الذكاء الصناعي يجتاح وادي السيلكون.. «على أجنحة وعجلات»

طفرة كبرى في الاستثمار واجتذاب المواهب

روبوت شركة «بوسا نوفا روبوتيكس» للتدقيق في المنتجات
روبوت شركة «بوسا نوفا روبوتيكس» للتدقيق في المنتجات
TT

الذكاء الصناعي يجتاح وادي السيلكون.. «على أجنحة وعجلات»

روبوت شركة «بوسا نوفا روبوتيكس» للتدقيق في المنتجات
روبوت شركة «بوسا نوفا روبوتيكس» للتدقيق في المنتجات

لأكثر من عقد من الزمان، كان المستثمرون ورجال الأعمال في وادي السيلكون مهووسين بالاستثمار في شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف المحمولة، وهي الشبكات والتطبيقات التي تساعد الناس في أمور، مثل العثور على أصدقاء جدد، أو استدعاء سيارة أجرة إلى باب المنزل، أو المراجعة الجماعية الخارجية لمنتج من المنتجات أو فيلم من الأفلام.
والآن عثر المستثمرون ورجال الأعمال في وادي السيلكون على هاجسهم الجديد، وهو من النوع الذي لا يحمل زر «أعجبني» على غرار «فيسبوك».

عصر الذكاء الصناعي

يدور العصر الجديد داخل وادي السيلكون حول نظم الذكاء الصناعي والروبوتات، وهو التحول الذي يعتقد الكثيرون أنه سيأتي بمردود كبير على مستوى صناعة الكومبيوترات الشخصية أو شبكة الإنترنت التجارية، وهما الجيلان السابقان من قطاعات الأعمال التي نشرت الكومبيوترات والحوسبة على مستوى العالم. فلقد بدأت الكومبيوترات الآن في التحادث والاستماع والرؤية، إلى جانب اتخاذها أجنحة وسيقان وعجلات للمضي قدما في مجالات غير مقيدة في العالم الواقعي.
وظهر هذا التحول المقصود جليا في متجر لاو Lowe للتحسينات المنزلية خلال الشهر الماضي، حيث انطلق روبوت التدقيق في المنتجات، وهو من تطوير وإنتاج شركة «بوسا نوفا روبوتيكس»، في هدوء عبر ممرات المتجر باستخدام تقنية الرؤية الحاسوبية، وبدا وبصورة تلقائية في تنفيذ المهام التي ظل الإنسان العادي يؤديها يدويا لقرون عدة من الزمان.
والروبوت الجديد، الذي كان ماهرا بدرجة كافية للتحرك بشكل مستقل بعيدا عن طريق المتسوقين وتفادي العقبات غير المتوقعة في طريقه عبر ممرات المتجر، كان ينبه الناس بوجوده من خلال أصوات لطيفة تشبه أصوات الطيور. وكان ينطلق عبر ممرات المتجر بسرعة لطيفة، ويمكنه التعرف إلى الأرقام المرمزة للمنتجات على الأرفف، كما أنه يستخدم أشعة الليزر لمعرفة أي المنتجات التي نفدت من المعروض.
ويزداد تركيز المستثمرين ورجال الأعمال في وادي السيلكون على مجال الذكاء الصناعي بوفرة مالية ملحوظة. ويضم المجال الآن ما يقرب من 19 شركة تعمل على تصميم السيارات والشاحنات ذاتية القيادة، بعدما كان عددها لا يتجاوز خمس شركات قبل بضعة أعوام. كما أن هناك أكثر من ستة أنواع من الروبوتات المتحركة، بما في ذلك «الروبوت النادل» والطائرات من دون طيار (الدرون)، التي يجري تسويقها تجاريا الآن.

