قوات نخبة أميركية تساعد القوات الليبية في معركتها ضد «داعش»

قدمت دعمًا مباشرًا على الأرض للمرة الأولى للمقاتلين في سرت

مقاتل تابع لقوات الحكومة الليبية على أرض المعارك في سرت (واشنطن بوست)
مقاتل تابع لقوات الحكومة الليبية على أرض المعارك في سرت (واشنطن بوست)
TT

قوات نخبة أميركية تساعد القوات الليبية في معركتها ضد «داعش»

مقاتل تابع لقوات الحكومة الليبية على أرض المعارك في سرت (واشنطن بوست)
مقاتل تابع لقوات الحكومة الليبية على أرض المعارك في سرت (واشنطن بوست)

أفاد مسؤولون أميركيون وليبيون بأن القوات الأميركية الخاصة قدمت دعما مباشرا على الأرض للمرة الأولى للمقاتلين في حربهم ضد تنظيم داعش في ليبيا، وأن هذه القوات تساعد في التنسيق لشن ضربات جوية وتقديم معلومات استخباراتية، في محاولة لطرد أعضاء التنظيم من معقلهم.
ومن شأن نشر عدد قليل من قوات النخبة الأميركية، التي تعمل بالتعاون مع القوات البريطانية بمدينة سرت الساحلية، أن تعزز من وجود القوات الأوروبية في دولة من إحدى أكثر الدول معاناة من وجود تنظيم داعش. وقال مسؤولون أميركيون، طلبوا عدم ذكر أسمائهم، نظرا لأن المهمة لم يجر الحديث عنها علنا حتى الآن، إن القوات الأميركية تعمل من خلال مركز للعمليات الخاصة يقع في ضواحي المدينة، وإن هدفهم ينحصر في دعم القوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية الضعيفة.
وصرحت المتحدثة باسم القيادة الأميركية الأفريقية المشتركة، روبين ماك، بأن أعدادا قليلة من القوات الأميركية سوف تستمر في الدخول والخروج من ليبيا لتبادل المعلومات مع القوات الليبية، لكنها لم تعط مزيدا من التفاصيل. وأدى التوسع في دور القوات الغربية على الأرض في إفساح الطريق أمام القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس أوباما بداية الشهر الجاري، للبدء في توجيه ضربات جوية منتظمة لمواقع تنظيم داعش بمدينة سرت التي اتخذها التنظيم عاصمة له بشمال أفريقيا. ومنذ بداية توجيه الضربات الأسبوع الماضي، قصفت الطائرات الأميركية نحو 30 هدفا لمسلحي «داعش».
وجاء تكثيف الضربات الجوية الأميركية ضد معاقل تنظيم داعش في ليبيا، ليؤكد الخطر الذي يمثله التنظيم الذي تعهد بتوجيه الضربات للغرب، ونجح في استقدام أعضاء من أفريقيا والشرق الأوسط. فمنذ ظهورهم في ليبيا عام 2014، أظهر أعضاء التنظيم تكتيكا قتاليا يشبه إلى حد كبير جماعتهم الأم في سوريا والعراق تمثل في قطع رؤوس غير المسلمين، ومهاجمة الشرطة الوطنية والمرافق التابعة للغرب بتلك الدول، مما أجبر السكان المحليين على الخضوع والعيش في ظل فهمهم المتطرف للإسلام.
تمثل العملية العسكرية الجديدة في سرت ذروة العمليات طويلة المدى ومنخفضة الرؤية في ليبيا التي تقوم بها قوات النخبة الأميركية التي أسست نقاط ارتكاز لها هناك خلال الشهور القليلة الماضية، في إطار سعيها لتأسيس علاقات مع القوات الصديقة، وزيادة الفهم الأميركي لتعقيدات الفصائل السياسية والعسكرية في ليبيا.
في السابق، كانت القوات الأميركية تركز على الدخول في محادثات مع عدد من الفصائل، لتحديد الشركاء المرتقبين وجمع المعلومات عن الوضع على الأرض، بما في ذلك التهديد الذي يمثله تنظيم داعش. فالحجم وطبيعة العمل المحدودة للعمليات الأميركية حول سرت تعكس التوازن الحساس المفترض أن تضعه الإدارة الأميركية في حسبانها، في إطار سعيها لإنجاح القوات المحلية الموالية لها، وفي الوقت نفسه لا تضر بحكومة الوحدة الوطنية الضعيفة المفترض أن تدير البلاد. والشهر الماضي، اعترض الليبيون على الوجود العسكري الفرنسي في شرق ليبيا، بعدما كشف مقتل بعض الجنود الفرنسيين هناك عن الوجود الفرنسي العسكري في ليبيا.
