وزير الداخلية الألماني يكشف المزيد من الإجراءات المشددة لمكافحة الإرهاب

بينها إسقاط الجنسية عن الذين يقاتلون في صفوف التنظيمات المتشددة.. والترحيل السريع لـ«الخطرين»

وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير يطرح تصوراته القادمة في الحرب على الإرهاب من خلال حزمة جديدة من القوانين في مؤتمر صحافي ببرلين أمس (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير يطرح تصوراته القادمة في الحرب على الإرهاب من خلال حزمة جديدة من القوانين في مؤتمر صحافي ببرلين أمس (أ.ف.ب)
TT

وزير الداخلية الألماني يكشف المزيد من الإجراءات المشددة لمكافحة الإرهاب

وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير يطرح تصوراته القادمة في الحرب على الإرهاب من خلال حزمة جديدة من القوانين في مؤتمر صحافي ببرلين أمس (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير يطرح تصوراته القادمة في الحرب على الإرهاب من خلال حزمة جديدة من القوانين في مؤتمر صحافي ببرلين أمس (أ.ف.ب)

طرح وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير تصوراته القادمة في الحرب على الإرهاب من خلال حزمة جديدة من القوانين. ولخص الوزير في مؤتمر عقده ببرلين يوم أمس تصوراته في ثلاث فقرات: زيادة عدد رجال الشرطة وتحسين تدريبهم وتسليحهم، تحسين طرق الوقاية من الإرهاب وقضايا الاندماج، والتعامل بشدة مع مرتكبي الجنايات والإرهابيين.
وكان دي ميزيير، وهو من الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل، أعلن أمس عن اختلافه مع بعض نقاط وثيقة «تصريح برلين»، التي قدم فيها وزراء داخلية الولايات التي يحكمها التحالف الديمقراطي المسيحي تصوراتهم للقوانين الجديدة لمكافحة الإرهاب. وجرى في تلك الوثيقة الحديث عن حظر البرقع، وتشديد الرقابة على مصادر تمويل الجمعيات الإسلامية، وإلغاء الجنسية المزدوجة.
وعبر دي ميزيير عن هذا الخلاف في الموقف من حظر البرقع بالقول: إنه «لا يمكن حظر كل ما هو مرفوض». كما عبر عن قناعته بضرورة إلغاء الجنسية الألمانية عن حملة الجنسية المزدوجة الذين يحاربون أو حاربوا إلى جانب التنظيمات الإرهابية. واعتبر الوزير موضوع إلغاء الجنسية المزدوجة تمامًا حالة تخضع للنقاش ويمكن التوصل إلى حل وسط فيها.
وهو يستحضر العمليتين الإرهابيتين في مدينتي فورتزبورغ وانسباخ في الشهر الماضي، والتي نفذت بأيدي طالبي لجوء، تحدث الوزير زيادة أعداد رجال الشرطة بالآلاف، وزج آلاف منهم في الرقابة على الإنترنيت وصفحات التواصل الاجتماعي، وخصوصًا في الشبكة المعروفة بالـ«دارك نيت» التي تنظم عصابات الجريمة المنظمة عمليات بيع الأسلحة وغسل الأموال من خلالها، ويستخدمها الإرهابيون في اتصالاتهم.
وضمن الإجراءات الوقائية من الإرهاب طرح الوزير ضرورة التنصت على الهواتف الجوالة للاجئين تحسبًا لاستخدامها في التنسيق بين المشبوهين. وأشار الوزير إلى إمكانية ذلك، كمثل، عندما يأتي لاجئون عبر تركيا وهم لا يحملون وثائق شخصية. وحسب مبدأ «سياسة اندماجية جيدة تعني سياسة أمنية جيدة»، يريد دي ميزيير تشجيع اللاجئين على التبليغ عن اللاجئين الآخرين المشتبه بهم. وهذا يعني أنه بإمكان اللاجئ التوجه إلى مراكز معينة يمكنه فيها التبليغ عن المتشددين في محيطة وباستخدام لغته الأم.
