إمبراطورية ميردوخ تهتز.. حتى قبل وفاته

صراع بين ابني عملاق الإعلام الأميركي وسط زوبعة من الإشاعات

الإمبراطور الإعلامي يتوسط ابنيه اللذين باتا يتقاسمان منابر والدهما الإعلامية حتى قبل مماته (أ.ف.ب) - المؤتمر الصحافي قبل أكثر من 10 أعوام الذي كشف عن تعيين إيلز مديرًا لـ«فوكس نيوز» التي لم يعد يترأسها بعد إشاعات التحرش الجنسي (أ.ب)
الإمبراطور الإعلامي يتوسط ابنيه اللذين باتا يتقاسمان منابر والدهما الإعلامية حتى قبل مماته (أ.ف.ب) - المؤتمر الصحافي قبل أكثر من 10 أعوام الذي كشف عن تعيين إيلز مديرًا لـ«فوكس نيوز» التي لم يعد يترأسها بعد إشاعات التحرش الجنسي (أ.ب)
TT

إمبراطورية ميردوخ تهتز.. حتى قبل وفاته

الإمبراطور الإعلامي يتوسط ابنيه اللذين باتا يتقاسمان منابر والدهما الإعلامية حتى قبل مماته (أ.ف.ب) - المؤتمر الصحافي قبل أكثر من 10 أعوام الذي كشف عن تعيين إيلز مديرًا لـ«فوكس نيوز» التي لم يعد يترأسها بعد إشاعات التحرش الجنسي (أ.ب)
الإمبراطور الإعلامي يتوسط ابنيه اللذين باتا يتقاسمان منابر والدهما الإعلامية حتى قبل مماته (أ.ف.ب) - المؤتمر الصحافي قبل أكثر من 10 أعوام الذي كشف عن تعيين إيلز مديرًا لـ«فوكس نيوز» التي لم يعد يترأسها بعد إشاعات التحرش الجنسي (أ.ب)

