آمال سعد الدين: من شروط نجاح المسلسلات الكوميدية العمل الجماعي وغياب الأنانية

الفنانة السورية ترى أن المشاهد {شبع} من مسلسلات البيئة الشامية

آمال سعد الدين
آمال سعد الدين
TT

آمال سعد الدين: من شروط نجاح المسلسلات الكوميدية العمل الجماعي وغياب الأنانية

آمال سعد الدين
آمال سعد الدين

على الرغم من تفرغها إلى حد ما للمسلسلات المدبلجة، والتي انطلقت منها، حيث تمتلك صوتًا متميزًا جعلها في الصف الأول من نجوم الدراما المدبلجة، فإن الفنانة السورية آمال سعد الدين، قدمت في المواسم الدرامية السابقة كثيرا من الشخصيات والأدوار التي تركت عليها بصمتها، ومنها مسلسلات اجتماعية معاصرة ومسلسلات كوميدية، لعل أبرزها مسلسل «ضيعة ضايعة» بجزأيه، حيث جسّدت فيه شخصية بديعة زوجة أسعد بوخشروف وشقيقة ستنكو.
وفي حوار معها تتحدث الفنانة سعد الدين لـ«الشرق الأوسط» مبررة قلّة مشاركاتها في الدراما التلفزيونية وطغيان الدوبلاج على عملها قائلة: «هناك تقصير مني إلى حد ما ومن الجهات المنتجة، حيث اعتقد البعض أنني متفرغة فقط للدوبلاج. لقد عُرِض علي في الفترة الماضية عدة أدوار ولكنني اعتذرت لأن ما عرض لن يضيف لتجربتي الفنية أي شيء جديد، فأنا لا أشترط في قبول الدور أن يكون بطولة أو دورا كبيرا، ولكن على الأقل أن تترك الشخصية تأثيرها لدى المشاهد، وألا تمر مرور الكرام».
وحول غيابها عن دراما البيئة الشامية ورأيها فيها، توضح آمال: «لم تعرض علي المشاركة فيها، وبرأيي أنه يكفي مسلسلات بيئة شامية، فالمشاهد وصل لحد الإشباع منها، فهناك تكرار حتى لأمور مغلوطة في هذه المسلسلات، وبرأيي يجب أن نتحدث بكثافة أكثر عن الواقع الحالي والأزمة والحرب التي تعيشها سوريا منذ خمس سنوات وحتى الآن، فهذا أفضل من أن نقدم مسلسلات بيئة شامية بهذه الغزارة سنويا، ولكن على ما يبدو أن لها معجبيها، وبخاصة خارج سوريا وسوقها جيد، وهذا ما يجعل المنتجين يقبلون عليها. ويبقى أن الناس أذواق، فهناك من يفضل البيئي على الكوميدي والاجتماعي المعاصر، ويجب تحقيق رغبات الجميع هنا».
و لكن هناك من يقول إنه من المبكّر طرح موضوعات الأزمة الحالية في مسلسلات تلفزيونية، تقول آمال: «لا بالعكس، فهناك قصص كثيرة والزمن يمر بسرعة، وهناك يوميا حوادث يمكن أن تشكّل موضوعًا لمسلسل تلفزيوني، ولا أحد يعرف متى ستنتهي هذه الأزمة، ولذلك لا يمكن أن ننتظر حتى تنتهي الأزمة لنقدم دراما عنها، وهناك مسلسلات لامست الأزمة بشكل جيد».
وحول واقع الكوميديا السورية والانتقادات التي توجه لها، تقول آمال: «هناك مسلسلات كوميدية بتقديري لا يمكن أن تتكرر مثل «ضيعة ضايعة».. لقد كنا مجموعة منسجمة من المخرج وحتى الكادر الفني والتقني والتمثيلي، وهذا أحد أسباب نجاح أي مسلسل كوميدي، فهذا الانسجام سينتج عملاً كوميديًا مهمًا، فعندما تغيب الأنانية والفوقية عن الممثل وأنه يعمل على الشخصية التي سيؤديها وليس ليبرز هو شخصيًا، وكذلك ابتعاد المخرج عن الانتقائية في تعامله مع الممثلين، فسينجح المسلسل الكوميدي أيضًا».
ولآمال رأي في موضوع المسلسلات المشتركة بين ممثلين سوريين ولبنانيين توضحه قائلة: «أنا مع هذه المسلسلات ولست ضدها، ولكن للأسف قلّت فرص الفنان السوري في السنوات الخمس الأخيرة لصالح ممثلين من بلدان أخرى».
ولا ترى آمال ظاهرة الاستعانة بممثلات جميلات في المسلسلات السورية أمرًا سلبيًا، «فهناك مسلسلات مثلاً تحتاج لوجود فتيات جميلات حتى لو كانت الممثلة هنا غير أكاديمية وموهبتها قليلة، ولكن مع مرور الوقت لن تستمر، فقد تتواجد في مسلسلين أو ثلاثة، وستغيب بعد ذلك. والمشكلة هنا أيضًا أنه في سنوات الأزمة الحالية هناك ممثلات معروفات سافرن أو تركن العمل، فكان الخيار أمام الجهة المنتجة والمخرجة هو الاستعانة بممثلات غير محترفات، وبالنهاية لا يصح إلا الصحيح».
وحول ظاهرة «الشللية» وتعمقها مؤخرًا في الدراما السورية، تتنهد آمال: «الظاهرة قديمة، وأي متابع للدراما السورية يمكن أن يشاهد أن هناك مخرجين لديهم مجموعتهم الخاصة التي يعتمدون عليها في معظم أعمالهم، وبرأيي لا عيب في ذلك إذا كانت المجموعة تريح المخرج وتلبي متطلباته الإخراجية وتفهم أسلوبه في العمل، ولكن هذا لا يمنع أن يعتمد على ممثلين آخرين وكادر جديد، فالتجديد هنا يقدّم نكهة جديدة للعمل».
وعن رأيها في واقع فن الدوبلاج وتأسيس تجمع لفناني الدوبلاج في سوريا تحت اسم «صوتنا فن»، تقول آمال: «من المفترض أن يخدم هذا التجمع فناني الدوبلاج، وأن يحميهم ويحافظ على حقوقهم المادية والمعنوية، ففي مرحلة من المراحل تم هضم حقوق الممثلين العاملين في الدوبلاج، ومنهم خريجون أكاديميون من المعهد العالي للفنون المسرحية، واختيارهم لفن الدوبلاج قد يكون لحبّهم له، فهو فن قائم بذاته، أو لأن الفرص الدرامية أمامهم قليلة».
وهل يمكن أن نراك مقدّمة برامج أو مخرجة؟ تضحك آمال: «بالتأكيد لا، فأنا ليس لدي هذا التوجه وليس لدي ملكة التقديم، وفي الإخراج لا أحبذ أن أكون خلف الكاميرا، بل دائمًا أمامها.. فالإخراج هو عمل قيادي ويحتاج لشخصيات قوية، ولا أشعر أن لدي القوة لأدخل مجال الإخراج وأغامر في هذا المجال».
وحول وضعها العائلي وعلاقتها بزوجها الفنان المعروف قاسم ملحو، وأبنائها، تبتسم آمال: «العلاقة ممتازة وأسرية بجدارة، وهناك تنسيق دائم بيننا في مجال العمل والبيت، ولدينا ابنتان هما كل حياتنا، الكبيرة حنين تدرس الأدب الإنجليزي، والصغيرة شام في الصف السابع، ولا مانع لدي إذا رغبتا في التمثيل، فهذا القرار يعود لهما، ولكنهما يحبان الموسيقى ويعزفان على آلات موسيقية.



