صور الطفل عمران تهز مشاعر العالم وتجتاح وسائل الإعلام العالمية

الممرضة التي عالجته قالت إنه بكى عندما شاهد والديه

منزل الطفل عمران (في الإطار)  الذي دمرته غارة للنظام السوري في حلب أول من أمس ({الشرق الأوسط})
منزل الطفل عمران (في الإطار) الذي دمرته غارة للنظام السوري في حلب أول من أمس ({الشرق الأوسط})
TT

صور الطفل عمران تهز مشاعر العالم وتجتاح وسائل الإعلام العالمية

منزل الطفل عمران (في الإطار)  الذي دمرته غارة للنظام السوري في حلب أول من أمس ({الشرق الأوسط})
منزل الطفل عمران (في الإطار) الذي دمرته غارة للنظام السوري في حلب أول من أمس ({الشرق الأوسط})

تصدرت صور وأخبار الطفل السوري عمران دقنيش (5 سنوات)، الذي انتشله المسعفون من تحت أنقاض منزله في مدينة حلب عاصمة شمال سوريا، في اليومين الماضيين، وعناوين نشرات الأخبار في التلفزيونات العالمية. كذلك احتل وجهه البريء الملطخ بالدماء والغبار الصفحات الأولى للصحف والمجلات في مختلف أنحاء العالم، ممارسًا من حيث لا يدري ضغوطا غير مسبوقة لوضع حد للكارثة المستمرة في سوريا منذ عام 2011، ولعلها ستؤتي ثمارها قريبا بفرض هدنة من 48 ساعة أسبوعيا لإدخال المساعدات إلى الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في المدينة، وهي أحياء تُصنف «منكوبة».
هذا، ولطالما غزت صور وفيديوهات أطفال سوريا وهم يبكون ويتحسرون وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن رد فعل عمران الذي بقي صامتا مصدوما، هو الذي أثّر بالرأي العام العالمي ودفع الناشطين في مختلف أنحاء العالم لرفع الصوت والمطالبة بوضع حد لما يعايشه المدنيون يوميا في سوريا.
وفي مقطع الفيديو الذي تناقله الناشطون ومن بعدهم وسائل الإعلام العالمية، بدا عمران الذي أدخله أحد الممرضين إلى سيارة الإسعاف ليستكمل عملية انتشال ما تبقى من محاصرين تحت الركام، في ذهول وفي صدمة كبيرة، فلم يذرف دمعة أو ينطق بكلمة، بل اكتفى بمسح الدماء التي غطت وجهه بيده الصغيرة قبل معاينتها بهدوء ومسحها بالمقعد.
وفي وقت لاحق، قالت الممرضة التي عالجت عمران إنه لم يبك أثناء تلقيه العلاج، لكنه انفجر بالبكاء بعدما شاهد أمه وأباه. وأشارت الممرضة إلى أنه كان مذهولاً تحت وقع الصدمة، فلم يقل أي كلمة ما عدا السؤال عن والديه اللذين أمكن إنقاذهما بعده، وبمجرد أن رآهما بدأ بالبكاء. هذا، وقال الأطباء إن عمران تعرض لجروح في الرأس، وتم علاجه قبل أن يخرج من المستشفى. أما المصور محمود رسلان (27 سنة) الذي صوّر عمران وهو في سيارة الإسعاف، فقال: «التقطت الكثير من صور الأطفال القتلى أو الجرحى جراء الغارات اليومية.. في العادة يفقدون وعيهم أو يصرخون، لكن عمران كان يجلس صامتا، يحدق مذهولا كما لو أنه لم يفهم أبدا ما حل به».
وأشار رسلان إلى أنه عند الساعة قرابة السابعة والربع (الرابعة و15 دقيقة مساء بتوقيت غرينتش) سمع دوي غارة وتوجه فورا إلى مكان القصف، لافتا إلى أن «الظلام كان قد حل لكنني رأيت مبنى دُمر بالكامل وقربه مبنى آخر مدمرا جزئيا»، في إشارة إلى المبنى حيث منزل عائلة عمران في حي القاطرجي.
وأوضح المصور في تصريح لقناة «سي إن إن» الأميركية أن عملية انتشال عمران استغرقت ساعة كاملة قبل أن ينتشل المسعفون بعده شقيقه (خمس سنوات) وشقيقتيه (ثماني و11 سنة) وبعدهم الأب والأم، وجميعهم أحياء.
وكما هو معروف، لم تتمالك كيت بولدوين، مذيعة شبكة «سي إن إن» نفسها لدى عرضها خبر انتشال عمران من تحت الأنقاض، وقد بدت صدمتها وتأثرها بالخبر واضحين في صوتها، ودخلت في حالة صمت لعدة ثوان قبل أن تستأنف قراءته. ووصفت المذيعة الأميركية المشهد قائلة إن الطفل الصغير (عمران) لم يبك ولم يذرف دمعة واحدة، وذلك لأنه في حالة صدمة وذهول، فبعد أن كان داخل منزله، فجأة يجد نفسه تائهًا وسط ويلات الحرب، وأضافت: «هذا هو عمران.. هو حي.. وأرادكم أن تعرفوا».
