أي مستوى من الإنتاج قد يتفق منتجو النفط على «التجميد» عنده؟

عودة النفط الصخري يقوض فرص ارتفاع الأسعار

ارتفع عدد منصات الحفر بواقع 76 منذ الأسبوع الذي انتهى في الأول من يوليو (رويترز)
ارتفع عدد منصات الحفر بواقع 76 منذ الأسبوع الذي انتهى في الأول من يوليو (رويترز)
TT

أي مستوى من الإنتاج قد يتفق منتجو النفط على «التجميد» عنده؟

ارتفع عدد منصات الحفر بواقع 76 منذ الأسبوع الذي انتهى في الأول من يوليو (رويترز)
ارتفع عدد منصات الحفر بواقع 76 منذ الأسبوع الذي انتهى في الأول من يوليو (رويترز)

يبدو أن تصريحات المسؤولين في قطاع النفط ترمي في اتجاه واحد، ألا وهو صعود الأسعار، بداية من وزير النفط القطري محمد السادة رئيس أوبك، إلى تلميحات موسكو بإمكانية مناقشة إعادة الاستقرار في سوق النفط، ثم التأكيد السعودي على «مناقشة أي إجراء محتمل لإعادة الاستقرار للسوق»، وحتى حوار وزير الطاقة الروسي لـ«الشرق الأوسط» الذي أكد فيه أهمية التعاون مع الرياض وأعضاء دول منظمة أوبك، لدعم الأسعار، وأن الباب ما زال مفتوحا أمام مزيد من المحادثات بشأن تثبيت الإنتاج إذا تطلب الأمر.
ويبدو أن المتعاملين في قطاع النفط، تزداد لديهم يومًا بعد يوم، توقعات إمكانية التوصل لحل بين كبار المنتجين داخل منظمة أوبك وخارجها، وهو ما زاد من تفاؤلهم على مدار جلسات الأسبوع الماضي، حتى دفعت بالأسعار فوق مستوى 50 دولارًا.
ومن المتوقع أن يناقش أعضاء منظمة أوبك تجميد مستويات إنتاج النفط، أو «أي إجراء آخر من شأنه إعادة الاستقرار للسوق» خلال الشهر المقبل على هامش مؤتمر الطاقة العالمي في الجزائر، بحسب وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، الذي أكد أن المملكة ستعمل مع أعضاء أوبك والمنتجين الآخرين من خارج المنظمة للمساعدة في استقرار أسواق النفط؛ في وقت تجد فيه معظم الدول، أن المستويات الحالية لو استمرت أكثر من عامين، سيفقدون بند الواردات في موازناتهم، نظرًا لاعتمادهم على النفط كمصدر وحيد للإيرادات، بينما لجأت دول مثل السعودية إلى تنويع مصادرها، من خلال رؤية اقتصادية طموحة.
*عند أي مستوى؟
يتضح من مستويات إنتاج الدول الأعضاء في أوبك، أن معظمها زاد إنتاجها النفطي، عن مستوى يناير (كانون الثاني) الماضي، الذي كان محورًا لمحادثات سابقة لتجميد الإنتاج عنده، مما قد يزيد الأمور تعقيدًا في المحادثات المقبلة في الجزائر.
وزادت أوبك التي تضم 14 عضوًا إنتاجها بواقع مائة ألف برميل يوميًا في يوليو (تموز) الماضي عن مستويات يونيو (حزيران) بدعم من الإنتاج في العراق، رغم الاضطرابات التي تشهدها الأخيرة والتي قد تؤثر على الإنتاج في الشهور المقبلة.
وزادت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم إنتاجها إلى 10.67 مليون برميل يوميًا في يوليو من 10.2 مليون برميل يوميًا في يناير (كانون الثاني). بينما يحوم إنتاج روسيا حاليًا قرب أعلى مستوياته على الإطلاق عند 10.85 مليون برميل يوميًا، ويتوقع المسؤولون الروس مزيدا من الارتفاع في العام القادم.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2015 ألغت أوبك سقف الإنتاج الذي كان يبلغ وقتها 30 مليون برميل يوميًا بعد أن ظلت تتخطاه لأشهر.
وتريد إيران تخطي مستوى إنتاجها قبل «فترة العقوبات»، وهو ما يمثل عقبة أمام «لقاء الجزائر» الشهر المقبل على هامش مؤتمر الطاقة العالمي، إلا أنها قد تكون مناورة للاتفاق على المستوى الحالي، إذ قال وزير النفط الإيراني بيغن زنغنه مخاطبا البرلمان الأسبوع الماضي، إنه يريد زيادة إنتاج بلاده إلى 4.6 مليون برميل يوميًا خلال خمس سنوات، وهو أعلى بكثير من 3.6 مليون برميل يوميًا حاليًا، ومن نحو 3.8 إلى 4 ملايين برميل يوميًا قبل العقوبات.
وبالنسبة للعراق، ثاني أكبر منتج للخام في أوبك، فمن المتوقع أن يزيد إنتاجه العام المقبل بنحو 350 ألف برميل يوميًا، نتيجة اتفاقيات مع شركات أجنبية بشأن التنقيب والحفر عن النفط.
أما ليبيا، الحاضر الغائب في معادلة أسعار النفط، رغم أن كثيرين يستبعدون هذا البلد العضو في منظمة أوبك، من حساباتهم وقت الحديث عن مستويات الإنتاج والتأثير على الأسعار، فإنها قد تكون الحصان الجامح خلال الفترة المقبلة، بعد اتفاق حرس المنشآت النفطية مع حكومة الوحدة الوطنية، على استئناف إنتاج وتصدير النفط.
وكانت ليبيا تنتج نحو 1.6 مليون برميل يوميًا، قبل الاضطرابات السياسية في عام 2011. إلا أن مستويات الإنتاج الحالية لا تتخطى مائتي ألف برميل يوميًا.
ونقلت «رويترز» عن مسؤول بميناء الزويتينة في شرق ليبيا يوم الخميس، قوله إن ناقلة أرسلتها المؤسسة الوطنية للنفط بدأت تحميل الخام من الميناء بعدما وافقت قوات متنافسة في المنطقة على السماح للناقلة بالرسو ونقل النفط إلى مكان آمن.
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان إن صهاريج التخزين في الزويتينة تحوي نحو 3.08 مليون برميل من النفط الخام و180 ألف برميل من المكثفات.
وأضافت: «بعد جهود حثيثة.. تسلمت المؤسسة موافقة من الأطراف ذات العلاقة لدخول السفينة اليونانية نيو هيلاس ميناء الزويتينة والتي ستقوم بنقل حمولتها إلى مصفاة الزاوية في غرب البلاد». كما أضافت أن السفينة ستنقل نحو 620 ألف برميل في كل رحلة إلى الزاوية، وأن المؤسسة ستتعاقد مع سفن أخرى لإتمام تفريغ الخزانات في أسرع وقت ممكن. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع الإنتاج من خارج أوبك 300 ألف برميل يوميًا العام القادم بعد انخفاض بلغ 900 ألف برميل يوميًا في 2015 مع استقرار الإنتاج في أميركا الشمالية.
*الإنتاج مرتفع التكلفة صار منخفضًا:
بين لحظة وضحاها، ارتفعت أسعار النفط لأعلى مستوى في ثمانية أشهر، لتتخطى حاجز 50 دولارًا من جديد، مرتفعًا من 42 دولارًا، حتى زادت التوقعات بانخفاضات دون مستوى 40 دولارًا مرة أخرى، إلا أن تصريحات المسؤولين وإمكانية الاتفاق على تجميد مستويات للإنتاج، سرعان ما رفع الأسعار.
وأضافت شركات إنتاج النفط الأميركية منصات حفر جديدة للأسبوع الثامن على التوالي في أطول موجة زيادة في عدد منصات الحفر في أكثر من عامين مع انتعاش أسعار النفط واتجاهها إلى المستوى 50 دولارًا للبرميل المهم والذي يجعل العودة للإنتاج ذات جدوى.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة يوم الجمعة إن المنتجين أضافوا عشر منصات حفر نفطية في الأسبوع المنتهي في 19 أغسطس (آب) ليصل العدد الإجمالي للحفارات إلى 406 حفارات عاملة مقارنة مع 674 قبل عام.
وارتفع عدد منصات الحفر بواقع 76 منذ الأسبوع الذي انتهى في الأول من يوليو في أطول موجة زيادة أسبوعية منذ أبريل (نيسان) 2014 بعدما لامست أسعار الخام الأميركي مستوى 50 دولارًا للبرميل.
وواصلت شركات الطاقة إضافة حفارات جديدة على الرغم من هبوط الأسعار دون مستوى 40 دولارًا للبرميل هذا الشهر، لكن محللين عدلوا توقعات نمو عدد الحفارات بالخفض. غير أن العقود الآجلة للخام ارتفعت بنحو عشرة دولارات أو ما يعادل نحو 25 في المائة، فيما يزيد على أسبوعين بقليل.
وارتفعت أسعار النفط الخام فوق 51 دولارًا للبرميل يوم الجمعة لتصل لأعلى مستوى لها في ثمانية أسابيع وللجلسة السابعة على التوالي.
وقال وزير النفط النيجيري إيمانويل إيبي كاتشيكو يوم الخميس إنه من المستبعد خفض إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلا أن هناك آمالا بأن يسهم اجتماع المنتجين في الجزائر الشهر القادم في دعم أسعار الخام.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»