زامبيا تنتخب رئيسًا للبلاد في أجواء من العنف السياسي

حظوظ متقاربة ومنافسة شرسة بين الرئيس «القوي» والمعارض «الثري»

الرئيس الزامبي إدوارد لونغو يحتفي مع أنصاره قبيل كلمة له خلال حملته الانتخابية التي اختتمت أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الزامبي إدوارد لونغو يحتفي مع أنصاره قبيل كلمة له خلال حملته الانتخابية التي اختتمت أمس (أ.ف.ب)
TT

زامبيا تنتخب رئيسًا للبلاد في أجواء من العنف السياسي

الرئيس الزامبي إدوارد لونغو يحتفي مع أنصاره قبيل كلمة له خلال حملته الانتخابية التي اختتمت أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الزامبي إدوارد لونغو يحتفي مع أنصاره قبيل كلمة له خلال حملته الانتخابية التي اختتمت أمس (أ.ف.ب)

يتوجه أكثر من مليون ونصف المليون ناخب في زامبيا إلى صناديق الاقتراع اليوم (الخميس) في انتخابات برلمانية ورئاسية من أجل اختيار رئيس للبلاد في انتخابات سبقتها أعمال عنف، أسفرت عن توقيف الحملة الدعائية في مناطق عدة من البلاد، من ضمنها العاصمة لوساكا.
وتعد هذه ثاني انتخابات رئاسية تشهدها زامبيا خلال العامين الأخيرين، فقد نظمت اقتراعًا رئاسيا يناير (كانون الثاني) 2015 من أجل اختيار رئيس يسيّر البلاد بعد وفاة الرئيس السابق مايكل ساتا قبل أن يكمل مأموريته، على أن تنظم انتخابات أخرى في الموعد المحدد سابقًا وهو أغسطس (آب) 2016.
ويتشابه الاقتراعان الرئاسيان في كثير من التفاصيل؛ إذ فاز في الأول إدغار لونغو بفارق ضئيل جدًا عن زعيم المعارضة هاكايندى هيتشيليما، ويعود الرجلان للتنافس بعد عام ونصف العام في اقتراع رئاسي تخيم عليه أجواء الاحتقان السياسي والتأزم الاقتصادي بسبب تراجع أسعار النحاس في الأسواق العالمية، وهو المادة الرئيسية التي يقوم عليها اقتصاد زامبيا.
وتم خلال الحملة الانتخابية تسجيل حالات عدة من العنف السياسي؛ إذ أعربت المفوضية المكلفة بالإشراف على الانتخابات في زامبيا عن قلقها حيال أعمال العنف التي سبقت الانتخابات، وقال رئيس المفوضية عيسى تشولو في تصريحات صحافية: إن «أعمال العنف التي سبقت الانتخابات غير مسبوقة وتشوه سمعة البلاد بانتخاباتها السلمية والهادئة».
وكان ناشطون شباب يعتقد أنهم من أنصار حزب «الجبهة الشعبية» الحاكم قد هاجموا حافلة تابعة لحملة مرشح المعارضة، مستخدمين الحجارة والعصي؛ ما أسفر عن تحطيم الحافلة وإصابة أشخاص عدة من الناشطين في الحملة الانتخابية للمرشح هيتشيليما، إضافة إلى سرقة بعض المعدات والتجهيزات الدعائية.
وفي تعليقه على الحادثة، قال هيتشيليما، في تغريدة نشرها في حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: إنه يرفض ممارسة الترهيب من طرف الحزب الحاكم الذي هاجم أنصاره إحدى الحافلات التابعة للمعارضة، وأشار إلى وقوع إصابات وخسائر مادية خلال الاعتداء على الحافلة؛ واتهم هيتشيليما الحكومة الحالية في زامبيا باستغلال القانون من أجل وضع القيود والعراقيل أمام حملته الانتخابية، وقال: إن «العنف الذي يمارسه مؤيدون للجبهة الوطنية الحاكمة سيحول دون أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة»، على حد تعبيره.
