هوليوود و«سلفاتوري فيراغامو» يحتفلان بالفنون و100 عام من الأناقة

فيروشيو فيراغامو رئيسها التنفيذي: كوننا دارا عائلية ميزة يجب أن نحافظ عليها لا أن نقع في أخطائها ومخاطرها

هوليوود و«سلفاتوري فيراغامو» يحتفلان بالفنون و100 عام من الأناقة
TT

هوليوود و«سلفاتوري فيراغامو» يحتفلان بالفنون و100 عام من الأناقة

هوليوود و«سلفاتوري فيراغامو» يحتفلان بالفنون و100 عام من الأناقة

عندما يتعلق الأمر بالإبهار والترفيه فإنه لا أحد ينافس هوليوود في صنعتها، وهذا ما أكدته في الأسبوع الماضي في حفل كبير جمعت فيه كل عناصر الأناقة والإثارة. كانت المناسبة افتتاح مركز واليس إننبورغ للفنون الأدائية، الذي حضرته باقة من النجوم على رأسهم تشارليز ثيرون، كيفن سبايسي، ديمي مور، جودي فوستر، سيدني بواتييه، جينا ديفيس، وهلم جرا.
الفعالية كانت من تمويل دار «سلفاتوري فيراغامو» الإيطالية، التي شهدت انطلاقتها هنا في هوليوود منذ مائة عام، عندما وصلها الشاب سلفاتوري فيراغامو وهو لا يملك أي شيء سوى حلم عارم بأن يبتكر تصاميم مريحة وأن يجعل تصميم الأحذية مهنة محترمة. هوليوود أعطته أكثر من هذا، ففي غضون بضع سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة، سطع نجمه وأصبح يعرف بصانع أحذية النجوم، بعد أن ضمت لائحة زبوناته غريتا غاربو، مارلين مونرو، أودري هيبورن، صوفيا لورين وغيرهن من نجمات الجيل الحالي ممن وقعن تحت سحر أناقة التصاميم وراحتها. لهذا لم يكن غريبا رؤية نخبة المجتمع في لوس أنجليس، باختلاف أعمارهم، يقفون لساعات طويلة يتبادلون أطراف الحديث وهم لا يتململون من الألم أو يتضايقون من الوقوف على كعوب عالية تتطلبها فخامة المناسبة، رغم أن المتعارف عليه أن سكان لوس أنجليس لا يحبون السهر. فأغلب الفعاليات الاجتماعية فيها تنتهي على الساعة الـ9:30 في العادة، بينما امتد الحفل هنا إلى ساعات متأخرة من الليل.
هذه العلاقة الوطيدة بين الحرفية الإيطالية والأناقة الهوليوودية، لا تزال في نظر أفراد عائلة فيراغامو اللبنة التي ساعدت على التحليق باسم الدار إلى العالمية وتوسعها من دار متخصصة في الأحذية إلى إمبراطورية تشمل كل ما يحتاجه الرجل والمرأة من أزياء وإكسسوارات. الأمر الذي أكدته في هذه المناسبة بعرض خاص لتشكيلة ربيع وصيف 2014 التي جرى تقديمها في ميلانو أخيرا، إضافة إلى إكسسوارات صممت خصيصا لهذه المناسبة. التشكيلة التي أبدعها المصمم الفني للدار ماسيمليانو جيورنيتي، تقطر بالأناقة التي تعطي الانطباع للوهلة الأولى أنها موجهة لنجمات هوليوود، لكن الحقيقة أنها تخاطب أيضا امرأة عادية تريد أن تتألق. فدار «فيراغامو» كما برهنت دائما لا تريد أن يرتبط اسمها بشريحة معينة بقدر ما تريد أن يرتبط بالحرفية والأناقة التي لا تعترف بزمن أو فئة معينة، إضافة إلى العملية والراحة. وهذا ما ترجمه المصمم في تشكيلة أغلبها موجه لمناسبات المساء والسهرة تلعب على الشفافية والإثارة، لكن بأسلوب راق. المصمم يشرح بأنه تأثر فيها بالمهندس المعماري المكسيكي ميجيل أينجل أراغونز وفكرة التفصيل العملي الممزوج بانسيابية تمثلت في بعض التفاصيل المستوحاة من ملابس النوم، مثلا أو البليسيهات والتعرجات.
في لقاء جانبي مع، فيروشيو فيراغامو، الرئيس التنفيذي للدار والابن البكر للمؤسس، تمحور الحديث عن البدايات والحلم الأميركي الذي تحقق بفضل عبقرية الأب وقوة الأم المستمدة من غريزتها الأنثوية للبقاء والاستمرار. والحقيقة أنها قصة تستحق أن تتحول إلى فيلم سينمائي لأنها تتمتع بكل عناصر التشويق والدراما والنجاح.
