جاويش أوغلو بعد لقاء ظريف: أمن تركيا من أمن إيران

أنقرة وطهران تؤكدان على وحدة سوريا * الوزيران بحثا تعزيز التبادل التجاري ونقل الغاز لأوروبا

وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو ونظيره الإيراني جواد ظريف لدى لقائهما في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو ونظيره الإيراني جواد ظريف لدى لقائهما في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

جاويش أوغلو بعد لقاء ظريف: أمن تركيا من أمن إيران

وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو ونظيره الإيراني جواد ظريف لدى لقائهما في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو ونظيره الإيراني جواد ظريف لدى لقائهما في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

تسارعت خطوات التنسيق على المسار الثلاثي التركي الروسي الإيراني أمس، ما يشير وفق مراقبين إلى أن الدول الثلاث باتجاه تشكيل تحالف حول الأزمة السورية وأن موسكو هي التي تلعب الدور الأكبر في رسم خطوات تحركه. وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قد أجرى زيارة لتركيا أمس الجمعة بناء على دعوة من نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، جاءت بعد 3 أيام قط من زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لروسيا ولقائه في بطرسبرغ مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
الزيارة تمخضت عن آلية ثلاثية للتعاون بين القوات المسلحة والاستخبارات ووزارتي الخارجية في البلدين بدأت أعمالها على الفور أول من أمس الخميس، وترك الإعلان عنها لأنقرة التي أظهرت خطواتها الأخيرة أنها تسعى لنوع من التوافق مع روسيا وإيران على صيغة معينة للحل في روسيا تضمن لها القضاء على مصدر التهديد الأساسي بالنسبة لها المتمثل في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، بشمال سوريا، وذراعه العسكري ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية اللذين تعتبرهما تركيا امتدادا لمنظمة حزب العمال الكردستاني.
ورغم التباينات بين موقف تركيا من النظام السوري ورئيسه بشار الأسد مع موقف كل من روسيا وإيران فإنها تسعى إلى إيجاد قواسم مشتركة تحقق أهدافها، بحسب ما أكدت مصادر دبلوماسية. وحقًا، لم يخف وزيرا خارجية تركيا وإيران في مؤتمر صحافي أعقب مباحثاتهما في أنقرة أمس وجود خلافات كثيرة بينهما حول ملفات عدة، أبرزها الملف السوري غير أنهما في الوقت ذاته عبرا عن وجود نقاط التقاء في هذا الملف أبرزها «التمسك بوحدة الأراضي السورية».
جاويش أوغلو قال في المؤتمر الصحافي عقب اللقاء إن «هناك خلافات بيننا فيما يتعلق بالأزمة السورية ونتمنى منهم (الإيرانيون) اتخاذ خطوات متقدمة لحل هذه الأزمة»، لافتًا إلى أن «الاجتماعات بين البلدين مستمرة منذ عامين كما سنواصل العمل عليها بشكل مستمر». وأضاف: «سنعزز تعاوننا مع إيران من أجل إرساء سلام واستقرار دائم في سوريا. ونحن متفقان على ضرورة وحدة الأراضي السورية».
ونقلت «سي إن إن عربية» عن وكالة «الأناضول»، قول وزير الخارجية التركي: «إن أمن واستقرار إيران من أمن واستقرار تركيا.. وإن بلاده تدرك أن إيران تنظر إلى أمن واستقرار تركيا بالشكل نفسه».
ومن جانبه، أكد ظريف ما ذهب إليه نظيره التركي حول نقاط الاتفاق بين بلديهما المتمثلة في وحدة الأراضي السورية إلا أنه أضاف إليها «ضرورة مكافحة الإرهاب». كذلك عبر ظريف عن «سعادته» بالتقارب التركي - الروسي بعد زيارة الرئيس التركي إردوغان لروسيا، معتبرًا أن هذا التقارب سيساعد في العمل على «تعزيز علاقاتنا على جميع المستويات». وأضاف: «علاقتنا مع روسيا وتركيا تسير بشكل جيد، وجميع الأطراف تريد الأمن والسلام في سوريا والقضاء على الإرهاب». وكان ظريف قد قال في تصريح صحافي فور وصوله إلى أنقرة أمس إن «إيران وروسيا وتركيا من اللاعبين المهمين في المنطقة، وهناك حاجة للحوار والتعاون بينهم».
للعلم، تأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني لتركيا لتكمل صورة محور التنسيق الثلاثي الجديد مع روسيا وتركيا، إضافة إلى سعي تركيا لتذويب التوتر مع جارتها إيران الذي كان وصل إلى مستويات عالية، وبدأت أولى علامات ذوبانه مع الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الإيراني حسن روحاني مع نظيره التركي إردوغان في 18 يوليو (تموز) الماضي للتعبير عن دعم طهران له في مواجهة محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو.
هذا، والتقى ظريف أيضا مع إردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، الذي استبق زيارة ظريف أمس بالقول إن الفترة القادمة ستشهد أخبارا جيدة عن علاقات تركيا مع جيرانها بمن فيهم سوريا والعراق. وأكدت مصادر تركية أن الآلية الجديدة التي تم التوصل إليها مع روسيا تتطلب وجود إيران أيضا ومشاركتها فيها من أجل ضمان نتائج أفضل فيما يتعلق بالوضع في سوريا ومفاوضات الحل السياسي أو الحرب على التنظيمات الإرهابية.
وعلى صعيد العلاقات الثنائية، احتل موضوع الطاقة والعلاقات التجارية والاقتصادية الأولوية في المباحثات بين ظريف والمسؤولين الأتراك، وعبر ظريف عن رغبة طهران في أن تكون تركيا الرابط بينها وبين أوروبا في مجال تصدير الطاقة، الكهرباء والغاز الطبيعي، مشددا على أن العلاقة بين البلدين عريقة وواسعة، وأن الإرادة السياسية متوفرة لديهما لتعزيز التبادل التجاري في مختلف المجالات، ودعم السياحة بتركيا.
وهنأ الوزير الإيراني في المؤتمر الصحافي الشعب التركي بانتصاره على المحاولة الانقلابية الفاشلة منتصف الشهر الماضي، معتبرا ذلك مدعاة لفخر كل شعوب المنطقة، وشدد في الوقت نفسه على أن المحاولات الانقلابية تهدد الديمقراطية وحقوق الإنسان.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم