غارات أميركية جديدة في سرت وسقوط راديو «داعش»

الناطق باسم قوات حكومة السراج لـ «الشرق الأوسط»: لا قوات دولية على الأرض

مقاتل من «البنيان المرصوص» يجهز بندقيته أمام قاعة واغادوغو بمدينة سرت (إ.ب.أ)
مقاتل من «البنيان المرصوص» يجهز بندقيته أمام قاعة واغادوغو بمدينة سرت (إ.ب.أ)
TT

غارات أميركية جديدة في سرت وسقوط راديو «داعش»

مقاتل من «البنيان المرصوص» يجهز بندقيته أمام قاعة واغادوغو بمدينة سرت (إ.ب.أ)
مقاتل من «البنيان المرصوص» يجهز بندقيته أمام قاعة واغادوغو بمدينة سرت (إ.ب.أ)

نفى العميد محمد الغصري الناطق الرسمي باسم غرفة عمليات البنيان المرصوص التي تشنها قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني الليبية التي يترأسها فائز السراج ضد تنظيم داعش في مدينة سرت، وجود قوات بريطانية أو إيطالية خاصة تشارك في القتال الدائر في المدينة منذ مطلع شهر مايو (أيار) الماضي.
وقال الغصري لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة عبر الهاتف «طلبنا رسميا من سلاح الجو الأميركي المشاركة في قصف مواقع تابعة للتنظيم المتطرف وأعلنا عن ذلك في وسائل الإعلام، وليس لدينا ما نخفيه». ولفت إلى أن إيطاليا نفت أيضا على لسان كبار مسؤوليها وجود أي قوات خاصة تابعة لها في مدينة سرت، مشيرا إلى أن الذين يقاتلون تنظيم داعش على الأرض هم من عناصر القوات الليبية، على حد قوله. وكشف الغصري النقاب عن شن الطائرات الأميركية بالإضافة إلى سلاح الجو التابع لغرفة البنيان المرصوص غارات جوية أمس على مواقع تابعة لتنظيم داعش، لكنه امتنع عن الإفصاح عن المزيد من التفاصيل. وقال الغصري إن اشتباكات دارت أمس في الحي رقم 3 في سرت، لافتا إلى أن عناصر التنظيم المتطرف باتت محاصرة في الحيين رقم 1 و2 فقط داخل المدينة. وكان المركز الإعلامي لقوات حكومة السراج قد وزع أمس صورا فوتوغرافية تظهر رفع علم ليبيا على المؤسسات المحرّرة في ‏سرت، موضحا أن قواته بسطت سيطرتها على مبنى إذاعة مكمداس الخاصة (مراقبة المحاسبة سابقا) بعد عمليات تمشيط واسعة للمناطق التي سيطرت عليها مؤخرًا.
ولفت إلى أن مبنى الإذاعة يعتبر أحد أهم المراكز الإعلامية التابعة لـ«داعش» بمدينة سرت ويقع بالقرب من مجمع قاعات واغادوغو، مشيرا إلى أن عناصر التنظيم كانت قد اقتحمت المبنى وسيطرت عليه في فبراير (شباط) من العام الماضي، وبثت من خلاله كلمة لأميرها أبو بكر البغدادي وخطبًا لأبى محمد العدناني الناطق باسم «داعش»، كما بثت في أول أيام سيطرتها على الراديو خطبا ودروسا لتركي البنعلي، والذي يُعدّ من الشخصيات البارزة لدى «داعش».
وتشن قوات حكومة السراج حملة عسكرية من شهر مايو الماضي لاستعادة السيطرة على مدينة سرت الواقعة على البحر المتوسط على بعد 450 كيلومترا شرق العاصمة الليبية طرابلس، بينما تقوم الطائرات الأميركية بطلب من حكومة السراج بضرب مواقع لتنظيم داعش منذ مطلع الشهر الجاري.
