تركيا تحدد رؤيتها للحل في سوريا: لا كيانات طائفية ولا بقاء للأسد

جاويش أوغلو يطالب واشنطن بإخراج المقاتلين الأكراد من منبج

سكان من الأحياء القديمة من مدينة حلب يتفحصون الدمار الذي أصاب منطقتهم بعد استهداف الطيران الحربي لها، أمس (رويترز)
سكان من الأحياء القديمة من مدينة حلب يتفحصون الدمار الذي أصاب منطقتهم بعد استهداف الطيران الحربي لها، أمس (رويترز)
TT

تركيا تحدد رؤيتها للحل في سوريا: لا كيانات طائفية ولا بقاء للأسد

سكان من الأحياء القديمة من مدينة حلب يتفحصون الدمار الذي أصاب منطقتهم بعد استهداف الطيران الحربي لها، أمس (رويترز)
سكان من الأحياء القديمة من مدينة حلب يتفحصون الدمار الذي أصاب منطقتهم بعد استهداف الطيران الحربي لها، أمس (رويترز)

اقترح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم خريطة طريق للحل السياسي في سوريا تقوم على ثلاثة محاور قائلا إن الحل في سوريا اقترب. وحدد يلدريم في لقاء مع صحيفة «قرار» التركية نشرته، أمس الاثنين، ثلاث خطوات في إطار الخطة المقترحة تتمثل في حماية الحدود وعدم السماح بإقامة دولة يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وعودة اللاجئين المقيمين في دول الجوار إلى بلدهم بعد تحقيق الحل النهائي.
وأوضح يلدريم أن الحل يرتكز على الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. وبالتالي فإنه لا يمكن أن يتم الحديث عن إقامة دولة قوية في سوريا في ظل وجود حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في شمال سوريا.
وتصنف تركيا حزب الاتحاد الديمقراطي، وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب الكردية، كتنظيمين إرهابيين وتعتبرهما امتدادا لمنظمة حزب العمال الكردستاني.
وأوضح يلدريم أنه في المرحلة الجديدة لن يتم إنشاء دولة تستند على سيادة أحد المكونات المذهبية أو العرقية أو الإقليمية. بمعنى أنه سيتم تأسيس دولة ستقضي على الأعمال الدموية التي تشهدها سوريا في الوقت الراهن. وقال: إنه متى تشكلت في سوريا دولة لا تستند إلى مذهب معين، فهذا يعني أن الأسد لن يكون له وجود في مستقبل سوريا.
وسبق أن أكدت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، أن «تركيا لن تقبل بوجود الأسد أو تقيم علاقات معه، وإنما قد تقبل باستمراره في مرحلة انتقالية قصيرة». لكن التصريحات التي صدرت عن المسؤولين الأتراك في الفترة الأخيرة والتقارب مع موسكو وطهران الداعمتين للنظام السوري أوحت بأن هناك توجها للانفتاح على نظام بشار الأسد، فيما ألقت تصريحات يلدريم في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية، السبت، حول انتظار مفاجأة في الملف السوري، ستارا من الغموض حول موقف أنقرة في المرحلة المقبلة.
ودفعت هذه التصريحات بالكثير من المحللين إلى توقع حدوث اختراق في العلاقات بين أنقرة ونظام الأسد في ظل الحديث عن وحدة سوريا والتأكيد عليها، على اعتبار أن دعمه في مواجهة فصائل المعارضة والتيارات الانفصالية سيدعم وحدة سوريا كما كانت عليه قبل الأزمة.
لكن يلدريم حسم الجدل حول الصيغة التي ستتعامل بها تركيا مع الأزمة السورية في المرحلة المقبلة، وأكد أن بلاده ستعمل على تخطي المشاكل بالتعاون مع الدول المحورية في المنطقة. وأشار إلى أنه يجب على تركيا الاستفادة في سياستها الخارجية تجاه الملف السوري من التحسن الذي سجلته في علاقاتها مع روسيا وإسرائيل.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف زار أنقرة الجمعة، وأجرى مباحثات مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو والتقى الرئيس رجب طيب إردوغان إلى جانب لقائه رئيس الوزراء بن علي يلدريم.
واستحوذ الملف السوري على جانب كبير من مباحثات ظريف في أنقرة إلى جانب التعاون في مكافحة الإرهاب والعلاقات الثنائية مع تركيا، وجاءت زيارته بدعوة من نظيره التركي بعد 3 أيام فقط من زيارة إردوغان لروسيا ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرسبورغ شمال روسيا، والذي بدأ بعده مباشرة التحرك الفوري لإنشاء آلية ثلاثية من جيشي البلدين وجهازي المخابرات ووزارتي الخارجية للتنسيق بشأن سوريا، وأعلنت أنقرة استعدادها للقيام بعمليات عسكرية ضد «داعش» في سوريا بالتنسيق مع موسكو.
وركز الرئيس التركي في مباحثاته مع نظيره الروسي على مسألة الدعم الذي تقدمه روسيا لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، لافتا إلى أن موسكو فتحت له ممثلية، وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن موسكو أبدت تفهما للموقف التركي في هذا الصدد.
وانعكس التفهم الروسي في إغلاق ممثلية الاتحاد الوطني الديمقراطي، مقابل إغلاق تركيا معبر باب الهوى على الحدود مع سوريا والذي ترى روسيا أنه كان يستخدم لعبور الأسلحة والمتشددين إلى إدلب شمال سوريا.
في السياق نفسه، حث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الولايات المتحدة على الوفاء بوعودها بشأن انسحاب عناصر الحزب الديمقراطي المنضوية تحت قوات سوريا الديمقراطية من مدينة منبج، شمالي سوريا بعد أن تم تحريرها من قبضة تنظيم داعش.
وقال جاويش أوغلو عقب زيارة قام بها أمس لرئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو في مقر الحزب بالعاصمة أنقرة: «هناك وعود قطعتها الولايات المتحدة ورئيسها أوباما بشأن انسحاب عناصر الحزب المنضوية تحت قوات سوريا الديمقراطية من منبج إلى شرقي نهر الفرات عقب انتهاء العمليات، وننتظر من الولايات المتحدة أن تفي بوعدها، ونواصل اتصالاتنا بهذا الخصوص».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.