سوريا: الاحتفالات تعم منبج بعد تحريرها.. وضمها إلى الفيدرالية الكردية قيد النقاش

عناصر «داعش» أفرجوا عن المعتقلين الذين اتخذوهم دروعًا بشرية بعد وصولهم إلى جرابلس

سوري من بلدة منبج يساعد صديقه في حلق لحيته بعد تحريرها من تنظيم {داعش} بواسطة قوات سوريا الديمقراطية (رويترز)
سوري من بلدة منبج يساعد صديقه في حلق لحيته بعد تحريرها من تنظيم {داعش} بواسطة قوات سوريا الديمقراطية (رويترز)
TT

سوريا: الاحتفالات تعم منبج بعد تحريرها.. وضمها إلى الفيدرالية الكردية قيد النقاش

سوري من بلدة منبج يساعد صديقه في حلق لحيته بعد تحريرها من تنظيم {داعش} بواسطة قوات سوريا الديمقراطية (رويترز)
سوري من بلدة منبج يساعد صديقه في حلق لحيته بعد تحريرها من تنظيم {داعش} بواسطة قوات سوريا الديمقراطية (رويترز)

عمّت الاحتفالات مدينة منبج الواقعة في محافظة حلب بشمال سوريا بعيد إعلان الميليشيات الكردية المقاتلة في المنطقة السيطرة بشكل كامل على المدينة التي كان قد احتلها تنظيم داعش في العام 2014. واكتملت فرحة الأهالي هناك مع إفراج التنظيم الإرهابي المتطرف يوم أمس عن مئات اتخذهم دروعًا بشرية خلال عملية انسحاب ما تبقى من عناصره يوم الجمعة من حي السرب الواقع وسط منبج إلى مدينة جرابلس الحدودية مع تركيا والمنطقة المحيطة بها في ريف حلب الشمالي الشرقي، وتعد جرابلس من أبرز معاقله المتبقية في الشمال السوري.
غير أن تحرير منبج على أيدي ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري، إشكالية سياسية كبرى تتعلق بمسألة ضمها إلى «الفيدرالية» التي أعلنها الأكراد الانفصاليون قبل فترة في الشمال السوري والتي من المنتظر أن ينطلق العمل بها بشكل رسمي قريبا، كما أكّدت مصادر كردية مطلعة لـ«الشرق الأوسط». وحسب هذه المصادر الكردية «بعد تحرير منبج لم يعد هناك ما يؤخر إعلانها رسميًا».
من ناحية ثانية يرى نواف خليل، رئيس المركز الكردي للدراسات، أن «القضية الأساسية حاليًا تكمن بتنظيف مخلفات (داعش) من المدينة»، مشيرًا في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى الألغام، والعمل على إعادة المدنيين إليها والذين فاق عددهم أخيرا 170 ألفا. وتابع: «أما موضوع ضم منبج للإدارة الذاتية فغير مطروح.. إنما ما يمكن البحث فيه انضمامها إليها، باعتبار أنه لا يمكن فرض مسألة كهذه على أهالي المدينة أو غيرها من المدن التي تحرّرها سوريا الديمقراطية»، واعتبر خليل أن «أهالي منبج يعون ويقدرون تماما مَن حرّرهم ومَن يستطيع حمايتهم، وسيتخذون قرارهم على هذا الأساس». ثم أضاف: «على كل حال كان هناك ممثلون عن المدينة شاركوا في وضع العقد الاجتماعي الذي سيُعتمد أساسيا للنظام الفيدرالي».
في هذه الأثناء، واصلت الميليشيات المنتمية لـ«مجلس منبج العسكري» تمشيط أحياء المدينة، علما بأنها كانت قد انطلقت في هذه العمليات في السادس من الشهر الحالي بعيد تحرير معظم الأحياء من حصار «داعش» في وسط المدينة. وأشار أحد القياديين الأكراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «بعض المدنيين عادوا إلى الأحياء التي فرغنا من تمشيطها تنظيفها، وبالطبع لن يكون هناك أي مانع من عودة كل المدنيين إلى منازلهم مع انتهاء عملياتنا، خاصة أن حجم الألغام التي خلّفها التنظيم كبير جدا، وتقوم مجموعات هندسية متخصصة بتفكيكها». وأردف أن «قوات المجلس توزعت عند كل مفاصل المدنية وفي المفارق الرئيسية بمحاولة لرصد عناصر للتنظيم مبعثرين داخلها، وقرروا البقاء فيها لأسباب معينة». واستطرد «لا نعرف كم ستستلزم من الوقت عودة كل السكان لكننا نبذل كل طاقتنا لتسريع هذه العملية». وللعلم، كان عدد سكان منبج قبل اندلاع الأزمة في سوريا يتخطى 400 ألف غير أن القسم الأكبر منهم نزح إلى المناطق والبلدات المحيطة منذ احتلها «داعش»، فيما ترك الآخرون منازلهم مع انطلاق الحملة العسكرية لتحريرها نهاية شهر مايو (أيار) الحالي.
ومن جهتها، قالت نوروز كوباني، من المكتب الإعلامي لـ«وحدات حماية المرأة» الكردية YPJ إن عملية تمشيط مدينة منبج، وكذلك بلدات الريف مستمرة، لافتة إلى أن «البحث عن انتحاريين تركهم التنظيم ليفجروا أنفسهم بالمدنيين أو بقوات مجلس منبج يجري وبدقة في ظل احتمال أن يكونوا مختبئين». وأوضحت نوروز في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المجلس المدني المكوّن من أبناء وعشائر منبج والذي تشكل قبل انطلاق العملية العسكرية لتحريرها، هو الذي سيتولى إدارتها».
وفي هذه الأثناء، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن تنظيم داعش أطلق سراح مئات المدنيين غداة أخذهم دروعا بشرية أثناء خروج مقاتليه من مدينة منبج الجمعة. وشرح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن أنه «بعد وصول قافلة تنظيم داعش إلى جرابلس وريفها، بات مئات المدنيين بحكم الأحرار»، بينما أكد مصدر كردي أنه «تم إطلاق سراح البعض وتمكن آخرون من الفرار على الطريق» إلى جرابلس شمالا. وكون مدينة منبج تحظى بأهمية استراتيجية؛ إذ إنها تقع على خط إمداد مهم للتنظيم يمتد من الحدود التركية إلى معقله بمدينة الرقة، يقول صالح مسلم، الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، إنه «بعد تحرير منبج، لن يتمكن مسلحو تنظيم داعش من السفر بسهولة إلى أوروبا».
هذا، ونشر ناشطون أكراد عشرات الصور ومقاطع الفيديو أظهرت خروج سكان منبج من المواقع التي كان «داعش» يحتجزهم فيها إلى الشوارع. وبدا هؤلاء في غاية السعادة، إذ أطلقت النسوة الزغاريد، وعمد الشبان إلى قص لحاهم في وسط الطرقات، في حين ظهر عدد من كبار السن وهم يعانقون عناصر القوات الذين حرروا المدينة ويذرفون دموع الفرح. وكانت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، التي عملت الولايات المتحدة على تشكيلها وإعدادها، قد واجهت خلال أكثر من شهرين من المعارك مقاومة شرسة من عناصر التنظيم المتطرف الذين لجأوا إلى زرع الألغام وتفجير السيارات، فضلا عن احتجاز المدنيين لإعاقة تقدمهم. وتُعد منبج الخسارة الأبرز لـ«داعش» على يد الميليشيات الكردية التي كانت قد طردته بدعم أميركي من مناطق عدة في شمال سوريا وشمال شرقها منذ تأسيسها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.