منذ 100 عام، وفي عام 1923 تحديدا، وصل الشاب سلفاتوري فيراغامو من جنوب إيطاليا إلى هوليوود. كل ما كان يتسلح به هو فورة الشباب وطموح بلا حدود لتحقيق حلم راوده منذ الطفولة. لم يكن يحلم بأن يصبح نجما أو بطلا، بقدر ما كان يريد أن يبرع في تصميم أحذية لا مثيل لها، وهي مهنة دخلها كمتدرب وهو طفل لا يتعدى عمره الـ11، ليفتتح محلا خاصا به في بونيتو وهو في الـ13 من العمر، بعدها التحق بأفراد من عائلته يعملون في نفس المجال ببوسطن. هناك، تعرف على عالم مختلف تماما، انبهر فيه بالآلات العصرية وطريقة العمل المتطورة، ورغم ذلك شعر بأن هناك ثغرات فيما يخص الحرفية التي لم تكن متوفرة بشكل كبير. البداية كانت في أوائل العشرينات من القرن الماضي، حين انتقل إلى كاليفورنيا وافتتح فيها محلا لإصلاح الأحذية. وكان من الممكن أن يقنع بهذا، إلا أن طموحه كان أكبر، لهذا انخرط في معهد لدراسة علم تشريح الأقدام حتى يتقن مهنته ويعطيها قيمة لم تكن تحظى بها من قبل. ففي إيطاليا على الأقل، كانت صناعة الأحذية تعد مهنة من لا مهنة له ويمارسها أبناء الطبقات المتدنية. بل وكان العمل فيها يؤثر على سمعة العائلة وكأنها وصمة عار. لم يهتم الشاب سلفاتوري بكل هذا، وكان همه أن يرقى بها إلى مستوى فني، وفي الوقت ذاته أن ينجح في تحقيق المعادلة الصعبة: تقديم أحذية أنيقة ومريحة في الوقت ذاته. وهذا ما نجح فيه وأثار إليه انتباه هوليوود التي أطلقت عليه لقب «صانع أحذية النجوم»، الأمر الذي يمكن أن يأخذنا إلى بداية علاقة النجوم بالموضة. فرغم الاعتقاد السائد بأنها ولدت في الثمانينات على يد مصممين من أمثال جياني فرساشي وجيورجيو أرماني، فإن كتب التاريخ تقول إن هذه العلاقة تعود إلى عهد السينما الصامتة مع سلفاتوري فيراغامو، حين ظهرت كل من ماري بيكفورد ودوغلاس فيربانكس بأحذية من تصميمه في فيلم «لص بغداد» وغيره من الأفلام. تطورت صناعة السينما ومعها تطورت صناعته، وما لبث محله بسانتا باربرا أن أصبح نقطة جذب لنجوم هوليوود من أمثال غلوريا سوانسون، بيت ديفيس، دولوريس ديل ريو وغيرهن. في عام 1927، انتقل إلى فلورنسا بعد أن رسخ أقدامه في هوليوود وضمن ولاء زبائنه فيها. كانت لنقلة إلى فلورنسا مهمة وضرورية، ليضمن الحرفية العالية التي تتميز بها المنطقة من جهة، ولتفادي تبعات الأزمة الاقتصادية التي ألمت بأميركا في نهاية العشرينات، واضطرته أن يلتفت إلى السوق المحلي والأوروبي.
يشرح فيروشيو فيراغامو أن عودته إلى فلورنسا وتأثر مبيعاته في أميركا، لم تعن أن الحلم انتهى، بل العكس كان اختياره لفلورنسا مدروسا لكي تبقى شعلة الحلم ملتهبة: «كان يريد مدينة تعبق بالإلهام.. وفلورنسا فريدة من نوعها وكل ما فيها مثير من بناياتها وفنونها ومآثرها.. كل ما فيها يتنفس فنا». الابتكارات التي قدمها سلفاتوري فيها تؤكد هذا القول، بدليل كعب الـ«بلاتفورم» الذي كان أول من ابتكره. وتقول الرواية إن إحدى السيدات لجأت إليه تشتكي له أن نعل حذائها غير مريح، لأنه غير سميك مما يجعلها تشعر بكل حصاة تمشي فوقها في الشارع وكأنها أشواك مغروسة في قدمها. ما إن سمع شكواها حتى عكف على ابتكار النعل العالي، أو ما أصبح يعرف في لغة الموضة بالـ«بلاتفورم». الابتكار لم يمنح المرأة الراحة فحسب، بل أيضا زادها طولا، الأمر الذي كان كفيلا بأن يعزز من شعبيته ومكانته، خصوصا في هوليوود، التي تحتاج فيها النجمات إلى طول فارع لم تكن كل النجمات تتمتعن به مثل جودي غارلاند. ابتكارات الشاب سلفاتوري لم تتوقف عند هذا الحد، فخلال الحرب العالمية وبسبب شح المواد مثل الجلد والصلب، لجأ إلى خشب الفلين والرافيا، بل وحتى جلد السمك لكي يتغلب على الأزمة. ورغم أن آخرين قلدوه فيما بعد، فإنه يبقى دائما المخترع، سواء تعلق الأمر باستعماله مواد جديدة وغريبة أو تصاميم اكتسبت أشكالا فنية وحداثية سابقة لأوانها لا تزال تلهم مصممي الأحذية الشباب حتى الآن. عند وفاته في عام 1960، كان الإرث الذي خلفه يقدر بـ20.000 تصميم تقريبا. بيد أن هذا لم يكن كافيا لرجل عاش وتنفس الأحذية ورائحة الجلود وكانت أحلامه لا حدود لها منذ الطفولة، فقبل موته، باح لزوجته، واندا، بحلم لم يحققه بعد، ألا وهو أن تتحول «سلفاتوري فيراغامو» إلى دار لا تقتصر على الأحذية فقط، بل تشمل كل ما يزين الجسم من الرأس إلى القدمين، إضافة إلى رغبة قوية بأن يتولى كل من أبنائه الستة العمل فيها. لم تكن واندا وقتها تعرف الكثير عن إدارة الأعمال. فقد كانت أما لستة أطفال وربة بيت، لكنها شعرت بغريزة