إجراءات سودانية لتفادي الحظر الأميركي على صادرات الذهب

يتوقع أن يرتفع إلى مائة طن بنهاية العام

أحمد صالح الكاروري وزير المعادن السوداني وعبد الرحمن حسن محافظ  البنك المركزي في حفل تسلم كميات الذهب الذي أنتجته شركة سودامين أمس الأول بالخرطوم («الشرق الأوسط»)
أحمد صالح الكاروري وزير المعادن السوداني وعبد الرحمن حسن محافظ البنك المركزي في حفل تسلم كميات الذهب الذي أنتجته شركة سودامين أمس الأول بالخرطوم («الشرق الأوسط»)
TT

إجراءات سودانية لتفادي الحظر الأميركي على صادرات الذهب

أحمد صالح الكاروري وزير المعادن السوداني وعبد الرحمن حسن محافظ  البنك المركزي في حفل تسلم كميات الذهب الذي أنتجته شركة سودامين أمس الأول بالخرطوم («الشرق الأوسط»)
أحمد صالح الكاروري وزير المعادن السوداني وعبد الرحمن حسن محافظ البنك المركزي في حفل تسلم كميات الذهب الذي أنتجته شركة سودامين أمس الأول بالخرطوم («الشرق الأوسط»)

اتخذت الحكومة السودانية إجراءات لتفادي الحظر الأميركي على صادرات الذهب الذي بلغ إنتاجه 45 طنا خلال ستة أشهر، يتوقع أن يرتفع إلى مائة طن بنهاية العام، حيث تعاقدت لشراء مصفاة ومصنعين للذهب من تركيا ومعامل من بريطانيا، ليصبح المنتج المحلي ذا مواصفات عالمية، تمكن من عرضه وبيعه في البورصات والأسواق الدولية مباشرة.
وشرعت وزارة المعادن في تنفيذ خطة حكومية شاملة لتحصين القطاع وعائداته من آثار أي استهداف محتمل من الولايات المتحدة الأميركية، التي فشلت العام الماضي هي وبريطانيا في تمرير قرار يقضي بحظر تصدير الذهب المنتج في السودان والاستثمار فيه، بحجة أنه نتاج حروب وصراعات، إلا أن تدخل الصين وروسيا وعدد من الدول بالإضافة إلى الدبلوماسية السودانية حال دون تنفيذ القرار، لكن المخاوف ما زالت قائمة بطرح الأمر مجددا العام المقبل.
وفي حين احتفلت وزارة المعادن أمس بالخرطوم بتسليم كميات كبيرة من الذهب المنتج من الأهالي والشركات إلى بنك السودان تمهيدا لتصديره في إطار برنامجها لرفع إنتاجية البلاد إلى مائة طن، حصلت «الشرق الأوسط» على خطة عمل الفريق المكلف لتفادي الحظر المتوقع على الذهب السوداني، متضمنة الوضع الراهن لإنتاج الذهب في السودان، والدور الذي يلعبه في تغيير موازين القوى الاقتصادية، حيث استطاع أن يساهم بنسبة كبيرة في تجاوز صدمة انفصال جنوب البلاد، كما يعول عليه بأن يصبح أهم مصادر النقد الأجنبي، وشملت الخطة تحليل وتقييم الوضع الراهن وحساسيته وتحديد نقاط الضعف والقوة والسياسات الواجب استحداثها تعديلها.
وركزت الخطة على تفعيل دور الدبلوماسية الرسمية والشعبية وكسب تأييد الدول المؤثرة في مجلس الأمن، والتي تمتلك حق استخدام الفيتو مثل روسيا والصين، والعمل على زيادة حجم الاستثمارات الروسية في قطاع التعدين وجذب الاستثمارات الصينية مما يشجع الدولتين على حماية مصالحهم الاقتصادية في السودان ومناهضة أي قرار بحظر تصدير الذهب، وتقوية الترابط الاقتصادي مع التكتلات الاقتصادية الإقليمية مثل الكوميسا والمنطقة العربية الحرة وضمان الموقف الإيجابي من قبل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، والدخول في اتفاقيات ثنائية مشجعة لبيع الذهب من البورصة المرتقبة للذهب والمعادن