«الصحة العالمية»: 21 مليون يمني معرّضون للإصابة بالملاريا

الفيضانات أوجدت مواقع إضافية لتكاثر البعوض (الأمم المتحدة)
الفيضانات أوجدت مواقع إضافية لتكاثر البعوض (الأمم المتحدة)
TT

«الصحة العالمية»: 21 مليون يمني معرّضون للإصابة بالملاريا

الفيضانات أوجدت مواقع إضافية لتكاثر البعوض (الأمم المتحدة)
الفيضانات أوجدت مواقع إضافية لتكاثر البعوض (الأمم المتحدة)

حذرت منظمة الصحة العالمية من أن 21 مليون يمني معرَّضون للإصابة بالملاريا. وقالت: «إن الأمطار الغزيرة والفيضانات الناتجة عنها التي شهدتها البلاد أخيراً، ألحقت أضراراً بالغة بالبنية التحتية، وأغرقت الشوارع والمنازل، وخلقت مواقع لتكاثر البعوض، ما زاد من خطورة تفشي المرض وحمى الضنك».

ووفق بيان وزّعه مكتب المنظمة في اليمن، «فإن سوء الصرف الصحي أدى إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، بعد أن خلقت المياه الراكدة الناتجة عن الفيضانات مواقع لتكاثر البعوض. وهذا بدوره زاد من خطر تفشي الملاريا وحمى الضنك، في حين أدى انخفاض الوصول للمياه النظيفة إلى دفع الناس إلى تخزين الإمدادات المتاحة في حاويات داخل منازلهم، وهو ما أدى إلى إنشاء مواقع إضافية لتكاثر النواقل».

ثلثا سكان اليمن يعيشون في مناطق موبوءة بالملاريا (الأمم المتحدة)

ووصفت المنظمة اليمن بأنه «من بين ست دول في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، توجد فيها مناطق ذات انتقال مرتفع للملاريا، وتمثل غالبية حالات الملاريا في شبه الجزيرة العربية».

وذكر البيان أن تقرير الملاريا العالمي «يقدِّر أن أكثر من 21 مليون شخص في اليمن معرَّضون لخطر الإصابة بالملاريا، كما تُعدّ حمى الضنك، التي تتداخل مع الملاريا في المناطق الموبوءة، مشكلة صحية عامة رئيسية».

ومنذ بداية هذا العام، طبقاً لما أوردته «الصحة العالمية»، أبلغ اليمن عن مليون حالة مشتبه بها من الملاريا و13739 حالة مشتبهاً بها بحمى الضنك.

وقالت المنظمة: «إن العوامل المناخية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية في المناطق الساحلية الغربية من اليمن تجعلها عرضة للانتشار بشكل خاص، وأن التقلبات الجوية الأخيرة، بما في ذلك الأمطار، أسهمت في انتشار الأمراض المنقولة، مما يعرِّض المجتمعات الضعيفة للخطر».

تعاون للمكافحة

وأفادت منظمة الصحة العالمية بأنها «تعاونت، بدعم من عمليات الحماية المدنية والمساعدات الإنسانية الأوروبية، مع وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية، والبرنامج الوطني لمكافحة الملاريا، في تنفيذ حملة رش اليرقات، من 19 إلى 24 سبتمبر (أيلول) الماضي، بالتعاون مع السلطات المحلية وأعضاء المجتمع. وقد استفاد منها أكثر من 4 ملايين شخص في محافظات المحويت، وعمران، وحجة، والحديدة، وصنعاء».

وفي حين حددت المناطق التي تحتوي على مواقع تكاثر البعوض، بما في ذلك المستنقعات والبِرك وضفاف الوديان والخزانات المفتوحة والحُفر، بوصفها أولوية للتدخل، أشار المسح الأولي إلى 4664 قرية ووادياً للتدخل المحتمل.

يمنيون يكافحون البعوض بإحراق إطارات السيارات (فيسبوك)

ووفق المسح، جرى تأكيد 1160 منطقة منها على أنها بيئات تكاثر إيجابية، إذ كانت محافظة الحديدة الأعلى تركيزاً، حيث شكلت 48 في المائة من جميع المناطق المستهدَفة. ومن بين مواقع تكاثر البعوض الإيجابية، كانت 58 في المائة منها طبيعية، و42 في المائة من صُنع الإنسان.

ووفقاً لـ«الصحة العالمية»، «تزداد نسبة المواقع التي صنعها الإنسان سنوياً، وغالباً ما يكون ذلك بسبب بناء حواجز مائية وتجفيف مياه الوادي لاستخراج الرمال التجارية». كما حددت الحملة مواقع تكاثر البعوض في المناطق المتضررة من الفيضانات، والتي جرت السيطرة عليها بعد ذلك عن طريق الإزالة الدائمة والصرف، أو إدارتها من خلال استخدام مثبطات نمو الحشرات.

مراقبة مستمرة

وأكدت منظمة الصحة العالمية أن مواقع التكاثر الدائمة للبعوض في اليمن «تخضع للمراقبة المستمرة والتنسيق القطاعي المعزّز من خلال المبادرات المجتمعية، والتعاون مع السلطات المحلية ذات الصلة. وإن العمل التشاركي، الذي يشمل المجتمعات المحلية والقطاعات المختلفة، أمر بالغ الأهمية في السيطرة على تفشي المرض».

وأوضحت المنظمة أن هذه الحملة «جسدت التعاون الناجح، حيث لعبت السلطات المحلية والمبادرات المجتمعية دوراً رئيسياً في التخطيط والتنفيذ، وتغطية منطقة جغرافية واسعة».

اليمنيون يواجهون أزمة صحية وتردياً في الخدمات الطبية منذ الانقلاب الحوثي (أ.ف.ب)

وقالت: «إن التعاون المستمر مع السلطات المحلية وأعضاء المجتمع أمر ضروري لتعزيز دورهم في السيطرة على مصادر التكاثر ومنع مصادر جديدة وحماية المجتمعات، وعدم ترك أي شخص خلف الركب».

وأشارت «الصحة العالمية» إلى «أن الصراع الدائر في اليمن أثّر بشدة على المجتمعات في جميع أنحاء البلاد، ما أدى إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والتحديات الصحية».

وذكرت «أن نظام الرعاية الصحية في اليمن، الذي يعاني أحد أعلى معدلات انتشار الأمراض على مستوى العالم، أصبح منهَكاً، كما أن الفقر وظروف المعيشة القاسية يزيدان من تعريض صحة ورفاهية ملايين الأشخاص للخطر».