المرأة والأم بأن عليها أن تحافظ على الإرث الذي خلفه زوجها من دون أن تنسى حلمه الذي لم يحققه في حياته، وهو التوسع إلى مجالات الأزياء وحقائب اليد والأوشحة وأربطة العنق والعطور وغيرها. وبالفعل برهنت أنها لا تحتاج إلى شهادات عالية لكي تقوم بهذه المهمة الصعبة، حسب قول ابنها البكر فيروشيو، الذي التحق بالعمل في الدار وعمره لا يتعدى الـ18 عاما: «أعتقد أن والدتي لعبت دورا كبيرا في حياة كل واحد منا ولا تزال.. إنها مدهشة، فعندما توفي والدي، عملت كل ما في طاقتها لكي تحافظ على إرثه بإدارة أعماله وفي الوقت ذاته الإشراف على بيتها وتربية أطفالها. فقد كانت أما لستة أطفال، كل واحد منا يغني على هواه ومع ذلك نجحت في أن تلعب دور الأب والأم. صحيح أنها لم تكن حائزة على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال أو أي شيء مماثل، لكنها أفنت حياتها للعمل من باب شغفها به وولائها لذكرى الزوج».
وحتى الآن، ورغم أنها في التسعينات من العمر، لا تزال واندا تعمل وتحرص على الحضور يوميا إلى المبنى الرئيس لإمبراطورية «سلفاتوري فيراغامو» بفلورنسا للإشراف على سير العمل وعلى بعض المشاريع الفنية التي تمولها الدار. ولا شك أنها تشعر بالرضا بأنها نفذت الوصية الملقاة على عاتقها على أحسن وجه. فكل أولادها الستة عملوا في الدار وكان لكل واحد منهم دور مهم في تقويتها واستمراريتها. صحيح أن أسهمها طرحت في السوق إلا أن النسبة الأكبر لا تزال في حوزة العائلة، مما يجعل أفرادها يتحكمون في مصيرها. يعلق فيروشيو: «كوننا دارا عائلية ميزة يجب أن نحافظ عليها ونستغلها لا أن نقع في أخطائها ومخاطرها. مما لا شك فيه أن العنصر العائلي يجعلها أكثر صلابة وقوة، لكننا ولكي نحافظ على هذه القوة، كان لا بد من وضع شروط وقوانين صارمة نتقيد بها، خصوصا فيما يتعلق بدخول أي فرد جديد إليها. فالعائلة تكبر وأصبح للأبناء أحفاد، مما قد يوقعنا في مطب المحاباة والتفضيل، لهذا فإن العملية تتطلب الكثير من الشروط والاختبارات، والآن هناك ثلاثة أحفاد فقط يعملون في الدار». من هؤلاء الأحفاد، نذكر ابن فيروشيو، جيمس فيراغامو، المشرف على جانب الإكسسوارات النسائية، والوجه الممثل للدار نظرا لوسامته وقدراته على التواصل مع كل الأجيال. يتابع: «نحن محظوظون، لأننا أنجزنا الكثير، لكننا ندرك أننا نحتاج أن لا نتواكل على ما حققناه لحد الآن، وأن ننظر دائما إلى الأمام لنفكر فيما يمكن أن نقوم به لإرضاء زبون الغد، وكيف يمكننا أن نواكب العالم المتغير بسرعة».
كان ابنه جيمس طوال هذا الوقت، يجلس صامتا يستمع باهتمام إلى والده وهو يحكي قصة جده وكأنه يسمعها لأول مرة، قبل أن يلتقط خيط الحديث مديرا الدفة لجانب التصميم والابتكار قائلا: «من المهم أن يكون هناك امتداد لكل شيء، لكن مهم أيضا أن نواكب العصر. نحن نعرف جيدا أن هناك خيطا رفيعا بين أن نكون رائدين ومبتكرين وبين أن نتبع الصرعات ونقع ضحايا لها. من المهم أن نكون مبتكرين، لكن في الوقت ذاته، عليك أن تبتكر منتجات يمكن أن تبقى لفترات طويلة وليست لموسم واحد.. هذا بحد ذاته تحد كبير». ويوافقه والده الرأي قائلا: «الصورة التي نريد أن تعكسها منتجات الدار هي الأناقة التي لا تعترف بزمن. إنها أناقة مبهرة، لكن بعيدة كل البعض عن الاستعراض، وهذا يعني أنه من المهم جدا أن تبقى صادقا مع نفسك ومعتقداتك. فقد مررنا بفترات ربما كانت فيها منتجاتنا كلاسيكية مقارنة بالباقي، لكننا حاولنا دائما أن نوظف التغيرات والتطورات الموسمية بطريقة غير صادمة للعين، وهذا ما جعلنا نحافظ على هويتنا طوال هذه العقود. ولا يمكننا تحت أي ظرف من الظروف أن نقدم منتجا لا يخضع لمعايير الدار في ما يتعلق بالجودة والراحة والابتكار، لأن كل منتج يخرج من معاملنا يجب أن يعبر عن هويتنا واسمنا من النظرة الأولى». كان فيروشيو يتكلم عن الجمال وهوية الدار بحماس لا شك أنه ورثه عن والدته واندا التي قالت في إحدى مقابلاتها النادرة، إن «الابتكار شيء يروق للناس.. والجمال دائم لا يعترف بزمن ولا يشيخ أبدا».