في الأسبوع الماضي، ومن دون ذنب ارتكبه مباشرة، وجد روبرت ميردوخ، إمبراطور الإعلام الأميركي الأسترالي (85 عاما)، نفسه محاطا بسلسلة من الأخبار السلبية ظهرت كلها في آن واحد وزعزعت إمبراطورية ميردوخ وهو ما زال يترأسها.
إذ ازداد عدد النساء اللائي اتهمن روجر إيلز، الرئيس السابق لتلفزيون «فوكس» (التابع لإمبراطورية ميردوخ)، بالتحرش الجنسي. وذلك في سياق مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب انتقادات بعد أخبار بأنه سيختار إيلز مستشارا إعلاميا له. ظهرت في الإنترنت صورة ويندي، الزوجة السابقة لميردوخ، مع إيفانكا، الزوجة السابقة للمرشح ترامب. وظهرت إشاعات علاقات غرامية بين ويندي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لكن، أهم من هذه كلها، ظهرت إلى السطح المشكلات التي كانت متوقعة بين ميردوخ وابنيه، ليس فقط حول إدارة الإمبراطورية، خصوصا تلفزيون «فوكس» في الوقت الحاضر، ولكن، أيضا، حول إدارتها بعد وفاة الوالد.
عن هذا، كتبت صحيفة «هوليوود ريبور» التي تتابع أخبار المشاهير تحت عنوان: «ميردوخ وابناه (لاشان، وجيمس) يتصارعان (وهو حي)». ومع التقرير رسم يوضح شاشة تلفزيون «فوكس»، ويتنازعها ميردوخ وولداه. ليس ميردوخ في جانب والوالدان في جانب، ولكن ميردوخ في جانب، وولد في جانب، والولد الآخر في جانب ثالث. يعنى هذا أنه، حتى قبل وفاة ميردوخ، يختلف الولدان حول إدارة الإمبراطورية.
وانفرد التقرير بكشف أن جيف زوكار، رئيس تلفزيون «سي إن إن»، اجتمع مع جيمس، ابن ميردوخ الأصغر. يبدو أن هذا يؤكد إشاعات بأنه، بعد وفاة الإمبراطور، سيقلل تلفزيون «فوكس» من يمينيته، وسيتحول نحو الوسط. لن يكن ليبراليا مثل «سي إن إن»، لكن، على الأقل، سيكون أقل يمينية. وتنبأ التقرير بأن جيمس يريد أن يعين زوكار (الليبرالي) مكان إيلز (اليميني). ليس جديدا الصراع بين تلفزيوني «سي إن إن» «و«فوكس»
في بداية التسعينات من القرن الماضي وبعد تأسيس «سي إن إن»، بعشر سنوات تقريبا، حاول ميردوخ أن يشتريها من صاحبها ومؤسسها تيد تيرنر. ويظل العداء مستمرا بين الرجلين، من قبل ذلك، وبعده، وحتى اليوم، في جانب، لم يخف تيرنر رأيه في ميردوخ بأنه «أجنبي» يريد السيطرة على الإعلام الأميركي (والعالمي). وفي الجانب الآخر، لم يخف ميردوخ رأيه في أن تيرنر «لعوب» و«ليس مستقرا عقليا».
في ذلك الوقت، كاد ميردوخ يشتري «سي إن إن»، بعد أن حصل على قروض من بنوك تزيد على مليار دولار. لهذا، في عام 1996، سارع تيرنر، وقبل عرضا بالاندماج مع شركة «تايم وورنر» (صحف شركة «تايم» وتلفزيونات ودور نشر شركة «وورنر»).
بعد أن فشل ميردوخ في شراء تلفزيون كيبل «سي إن إن»، أسس تلفزيون كيبل مثله، وسماه «فوكس نيوز نيتويرك» (إف إن إن). وقالت صحيفة «هوليوود ريبورتر»: «كان متوقعا أن يكون تلفزيون «فوكس» منافسا، لا معاديا، لتلفزيون (سي إن إن)، لكن عندما اختار ميردوخ صديقه إيلز رئيسا له، عرف أو لم يعرف، حسم مستقبل «فوكس» بوصفه تلفزيونا يمينيا، وحتى اليوم».
اليوم، بعد عشرين عاما من تأسيس «فوكس»، ومع خروج إيلز، يعيد التاريخ نفسه، ويحاول واحد من أولاد ميردوخ أن يجعل «فوكس» أقل يمينية، إن ليست محايدة.
ليس هذا الموضوع جديدا، وإن عادت إليه الأضواء بسبب كبر سن الوالد، وبسبب استقاله إيلز، ولأسباب أخرى:
أولا: ينتمي الولدان إلى الجيل الجديد، الذي، في كل الأحوال تقريبا، يختلف عن الجيل الذي يسبقه.
ثانيا: تربى الولدان في الغرب «المنفتح». ويبدوان أكثر انفتاحا مما يمكن أن تسمى «العقلية الأسترالية شبه المنعزلة».
ثالثا: صار جزءا من التفكير الجديد هو فصل الصحافة عن السياسة. (ونهاية قرون من عمالقة الصحافة الذين كانوا يسقطون حكومات، ويختارون حكومات).
لهذا، لم يكن سرا أن الولدين لا يتحمسان لانغماس والدهما في السياسة. خصوصا السياسة اليمينية (التي ترفع راية الرأسمالية عالية).
في عام 2013، أقنع الولدان والدهما بتقسيم الإمبراطورية، بحيث تصير مجموعة شركات «فوكس القرن الحادي والعشرين» منفصلة عن شركة «فوكس نيوز». فعلا ذلك لسببين:
أولا: من ناحية إدارية، كانت مجموعة الشركات توسعت، وتعقدت، ولم تعد إدارتها سهلة.
ثانيا: لإبعاد مجموعة الشركات عن السياسة، وهي تتوسع في مجالات الإعلام والتلفزيون والسينما.
وهكذا، بقيت شركة «فوكس نيوز» الوحيدة التي تلتصق بالسياسة. (السياسة اليمينية).
في الشهر الماضي، عندما استقال إيلز، وصفته صحيفة «واشنطن بوست» بأنه «واحد من أقوى الشخصيات الإعلامية الأميركية، وهو الذي أسس تلفزيون (فوكس)، وطوره، وجعله ركيزة الإعلام المحافظ. وحوله، ليس فقط إلى رائد ذي نكهة خاصة وسط بقية القنوات التلفزيونية، ولكن، أيضا، إلى منافس تفوق ربما عليها كلها».
وتحدثت الصحيفة عن «اتهامات التحرش الجنسي» التي قدمتها في قضايا في محاكم بعض مذيعات «فوكس»، التي جعلت صديقه القديم ميردوخ يضغط عليه ليقدم استقالته.
في ذلك الوقت، نشرت صحيفة «بيست» (الوحش) الإلكترونية، أن واحدة من «محاسن» و«مشكلات» إيلز، في الوقت نفسه، هو «حبه النساء الشقراوات»، وأن تلفزيون «فوكس» ما كان سينجح لولا تركيزه على المذيعات الشقراوات. هذا بالإضافة إلى تأسيس برامج، ومسلسلات، ومنافسات تلفزيونية يكاد يغيب عنها الممثلون والممثلات غير الشقراوات (ناهيك عن السمراوات والسوداوات).
وصار الصحافيون وعامة الناس يطلقون على «فوكس» أوصافا مثل: «بلوندز فوكس» (فوكس الشقراوات)، و«وايتز فوكس» (فوكس البيض). وصار إيلز يلقب بصاحب «السلاح الشقراوي». لهذا، يبدو أن سلاحه عاد وقضى عليه؛ وذلك لأن غرتشن كارلسون، أول من رفعت قضية تحرش جنسي ضده، شقراء. ومثلها ثلاث مذيعات وسكرتيرات. (لكن، إليزابيث هاسلباك، وغريتا فان سوسترين، اللتين دافعتا عن إيلز، شقراوتان أيضا).
في كل الحالات، صارت استقالة إيلز فرصة للولدين ليحاولا إنهاء يمينية «فوكس». وظهر ذلك في بيانين:
أولا: في بيان ميردوخ الأب، يوجد ود واضح بين الرجلين. وجاء في البيان: «منذ البداية، شاركني روجر في رؤيتي لشبكة تلفزيونية عالمية عملاقة، ومستقلة، ومجددة، ومبدعة. وفعلا عملنا معا لعشرين عاما، حتى وصلت (فوكس نيوز) إلى ما وصلت إليه اليوم».
ثانيا: في بيان الولدين، لا توجد إشادة كبيرة بإيلز. وتوجد إشارة غير مباشرة عن تهم التحرش الجنسي، عندما أشار البيان إلى «أهمية وجود مناخ عمل محترم».
في كل الحالات، يبدو أن ما يحدث هو بداية نهاية الإمبراطور، وليس الإمبراطورية.



رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
TT

رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)

في ظل صراعات وحروب إقليمية متصاعدة وتطورات ميدانية متسارعة، لعب الإعلام أدواراً عدة، سبقت في بعض الأحيان مهمات القوات العسكرية على الأرض؛ ما ألقى بظلال كثيفة على وسائل الإعلام الدولية. تزامن ذلك مع زيادة الاعتماد على «المؤثرين» ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار؛ ما دفع رئيسة «منتدى مصر للإعلام»، نهى النحاس، إلى التحذير من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار.

وفي حوارها مع «الشرق الأوسط»، عدّت نهى دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار «خطأً مهنياً»، وقالت إن «صُناع المحتوى و(المؤثرين) على منصات التواصل الاجتماعي يقدمون مواد دون التزام بمعايير مهنية. ودمجهم في غرف الأخبار كارثة مهنية».

وأشار تقرير نشره «معهد رويترز لدراسات الصحافة»، أخيراً، إلى «نمو في الاعتماد على مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار». ومع هذا النمو باتت هناك مطالبات بإدماج صناع المحتوى في غرف الأخبار. لكن نهى تؤكد أن الحل ليس بدمج المؤثرين، وتقول: «يمكن تدريب الصحافيين على إنتاج أنواع من المحتوى تجذب الأجيال الجديدة، لكن يجب أن يكون صانع المحتوى الإعلامي صحافياً يمتلك الأدوات والمعايير المهنية».

وتعد نهى «الإعلام المؤسسي أحد أبرز ضحايا الحروب الأخيرة»، وتقول إن «الإعلام استُخدم باحة خلفية للصراع، وفي بعض الأحيان تَقدمَ القوات العسكرية، وأدى مهمات في الحروب الأخيرة، بدءاً من الحرب الروسية - الأوكرانية وصولاً إلى حرب غزة».

وتبدي نهى دهشتها من الأدوار التي لعبها الإعلام في الصراعات الأخيرة بعد «سنوات طويلة من تراكم النقاشات المهنية ورسوخ القيم والمبادئ التحريرية».