وتحدثت تقارير صحافية غربية وأميركية عن مشاركة قوات بريطانية وإيطالية خاصة إلى جانب القوات التابعة للسراج، لكن السلطات الإيطالية والبريطانية نفت هذه المعلومات، فيما اعترفت الولايات المتحدة بإرسال عناصر عسكرية أميركية محدودة للمشاركة في الحرب على تنظيم داعش داخل الأراضي الليبية. إلى ذلك، أعلن متظاهرون في سلسلة مظاهرات في إقليم برقة في شرق ليبيا، رفضهم مجددا لمخرجات حوار الصخيرات والمجلس الرئاسي لحكومة السراج المقترحة والتي لم تنل ثقة البرلمان.
وقالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن المتظاهرين في مدن بنغازي والمرج والبيضاء وطبرق، أكدوا على دعمهم لقوات الجيش الذي يقوده الفريق خليفة حفتر في حربه ضد الإرهاب، ورفض المبعوث الأممي لدى ليبيا مارتن كوبلر وطالبوا بطرده من ليبيا لانحيازه للجماعات الإرهابية. في غضون ذلك، أعلن الجيش الليبي بقيادة حفتر عن قصف مدرسة الظهر الحمر التي يستخدمها المتطرفون في درنة مقرا لهم، مشيرا إلى أن القصف أدى إلى تدمير عدد من الآليات ومصرع عدد كبير من المتطرفين. وقال مسؤول إعلامي بمجموعة عمليات عمر المختار لتحرير درنة إن مصادر خاصة من داخل مستشفى الهريش، أكدت أن الخسائر كانت فادحة في صفوف الجماعات الإرهابية.
وكان آمر المجموعة العميد كمال الجبالي قد التقى رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح بوصفه القائد الأعلى للجيش الليبي، حيث أطلعه على سير العمليّات العسكرية في درنة التي تعتبر المعقل الرئيسي للمتطرفين في شرق ليبيا منذ سنوات. من جهة أخرى، ذكر تقرير صحافي في إيطاليا أن أجهزة الاستخبارات الليبية عثرت على إشارات عن وجود مقاتلين تابعين لتنظيم (داعش) في محيط مدينة ميلانو الإيطالية. وأوضحت صحيفة «كوريير ديلا سيرا» الإيطالية الصادرة أمس أنه تم العثور في مخابئ التنظيم في مدينة سرت الليبية على وثائق تحوي أسماء وخطط هجوم، وأضافت أن السلطات الليبية أبدت استعدادها لتسليم الأسماء إلى السلطات الإيطالية.
كانت حكومة الوفاق الوطني الليبية مدعومة بميليشيات تمكنت قبل أيام قليلة من الاستيلاء على مناطق واسعة من مدينة سرت معقل تنظيم داعش. وذكرت الصحيفة أنه يجري حاليا تجميع وفك رموز الملاحظات والأوراق المكتوبة بخط اليد التي تم العثور عليها والتي طالت النيران جزءا منها.
وتتضمن الوثائق أيضا معلومات عن دور قادة «داعش». وتابعت الصحيفة أن عشرات، إن لم يكن مئات من المقاتلين من أنصار «داعش»، أخذوا طريقهم صوب أوروبا وأول محطة في هذه الرحلة هي إيطاليا، وذكرت أن الكثير من هؤلاء يتوجهون إلى أوروبا على متن قوارب المهربين بين أعداد كبيرة من الناس اليائسين. تجدر الإشارة إلى أنه منذ بداية العام الحالي وصل إلى السواحل الإيطالية
نحو 95 ألف لاجئ على متن قوارب، ووفقا لتقديرات الوكالة الأوروبية لحماية الحدود (فرونتكس) فإن هذا العدد وصل في يوليو (تموز) الماضي وحده إلى 25 ألفا و300 لاجئ بارتفاع بنسبة 12 في المائة مقارنة بنفس الشهر من 2015 ويتحدر أغلب المهاجرين غير الشرعيين من نيجيريا وإريتريا.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.