طيران الأسد يواصل تحليقه فوق الحسكة.. والأكراد يرفضون السكوت عن «إرهابه»

قيادي كردي: الأميركيون أبلغوا الروس أن وحداتنا جزء من التحالف الدولي

سوريون يفرون من جحيم القصف الذي قام به طيران النظام لمنطقة دوما بضواحي دمشق (رويترز)
سوريون يفرون من جحيم القصف الذي قام به طيران النظام لمنطقة دوما بضواحي دمشق (رويترز)
TT

طيران الأسد يواصل تحليقه فوق الحسكة.. والأكراد يرفضون السكوت عن «إرهابه»

سوريون يفرون من جحيم القصف الذي قام به طيران النظام لمنطقة دوما بضواحي دمشق (رويترز)
سوريون يفرون من جحيم القصف الذي قام به طيران النظام لمنطقة دوما بضواحي دمشق (رويترز)

واصل طيران النظام السوري تحليقه فوق مدينة الحسكة التي يسيطر الأكراد على القسم الأكبر منها، بشمال شرقي سوريا، على رغم تحذير واشنطن من شن أي غارات تعرض مستشاريها العسكريين على الأرض للخطر. واعتبرت قوات النظام أن القتال بينها وبين مسلحين أكراد «جاء نتيجة محاولة (ميليشيا) قوات الأمن (الأسايش) الكردية السيطرة على المدينة، ما دفع الجيش للرد باستهداف الجماعات المسلحة». غير أن قيادة ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية اتهمت النظام بـ«تحريف الحقائق والتحدث بمنطق الدولة التركية، ومحاولة افتعال فتنة بين أهالي الحسكة لأسباب إقليمية»، وتوعدت بـ«عدم السكوت عن إرهاب النظام وممارساته المتمادية».
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد أمس أن طيران النظام «حلّق في سماء الحسكة طوال ليل الجمعة واستمر حتى صباح السبت، إلا أنه لم يتضح ما إذا كانت الطائرات نفذت أي غارات»، لكنه أشار إلى وقوع اشتباكات عنيفة وتبادل قصف مدفعي بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والميليشيات الكردية من جهة أخرى في بعض أحياء المدينة. وأعلن مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، أن «معارك عنيفة وقعت السبت (أمس) استخدمت فيها المدفعية والقذائف»، مؤكدًا أنه «ليس هناك قوات خاصة أميركية في مدينة الحسكة، لكنها موجودة في القواعد الأميركية الواقعة على مسافة نحو ستة كيلومترات في الشمال».
جدير بالذكر أن الغارات الجوية لطيران النظام التي كانت قد استهدفت ست مناطق تقع تحت سيطرة المقاتلين الأكراد يوم الخميس الماضي، تجددت يوم الجمعة أيضًا، ما حمل الولايات المتحدة على إرسال طائرات مقاتلة لحماية قواتها الخاصة التي تقدم المشورة العسكرية للمقاتلين الأكراد في سوريا، واعتبرت هذه الخطوة التدخل الأميركي الأول ضد النظام السوري. ومن ثم، حذر المتحدث باسم «البنتاغون» الكابتن جيف ديفيس، بأن «هذا الإجراء اتخذ لحماية قوات التحالف». وأردف «لقد كشفنا بشكل واضح أن الطائرات الأميركية ستدافع عن القوات الموجودة على الأرض في حال تعرضت للتهديد».
من ناحية ثانية، اعتبر القيادي الكردي إدريس نعسان أن «ما يحصل في الحسكة، هو نتيجة التقارب التركي الروسي الإيراني». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس «يبدو أن الأتراك بصدد مراجعة سياستهم تجاه النظام السوري، فأراد الأخير مراسلتهم، عبر مهاجمة مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب». وأوضح نعسان أن «الإدارة الذاتية تجد نفسها الآن، بين فكي كماشة النظام من جهة والأتراك من جهة أخرى»، لكنه توقع أن «تسير الأمور في المرحلة المقبلة نحو الهدوء، حتى لو حصل بعض التصعيد في الأيام القادمة، لأن النظام يعلم أنه عندما يهاجم قوات الإدارة الذاتية، يعني أنه سيكون في مواجهة مع التحالف الدولي الذي يدعم هذه القوات». وأضاف: «هناك قوى دولية مثل روسيا ستسعى لنزع الفتيل في (منطقة) الجزيرة (أي محافظة الحسكة)، لأنها لا ترى مصلحة في التصعيد، وقناعتي بأن المعركة الأهم لروسيا والنظام هي اليوم في حلب، مع الفصائل المعارضة التي تهدد مصالحها، وتسعى إلى استبدال النظام، أما معركتها مع الأكراد فهي مؤجلة».
وللعلم، دارت الأربعاء اشتباكات عنيفة في الحسكة بين «الأسايش» الكردية وميليشيات «قوات الدفاع الوطني» الموالية للنظام على خلفية توتر في المدينة إثر اتهامات متبادلة بتنفيذ حملة اعتقالات خلال الأسبوعين الأخيرين، وأوقعت المعارك المستمرة منذ يوم الأربعاء ما لا يقل عن 41 قتيلا بينهم 25 مدنيًا من ضمنهم عشرة أطفال. وكشف نعسان، أن «الأميركيين أبلغوا النظام السوري بواسطة الروس، بأن قوات حماية الشعب هي جزء من التحالف الدولي وشركاء على الأرض في محاربة تنظيم داعش الإرهابي»، ولفت إلى أن «ما يحصل الآن هو جسّ نبض أميركي روسي، ومحاولة لي أذرع إقليمية ودولية على أرض سوريا».
من جهتها، قالت القيادة العامة لميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية بأن «النظام البعثي السوري، يحاول ميؤوسا تحريف الحقائق والتحدث بمنطق الدولة التركية بشكل جلي، من خلال وصفه لنا بالتبعية لأطراف كردستانية أخرى، رغم إدراكه لاستقلاليتنا وأنه لا تربطنا بهم أي علاقة». وأضافت القيادة العامة لـ«الوحدات» في بيان لها «في الوقت الذي انشغلت فيه قواتنا بجبهات القتال الأمامية مع (داعش) الإرهابي في أماكن أخرى، حاول ما تبقى من النظام وكتائبه استغلال هذا الوضع للقيام بالأعمال التي تقوم (داعش) بها لضرب الاستقرار في المدينة، عبر افتعال فتنة بين مكوناتها بالتزامن والترابط مع أجندات إقليمية خطيرة».
ووصفت الميليشيات الكردية نظام الأسد بـ«الغادر». وذكرت أنه «قام باستهداف الأحياء السكنية المأهولة بالمدنيين، ومواقع قواتنا ومن بينها معسكرات تدريب المقاتلين التي ليس لها أي وظيفة قتالية، وكذلك استهداف المكاتب التنظيمية والمحاكم المدنية، لذلك لن نسمح بمرور هذا التصرف من قبل النظام دون محاسبة رادعة». ومن ثم أكدت «عدم السكوت عن إرهاب النظام وممارساته المتمادية». وختمت بيانها «إننا في وحدات حماية الشعب ندعو شعبنا بكافة مكوناته وأطيافه من كرد وعرب وسريان وأرمن للالتفاف حول قواته المشروعة من وحدات حماية الشعب وقوات الأسايش وقوات حماية المجتمع، والتصدي لإرهاب النظام والدفاع عن مناطقه».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.