وتاريخياً، لعب الإعلام دوراً في تغطية الحروب والنزاعات، وهو دور وثّقته دراسات عدة، لكنه في الحروب الأخيرة «أصبح عنصراً فاعلاً في الحرب؛ ما جعله يدفع الثمن مرتين؛ أمام جمهوره وأمام الصحافيين العاملين به»، بحسب نهى التي تشير إلى «قتل واغتيال عدد كبير من الصحافيين، واستهداف مقرات عملهم في مناطق الصراع دون محاسبة للمسؤول عن ذلك، في سابقة لم تحدث تاريخياً، وتثبت عدم وجود إرادة دولية للدفاع عن الصحافيين».

وتقول نهى: «على الجانب الآخر، أدت ممارسات مؤسسات إعلامية دولية، كانت تعد نماذج في المهنية، إلى زعزعة الثقة في استقلالية الإعلام»، مشيرة إلى أن «دور الإعلام في الحروب والصراعات هو الإخبار ونقل معاناة المدنيين بحيادية قدر المستطاع، لا أن يصبح جزءاً من الحرب وينحاز لأحد طرفيها».

نهى النحاس

وترفض نهى «الصحافة المرافقة للقوات العسكرية»، وتعدها «صحافة مطعوناً في صدقيتها»، موضحة أن «الصحافي أو الإعلامي المرافق للقوات ينظر للمعركة بعين القوات العسكرية التي يرافقها؛ ما يعني أنه منحاز لأحد طرفَي الصراع». وتقول: «عندما ينخرط الصحافي مع جبهة من الجبهات لا يعود قادراً على نقل الحقائق».

وضعت الحروب الأخيرة الصحافيين في غرف الأخبار «أمام واقع جديد جعل أصواتهم غير مسموعة في مؤسساتهم، في بعض الأحيان»، وتوضح نهى ضاربة المثل بالرسالة المفتوحة التي وقّعها عدد من الصحافيين في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية ضد تغطية حرب غزة وتجاهل قتل عدد كبير من الصحافيين، والتي أدت في النهاية إلى إيقافهم عن تغطية حرب غزة.

زعزعت الانحيازات الإعلامية في التغطية، الثقة في استقلالية الإعلام، وأفقدت مؤسسات إعلامية كبرى مصداقيتها، بعد أن كانت حتى وقت قريب نماذج للالتزام بالمعايير المهنية. ورغم ما فقدته مؤسسات الإعلام الدولية من رصيد لدى الجمهور، لا تتوقع نهى أن «تقدم على تغيير سياستها؛ لأن ما حدث ليس مجرد خطأ مهني، بل أمر مرتبط بتشابك مصالح معقد في التمويل والملكية». ولفتت إلى أن «الحروب عطّلت مشروعات التطوير في غرف الأخبار، وأرهقت الصحافيين نفسياً ومهنياً».

وترى أن تراجع الثقة في نماذج الإعلام الدولية، يستدعي العمل على بناء مدارس إعلامية محلية تعكس الواقع في المجتمعات العربية، مشيرة إلى وجود مدارس صحافية مميزة في مصر ولبنان ودول الخليج لا بد من العمل على تطويرها وترسيخها بعيداً عن الاعتماد على استلهام الأفكار من نماذج غربية.

بناء تلك المدارس الإعلامية ليس بالأمر السهل؛ فهو بحسب نهى «يحتاج إلى نقاش وجهد كبير في التعليم وبناء الكوادر وترسيخ الإيمان بالإعلام المستقل». وهنا تؤكد أن «استقلالية الإعلام لا تعني بالضرورة تمويله من جهات مستقلة، بل أن تكون إدارته التحريرية مستقلة عن التمويل قدر الإمكان»، مشددة على أن «التمويل العام لوسائل الإعلام مهم ومرحّب به، لا سيما في لحظات الاستقطاب السياسي؛ حتى لا يلعب المال السياسي دوراً في تخريب مصداقية المؤسسة».

غيّرت الحروب غرف الأخبار وألقت بظلالها على طريقة عملها، لتعيد النقاشات الإعلامية إلى «الأسس والمعايير والأخلاقيات»، تزامناً مع تطورات تكنولوجية متسارعة، ترى نهى أنها «ضرورية لكن كأدوات لإيصال الرسالة الإعلامية بفاعلية».

