إما الابتكار أو الموت.. كلية فنون ليبرالية أميركية تتطلع لزيادة عائداتها

عميدة كلية ترينيتي: نسعى لبناء واقع ديموغرافي ومالي جديدين لتغطية نفقاتنا

يستمتع نحو 40 في المائة من الطلاب المحتاجين بمنح دراسية تقدمها الكلية مما يؤثر على هامش ربح الكلية (واشنطن بوست)
يستمتع نحو 40 في المائة من الطلاب المحتاجين بمنح دراسية تقدمها الكلية مما يؤثر على هامش ربح الكلية (واشنطن بوست)
TT

إما الابتكار أو الموت.. كلية فنون ليبرالية أميركية تتطلع لزيادة عائداتها

يستمتع نحو 40 في المائة من الطلاب المحتاجين بمنح دراسية تقدمها الكلية مما يؤثر على هامش ربح الكلية (واشنطن بوست)
يستمتع نحو 40 في المائة من الطلاب المحتاجين بمنح دراسية تقدمها الكلية مما يؤثر على هامش ربح الكلية (واشنطن بوست)

تتطابق مواصفات كلية ترينيتي، أو كلية الثالوث، مع نوع معين من مدارس الفنون الليبرالية الموجودة في كثير من المناطق على امتداد الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية. يعود تاريخ المدرسة لعام 1823، حيث صممت مبانيها على الطراز القوطي (طراز مميز من العمارة الأوروبية انتشر في أواخر القرون الوسطى)، ناهيك بسمعتها العريقة.
وباستيعابها نحو 2300 طالب، تسعى الكلية التي تقع بمنطقة هارفارد بولاية كونيتيكيت الأميركية، إلى ضمان أعداد صغيرة بالفصول الدراسية، ليسهل على الطلاب استيعاب الدروس والتعمق فيها، وتكوين روابط وثيقة بين الزملاء والأساتذة.
تتطلع البروفسور جوان بريغر سويني، عميدة كلية ترينيتي منذ عام 2014، إلى تحقيق ذلك، وفي نفس الوقت تسعى إلى تغير نمط إدارة الكلية الخاصة بشكل كلي. تعتقد جوان أنه يتعين على كليات الفنون الليبرالية تبني واقع ديموغرافي ومالي جديدين، إذ يرى الكثيرون أن هناك حدودًا للمصروفات المفروضة على الطلاب، من أجل تغطية النفقات التي تتطلبها الكلية.
وقالت سويني خلال زيارتها الأخيرة لمجلة «واشنطن بوست»: «من المهم أن تكون فطنًا ومرنًا»، مضيفة: «لكن في الواقع، نحن لسنا مؤسسة فطنة ولا مرنة».
تحتل كلية ترينيتي المرتبة الـ43 في قائمة كليات الفنون الليبرالية الوطنية بالولايات المتحدة، وتبلغ الرسوم الدراسية للطالب 52.760 دولار أميركي في العام، لا تشمل غرفة المعيشة والطعام. يستمتع نحو 40 في المائة من الطلاب المحتاجين بمنح دراسية تقدمها الكلية، ويبلغ متوسط قيمة المنحة للطالب الواحد نحو 40 ألف دولار سنويًا. كذلك يتلقى عدد قليل من الطلاب غير المحتاجين منحًا دراسية تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات للطالب الواحد كل عام، مما يؤثر على هامش الربح المفترض أن تجنيه الكلية.
إذن كيف تستطيع كلية ترينيتي زيادة عائداتها؟ يشعر القائمون على الكلية بالقلق من أن زيادة أعداد الطلاب الملتحقين قد تتسبب في تغير شخصية ونمط الكلية. «سوف يكون من الصعب تطوير نوعية التعليم في ضوء زيادة الأعداد»، وفق سويني.
غير أن التوسع في برنامج الماجستير أصبح خيارًا، إذ تقدم الكليات هذه الدرجات في الدراسات الأميركية، واللغة الإنجليزية، والسياسة العامة، والعلوم العصبية.
من المقرر أن تتوسع الكلية في برامج الدوارات الصيفية للطلاب الجدد، ويشمل ذلك إقامة المعسكرات الصيفية، ومن المتوقع أن تتوسع الكلية كذلك في استخدام كنيستها التاريخية في مراسم حفلات الزفاف وغيرها من المناسبات العامة. ومن المتوقع أن تفتح الكلية باب التقديم للطلاب في يناير (كانون الثاني)، للاستفادة من المقاعد التي تتوافر في فصل الخريف عند سفر الطلاب للخارج. وأضافت مديرة الكلية أنه يتعين على الكلية الانتباه إلى أن عددًا متزايدًا من الطلاب قد يتقدم بطلب لإيقاف القيد «لعدة سنوات» أو «لعدة فصور دراسية»، قبل أن يعاودوا الدراسة مجددًا على غرار ما فعلته ماليًا، ابنة الرئيس أوباما، مما يؤثر على المصروفات الدراسية أيضًا.
وكما هو الحال في جميع الكليات الخاصة، تعتبر التبرعات أمرًا ضروريًا، فقد بلغ إجمالي قيمة المنح المقدمة لكلية ترينيتي العام الماضي نحو 560 مليون دولار.
تقدم كلية ترينيتي دورات دراسية عن طريق الإنترنت، إذ إن الكلية عضو في اتحاد «إي دي إكس»، مجموعة معاهد دراسية يقودها معهد ماسيتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة هارفارد، التي تقدم دورات دراسية ضخمة عن طريق الإنترنت من دون مقابل. ويستطيع الدارسون عن بعد ممن يتطلعون للالتحاق بتلك الدورات الحصول على شهادة معتمدة بعد سداد مصروفات رمزية. من بين الدورات المفتوحة على الإنترنت التي تقدمها كلية ترينيتي دورة «العقل اليقظ»، ودورة «رحلة الطريق الفلسفي»، و«حوسبة أبل المتنقلة».
وأفادت بريغر سويني بأن الدورات الدراسية عن طريق الإنترنت قد اجتذبت جمهورًا كبيرًا، وساعدت الكلية على التواصل مع شريحة كبيرة من الخريجين، «وهو ما أسعدنا كثيرًا»، بحسب سويني، مضيفة أن «ذلك عزز وجودنا على الإنترنت».
وتصف سويني الكلية بأنها «كلية فنون ليبرالية ذات نبض حضري»، حيث تقع في عاصمة ولاية كونيتيكيت، وتوفر للطلاب فرصًا للانخراط في مجتمع المدينة والحكومة وصناعة التأمين.
ومن الملاحظ أنها شهدت تغييرًا كبيرًا تحت قيادة سويني. ففي سبتمبر (أيلول)، أصدرت سويني قرارًا بتحويل النوادي الاجتماعية والأندية النسائية إلى جمعيات مختلطة.
وفي أكتوبر (تشرين الأول)، انضمت الكلية لحركة الاختبار الاختياري، مما أدى إلى إلغاء اختبار اللغة الإنجليزية «سات» و«أكت» الذي يتطلب معدل درجات محددة شرطًا للالتحاق بالكلية. وأفادت سويني بأن «الاختبار الاختياري» سهل من إجراءات الالتحاق بالكلية، حيث اختار نحو 40 في المائة من الطلاب ألا يخضعوا لاختبار النقاط، وهي نسبة أعلى مما توقعه مسؤولو الكلية، مما جعل سويني تعلق بقولها: «شكل لنا ذلك مفاجأة كبيرة».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.