جيش «حزب الله» الخفي يحتلّ لبنان: 50 ألف مقاتل مهيأون للمواجهة

المشنوق وصفها بـ«سرايا الفتنة» وتعهّد بمقاومتها بكل الوسائل السلمية

جيش «حزب الله» الخفي يحتلّ لبنان: 50 ألف مقاتل مهيأون للمواجهة
TT

جيش «حزب الله» الخفي يحتلّ لبنان: 50 ألف مقاتل مهيأون للمواجهة

جيش «حزب الله» الخفي يحتلّ لبنان: 50 ألف مقاتل مهيأون للمواجهة

صحيح أن ما يسمّى «حزب الله» دفع بمعظم قياداته ونخبه العسكرية والأمنية إلى الساحة السورية لحماية بشّار الأسد ومشروع إيران في المنطقة، لكنه في المقابل كان يعمل على بناء جيش رديف، تحت مسمّى «سرايا المقاومة» التي وصفها وزير الداخلية نهاد المشنوق بـ«سرايا الفتنة والاحتلال»، لتكون الجيش الخفي للحزب في لبنان. وأكد المشنوق «عدم القبول بها تحت أي ظرف من الظروف». وتعهّد بـ«مقاومة هذا الاحتلال بكلّ الطرق والوسائل السلمية والسياسية».
لم يكن خافيًا على أحد أن «سرايا المقاومة» التي أسسها الحزب أواخر تسعينات القرن الماضي، لتكون هيكلية عسكرية قادرة على رفد تنظيمه بالمقاتلين في أي مواجهة مع إسرائيل، بدّلت هدفها، وأضحت صاحبة وظيفة أمنية داخلية، يستخدمها في أي حدث أمني داخلي. ولم ينس اللبنانيون المهمات الخطيرة التي لعبتها في كل الساحات اللبنانية منذ خروج الجيش السوري من لبنان في ربيع عام 2005 حتى الآن. وكانت قد بدأت بدورها في احتلال وسط بيروت لأكثر من سنة ونصف، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2006 وحتى شهر مايو (أيار) 2008، وارتكاباتها في أحداث واشتباكات مسلّحة تنقلت من برج أبي حيدر والطريق الجيدة وعائشة بكار في بيروت، وامتدت إلى منطقة السعديات (جنوبي بيروت) وصولاً إلى صيدا وامتدادًا إلى البقاع الأوسط. ثم دورها الميداني الفاعل في إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، لبيروت مطلع عام 2011، وفرض حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بفعل ما بات يُعرف بـ«غزوة القمصان السود».
وفي موازاة عجز الدولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية، على مواجهة هذه الظاهرة المعروفة الولاء والدعم، وتجنبت التصادم معها ومحاذرة الانزلاق إلى فتنة لا أحد يريدها، بانتظار حلول سياسية تنهي سطوتها، فإن ما تكشّف في الأيام الأخيرة عن توسّع «سرايا المقاومة»، من نواة مقاومة لإسرائيل إلى نواة جيش داخلي أو «جيش خفي» بات مسلحًا ومدربًا ومهيئًا للانقضاض على الدولة، ينذر بخطر كبير. وكانت مؤسسة إعلامية تابعة للحزب قد نشرت مؤخرًا، معلومات مفصلّة عن كثير هذه السرايا الذي بلغ 50 ألف مقاتل مجهزين لـ«مواجهة خطر داخلي يتهدد المقاومة، من كل الأحزاب والطوائف اللبنانية»، ما يعني أن هذه السرايا باتت مستعدة لاحتلال لبنان كلّه.
وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، كشف في تصريح له مساء الجمعة، أنّ «ما يسمونها سرايا المقاومة، وكنّا نسميها سرايا الفتنة، باتت سرايا احتلال، لم ولن نقبل بها تحت أي ظرف من الظروف». وقال: «مهما كان نوع هذا السلاح، طالما أنّه مطلوب توقيعنا فلن نوقّع، نحن كأهل وكمجموعة وكمسلمين، سنقاوم هذا الاحتلال بكلّ الطرق والوسائل السلمية والسياسية». وأضاف المشنوق: «آخر استعراضات القوّة ما قرأته بأنّ لسرايا المقاومة، وأنا أسميها سرايا الفتنة، جيشًا من 50 ألفًا، وأنّ لديها مهمات داخلية، وهنا أسأل: في وجه من يقف الخمسون ألفًا هؤلاء؟ وما هي مهماتهم الداخلية؟، ثم يتابع المقال بأنّ هناك واقعًا مطلوبًا فيه رأس المقاومة وأنصارها في كل لبنان، ومن كل الطوائف». وتابع وزير الداخلية: «فعلاً هي مسألة محيّرة: كيف يمكن بناء بلد مع جهة تعتبر نفسها مستهدفة من كلّ الطوائف؟ وكيف يمكن أن تبنوا بلدًا كلّ من فيه يعادونكم ويطلبون رأسكم؟».
مدير مركز «أمم للأبحاث» لقمان سليم اعتبر أن «وظيفة ما يسمّى (سرايا المقاومة)، هي خلق ميليشيات رديفة لتنظيم (حزب الله)، لكنها تخضع لقواعد أقل صرامة»، معتبرًا أن «أهمية هذه الميليشيات بنظر الحزب أنها عابرة للطوائف، لأنها تحوي في صفوفها طابورًا خامسًا من كل الطوائف اللبنانية، وإن كان العدد الأكبر من الطائفة الشيعية».
وطالما أن هيكلية هذا التنظيم يبقى اسمًا على غير مسمّى، رأى سليم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «تحت عنوان المقاومة، فإن هذه السرايا تضمّ لصوصًا يستغلون مفهوم المقاومة، وهم أشبه بـ«جهاز الشبيحة» ويضم مقاتلين من مختلف الطوائف اللبنانية، استطاع «حزب الله» أن يستغلّ واقعهم الاجتماعي السيئ، وهؤلاء خارج الضوابط التي يفرضها الحزب على مقاتليه».
وقال سليم، وهو ناشط شيعي معارض لسياسة ما يسمّى «حزب الله»، إن «لبنان في حكم المحتل من طرف «حزب الله» سياسيًا وعسكريًا، من خلال الطوابير الخامسة المتفلتة، التي ترتكب ما ترتكبه، لذلك أرى أن الجو مكفهرّ». وتابع أن الحزب «يعتبر لبنان جزءًا من الساحة الكبيرة التي يحارب عليها، سواء في سوريا أو العراق أو اليمن، حيث تدور معركته الكبرى، بعدما أعلن إسقاط الحدود وتوحيد الساحات»، لافتًا إلى أن «لبنان هو جزء من المعركة ولو كان الواقع اللبناني مستتبًا إلى حدّ ما».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».