عمران.. طفل أبكى العالم لكنه لم يبكِ رغم جراحه

عائلته تبحث عن مأوى بعد انهيار منزلها في غارات للنظام

الطفل عمران الذي أبكى العالم.. مع شقيقته داخل سيارة إسعاف بعد أن تم إنقاذهما من تحت الأنقاض (رويترز)
الطفل عمران الذي أبكى العالم.. مع شقيقته داخل سيارة إسعاف بعد أن تم إنقاذهما من تحت الأنقاض (رويترز)
TT

عمران.. طفل أبكى العالم لكنه لم يبكِ رغم جراحه

الطفل عمران الذي أبكى العالم.. مع شقيقته داخل سيارة إسعاف بعد أن تم إنقاذهما من تحت الأنقاض (رويترز)
الطفل عمران الذي أبكى العالم.. مع شقيقته داخل سيارة إسعاف بعد أن تم إنقاذهما من تحت الأنقاض (رويترز)

إلى كتلة من الركام تحولت حارة الطفل «عمران» في حي القاطرجي في حلب، غير أن أجزاء من منزله ما زلت صامدة، رغم تضرره بشكل كبير.
عمران صاحب الصورة الشهيرة، التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي، جلس على كرسي سيارة الإسعاف ينظر إلى كاميرا المصور السوري «ساروت الحلبي»، ويرمقها بنظرات تعلوها الحيرة والترقب، ويمسح عن وجهه الغبار والدماء محاولاً استيعاب ما جرى، قبل أن يأتي المسعف «عمار» بطفلين مصابين مثله إلى جانبه.
صحبنا المسعف «عمار» والمصور «ساروت الحلبي» في مركز حلب الإعلامي، إلى موقع الحادثة.. مبنى من خمسة طوابق سوي بالأرض تمامًا، بينما هدمت أجزاء من المباني المجاورة بشكل كبير، ومن بينها منزل «عمران». لم نجد عمران، ولا عائلته، أخبرنا الجيران أنهم ذهبوا للبحث عن مأوى لهم. يقول «ساروت» متحدثًا لـ«الشرق الأوسط»: «توجهت على فوري لحي القاطرجي، بعد أن أغارت عليه الطائرة، وعند وصولي أخبرني الأهالي أن ثلاثة أشخاص (استشهدوا)، فيما لا يزال آخرون عالقين تحت الأنقاض ووسط المباني المهدمة».
حي القاطرجي، أحد الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب، التي تتعرض هذه الأيام لقصف عنيف من قبل السلاح الجوي الروسي والتابع لنظام بشار الأسد، الأمر الذي يخلف عشرات القتلى والجرحى يوميًا. ويضيف ساروت: «عمران كان في منزله في الطابق الثاني، كان الوصول إليه صعبًا لأن الدرج كان مهدمًا، لكن فرق الدفاع المدني تمكنت من الوصول إليه من خلال التسلل من المبنى المجاور». وتابع حديثه: «كان عمران مضرجًا بالدماء عند وصوله سيارة الإسعاف، لا أدري كيف تمالكت نفسي وأنا ألتقط الصور له، شعرت أنه واحد من أفراد أسرتي».
أما عمار الذي اعتاد على مثل هذه المشاهد، كونه مسعفًا في منظومة الإسعاف التابعة لمجلس المحافظة، قال لـ«الشرق الأوسط»: «كان شعوري غريبًا، فهو يجمع بين الحزن والفرح، الحزن على الشهداء والمصابين والفرح لأنني تمكنت من إنقاذ أحد الأرواح». ويضيف: «أصيب عمران بثلاث شظايا، مما جعل الدماء تسيل من رأسه، لكنه رغم ذلك لم يبكِ ولم يصرخ، كان الذهول قد تمالكه بشكل جعله وكأنه فاقد لحواسه.. طفل مثل عمران لم يبلغ الخامسة من عمره ما ذنبه؟ ما الذنب الذي اقترفه حتى يصاب ويهجر هكذا؟». لا ندري ما هو السر الذي أنجى عمران، من موت كان يلوح إليه بيده.. طفل أبكى العالم لكنه لم يبكِ رغم جراحه.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.