وحتى الأيام الماضية، نفى قادة عسكريون ليبيون عدم وجود لأي قوات غربية على الأراضي الليبية، مؤكدين أن المعارك التي تجري هي حربهم وحدهم، وأن القوات الموالية للحكومة في سرت ما هي إلا مجموعة مسلحين جاءت من مدينة مصراتة، 150 ميلا شمال غربي البلاد. وأفاد ماتيا تولادو، خبير الشؤون الليبية بإدارة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بأن طبيعة البعثة الأميركية في سرت تختلف عن الوجود الفرنسي في مدينة بنغازي شرق البلاد، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى أنه لا يوجد هناك بين الفصائل السياسية المتناحرة من يعارض محاربة تنظيم داعش.
وقال تولادو إنه «ما دام استمروا في عدم الظهور علنا، فإن المخاطر المحدقة بالقوات الأميركية والحكومة الليبية ستظل قليلة»، وإنه «حتى بمساعدة الضربات الجوية الأميركية، فإن القوات الموالية للحكومة تجد صعوبة في الدخول في مواجهة على الأرض تواجه فيها كثيرا من العقبات؛ مثل الألغام الأرضية والقناصة والمباني المفخخة. ومع الضربات التي توجهها القوات الأميركية إلى مركبات المتطرفين وإلى مستودعات الذخيرة المتنقلة، يسعى المسلحون للاختباء وإخفاء ما تبقى من دباباتهم وعرباتهم المدرعة الحاملة للجنود ومنصات الصواريخ. والاثنين الماضي، سُمع أزيز مقاتلات تحلق فوق سرت وتبعها أصوات انفجارات قوية في المناطق العسكرية. فحسب موقع «أفريكوم»، فقد قصفت المقاتلات كثيرا من الأهداف ودبابة واحدة.
في سياق متصل، قُتل على الأقل خمسة جنود وجرح عشرات آخرون من القوات الموالية للحكومة في معارك عنيفة دارت بضاحية الدولار الأسبوع الجاري. وشملت أعداد الجرحى كثيرا من قادة الجبهات الأمامية، بحسب مصادر عسكرية ليبية. وقال المسؤولون الليبيون إن القوات الأميركية لم تشارك في أي عمليات عسكرية، ولم تتدخل حتى في توجيه الضربات الجوية، وإنه لم يُجرح أي أميركي حتى الآن.
وفي السياق ذاته، شوهد الأسبوع الحالي بعض الجنود الأميركيين والبريطانيين يحملون أجهزة اتصال لاسلكية ويرتدون دروعا واقية من الرصاص، وقد غطت وجوههم صبغة سوداء، يتجولون وسط مدينة سرت، وفق ضباط موالين للحكومة الليبية وأجهزة الأمن الغربية في المنطقة. وقال مسؤولون بالبنتاغون إن هؤلاء الجنود لا يتبعون قوات النخبة الأميركية. ووفق مسؤولين عسكريين ليبيين، فإن وصول الأميركيين والبريطانيين بالقرب من الخطوط الأمامية يشير إلى الاستعداد لهجوم كبير على المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش».
يأتي الظهور العلني لقوات العمليات الخاصة الأميركية نهاية عام 2015. كما اتضح من كثير من الصور لأميركيين مسلحين بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، كمثال آخر على عمليات الرؤية المنخفضة التي لعبت دورا أساسيا في استراتيجية أوباما لمكافحة الإرهاب. ويراهن مسؤولو البنتاغون على أن تلك الفرق ذات الرؤية شبه المنخفضة بمقدورها إنجاح العمليات المحلية وتعزيز قدرات القوات المشاركة وإعفاء القوات الأميركية من لعب دور قتالي كما حدث في سوريا. وفي ليبيا، سلطت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الضوء على التهديدات المحدقة بتلك القوات، نتيجة لاستخدام طائرات من دون طيار تقلع من إيطاليا.
غير أن مشاركة جنود أميركيين في مناطق قريبة من المعارك العنيفة حيث تزداد المخاطر، تزيد من أهمية عملية سرت. فبالإضافة إلى شل قدرات مجموعة يعتقد ارتباطها بأعمال العنف خارج ليبيا، يأمل المسؤولون الليبيون في تحقيق انتصار بسرت يعزز من الوضع الضعيف لحكومة الوحدة الوطنية. فقد استمر دبلوماسيون غربيون في العمل لشهور من أجل توفير دعم أكبر للحكومة التي تشكلت بعدما توسطت الأمم المتحدة في مباحثات سلام لإنهاء انقسام سياسي طويل ساعد على تمدد تنظيم داعش بعرض البلاد.
* خدمة {واشنطن بوست}
ـ خاص بـ {الشرق الأوسط}



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.