق الأوسط»)

حققت قوات الشرعية (الجيش الوطني والمقاومة الشعبية) مزيدا من الانتصارات والتقدم الكبير والمتسارع في محافظة تعز، باستعادتها مواقع جديدة في الجبهات الشرقية والشمالية والغربية، وتكبيد ميليشيات الحوثي والموالين لهم من قوات المخلوع صالح الخسائر الكبيرة جراء المواجهات وبإسناد جوي من طيران التحالف.
ويساهم تقدم قوات الشرعية في تعز واستعادة مواقع كانت خاضعة لميليشيات الانقلاب، علاوة على قلبهم مسار المواجهات من الدفاع إلى الهجوم، في إرباك الميليشيات الانقلابية.
ومع بزوغ فجر الأمس، أعلنت قوات الشرعية، تطهيرها الكامل لجبل الهان الاستراتيجي في الجبهة الغربية، وبشكل كامل من ميليشيات الانقلاب، بعدما كانت تتواجد تلك الميليشيات في أجزاء صغيرة في مناطق متفرقة من الجبل، وكذلك تبة المقبانة وأكمة الصياحي، كما شنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية هجماتها على أوكار الميليشيات في الجبهات الشمالية والشرقية.
ويُعد جبل الهان من القلاع والمواقع العسكرية المهمة والاستراتيجية التي خسرتها الميليشيات الانقلابية بدحرهم منها، حيث كانت تستخدمه ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح موقعا عسكريا؛ كونه يطل على مواقع استراتيجية، وخصوصا على مواقع المقاومة والجيش الوطني في الضباب ومنطقة الربيعي ومقر اللواء 35 مدرع وشارع الثلاثين ومنفذ غراب وشارع الخمسين.
ومن موقعهم في رأس جبل هيلان، كانت ميليشيات الانقلاب تسيطر على خط الضباب، الخط الرئيسي الذي يصل مدينة تعز بمدينة عدن الجنوبية، مرورا بمديرية التربية في قضاء الحُجرية ومنفذا رئيسيا لقرى الحجرية، وذلك من خلال قنص من يمر من الخط العام في الضباب، أو حتى القصف على السيارات والحافلات التي تمر من تلك الطريق، علاوة على زرعها الألغام الكثيرة فيها.
وبتحرير وتأمين جبل الهان، أصبح المنفذ الغربي وخط الضباب مؤمن بشكل رئيسي وكامل، ولم تبقى سوى ساعات من ساعة كتابة التقرير، للإعلان بشكل رسمي عن فك الحصار الكلي من الجبهة الغربية وفتح خط الضباب، وذلك بعد نزع الألغام منها وتمشيط المنطقة، حيث تقوم الفرق الفنية بتمشيط الخط وجبل الهان وتعمل على نزع الألغام، إضافة إلى سعيها الحثيث للسيطرة بشكل كامل على تبة مدرات التي تشهد هي الأخرى مواجهات عنيفة بين قوات الشرعية والقوات الانقلابية؛ كونها محاذية للواء 35 مدرع.
وعلى الرغم من عدم الإعلان بشكل رسمي فتح طريق الضباب، فإن الحركة المرورية بدأت فيه بشكل بسيط مع الحذر الشديد من الألغام.
وبشكل مستميت، تحاول ميليشيات الانقلاب استعادة الجبل ودفعت بتعزيزات عسكرية لاستعادته، غير أنهم لم يحققوا أي تقدم في ظل تصدي قوات الجيش والمقاومة لمحاولاتهم.
وقال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري، العقيد منصور الحساني، لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تمكنوا من تحرير جبل الهان الاستراتيجي وتبة المقبابة وأكمة الأصبحي والتبة السوداء في جبهة الضباب، غرب المدينة، في الوقت الذي شهدت فيه جبهة ثعبات، شرقا، هجوما عنيفا من قبل الميليشيات الانقلابية على مواقع الجيش والمقاومة في قصر صالة في محاولة لاستعادته، وتم صدهم».
وأضاف: «وفي الجبهة الشمالية، كانت ميليشيات الانقلاب تمكنت من استعادة موقع بيت الصومعة، غير أنه بعد معارك عنيفة تمكنت قوات الجيش والمقاومة من استعادة الموقع وكبدوا الميليشيات الخسائر في الأرواح وسقط 6 قتلى من الميليشيات».
وأكد، أن «العمل ما زال جاريا لتطهير خط الضباب من الألغام، وسيعلن فتح الخط والحصار من الجبهة الغربية رسميا خلال الساعات المقبلة، وما زالت القوات تواصل مرحلة الحسم لفك الحصار عن تعز من جميع المعابر ودحرهم الميليشيات عن المحافظة».
وفي المقابل، وجه المجلس العسكري في تعز دعوته لأهالي منطقة صالة، شرق المدينة، الذين نزحوا جراء المواجهات الأخيرة التي أحرزت فيه قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تقدما، وسيطرت على المنطقة، بالعودة إلى منازلهم، «حيث إن الأوضاع أصبحت آمنة، وأصبح بإمكانهم العودة بعد تأمين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المنطقة بالكامل».
وبينما يواصل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تقدمهم واقترابهم من القصر الجمهوري ومعسكر التشريفات، شرق المدينة، ما زالت جبهات القتال في أرياف المحافظة، في الصلو والاحكوم، مشتعلة ويرافقها القصف المستمر من قبل ميليشيات الانقلاب على مواقع الجيش الوطني والمقاومة العشبية والقرى.
إلى ذلك، تواصل الميليشيات الانقلابية التشويش على خسائرها الكبيرة في محافظة تعز وسير المعارك في جبهات القتال في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، من خلال الاستمرار بارتكاب المزيد من الجرائم الإنسانية وشن عملياتها العسكرية في المواقع التي لا تزال خاضعة لسيطرتها في أرياف تعز، إضافة إلى التشويش على ذلك من خلال شن عملياتها العسكرية على الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية، وكل ما تريد قوله وإيصاله هو فرضها بقوة السلاح اتخاذ مصير أبناء اليمن كافة.
وفي الوقت الذي تواصل قوات الشرعية استمرارها عمليات «الحسم» في تعز، لليوم الرابع على التوالي، وإعلانها تحقيق تقدم في مختلف الجبهات، يقول مراقبون سياسيون لـ«الشرق الأوسط» إنه «في حين دشنت قوات الشرعية في تعز مرحلة الحسم، قابلها ذلك تدشين ميليشيات الانقلاب مرحلة الفشل، بعد فشل مفاوضات السلام وآخرها مشاورات الكويت، من خلال تصعيدها للقتل الممنهج لأهالي محافظة تعز من خلال القصف والقتل الممنهج والمتعمد وزراعتها الألغام في الأحياء السكنية والطرقات الرئيسية، وكل ذلك ردا على الخسائر التي تلحق بهم على أيدي قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وغارات التحالف التي تساند قوات الشرعية جويا».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.