طفرة كبرى

يقول مارتن هيتش، المدير التنفيذي لشركة «بوسا نوفا»، التي تتخذ من مدينة سان فرانسيسكو مقرا لها: «رأينا تقدما بطيئا في الاستثمارات في مجال الروبوتات. وفجأة، حدثت الطفرة – فهناك نحو عشر شركات تحاول تأمين الاستثمارات الكبرى بهدف التركيز على تقنيات محددة للروبوتات».
وقد ارتفع تمويل شركات الروبوتات الناشئة بأكثر من أربعة أضعاف وصولا إلى 681 مليون دولار في عام 2015 من واقع 145 مليون دولار في عام 2011، وفقا لمؤسسة «سي بي إنسايتس» المعنية بأبحاث السوق. وتقدر المؤسسة البحثية، أن تبلغ الاستثمارات الجديدة مبلغ 1.2 مليار دولار خلال العام الحالي، ارتفاعا بنسبة 76 في المائة عن العام الماضي.
يقول جين هسون هوانغ، المدير التنفيذي لشركة «نفيديا» التي تعمل في مجال صناعة الرقاقات؛ والتي تأسست بهدف صناعة معالجات الغرافيك لألعاب الفيديو، ولكنها حولت مجال أعمالها بشكل حاسم نحو تطبيقات الذكاء الصناعي في العام الماضي: «كلما كانت هناك فكرة جديدة، يستحوذ عليها وادي السيلكون على الفور. ولكن يتعين علينا انتظار الأفكار الجديدة، ولا تأتينا تلك الأفكار في كل يوم على أي حال».
على النقيض من ذلك، ارتفع التمويل لشركات التواصل الاجتماعي الناشئة في عام 2011 قبل أن يشهد انخفاضا ملحوظا. وفي هذا العام، استحوذت شركات رأس المال الاستثماري على 66 في المائة من صفقات شركات التواصل الاجتماعي، وضخت ما يصل إلى 2.4 مليار دولار في هذه الصناعة. وحتى الآن لم يشهد العام الحالي سوى 10 صفقات فقط في مجال التواصل الاجتماعي بقيمة إجمالية بلغت 6.9 مليون دولار، وفقا لمؤسسة «سي بي إنسايتس» المعنية بأبحاث السوق. وفي الشهر الماضي، بيع موقع التواصل الاجتماعي المهني (لينكدإن) إلى شركة «مايكروسوفت» مقابل 26.2 مليار دولار؛ مما يؤكد على أن التواصل الاجتماعي قد أصبح من قطاعات سوق الأعمال الناضجة.

ذكاء شبكي

حتى كبريات شركات التواصل الاجتماعي في وادي السيلكون تحاول في الوقت الراهن الدخول في مجال الذكاء الصناعي، على شاكلة ما تفعله شركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى. وتستخدم شركة «فيسبوك» الذكاء الصناعي في تحسين منتجاتها. وستتنافس شركة «غوغل» في القريب مع منتجات «إيكو» من «أمازون» و«سيري» من «أبل»، وهي منتجات تعتمد بالأساس على تكنولوجيا الذكاء الصناعي، وذلك من خلال جهاز جديد يستمع إلى أوامرك في المنزل، ويجيب عن أسئلتك، وينفذ أوامر الشراء على مواقع التجارة الإلكترونية. ظهر ساتيا ناديلا، المدير التنفيذي لشركة «مايكروسوفت» مؤخرا في مؤتمر «أسبن للأفكار» ودعا إلى الشراكة بين البشر وأنظمة الذكاء الصناعي التي تُصمم فيها الآلات والماكينات بهدف تحسين حياة البشر.
أسست شركات صناعة السيارات معسكرا في وادي السيلكون هي الأخرى لمعرفة كيفية صناعة السيارات التي تقوم بواجبات القيادة بدلا عنك. وتزعم كل من شركات التكنولوجيا والسيارات بأن المجسات القوية للغاية وبرمجيات الذكاء الصناعي ستمكن السيارات من القيادة الذاتية بضغطة زر واحدة بحلول نهاية هذا العقد، على الرغم من حوادث سيارات شركة «تيسلا» الأخيرة التي أثارت التساؤلات حول السرعة التي يجب من خلالها استبدال الإنسان بالتكنولوجيا تماما في مجال قيادة السيارات.
يؤسس عهد الذكاء الصناعي الجديد في وادي السيلكون لمقدرة المنطقة التكنولوجية على إعادة اكتشاف ذاتها، والمتابعة السريعة لآخر التوجهات التكنولوجية الجديدة.
يقول بول صافو، المحلل التكنولوجي ذائع الصيت وعضو هيئة التدريس في جامعة «سينغيولاريتي»: «يعد هذا هو جوهر ثقافة المنطقة التكنولوجية الأميركية، الذي يعود على طول الطريق وحتى حمى البحث عن الذهب. لقد شيد هذا الوادي اعتمادا على فكرة أنه هناك دائما وسيلة للبدء من جديد والعثور على بداية جديدة».
ولقد حفز هذا التغيير إلى اندفاع الكثير من المواهب نحو مجال الذكاء الصناعي، الذي أصبح مفعما بالكثير من الوجوه الجديدة. ويقول ريتشارد سوشر، كبير العلماء في شركة «سيلزفورس» لصناعة البرمجيات والذي يحاضر كذلك في جامعة ستانفورد، في دورة علمية حول أساليب الذكاء الآلية بعنوان «التعلم العميق»: «إنه أمر غير مقبول؛ إذ يحاول البعض إخراج الطلاب من تعليمهم الجامعي وهم في منتصف الطريق لأنهم يعرفون الشيء القليل حول الصناعة الجديدة».

تباين الآراء

تتباين الآراء حول المدى الذي يمكن أن يذهب إليه الذكاء الصناعي الحديث. وبالنسبة لبعض خبراء التكنولوجيا، فإن التقدم التقني اليوم يؤسس الطريق ويمهده لإنتاج ماكينات فائقة الذكاء ستحظى في القريب بمستوى ذكاء العقل البشري.
وعلى الرغم مما تقدم، فإن وادي السيلكون قد شهد بالفعل بعض البدايات الخاطئة في مجال الذكاء الصناعي من قبل، ففي فترة الثمانينات من القرن الماضي، اعتقدت مجموعة مبكرة من رجال الأعمال أن الذكاء الصناعي يعتبر موجة المستقبل الحديث؛ مما أدى إلى فورة في شركات الذكاء الصناعي الناشئة آنذاك. وكانت منتجاتهم تمثل قيمة ضئيلة في عالم الأعمال وقتها، وبالتالي انتهى حماس الأعمال التجارية بخيبة أمل كبيرة؛ مما أدى إلى فترة يشار إليها الآن بمسمى «شتاء الذكاء الصناعي». والعودة الحالية لتلك التكنولوجيا لن تشهد المصير نفسه، كما يقول الكثير من المستثمرين الذين يعتقدون أن الإمكانات الاقتصادية من حيث الكفاءات الجديدة وتطبيقاتها تتمتع بالقوة الكافية للابتكار والاستمرار. وتقول شيفون سيليز، المستثمرة الناشئة في «بلومبيرغ بيتا» والمتخصصة في شركات الذكاء الصناعي الناشئة: «ليست هناك من فرصة لشتاء تكنولوجي جديد في هذا المجال».
*خدمة «نيويورك تايمز»



أحدث نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة من مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024»

يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
TT

أحدث نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة من مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024»

يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

انطلقت قبل قليل فعاليات مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» Microsoft Ignite 2024 من مدينة شيكاغو الأميركية، الذي يستمر إلى نهاية الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني). وحصلت «الشرق الأوسط» على نظرة استباقية حول «عملاء الذكاء الاصطناعي» AI Agents، ونذكرها في هذا الموضوع.

بداية، تتوجه «مايكروسوفت» نحو تبني الذكاء الاصطناعي على صعيد أوسع في جميع خدماتها، وذلك من خلال ما يعرف بـ«عملاء الذكاء الاصطناعي» و«كوبايلوت» Copilot لتسريع عمليات الشركات والموظفين وتطوير البرامج والتحول إلى الذكاء الاصطناعي على جميع الصعد.

يمكن إيجاد «عميل ذكي» بكل سهولة باستخدام اللغة البشرية

مَن هم «عملاء الذكاء الاصطناعي»؟

«عملاء الذكاء الاصطناعي» هي أدوات لأتمتة الأعمال اليومية بذكاء باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن تطويرها بسهولة كبيرة وباستخدام النصوص البشرية وليس البرمجية. ويمكن لـ«العملاء» الرد على استفسارات الزبائن عبر الإنترنت بشكل آلي طوال الوقت وتنظيم الجداول المالية والبحث في آلاف الوثائق عن إجابة محددة للزبون، ومن ثم اتخاذ الإجراءات التالية آلياً أو رفعها إلى المستخدم ليعالج الحالات الخاصة يدويا. ويمكن تلخيص تعريف هذه الأدوات على أنها تطبيقات المستقبل المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

قدرات فائقة

ويستطيع «العملاء الأذكياء» مراجعة سجل منتجات الشركة وتحليلها وتلخيصها للمهتمين الذين يرسلون رسائل البريد الإلكتروني إلى الشركة للاستفسار عن منتج أو خدمة محددة، أو الذين يسألون عن ذلك عبر نظام الدردشة في موقع الشركة. ويمكنها كذلك إكمال سلسلة العمل لدى طلب منتج ما وإصدار وإرسال فاتورة الشراء إلى الزبون وطلب استلام المنتج من شركة التوصيل ومتابعة حالة الطلب، دون أي تدخل من المستخدم.

