ظريف يحاول «ركوب الموجة» الروسية ـ التركية.. وموسكو: أنقرة ستغلق حدودها مع سوريا

ظريف يحاول «ركوب الموجة» الروسية ـ التركية.. وموسكو: أنقرة ستغلق حدودها مع سوريا
TT

ظريف يحاول «ركوب الموجة» الروسية ـ التركية.. وموسكو: أنقرة ستغلق حدودها مع سوريا

ظريف يحاول «ركوب الموجة» الروسية ـ التركية.. وموسكو: أنقرة ستغلق حدودها مع سوريا

في ظل حالة الجمود التي تهيمن على المساعي السياسية الدولية والإقليمية إلى تسوية الأزمة السورية، جاء التقارب بين موسكو وأنقرة ليفتح الباب أمام احتمال ظهور «مجموعة» إقليمية جديدة تدعي السعي إلى تسوية الأزمة السورية بالطرق السياسية. ويعزز هذا الاعتقاد الحراك الدبلوماسي بين موسكو وأنقرة وطهران، حيث أجرى وزير خارجية الأخيرة، محمد جواد ظريف، زيارة يوم أمس الجمعة إلى أنقرة بحث خلالها الملف السوري مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، بينما ينوي ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي التوجه إلى طهران يوم 15 أغسطس (آب) لبحث الملف ذاته مع نظيره الإيراني. وبينما تستمر المحادثات بين لجان الخبراء الروس والأتراك لبحث الجهود المشتركة حول الوضع في سوريا، توقفت وكالة الأنباء الحكومية الروسية «ريا نوفوستي» مجددا عند موضوع تقسيم سوريا، ونشرت خريطة انتشار القوى في سوريا بدت خالية من أي وجود لقوى المعارضة السورية.
هذا، ومع ترقب السوريين التغيرات المحتملة في الموقف التركي إزاء الأزمة في بلادهم في أعقاب المحادثات الروسية - التركية في بطرسبرج يوم العاشر من أغسطس (آب) بمشاركة دبلوماسيين وعسكريين ورجال استخبارات من البلدين، ذكرت صحيفة «إزفستيا» الروسية في عددها الصادر يوم أمس، بناء على ما قالت إنها معطيات متوفرة لديها، أن «تركيا تنظر في احتمال إغلاق الحدود مع سوريا بوجه الدعم للمسلحين»، مرجحة أن «أنقرة ستتخذ قرارًا إيجابيًا بهذا الخصوص، نظرًا للتطبيع بين البلدين، والاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال لقاء إردوغان - بوتين في بطرسبرج». ونقلت الصحيفة عن فيكتور فودولاتسكي، نائب رئيس لجنة الشؤون الدفاعية في «مجلس الدوما» (النواب) قوله إن «الجانبين الروسي والتركي بحثا في بطرسبرج خطوات إعادة الحياة الآمنة في سوريا، وقد طرحنا بالطبع مسألة إغلاق الحدود التركية - السورية، لوقف تدفق الإرهابيين والسلاح إلى الأراضي السورية»، لكنه لم يوضح رد الجانب التركي خلال المحادثات على هذا الاقتراح.
وتبدو موسكو شبه واثقة بأن تركيا لن ترفض هذا الاقتراح، إذ أشار إيغور موروزوف، عضو لجنة «مجلس الاتحاد» (مجلس الفيدرالية) للشؤون الدولية، في تصريحات صحافية، يوم أمس، إلى أن «علاقات تركيا مع الولايات المتحدة وأوروبا سيئة جدًا حاليًا»، معربًا عن اقتناعه بأن «أنقرة ستلتف نحو روسيا، وهذا يشكل فرصة للتوصل إلى حلول وسط، تكون وفق الشروط التي تمليها موسكو»، حسب قوله. وأضاف أنه «لا توجد عمليا مساحات للمناورة أمام الدبلوماسيين والعسكريين الأتراك. وفي غضون ذلك يبدو أنهم يرغبون بتجاوز القضايا الخلافية»، وبناء عليه يستنتج العضو في مجلس الاتحاد الروسي أن «تركيا ستكون مضطرة إلى الموافقة على شروطنا بشأن إغلاق الحدود التركية - السورية».