من هذا المنطلق، ترفض نهى التوسع في مناقشة قضايا الذكاء الاصطناعي على حساب القضايا المهنية، وتقول: «نحتاج إلى إعادة تثبيت وترسيخ القواعد المهنية، ومن ثم الاهتمام بالأدوات التي تسهل وتطور الأداء، ومن بينها الذكاء الاصطناعي الذي لا يمكن إنكار أهميته».

وتضيف: «إذا كان الأساس به خلل، فإن الأداة لن تعالجه؛ لذلك لا بد من مناقشات في غرف الأخبار حول الأسس المهنية لاستعادة الجمهور الذي انصرف عن الأخبار».

وبالفعل، تشير دراسات عدة إلى تراجع الاهتمام بالأخبار بشكل مطرد، تزامناً مع تراجع الثقة في الإعلام منذ جائحة «كوفيد-19»، وتزايد ذلك مع الحرب الروسية - الأوكرانية. ووفقاً لمعهد «رويترز لدراسات الصحافة»، فإن «نحو 39 في المائة من الجمهور أصبحوا يتجنبون الأخبار».

وهنا تقول نهى إن «الثقة تتراجع في الإعلام بشكل مطرد؛ لأن الجمهور يشعر أن صوته لم يعد مسموعاً، إضافة إلى تشبع نسبة كبيرة من الجمهور بأخبار الحرب، إلى حد مطالبة البعض بنشر أخبار إيجابية». وتضيف أن «هذا التراجع امتزج مع صعود منصات التواصل التي أصبحت يُخلط بينها وبين الإعلام المؤسسي، لا سيما مع ما قدمته من متابعات للحروب والصراعات الأخيرة».

وتشير رئيسة «منتدى مصر للإعلام» إلى أن «الحروب الأخيرة في أوكرانيا وغزة وضعت أعباء مالية، وفرضت محتوى مختلفاً على المؤسسات الإعلامية أدى إلى زيادة تجنب الجمهور للأخبار»، بحسب ما جاء في دراسة نشرها معهد «رويترز لدراسات الصحافة»؛ ما يستلزم البحث عن وسائل لإعادة جذبه، أو لـ«غرفة أخبار ثالثة» كما فعلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، مستهدفة «جذب مزيد من القراء وزيادة الموارد».

وتستهدف «غرفة الأخبار الثالثة» إنشاء محتوى خاص لمنصات التواصل الاجتماعي، ومقاطع فيديو قصيرة تتناول موضوعات متنوعة لجذب الأجيال المرتبطة بالهواتف الذكية.

ويعد التدريب واحداً من أدوار المنتديات الإعلامية، ومن بينها «منتدى مصر للإعلام». وأوضحت نهى، في هذا المجال، أن «المنتديات الإعلامية هي تعبير عن الواقع الإعلامي لدولةٍ أو منطقةٍ ما، ونقطة تلاقٍ لمناقشة قضايا ومعارف مهنية، وملاحقة التطورات التكنولوجية».

وكان من المقرر عقد النسخة الثالثة من «منتدى مصر للإعلام» نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن تم تأجيلها «بسبب الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة والتي كانت ستؤثر على حضور بعض ضيوف (المنتدى)»، بحسب نهى التي تشير إلى أنه «سيتم عقد النسخة الثالثة من (المنتدى) منتصف 2025».

وتوضح أنه «يجري حالياً مراجعة أجندة (المنتدى) وتحديثها وتغييرها استعداداً للإعلان عنها في الربع الأول من العام المقبل»، مشيرة إلى أنه لم يتم الاستقرار بعدُ على عنوان النسخة الثالثة، وإن كان هناك احتمال للإبقاء على عنوان النسخة المؤجلة «يمين قليلاً... يسار قليلاً!».

وتقول نهى إن «منتدى مصر للإعلام» سيركز كعادته على المناقشات المهنية والتدريبات العملية، لا سيما «منصة سنة أولى صحافة» المخصصة لتقديم ورش تدريبية لطلاب الإعلام تتناول الأساسيات والمعايير المهنية.

وتختتم حديثها بالتأكيد على أن الالتزام بالمعايير المهنية هو الأساس لبقاء الإعلام المؤسسي، مجددة الدعوة لفتح نقاشات جادة بشأن مأسسة نماذج إعلام محلية في المنطقة العربية.