لدول الخليج وتحديدًا السعودية التي تمتلك احتياطيا كبيرا من الذهب والإمارات التي تمتلك بورصة للذهب هي الأهم في الإقليم، وإجراء دراسات اقتصادية متعمقة عبر بيوت خبرة عالمية أو وطنية أو مشتركة لقياس أثر الذهب على المواطن السوداني، والتأكيد من خلال هذه الدراسات أنه بعيد كل البعد عن مواقع النزاعات ولا تستخدم عائداته في الحروب، وإسراع الخطى في تنفيذ البرنامج الخماسي وتنويع مصادر النقد الأجنبي، والاكتفاء الذاتي كأولوية ثم الاستعداد لبناء احتياطي مُقدر من الذهب ليكون داعما أساسيا للاستقرار الاقتصادي.
وكشف التقرير عن وجود احتياطيات مقدرة من المعادن النفيسة والنادرة في واقع يشهد نضوب هذه المعادن في كثير من الدول المماثلة بل والعالم أجمع، وتبني الوزارة سياسات مرنة لاستقطاب الاستثمار الدولي من دول كثيرة تحرص على نمو حصتها من قطاع المعادن السوداني ورغبتها في عدم تضرر مصالحها مثل الصين وروسيا، والمحافظة على حقوق الامتياز للمستثمرين وتقنين أوضاع المستثمرين وإجازة قانون تنمية الثروات المعدنية واللوائح المصاحبة له وحمايته بشرطة نظامية، وطبيعة المعادن النقدية من حيث الحجم وسهولة نقلها وتسييلها وإمكانية تشكيلها وتحويلها بما يسمح بتداولها بمرونة، وتطوير الخبرات الوطنية في مجالات البحث والاستكشاف والتعدين والمعالجة واطلاعهم على مختلف ضروب التقنية المستخدمة في ذلك، وتكافؤ الفرص في مجالات تقنية المعادن والتعدين بين أقطاب السياسة العالمية وعدم وجود احتكار للجهات المعادية على هذه التقنيات، وطبيعة صناعة التعدين ووجودها الجغرافي في دول العالم الثالث ما وفر خبرات وكفاءات من تلك الدول.
وتوقعت خطة فريق عمل السودان أن تكرر الولايات المتحدة الأميركية محاولة حظر الذهب وإضافة بند يتعلق بالعقوبات الإدارية عبر حظر المتعاملين في إنتاج الذهب السوداني تعدينًا وشراءً، كما يتوقع أن تقوم حملة منظمة بغرض تشويه سمعة الذهب السوداني وخلق حالة من عدم اليقين وإعلاء الإحساس بالمخاطرة من الاستثمار في التعدين في السودان، مما يتطلب تكامل الجهود المشتركة بين وزارة المعادن ووزارة الخارجية والأجهزة المختصة والجهات الأخرى المتعلقة بهذا الأمر لوضع الأمور في نصابها، والتعامل مع كل الاحتمالات المتوقعة بالحيطة والحذر.
وكان الدكتور أحمد محمد صالح الكاروري وزير المعادن السوداني قد صرح لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده تعول على التعدين في حل مشاكل الاقتصاد السوداني الذي يعاني عجزا وتدهورا كبيرين بسبب الحصار والحظر الأميركي، معتبرا أن تحقيق السودان للمرتبة الثانية في إنتاج الذهب بعد جنوب أفريقيا الأولى عالميا، يعتبر الطريق الأقصر لذلك، إلى جانب تحويلات المغتربين السودانيين البالغ عددهم نحو خمسة ملايين سوداني، مشيرا إلى أن نسبة مساهمة قطاع الذهب في الناتج المحلي للدولة بلغ 3.4 في المائة بمعدل نمو 10.3 في المائة، موضحا أن بلاده تزخر بثروات معدنية ضخمة سيتم استغلالها وعرضها للاستثمار للشركات العالمية.
ويبلغ عدد الشركات العاملة في الذهب في السودان 349 شركة منها 149 شركة امتياز و152 شركة تعدين صغيرة و48 شركة لمخلفات التعدين.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».