كما يمكنهم البحث في ملفات الشركة الموجودة في SharePoint أو في مجلدات خاصة فيها، والإجابة عن أسئلة الموظفين أنفسهم، مثل سؤال موظف: «ما عدد المنتجات التي تم تسليمها في آخر أسبوعين؟» أو «ما هو إجراء طلب نقل موظف إلى فرع آخر؟»، ليجيب «العميل الذكي» وكأن المتحدث يدردش مع خدمة ذكاء اصطناعي تقليدية، وبالأسلوب نفسه.

تحويل النصوص لغاتٍ مختلفة

ويستطيع بعض «العملاء» تحويل النصوص بين اللغات المختلفة في اجتماعات برنامج «تيمز» ومحاكاة صوت المستخدم ونبرته وتحويلها لغة أخرى بشكل مباشر دون أن يشعر أي شخص بذلك، ليستطيع المشاركون التحدث بلغات العالم وكسر حواجز اللغة بينهم خلال الاجتماعات والتركيز على المسائل المهمة في كل اجتماع. ويستطيع البعض الآخر حل المشاكل التقنية في كومبيوترات المستخدمين. ويستطيع البعض الآخر مساعدة المستخدم في ترتيب جدول أعماله، حيث يمكنه ملاحظة أن اجتماعاً ما قد تجاوز مدته المطلوبة، ليقوم بإعادة جدولة الاجتماع التالي آلياً، أو تلخيص رسائل البريد الإلكتروني غير المقروءة التي وصلت المستخدم خلال اجتماعه وذكر نقاط العمل التالية لكل رسالة.

هذا، وتمت إضافة «العملاء الأذكياء» إلى شبكة «لينكدإن» LinkedIn لمساعدة مديري التوظيف في العثور على الموظفين ذوي المهارات المناسبة وبكل سهولة.

كيفية إعداد «عميل ذكي»

ويمكن إعداد «عميل ذكي» جديد بشكل سهل وباستخدام اللغة البشرية، مع وضع تسلسل العمليات المطلوبة («مثل البحث عن المعلومة، ومن ثم الإجابة عن السؤال، ومن ثم إرسال بريد إلكتروني في حال طلب المستخدم ذلك، أو تحويل الطلب إلى شخص محدد في حال عدم العثور على المعلومة»، وغيرها) وتفعيل «العميل الذكي» فوراً.

ولا يحتاج المستخدم إلى أي خبرة برمجية لإعداد «عميل ذكي» جديد، وكأنه وثيقة نصية جديدة في برنامج «وورد» أو جدول حسابات في «إكسل». يكفي إعداد آلية العمل وكتابة ما الذي ينبغي القيام به في «مايكروسوفت 360 كوبايلوت» لبدء العمل.

برامج «تفهم» المستقبل الذكي

ويمكن للمطورين استخدام خدمة «أزور إيه آي إغنايت» Azure AI Agent Service لدمج «العملاء الأذكياء» مع نصوصهم البرمجية للحصول على برامج متقدمة مدعمة بالذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى كتابة نصوص برمجية معقدة مرتبطة بلغات الذكاء الاصطناعي، حيث يستطيع «العملاء الأذكياء» فهم وإدراك السياق الذي تعمل فيه وتقوم بتقسيم العمل أجزاء وخطوات عدّة والعمل على كل منها وإكمالها بشكل سريع وأكثر كفاءة مما سابق.

كما سيستطيع «العملاء الأذكياء» تقييم المخاطر وخفضها أو تجاوزها وتقديم تقارير الأداء ومتابعة تنفيذ التوصيات، مع وجود الإشراف البشري على الخطوات الأخيرة للتأكد من دقتها وصحتها وضمان عدم حدوث أي خطأ قد يتسبب بضرر على سير العمل.