إن ألمانيا دولة قوية ذات شرطة قوية، ولكنها ستتعامل عند الضرورة مع التجاوزات بقوة دولة القانون. وتحدث الوزير عن تسريع ترحيل اللاجئين «الخطرين» من مرتكبي الجنايات وداعمي الإرهاب، وتقليص فترة «السماح» التي تمنح عادة للاجئين الذين ترفض طلباتهم، ولكن لا تنفذ عمليات تسفيرهم القسري لأسباب إنسانية، وخصوصًا التقارير المرضية. ودعا دي ميزيير إلى رعاية اجتماعية أكبر للاجئين وحمايتهم من خطر الإرهابيين، ويمكن للكادر التعليمي والتدريبي هنا أن ينهض بمهمة رعاية اللاجئين المعانين من صدمات الحروب النفسية.
واتفق دي ميزيير هنا جزئيًا مع طروحات «تصريح برلين» الذي يدعو لحل الأطباء عند الضرورة من واجب الصمت، بحسب القسم المهني، عن أمراض مراجعيهم. ويرى مقترح الوزير الاتحادي أن لا يجري المساس بواجب «الصمت»، وإنما فتح الحوار مع الأطباء مباشرة حول أفضل طرق وقاية المجتمع من المخاطر، وبالتالي تمكين الأطباء من إبلاغ السلطات عند شعورهم بأن المريض يمكن أن يشكل خطرًا على الأمن.
من ناحيته، حذر نقيب الأطباء الألمان فرانك أولريش مونتغومري من المساس بحق الصمت المهني للأطباء. وأضاف أنه مستعد لفتح حوار مع السلطات حول «حالات طارئة» جدًا، ولكن بوح الطبيب بأسرار المريض يضعف ثقة الأخير بطبيبه، وهذا غير جائز. وأيده ديتريش مونز، نقيب الأطباء النفسيين، الذي قال: إن القانون الألماني يسمح للأطباء النفسيين بإخبار السلطات عندما يشكل المريض خطرًا داهمًا على الأمن العام، وهذا يكفي. بل يضع الطبيب النفسي تحت طائلة القانون إذا لم يبلغ عن مريض يمكن أن يمارس عمليات إجرامية خطيرة.
وفي نهاية المؤتمر عبر الوزير عن أمله بإقرار هذه المقترحات من قبل حكومة أنجيلا ميركل قبل الانتخابات العامة في سبتمبر (أيلول) من العام المقبل. وفي إشارة إلى موقف الحزب الديمقراطي الاشتراكي الحليف في التحالف الحاكم ببرلين، قال: إنه وضع نفسه في موضعهم وهو يطرح هذه المقترحات، وإنه يعتقد أن النقاط التي طرحها ستكون مقبولة للاشتراكيين.
في هذه الأثناء اندلع نقاش واسع حول حظر النقاب وسحب الجنسية المزدوجة داخل التحالف الحكومي المؤلف من التحالف المسيحي المحافظ والحزب الديمقراطي الاشتراكي. فأكد أندرياس شوير، السكرتير العام للاتحاد الاجتماعي المسيحي، على ضرورة إلغاء الجنسية المزدوجة وقال بعدم إمكان المرء الاحتفاظ بولاء لدولتين في آن واحد.
وطرح بيرنهارد لاوزتا، المتخصص في الحزب الديمقراطي المسيحي بقضايا الاندماج، تصوره للموقف من حظر الحجاب مقترحًا ترك القضية لقانون الاندماج الخاص بكل ولاية.
وضرب لازوتا مثلاً حول ولاية بادن فورتمبيرغ حيث تمكن فرض عقوبات على المرأة المنقبة مثل سحب إجازة سياقة السيارة بدلاً من منع النقاب. علما بأن وزير داخلية بادن فورتمبيرغ توماس شتروبل، وهو من الحزب الديمقراطي المسيحي، وقف بصراحة ضد حظر النقاب. ومعروف أن هذه الولاية يقودها تحالف من حزب الخضر والحزب الديمقراطي المسيحي، ويقف الخضر بقوة ضد حظر النقاب وإلغاء الجنسية المزدوجة.
