غضب شعبي في الموصل بسبب تصريحات المحافظ عن «جهاد النكاح»

العاكوب نفى إساءته لنساء المدينة لكنه أكد أن المواليد مجهولة النسب مشكلة

تحضيرات في مخمور تحسبا لموجة نزوح كبيرة من الموصل بعد انطلاق معركة تحريرها (رويترز)
تحضيرات في مخمور تحسبا لموجة نزوح كبيرة من الموصل بعد انطلاق معركة تحريرها (رويترز)
TT

غضب شعبي في الموصل بسبب تصريحات المحافظ عن «جهاد النكاح»

تحضيرات في مخمور تحسبا لموجة نزوح كبيرة من الموصل بعد انطلاق معركة تحريرها (رويترز)
تحضيرات في مخمور تحسبا لموجة نزوح كبيرة من الموصل بعد انطلاق معركة تحريرها (رويترز)

في حين نفى محافظ نينوى نوفل العاكوب إساءته لنساء الموصل خلال كلمة له في بغداد بمؤتمر العمليات النفسية والإعلامية لهزيمة «داعش» بسبب ما تم تداوله عن استخدامه مصطلح «جهاد النكاح» الذي تسبب بولادة أطفال غير معروفي الأب، فقد أثارت كلمته غضبا عارما في الأوساط السياسية والاجتماعية الموصلية.
وهاجم ائتلاف متحدون الذي يتزعمه أسامة النجيفي بعنف محافظ نينوى نافيا أن يكون هناك «جهاد نكاح» في مدينة الموصل على الإطلاق أو «أطفال مجهولو النسب بسبب جهاد النكاح»، عادّا ما قاله العاكوب يأتي في سياق كونه يعبر عن «حقيقته»، على حد وصف البيان.
وفي حين هاجم نواب وسياسيون آخرون من أهالي الموصل المحافظ، فإن الأخير نفى أن يكون قد أساء لنساء الموصل، في معرض حديثه خلال المؤتمر الدولي الثاني للعمليات النفسية والإعلامية لهزيمة (داعش)، مشيرا إلى أن «الخصوم السياسيين يريدون إسقاطه بهذه الطريقة غير النظيفة». وقال بيان صدر عن مكتب العاكوب إن «ما تم تداوله في بعض مواقع التواصل الاجتماعي المدفوعة الثمن من قبل أطراف سياسية مناوئة للمحافظ عارية عن الصحة ومحاولة للتسقيط السياسي وتشويه الحقائق»، مشيرا إلى أنه «وفي سياق معالجة الآثار المترتبة على احتلال (داعش) ذكر المحافظ النساء المختطفات والمغتصبات والولادات التي حصلت طوال العامين السابقين، وأن الدواعش المجرمين من الجنسيات المختلفة ممن قاموا بالاغتصاب إما أنهم قتلوا أو أنهم هربوا وأن مشكلة هؤلاء النسوة والأطفال بحاجة للعلاج».
وأضاف البيان أن ضحايا جرائم الاختطاف والاغتصاب في نينوى تجاوز عددهن ثلاثة آلاف امرأة وأنه «على فرضية أن المرأة المغتصبة أنجبت طفلا واحدا خلال السنتين الماضيتين فإن عدد الولادات ليست أقل من ثلاثة آلاف طفل مجهول النسب»، مشيرا إلى أن «هذه حقيقة الأمر ولم يذكر المحافظ الولادات الشرعية لأهالي نينوى من الزواج القانوني والمعلن والمعروف الأبوين».
وفي هذا السياق، أكدت عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى، انتصار الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «تنظيم داعش ارتكب جرائم في الموصل بحق كل مكونات الموصل ولكن في سياق ما ورد في كلمة المحافظ بشأن جهاد النكاح وهو ما لم يستطع توضيحه في البيان المنسوب إليه هو أنني وعلى حد قناعتي ومعرفتي التفصيلية مما يجري داخل الموصل لم يحصل جهاد نكاح على الإطلاق حيث لا توجد ولا حالة واحدة قام بها أب أو أخ من الموصل بتزويج ابنته أو أخته إلى (داعشي)»، مشيرة إلى أن «الدواعش الذين جاؤوا من خارج العراق جلبوا معهم نساء أجنبيات وعربيات وحصلت لهن بالتأكيد ولادات داخل الموصل وربما قسم كبير من هؤلاء قتل أو هرب بينما بقي هؤلاء الأطفال». وأوضحت أن «ممن انتمى من أهالي الموصل إلى (داعش) قسم كبير منهم متزوجون وبالتالي فإن زواجهم قديم ولا علاقة له بجهاد النكاح هو الآخر، ولذلك فإنه كان على المحافظ أن يكون دقيقا في توصيف الأشياء لا أن يبرر بعد أن صدر عنه ما يسيء لكل أهالي الموصل».
وأشارت النائبة إلى أن «حالات عنف واغتصاب وسبي مثلما هو لأصحاب الديانات الأخرى حصلت بالفعل وهي جرائم لا يمكن السكوت عليها وقد تحولت الآن إلى حالة غضب وفوران داخل الموصل من قبل الناس إلى حد أن الدواعش بدأوا يطلبون من بعض العشائر تزويدهم بالمقاتلين بعد أن نفد مخزونهم من المقاتلين العرب والأجانب وقد رفضت العشائر ذلك علما بأن هذه العشائر وكل أهالي الموصل ينتظرون قدوم الجيش للقيام بانتفاضة ضد (داعش) داخل المدينة».
من جهتها، أكدت النائبة الإيزيدية في البرلمان العراقي، فيان دخيل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بصرف النظر عما يقصده محافظ نينوى لكنه لا يقصد النساء الإيزيديات اللواتي تعرضن للسبي والاغتصاب ولم يحصل عندنا جهاد نكاح بل فقط سبي واغتصاب وقد عرف العالم طبيعة مأساتنا منذ البداية». وردا على سؤال بشأن الإشارة إلى وجود مشكلة خطيرة الآن في الموصل جراء مثل هذه الولادات والجدل حولها بشأن ما إذا كانت جهاد نكاح أم اغتصابا، قالت النائبة إن «هذه المسألة قد تثير حساسية وجدل بالتأكيد لكننا لكوننا غير مسلمين فقد تعرضت نساؤنا للاغتصاب وتم بيعهن في أسواق النخاسة وهو ما يجعلنا نشعر بغصة مما جرى لنا من بعض أهالي الموصل لكن هذا لن يمنعنا من العودة إلى مناطقنا والعيش بها مهما كان الثمن لكننا في الوقت نفسه نطالب بحماية دولية لنا وأن يأخذ القانون مجراه بحق من ارتكب جرائم بحقنا»، مؤكدة في الوقت نفسه «الحاجة إلى التسامح المجتمعي على أن نتفاهم على ذلك وأن تتبرأ كل عشيرة من المجرمين داخلها، بينما هناك عشائر وقفت معنا وساعدتنا في محنتنا ومنها عشيرة شمر».



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.