المبعوث الأميركي يحث المعارضة السورية على الاستفادة من التقارب الروسي التركي

اجتماع قريب لسفراء أصدقاء الشعب السوري في لندن

المبعوث الأميركي يحث المعارضة السورية على الاستفادة من التقارب الروسي التركي
TT

المبعوث الأميركي يحث المعارضة السورية على الاستفادة من التقارب الروسي التركي

المبعوث الأميركي يحث المعارضة السورية على الاستفادة من التقارب الروسي التركي

استدعت التطورات العسكرية في سوريا، المتمثّلة بتقدم فصائل المعارضة المسلحة في حلب، تحركات سياسية ودبلوماسية، وفرضت اتصالات واسعة إقليميًا ودوليًا، حيث التقى رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنس العبدة في إسطنبول، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا مايكل راتني، وخصص اللقاء لبحث آخر المستجدات السياسية والميدانية في ضوء ما شهدته حلب، بينما تحدثت معلومات دبلوماسية عن اجتماع يعقده وزراء خارجية الدول الصديقة للشعب السوري في لندن لبحث آخر التطورات، ورؤيتها التنفيذية للحل السياسي.
والتقى رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنس العبدة وعدد من أعضاء الهيئة السياسية، أول من أمس، في إسطنبول، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا مايكل راتني والوفد المرافق له.
وبحسب مصادر من داخل الائتلاف، بحثت الهيئة السياسية مع راتني، حصار المدنيين، وتم التفاهم على ضرورة وجود حرية كاملة لعبور المدنيين، ووضع حد لمعاناة السوريين والوصول إلى دولة سورية جديدة من دون بشار الأسد، عبر تفعيل المسار السياسي.
وأشار راتني إلى استمرار المباحثات مع الجانب الروسي، موضحًا أنه «لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بعد». وقال: «إن تطورات الأوضاع في حلب جعلت منها الموضوع الأول الذي ينبغي إيجاد حل له بشكل عاجل».
من جهته أوضح هشام مروة عضو الائتلاف السوري، لـ«الشرق الأوسط»، أن المبعوث الأميركي «لم يطلب من الائتلاف التنسيق مع روسيا، بقدر ما تحدث عن دور موسكو بوصفها لاعبا مهما في المنطقة». وأكد أنه شدد على أهمية الاستفادة من التقارب الروسي التركي للدفع باتجاه الحل السياسي والضغط على بشار الأسد». مروة نفى أيضا المعلومات التي تحدثت عن طلب أميركي للتنسيق مع رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم، وقال: «الجانب الأميركي لم يطلب أي تنسيق مع مسلم؛ لأن مشروع مسلم والإجراءات التي لجأ إليها من خلال إعلان الفيدرالية، مختلف عن مشروع الثورة السورية ونضالاتها». وأعلن رفض الائتلاف أن «يقرر أي طرف نيابة عن الشعب السوري»، معتبرًا أن «استعراض القوة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي، والاستقواء بدعم التحالف الدولي له غير مفهوم»، مؤكدًا أن الروس أيضًا «قد يعيدون النظر بالتصرف مع صالح مسلم؛ لأن الملف الكردي حذر جدًا، ويشكل حساسية كبرى للأتراك».
من جهته شدد أنس العبدة على ضرورة «معالجة الأوضاع الإنسانية في حلب وفي باقي المناطق السورية، وإيجاد الحلول المستدامة لكل المناطق المحاصرة». ودعا إلى «الالتزام بوقف استهداف وقصف المدنيين والمنشآت الطبية، وإطلاق سراح المعتقلين». وأطلع رئيس الائتلاف المبعوث الأميركي على حجم المأساة الإنسانية التي يعانيها الشعب السوري، وقال: «يجب على مجلس الأمن إيجاد حلول جذرية والدفع باتجاه تطبيق القرارات الدولية، وإعادة تفعيل المسار السياسي بشكل فاعل يؤدي لإحداث الانتقال السياسي إلى سوريا المستقبل دون وجود لبشار الأسد وزمرته فيها».
وحول الاجتماع المرتقب في العاصمة البريطانية بين أصدقاء شعب سوريا والمعارضة، أشار مروة إلى أن «ما كان مطروحًا على الائتلاف، هو اجتماع لقوى المعارضة السورية مع الاتحاد الأوروبي والدول الداعمة للثورة السورية». وقال: «لا أعرف إذا نضجت ظروف هذا الاجتماع أم لا». وجدد حرص المعارضة على «الاستفادة من كل حراك دولي للمساعدة على الحل في سوريا». وأضاف: «يبدو أن مجموعة فيينا لا تمتلك رؤية لفرض ما يتم الاتفاق عليه، بدليل أن روسيا وقعت على ما اتفقنا عليه في فيينا، ثم تحولت إلى طرف في الحرب السورية».
وقال عضو الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان آغا، إن الهيئة «لم تبلغ رسميًا بموعد اجتماع سفراء الدول الصديقة، ولم تتلق أي دعوة لحضور اجتماع مثل هذا». لكنه رحّب بحصول مثل هذا الاجتماع لأنه «مفيد وسيكون مناسبة لطرح رؤية المعارضة للحل بعد التطورات العسكرية الأخيرة».
وأكد آغا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «وفد المعارضة إلى المفاوضات، سبق له أن قدّم رؤيته للمرحلة الانتقالية إلى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا». وقال: «نحن بصدد تقديم خريطة طريق، وقد رسمنا سيناريو تفصيليا ومتكاملا لكل ما سيأتي في المرحلة الانتقالية، منذ بداية تشكيل الحكم الانتقالي، إلى المرحلة الدائمة، أي انتخاب رئيس للبلاد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».