من جهته، عبر الحزب الحاكم في زامبيا عن إدانته للهجوم الذي تعرضت له حافلة المعارضة، وقال: إنه «يتعامل مع ذلك الحدث بجدية شديدة، وإنه يأمل في أن تستطيع الشرطة معرفة حقيقة المعارك الداخلية التي لا معنى لها بين الأحزاب»، وفق ما جاء في بيان صحافي صادر عن حزب «الجبهة الشعبية» الحاكم.
في غضون ذلك، سجلت بعثة المراقبين التابعة للاتحاد الأفريقي التي يقودها الرئيس النيجيري السابق جودلاك جوناثان، بعض الخروقات المتعلقة بالعنف السياسي، لكن البعثة أكدت أن «الأحزاب السياسية في البلاد لا تزال قادرة على ممارسة أنشطة حملاتها الانتخابية دون مشكلات كبيرة رغم بعض حوادث العنف».
والتقى رئيس بعثة المراقبين الأفارقة مع الرئيس المنتهية ولايته إدغار لونغو، الذي أعلن أنه سيتقبل نتيجة الانتخابات مهما آلت إليه الأمور. ويواجه لونغو منافسة شرسة من زعيم المعارضة ورجل الأعمال الثري هيتشيليما، فيما أعلن الأخير أن أعمال العنف والتضييق على الحريات تجعل من المستحيل على الانتخابات أن تكون «نزيهة»، وكان هيتشيليما قد شكك في نزاهة انتخابات العام الماضي وقال: إن منافسه «سرق النتيجة».
ويتهم هيتشيليما الحكومة بوضع العراقيل أمام حملته الانتخابية؛ إذ قال في مهرجان انتخابي: «الرئيس ألغى اثنين من مؤتمراتي الانتخابية، لماذا لا يريد لنا أن نقوم بدعايتنا بالطريقة التي يقوم بها هو بدعايته؟»، فيما قال الرئيس المنتهية ولايته إدغار لونغو أمام جمع من أنصاره: إنه لن يقبل أن يمس أحد بأمن واستقرار البلاد، معلنًا أنه سيضحي بالديمقراطية من أجل الأمن، وفق تعبيره.
في غضون ذلك، علقت المفوضية المشرفة على الانتخابات في زامبيا، أنشطة الحملات الانتخابية لمدة عشرة أيام في منطقتين بينهما العاصمة لوساكا بسبب العنف السياسي المتصاعد.
وتبدو الخيارات محصورة بين الرئيس المنتهية ولايته إدغار لونغو، البالغ من العمر 59 عامًا، الذي يواجه اتهامات باستهداف المعارضة والتضييق على الحريات، خصوصا بعد مقتل شاب خلال مهرجان للمعارضة شهر يونيو (حزيران) الماضي، وزعيم المعارضة هاكايندى هيتشيليما الذي يعد أحد أشهر رجال الأعمال والأثرياء في زامبيا، تلقى تعليمه في بريطانيا وحققت استثماراته أرباحًا كبيرة في مجال العقار والصحة، ولكنه يقدم نفسه في الحملة الانتخابية بصفته ناجحا في مجال المال والأعمال.
ويعتمد الاقتصاد في زامبيا على استخراج النحاس من المناجم وتصديره إلى الأسواق العالمية؛ إذ تعد هي ثاني منتج للنحاس في أفريقيا، ولكن تراجع أسعار النحاس أثرت بشكل كبير في اقتصاد البلاد، فسجلت نسبة نمو خلال العام الماضي لم تتجاوز 3.6 في المائة، وهي الأقل منذ عام 1998، لتنتهي مرحلة الانتعاش الاقتصادي التي عاشتها البلاد عندما حققت نسبة نمو تجاوزت 10 في المائة عام 2010.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.