ووقف زيغمار غابرييل، زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي، بوضوح ضد إلغاء الجنسية المزدوجة، وقال في مقابلة مع صحيفة «فرانكفورتر روندشاو» إن إلغاء الجنسية المزدوجة يضع كافة المواطنين الأتراك، المقيمين في ألمانيا منذ عقود، موضع الشبهات. وأضاف «نحن بحاجة إلى مزيد من الاندماج، وليس إلى أقل»، وأنه لا يمكن لألمانيا أن تلعب نفس لعبة الرئيس التركي إردوغان القائلة «إذا أنت لست معي فأنت ضدي». وانتقد غابرييل سياسة المستشارة ميركل بالقول: إن التحالف المسيحي ارتكب الكثير من الأخطاء، وإن حزبه احتاج إلى فترة طويلة كي يقنع التحالف المسيحي بالأساليب الكفيلة باحتواء كل هذا العدد الكبير من اللاجئين.
وما يزال الجدل في ألمانيا مستمرًا بسبب مقترح استخدام الجيش في المدن ضد الإرهاب، رغم أن وزير الداخلية دي ميزيير كان واضحًا في هذا الموضوع، في مؤتمره الصحافي ليوم أمس، حينما قال: إن الشرطة تبقى صاحبة القرار عند إنزال الجيش.
وقد أطلقت وزيرة الدفاع اورسولا فون در ليين النقاش أواخر يوليو (تموز) الماضي عندما أمرت الجيش بالاستعداد للتدخل لدى وقوع اعتداء في العاصمة البافارية ميونيخ (جنوب).
وكانت المستشارة أنجيلا ميركل قدمت في هذه الأثناء خطة تهدف إلى زيادة التدابير الأمنية، وطرحت إجراءات كثيرة منها الاستعانة بالجيش إذا ما وقعت اعتداءات كبيرة. وقالت ميركل «حان الوقت الآن لتنظيم تمرينات حول أوضاع تحصل فيها أعمال إرهابية كبيرة... يمكن أن تشارك فيها القوات المسلحة تحت قيادة الشرطة»، مقترحة اختبار هذه الفكرة في واحدة أو اثنتين من المقاطعات الإقليمية.
ويسود الاعتقاد أن الغموض بين صلاحيات قوات الشرطة والجيش أيام النازية، قد ساهم جزئيًا في تسهيل اضطهاد اليهود ومعارضي الدولة. وفي دستورها الذي وضعته بعد الحرب، قررت ألمانيا بالتالي أن تفصل المهمات بوضوح. فلا يسمح للجيش اليوم بالتدخل على الأراضي الألمانية، إلا للقيام بمهمات إنسانية إذا ما حصلت كوارث طبيعية أو إذا ما تعرض «النظام الديمقراطي للدولة الفيدرالية» للتهديد.
لكن الألمان متحفظون جدًا، إذا ما أخذنا في الاعتبار نتائج استطلاع أخير للرأي أجرته مجلة «دي تسايت» الأسبوعية، وأكد أن 66 في المائة من الشعب لا يؤيدون استخدام الجيش في المدن. وعارضها أيضا الاشتراكيون الديمقراطيون أعضاء الائتلاف الحاكم، مطالبين بدلا من ذلك بتعزيز وسائل الشرطة.
ولم تخف الشرطة أيضًا معارضتها. وأكد قائد نقابة الشرطة أوليفييه مالكوف أن «القوات المسلحة غير قادرة على أن تقدم لنا المساعدة التي نحتاج إليها». لكن أحداث يوليو، أيدت مواقف المدافعين عن دور داخلي متزايد للجيش. وقال وزير الداخلية في مقاطعة السار كلاوس بويون «سيكون من المستغرب ومن غير المفهوم أن تصل الشرطة إلى أقصى قدراتها في حالة طوارئ استثنائية فيما يقف الجيش متفرجا». وينتقد كريستيان مولينغ، الخبير في الشؤون الدفاعية والأمنية في «جرمان مارشال فاوند»، عدم وجود نقاش رصين حول الموضوع. وقال لوكالة فرنس «لا أستطيع أن أقول لكم ما إذا كنت مع أو ضد لأن لا أحد يقول لي لماذا. لماذا يتعين استخدام القوات المسلحة؟».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».