التركمان والمسيحيون يستنكرون إقصاءهم من الحكومة العراقية ويستنجدون بالمجتمع الدولي

مصدر حكومي: طهران تسعى لإقصاء المكونات العراقية لتقوية نفوذها

التركمان والمسيحيون يستنكرون إقصاءهم من الحكومة العراقية ويستنجدون بالمجتمع الدولي
TT

التركمان والمسيحيون يستنكرون إقصاءهم من الحكومة العراقية ويستنجدون بالمجتمع الدولي

التركمان والمسيحيون يستنكرون إقصاءهم من الحكومة العراقية ويستنجدون بالمجتمع الدولي

أثار إقصاء حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للمكونين التركماني والمسيحي في تشكيلته الوزارية بعد التعديلات التي أجراها في إطار الإصلاحات مؤخرا، حفيظة هذين المكونين اللذين يعتبران إقصاءهما اعتداء يتكرر دائما على المكونات في العراق، وهددا باللجوء إلى طرق أخرى لنيل حقوقهما. بينما كشف مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن الجانب الإيراني يضغط على العبادي لإقصاء المكونات كافة من العملية السياسية.
وقال رئيس الجبهة التركمانية العراقية، أرشد الصالحي، لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن يكون للقومية التركمانية تمثيل في مجلس الوزراء العراقي، لكننا نرى أن حكومة العبادي تخطو خطوات تكاد أن تكون مدروسة من قبل أو لوجود ضغوطات إقليمية ودولية كبيرة عليه تهدف إلى عدم السماح بأن يكون هناك صوت قوي للتركمان داخل مجلس الوزراء، وذلك خشية من بحث قضايا داخل المجلس في مرحلة ما بعد (داعش)، والعبادي لا يريد أن يكون هذا الصوت موجودا، كي يعمل على الاتفاقيات السياسية بينه وبين الكتل الأخرى ببساطة».
ويرى الصالحي أن الإقصاء السياسي الذي يتعرض له التركمان هو استمرار لما تعرض له المكون من إبادة على يد تنظيم داعش، مشيرا بالقول: «نحن التركمان لدينا كثير من المشاكل في المناطق المتنازع عليها، وهذه المشاكل سُتبحث أولا في مجلس الوزراء. ويبدو أن رئيس الحكومة العراقية لا يريدنا أن نشارك في هذا الأمر»، مضيفا أن «ما بعد (داعش) هو الأخطر على المكون التركماني، لذلك التجأنا إلى الجهات الدولية، ومنها الولايات المتحدة الأميركية، وطلبنا منهم أن تكون هناك منطقة آمنة للتركمان، بدلا من إبقائنا هكذا تحت ضغط بغداد».
وليس التركمان الوحيدين الذين أُقصوا من مجلس الوزراء العراقي، بل يشاركهم في الإقصاء المكونات الدينية والعرقية الأخرى، ومنها المسيحيون. وفي السياق ذاته، تؤكد رئيسة كتلة تجمع الكلداني السرياني الآشوري في برلمان إقليم كردستان، وحيدة ياقو هرمز، أن «ليس هناك تعايش سلمي في العراق كما يُشاع عنه»، وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»: «نستنكر وندين ما أقدمت عليه الحكومة العراقية من إقصاء للمكون المسيحي من خلال حرمان هذا المكون من حقه في نيل حقيبة وزارية، وقد تعرضنا لهذا التهميش لعدة مرات من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة، لذا نحن نعتبر هذا التصرف اعتداء من قبل الحكومة علينا».
وأردفت هرمز بالقول: «ما أقدمت عليه بغداد من تهميش للمكونات هو عكس ما يُنشر في الإعلام ويروج له في الرأي العام العالمي دائما، الذي يشير إلى أن هناك تعايشا سلميا في العراق. لكن ما يجري على أرض الواقع مغاير لتلك المعلومات، الحقيقة أنه لا تعايش في العراق جراء ما تنفذه بغداد من خطوات ضد المكونات الأخرى».
بدوره، قال النائب الكردي في مجلس النواب العراقي، ريناس جانو: «بلا شك مراعاة حقوق ومصالح التركمان والمسيحيين والإيزيديين والمكونات الأخرى أمر ضروري ليس لحكومة العبادي فحسب، بل للحكومات العراقية كافة التي تأتي مستقبلا، لأن إهمال وتهميش هذه المكونات ستتسبب في انقسامات بين المكونات العراقية، لذا على الجميع الاستماع إلى أصوات المسيحيين والتركمان التي ارتفعت بسبب عدم حصولهم على الحقائب الوزارية في الحكومة الحالية». وطالب جانو المكونات في الوقت ذاته بمراعاة ما تتعرض له حكومة العبادي من ضغوطات كبيرة، خاصة من قبل الكتل السياسية الكبرى التي تطالب العبادي بعدد أكبر من الحصص، بعد إجرائه للتعديلات على الحكومة وتقليص عدد الوزارات في إطار حزمة الإصلاحات التي أطلقها. مبينا أن «العبادي يمكن أن يعوض هذه المكونات ويراعيها في الهيئات التي لا تقل أهمية عن الوزارات».
وتزامنا مع الانتقادات التي تتعرض لها حكومة العبادي من قبل المكونات، كشف مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في الحكومة العراقية، مفضلا عدم ذكر اسمه خشية التعرض للإقصاء من منصبه، أن «النظام الإيراني يضغط على حكومة العبادي من عدة جهات لتهميش المكونات العراقية، بما فيها المكون الكردي والسني أيضا من المشاركة من العملية السياسية وإقصائها تماما كما هو الحال في إيران، وملء حصص هذه المكونات بأشخاص تابعين لإيران في العراق لتقوية الوجود الإيراني من جهة ولتوسيع هذا النفوذ من جهة أخرى، بحيث لا تجد المشاريع التي تعمل عليها طهران في العراق أي معارضة داخل الحكومة مستقبلا».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.