هاني العمري لـ«الشرق الأوسط»: أعدّها وقفة مع الذات ومع وطني لبنان

يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
TT

هاني العمري لـ«الشرق الأوسط»: أعدّها وقفة مع الذات ومع وطني لبنان

يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)

في خضم الحرب الدائرة على أرض لبنان، يزداد، يوماً بعد يوم، إطلاق الأغاني الوطنية من قِبل عدة فنانين، فهم يَعدُّونها بمثابة صرخة يوجهونها بأسلوبهم إلى العالم كي يتناولوا معاناة بلدهم.

الفنان هاني العمري اختار مدينة بيروت كي يكرّمها بأغنية تخرج عن المألوف، فهو لم يلجأ إلى وصف مكانتها عنده، أو مناجاتها بحزن بوصفها عاصمة لبنان، بل قدّمها في قالب يحكي عن تبدّل وجهها إلى حدٍّ جعلها غريبة عنه. منتصباً أمام هذا التغيير الجذري الذي أصابها، يرفع هاني العمري صوته متسائلاً عن سبب ترك المدينة وحيدة لمصيرها.

«بيروت ما عرفتا» سبق أن حصد العمري عنها جائزة «بيروت غولدن آووردز» في الذكرى الأولى لانفجار المرفأ. يعيد إطلاقها، اليوم، مع كليب مصور يواكب ما تعيشه المدينة. والجديد فيها هو هذه الخلطة الفنية التي اعتمدها، وتتألف من صوته مغنياً، وبإلقاء كلماتها في قصيدة شعر بصوت مؤلفها النحّات والشاعر رودي رحمة.

لحّن العمري "بيروت ما عرفتا" من تأليف الشاعر رودي رحمة (هاني العمري)

ويخبر العمري حكاية ولادة هذه الأغنية: «كنا نجتمع على مائدة غداء في إحدى المناطق اللبنانية، رودي وأنا وعدد من الأصدقاء. وفجأة صدح صوت رحمة يلقي كلمات قصيدة هزّت مشاعري. استوقفني كلامها المختلف، وطلبت منه أن يعيد تلاوتها. عندها ومن دون أن أشعر قمت بتلحينها ارتجالياً في الوقت نفسه».

