جنون سفاح.. و«تهريج» مرشح

TT

جنون سفاح.. و«تهريج» مرشح

ضمن سياق مِهني، انتاب بعض مشاهير الإذاعيين في بريطانيا مزيج من غضب وذهول الأسبوع الماضي، فتساءل بعضهم بصوت مرتفع: كيف يُقال هكذا تهريج؟ أو لماذا وقع مثل هذا الاستغفال؟ في الحالة الأولى، بدا زعم دونالد ترامب بأن باراك أوباما هو مؤسس تنظيم داعش ضربًا من التهريج، إذ يُفترض أن يعقل مرشح الحزب الجمهوري للبيت الأبيض ما يقول، فلا يتسرّع برمي رئيس أميركا منذ ما يقرب من ثماني سنوات الآن، بحجر اتهام يبدو أقرب إلى الجنون منه لأي كلام عاقل.
الحالة الثانية أثارتها أقوال بشأن بيتر سَتْكلِف، الذي ارتبط اسمه بلقب «سفاح يوركشاير» منذ سنة 1981 بعدما أدين بقتل ثلاث عشرة امرأة، ومحاولة قتل سبع نساء أخريات، والذي يقضي عقوبته بمستشفى الأمراض العقلية. ما أثار الذهول هو اكتشاف أن سَتْكلِف غير مجنون، ولا يعاني أي خلل عقلي على الإطلاق، إنما ادعى الجنون كي يفلت من كآبة الحبس ويتمتع برفاهية سجن المستشفى، ومن ثمّ فإن دافع الضرائب استُغفِل فسدد نيابة عن المجرم ثلاثمائة ألف جنيه إسترليني سنويًا، هي نفقات إقامة تقترب من فاتورة فندق فخم، والأدهى أن محاولات عدة جرت بعد قضاء سَتْكلِف ثلاثين سنة في سجن المستشفى لإنهاء عقوبة الحبس المؤبد ضده، لولا أن حزم القضاء حال دون ذلك، وأتى وقف السلطات تسلم القاتل قبل أيام ساعة ثمينة قيمتها خمسة آلاف جنيه، ليصب مزيدًا من الغضب ويثير الذهول في الآن نفسه.
أهو جنون، أم ادعاء جنون؟ تهريج هو أم مجرد تهوّر في ترويج حملة انتخابية؟ كلاهما محتمل. إنما، من الجائز القول كذلك إن كلام دونالد ترامب بشأن تورط الرئيس أوباما في تأسيس تنظيم داعش يجب ألا يؤخذ بالمعنى الحَرفي، بل يجوز التأمل في ما رمى إليه المضمون. ردود الفعل المستهجنة لكلام ترامب، ذكرتني بمقال قديم لي نشرته «الشرق الأوسط» في عددها الصادر يوم الخميس الموافق للثالث من يوليو (تموز) 2014 تحت العنوان التالي: «سياسات أميركية أوصلت إلى (الخلافة) البغدادية». في هذا السياق، ليس من الضروري أن يجلس سياسي ما أو أكاديمي، مفكر أو داعية ديني، مبرمج كومبيوتر أو إعلامي، بين أعضاء مجلس إدارة تنظيم داعش كي «يتمتع» بسلطات أحد منهم، أو تُدفع لحسابه مخصصات أي منهم. كلا، يكفي أن يضع السياسي من السياسات، ويمارس في الواقع، ما يسهّل لتنظيم ما الوصول لأهدافه. والأرجح أنه لولا أخطاء سياسات إدارة أوباما في العراق وسوريا لما تمكن «داعش» من الوصول إلى الموصل بتلك السهولة.
ثم، يكفي أن ينفخ المُفتَرَض أنه أكاديمي محترم، أو المدعي أنه داعية ديني، أو الزاعم أنه مفكّر محايد، أو القائل إنه إعلامي وازن، في بوق ما يروج له أصحاب دعاوى باطل إزهاق الأرواح بغير الحق، كي يسجل التاريخ أن أولئك نفر من الناس أسهموا، سواء بمشيئة منهم أو بغيرها، في نهوض تنظيمات وأحزاب وجماعات راح زعماؤها يفسدون في الأرض بدل إعمارها، ويقتلون النفس عوض إحيائها، فما العجب إنْ قيل إن أولئك النفر شاركوا (أكرر: حتى لو لم يقصدوا) في وضع أسس نشوء تنظيمات الباطل وتطورها، أو الترويج لذلك المنهج الفاسد، وتمكينه من عقول شبان وشابات ضُلل بهم وبهن، فإذا بإجرام «داعش» وما انشق عنه، وما تفرع عن «القاعدة» الأم، ينتعش ويجوب الآفاق تحت أسماء ورايات عدة؟
هل جنون السفاح بيتر سَتْكلِف حقيقي، أم أنه نجح في ادعاء الجنون..؟! ليس ذلك هو المهم الآن. لقد حقق المجرم ما أراد، أشبع جنون مرض نفسه بقتل أنفس ضحاياه، ثم أمضى ما تبقى من عمره يستمتع بدفء سرير أبيض في سجن يحمل اسم مستشفى الأمراض العقلية. ما الذي سوف يفيد عائلات ضحاياه إذا نُقل الآن إلى أسوأ سجون بريطانيا وأُغلق عليه باب زنزانة انفرادية؟ لا شيء. ربّ قائل إن هذه سمات المجتمع المدني المتقدم، أي تصحيح الوضع الخاطئ بصرف النظر عن تقادم الزمن. صحيح. لكن ألم يكن الأفضل التيقن من قبل؟ ضمن المعنى نفسه، أما كان ممكنًا علاج جنون الإرهاب باسم الدين من المنابع، وتطويق فكر التطرف في العالمين العربي والإسلامي منذ عشرات السنين، فلا ينفتح طريق أمام «تهريج» المرشح ترامب، ولا تقوم قائمة لأي سفاح يفوق في الفظائع جنون سَتْكلِف البريطاني، والأفظع أنها تُرتكب باسم خالق الناس أجمعين، أرحم الراحمين؟ بلى، كان ذلك ممكنًا، ولا يزال.



كأس الملك: جدية الشباب في اختبار صعب أمام الفيحاء

لاعبو الشباب خلال التدريبات التحضيرية (نادي الشباب)
لاعبو الشباب خلال التدريبات التحضيرية (نادي الشباب)
TT

كأس الملك: جدية الشباب في اختبار صعب أمام الفيحاء

لاعبو الشباب خلال التدريبات التحضيرية (نادي الشباب)
لاعبو الشباب خلال التدريبات التحضيرية (نادي الشباب)

يتطلع فريق الشباب للمُضي قدماً نحو المنافسة بجدية أكبر على تحقيق لقب بطولة كأس الملك حينما يستضيف نظيره فريق الفيحاء في دور ربع نهائي البطولة الأغلى محلياً، في الوقت الذي يستضيف فيه الرائد نظيره الجبلين في يوم الاثنين ذاته.

وتستأنف مباريات المنافسات المحلية بعد توقف دام طويلاً بسبب مشاركة المنتخب السعودي في بطولة كأس الخليج العربي بنسختها السادسة والعشرين التي اختتمت في الكويت السبت.

ويستضيف الشباب نظيره الفيحاء وعينه على بداية حقبة مثالية تحت قيادة المدرب التركي المخضرم فاتح تريم، الذي حل بديلاً عن البرتغالي فيتور بيريرا، الذي فسخ عقده ورحل للتدريب في الدوري الإنجليزي خلال فترة التوقف.

وكان الشباب تحت قيادة المدرب بيريرا يقدم مستويات جيدة ويتصاعد في دائرة المنافسة رغم ابتعاده بصورة كبيرة عن المتصدر في الدوري السعودي للمحترفين، إلا أن الوقت لا يزال مبكراً للحكم على الفرق المنافسة، لكن المدرب فضل الرحيل بعد حصوله على عرض تدريبي في الدوري الإنجليزي، مشيراً إلى أن طموحاته منذ زمن بعيد هي التدريب في الدوري الإنجليزي.

رحلة الشباب في الكأس بدأت بلقاء الخلود حينما نجح في تحقيق الفوز بثلاثية مقابل هدف، في اللقاء الذي جمع بينهما بمدينة الرس، قبل أن يعبر الشباب نظيره فريق الرياض بثنائية نظيفة ويبلغ دور ربع النهائي لتقوده القرعة لمواجهة نظيره فريق الفيحاء.