من جانب آخر، على الرغم من وضوح كلام المتحدث الرسمي باسم الرئيس التركي، الذي قال عشية انطلاق محادثات الوفود الروسية والتركية إن «من السابق لأوانه الحديث عن مرحلة انتقالية في ظل الأسد»، وشدد على أن موقف أنقرة لم يتغير «ويجب على الأسد الرحيل»، فإن تصريحات السفير التركي في موسكو التي قال فيها إن «أنقرة تفكر بإمكانية إشراك النظام في محادثات السلام»، أثارت تساؤلات حول حقيقة ما يجري واحتمالات تحول في الموقف التركي.
على صعيد ثان، حرصت طهران على استغلال ما رأت فيه فرصة سانحة للدفع نحو تغيير الموقف التركي وتقريبه من المواقف الإيرانية حيال الأزمة السورية، فأوفدت وزير خارجيتها جواد ظريف إلى أنقرة ليلتقي المسؤولين الأتراك ويبحث معهم الملف السوري. لكن يبدو أن طهران لم تحقق النتائج المرجوة، واقتصرت نقاط التوافق بين الوزيرين ظريف وجاويش أوغلو على وحدة الأراضي السورية، وبقيت النقاط الخلافية بين البلدين حول الوضع في سوريا على حالها. لكن ظريف وجاويش أوغلو اتفقا على مواصلة الحوار حولها. وبدا واضحًا من تصريحات الوزير ظريف سعي إيران إلى «ركوب الموجة الروسية - التركية» تحت شعار التصدي للإرهاب، وذلك حين عبر عن سعادة بلاده للتقارب بين موسكو وأنقرة، مشددًا على التوجهات المشتركة بين أنقرة وطهران في التصدي للإرهاب.
في هذه الأثناء عاد بعض الخبراء الروس للحديث مجددًا عن «يقينهم» بتقسيم سوريا، في الوقت الذي يواصل فيه «غالبية» الإعلام الروسي تقديم صورة مشوهة كليًا عن المشهد السوري للقراء الروس. وكانت وكالة «ريا نوفوستي» قد نقلت عن ألكسندر إغناتينكو، رئيس معهد الدين والسياسة، قوله إن «تفكك سوريا قد جرى عمليًا» وبأفضل الأحوال «يمكن أن تبقى على شكل دولة كونفدرالية». وفي مداخلة له أثناء اجتماع نادي خبراء مركز عموم روسيا لاستطلاع الرأي العام قال إغناتينكو: «إن سوريا تقف حاليا عند وضع قريب من التفكك»، متابعًا أن «الأكراد أعلنوا منذ عام عن منطقة الحكم الذاتي، فلديهم علمهم ونشيدهم الوطني وجيشهم، ومستعدون لتبني دستورهم الخاص (...) وتشكلت في سوريا (داعش) التي تدافع عن السنة ضد الشيعة» على حسب قوله، مضيفًا أن «الجيش السوري المنهك لا يملك ما يكفي من القوى لاستعادة السيطرة على المناطق السنية، بينما إمكانيات إيران في دعم الأسد أصبحت محدودة، وروسيا لا تريد خوض حرب شاملة في سوريا»، ولهذا حسب قول الخبير الروسي إغناتينكو: «تقتصر سلطات الأسد وسيطرته على المناطق التي يقطنها العلويون والشيعة وغيرهم من أقليات دينية».
وفي شأن متصل نشرت الوكالة ذاتها على موقعها الرسمي خريطة تزعم أنها تصور الوضع الميداني وتوزع السيطرة على المناطق بين القوى المتنازعة في سوريا، حاولت من خلالها إظهار الأزمة السورية على أنها حرب يخوضها النظام ضد «مجموعات إرهابية». إذ أشارت الوكالة في خارطتها إلى وجود «داعش» و«الأكراد» وقوات النظام، أما المعارضة السورية فلا وجود لها وفق خريطة «ريا نوفوستي» التي وضعت كل مناطق المعارضة «باللون الأخضر» على أنها مناطق سيطرة «جبهة النصرة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.