في ذلك الوقت فكّر هاني العمري بأن يصدر الأغنية في ذكرى انفجار 4 أغسطس (آب). ويتابع: «لم تأخذ الأغنية حقّها المطلوب في تلك الآونة، لكن، ومنذ نحو أسابيع قليلة، قررت أن أطلقها من جديد مع صورة مختلفة. فالكليب الذي يغلفها، اليوم، من إخراج عبد رمضان أخذها إلى منحى مختلف، ويتناسب مع ما نمرّ به في لبنان. إنه القهر بحد ذاته، والأغنية تجسّده بكلام يتضمن الغُصّة والدمعة في آن. لكنه في الوقت نفسه يأخذنا بصورة شعرية وكأن بيروت إنساناً يهرب من مصيره».

لوحة فنية مؤثرة رسمها هاني العمري بصوته، وبإلقاء كلماتها الشاعرية لرودي رحمة في آن، فجاء وقْعها على مستمعها مختلفاً، يترك أثره الكبير عنده. ويعلّق العمري: «وضع رودي رحمة كلمات هذه الأغنية (بيروت ما عرفتا) في ذكرى انفجار بيروت. ولكن مدينتي، اليوم، أيضاً لم أستطع أن أتعرّف إليها. فالعتب بكلام رودي كان كبيراً ومؤثراً، متسائلاً عن سبب التخلّي عن بيروت. كما أن فكرة هذا الخليط بين الغناء وإلقاء الشعر في الوقت نفسه، لم يسبق أن حصل من قبل في أغنية وطنية. فألقى الكلمات بأسلوب وصوت يُحدثان الخوف عند سامعها، وكأنه يدق ناقوس الخطر. ويأتي غنائي لكلماتها كاسراً مشاعر الخوف بنغمة مشبعة بالإحساس. فالفكرة بحد ذاتها جديدة، كما أن اللحن ينطوي على الحنان والصلابة معاً».

العمري ورودي رحمة قدما صرخة وطنية في "بيروت ما عرفتا" (هاني العمري)

يرى هاني العمري أن من خصائص الأغنية الوطنية الناجحة هو الصدى الذي تتركه عند سامعها. «يجب أن يتلاقى فيها الكلام واللحن والصورة بشكل متناغم. من هذا المنطلق تشق الأغنية الوطنية طريقها لتلامس الناس».

وعما تعني له بيروت، يقول، لـ«الشرق الأوسط»: «تمثّل كل بلدي لبنان بجميع أطيافه وتفاصيله، وتشكّل نموذجاً عنه يضاهيه أهمية. واليوم نقف أمام مشهدية تدميرها من دون رحمة، وكأنه مقدَّر لها دائماً الولادة من تحت الرماد، كما طائر الفينيق».

ويرى هاني العمري أن الأغنية الوطنية تشكّل وسيلة تعبير تفنّد ملامح وطن. «هذه الملامح تحمل مراتٍ أحلامَنا تجاه وطننا، ومراتٍ أخرى ترسم صدماتنا وهواجسنا».

"بيروت ما عرفتا" تحاكي تبدل وجه بيروت في أثناء الحرب (هاني العمري)

ويستذكر العمري كلاماً أسرّ له به الموسيقار الراحل إلياس الرحباني. «قال لي ذات مرة، الفن والموسيقى هما مصدرا ثقافاتنا واعتزازنا بأنفسنا، وذكر لي أهمية الفنان في لبنان، وأعطاني مثالاً على ذلك؛ زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى منزل فيروز. فقد اختارها من بين شخصيات سياسية لبنانية عدّة كي يعرّف عن لبنان الذي يحبّ، للعالم أجمع».

يتسلّح هاني العمري بالتفاؤل، على الرغم من كل المعاناة والحرب الدائرة على أرض الوطن. ويتابع، لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحب التشاؤم أبداً، ونحن اللبنانيين نؤمن بقوة ببلدنا لبنان وقدرته على الصمود. لقد عصفت بنا الحروب أكثر من مرة، لكننا لم نستسلم أو نحبط لمصير مجهول. اليوم أيضاً نعيش نفس طبيعة المصير، ولكننا نتمسك بالأمل. ولا بدّ أن نتجاوز كل هذه المخاطر قريباً من دون شك».

ويُعدّ العمري من الفنانين اللبنانيين الذين لم تراودهم فكرة هجرة لبنان. ويختم، لـ«الشرق الأوسط»: «حبّي لبلدي لبنان لا يوازيه أي حب آخر، لذلك لا أستطيع التخلّي عنه أبداً، فأنا متمسك بأرضي وجذوري، وإلا فلن أستطيع إكمال مسيرتي الفنية».