وتجدر الإشارة إلى أن الأحياء الشرقية التابعة لسيطرة الفصائل المعارضة في حلب تتعرض لغارات جوية أدت إلى مقتل المئات منذ عام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين أحياء شرقية وأخرى غربية تحت سيطرة قوات النظام. وترد الفصائل بقصف الأحياء الغربية بالقذائف.
ووفق رواية المصور رسلان: «كان علينا تخطي ثلاث جثث مع مسعفي الدفاع المدني قبل دخول المبنى (...) أردنا الصعود إلى الطابق الأول لكن الدرج انهار تماما». وإزاء ذلك، اضطروا للتوجه إلى مبنى ملاصق «وسحب أفراد عائلة عمران الواحد تلو الآخر من شرفة لشرفة». ويتابع رسلان الذي يظهر وهو يلتقط الصور بشريط فيديو مركز حلب الإعلامي: «عندما وضعوا عمران داخل سيارة الإسعاف، كانت الإنارة جيدة واستطعت التقاط الصور». ويوضح أن الطفل «كان تحت هول الصدمة لأن حائط الغرفة انهار عليه وعلى عائلته»، لافتا إلى أن والده وبعد إنقاذه رفض التقاط الصور أو الكشف عن شهرة العائلة. ووفق رسلان، فإن «هذا الطفل كما سائر أطفال سوريا هو رمز للبراءة ولا علاقة له بالحرب».
ولقد استنفر العالم أجمع بعد أن تحول «عمران الصغير» حدثا عالميا تصدر نشرات الأخبار. وفيما اعتبرت واشنطن أن عمران يمثل «الوجه الحقيقي للحرب»، قال المتحدث باسم الخارجية جون كيربي: «هذا الفتى الصغير لم يعرف يوما في حياته إلا الحرب، والموت والدمار والفقر في بلاده»، نفت وزارة الدفاع الروسية أنباء قالت إن وسائل إعلام غربية تناقلتها عن شن الطيران الروسي غارة على حي القاطرجي في حلب أدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. وادعى اللواء إيغور كوناشينكوف الناطق باسم وزارة الدفاع يوم أمس الجمعة تعليقا على الأنباء حول الغارة التي قيل إنها تمت يوم الأربعاء: «إننا شددنا أكثر من مرة على أن الطائرات التابعة للقوات الجوية والفضائية الروسية في سوريا، لا تستهدف أبدا أهدافا واقعة داخل المناطق المأهولة. وذلك يشمل حي القاطرجي الذي ذكرته وسائل الإعلام الغربية، وهو مطل على اثنين من الممرات التي تم فتحها في إطار العملية الإنسانية الروسية من أجل ضمان الخروج الآمن للمدنيين».
كذلك ادعى الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية أن ضباط مجموعات الرقابة التابعة للمركز الروسي المعني بمصالحة الأطراف المتنازعة، الموجودين في وسط حلب: «يسجلون يوميا عمليات قصف يشنها الإرهابيون بواسطة راجمات صواريخ يدوية الصنع، على كل الطرق والشوارع والمنازل السكنية القريبة من الممرات الإنسانية»، واعتبر أن «الإرهابيين يلجأون إلى هذه الوسيلة من أجل منع سكان أحياء حلب الشرقية الذين تحولوا عمليا إلى رهائن في أيديهم، من الحصول على أي مساعدة بما في ذلك المساعدات الطبية». وتابع كوناشينكوف زاعمًا أن «طابع الأضرار الذي تظهر في الفيديوهات حول عملية إنقاذ الطفل عمران، بما في ذلك حالة المبنى المجاور الذي ما زالت نوافذه سالمة، يؤكد أن الدمار ناجم ليس عن ضربة جوية، بل عن تفجير قذيفة أو أسطوانة غاز، علما بأن المتشددين يستخدمون أسطوانات الغاز بكثرة في عمليات القصف».
أما يان الياسون، نائب الأمين العام للأمم المتحدة، فقال تعليقا على صور عمران إن «العالم بأجمعه خذل سوريا والشعب السوري»، معتبرا أن هذا الطفل يمثل «المعاناة الحقيقية التي تمر بها سوريا والشعب السوري»، وأردف: «نحن نتحدث عن هذا الأمر أحيانا على أنه كابوس، لكن هذا أسوأ من كابوس، لأن الفرد يستيقظ من الكابوس ولكن في سوريا يستيقظون إلى كوابيس أكثر».
وأضاف المسؤول الأممي: «آمل أن هذه الصورة (صورة الطفل عمران) وصورا أخرى مثل صورة الطفل الان كردي وصور أخرى مثل الفتاة المحروقة في حرب فيتنام سيكون لها تأثير على الناس وعلى الحكومات وعلى الجميع الذين يمكنهم التأثير على الوضع على الأرض». ولفت المسؤول الأممي إلى أمله في أن تطبق الهدنة الإنسانية لمدة 48 ساعة ويطبقها جميع الأطراف على الأرض لتتمكن الأمم المتحدة من الوصول إلى الأشخاص الذين هم بأمس الحاجة إلى العناية.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.