فاتح تريم سيستهل مشواره مع الشباب في كأس الملك (نادي الشباب)

واستغل فريق الشباب فترة التوقف الماضية للدوري السعودي والمنافسات المحلية، وأقام معسكراً تدريبياً خارجياً في قطر، لعب خلاله عدداً من المباريات الودية، حيث فاز في مباراته الودية أمام ضمك، وخسر لقاءه أمام الخليج.

ويطمح تريم، المدرب التركي الذي يمتلك منجزات كبيرة على صعيد الكرة التركية، أن يضع بصمته مع فريق الشباب، خاصة مع التصاريح التي أطلقها عن قدرته على تحقيق ذلك مع الشباب، إذ يسعى لقيادة فريقه لتجاوز الفيحاء والعبور نحو نصف النهائي، للاقتراب بصورة أكبر من المنافسة بجدية على اللقب.

من جانبه، يطمح فريق الفيحاء لتجاوز كل السلبيات التي أحاطت بالفريق الفترة الماضية ويواصل مشواره في البطولة الأغلى محلياً، حينما يلاقي نظيره فريق الشباب، ورغم الطموحات الكبيرة للفيحاء الذي توج باللقب قبل عامين من الآن فإنه يصطدم برغبة الشباب الجادة للمنافسة على اللقب.

يشترك الفيحاء مع الشباب بعدم الاستقرار في الجهاز الفني والدخول باسم جديد بعد فترة التوقف الحالية، إذ أعلن الفيحاء تعاقده مع البرتغالي بيدرو إيمانويل لخلافة اليوناني كونتايس الذي تم إنهاء العلاقة التعاقدية معه بسبب تراجع نتائج الفريق.

ويقبع الفيحاء في مركز متأخر في الدوري السعودي للمحترفين، إذ يحضر في المركز قبل الأخير برصيد 8 نقاط، ويتراجع بصورة كبيرة على صعيد النتائج والأداء.

جانب من تدريبات الفيحاء (نادي الفيحاء)

رحلة الفيحاء في بطولة الكأس بدأت بمواجهة الباطن وتجاوزه برباعية نظيفة في دور الـ32، قبل أن يكمل رحلته بالعبور نحو دور ربع النهائي بتجاوز فريق العربي، القادم من دوري الدرجة الأولى، بهدف وحيد دون رد.

وفي مدينة بريدة، يستضيف فريق الرائد نظيره الجبلين، القادم من دوري الدرجة الأولى، وهو الفريق الوحيد الذي سجل حضوره في الدور المتقدم من البطولة، وتبدو الطموحات كبيرة بين الجانبين، خاصة الرائد الذي يطمح للمُضي قدماً نحو الدور القادم من البطولة.الرائد الذي يتولى قيادته البرازيلي أودير هيلمان بدأ رحلته في البطولة بتجاوز فريق جدة بهدفين دون رد في دور الـ32 من البطولة، قبل أن يكمل رحلته بتجاوز النجمة بهدف وحيد دون رد.

يتذبذب مستوى فريق الرائد هذا الموسم بين التميز والتراجع، إلا أن طموحاته تبدو كبيرة في بلوغ مرحلة متقدمة من البطولة الأغلى محلياً، إذ يحاول تجاوز ضيفه فريق الجبلين، والمُضي نحو دور نصف النهائي.

الجبلين الذي يسجل حضوره وحيداً بين فرق دوري الدرجة الأولى في دور ربع النهائي، يحاول تحقيق مُنجز كبير ببلوغ دور نصف النهائي، رغم صعوبة المهمة؛ كون المواجهة تقام خارج أرضه.

«الجبلين» الذي يتولى قيادته المدرب البرتغالي مندوسا حقق مفاجأة كبيرة في البطولة حتى الآن بتجاوز فريق الفتح أولاً بدور الـ32 بعد فوزه بثنائية نظيفة، قبل أن يكمل رحلته ويسقط فريق الاتفاق الذي يتولى قيادته الإنجليزي ستيفن جيرارد بنتيجة 3 - 1، ويواصل حضوره في البطولة وسط طموحات كبيرة ببلوغ الدور القادم.