حقائب اليد لهذا الموسم... بين النوستالجيا والتجديد

«مي بولسا» حقائب تدمج الدفء الإسباني بالكلاسيكية البريطانية (مي بولسا)
«مي بولسا» حقائب تدمج الدفء الإسباني بالكلاسيكية البريطانية (مي بولسا)
TT

حقائب اليد لهذا الموسم... بين النوستالجيا والتجديد

«مي بولسا» حقائب تدمج الدفء الإسباني بالكلاسيكية البريطانية (مي بولسا)
«مي بولسا» حقائب تدمج الدفء الإسباني بالكلاسيكية البريطانية (مي بولسا)

إذا كان هناك شيء واحد يمكن أن يجدد إطلالتك، فهو حقيبة اليد. إكسسوار يُثبت منذ تسعينات القرن الماضي قدرته العجيبة على الارتقاء بأي إطلالة مهما كانت بسيطة. منذ ذلك الحين وهو استثمار لا يخيب، على شرط اختياره بمواصفات معينة، تبدأ بمصدر الخامات وطريقة دباغتها إلى التصميم المبتكر، مروراً بجودة الخامة نفسها. فقط عندما تتوافر فيها هذه العناصر، تحافظ على قيمتها وقدرتها على شد الانتباه في الوقت ذاته.

الليدي إليزا وتوأمها الليدي أميليا سبنسر وحقائب للمساء والسهرة من «أسبينال» (أسبينال)

علاقة تجارية أولاً

الجدير بالذكر أنها لم تكتسب روح الاستثمار في التسعينات. فهذه الحقبة كانت المساحة التي بنت عليها سمعتها بوصفها إكسسواراً مهماً. شكّلت بالنسبة لصناع الموضة فرصة ذهبية لإغراء المرأة بشراء في كل موسم بجديد، ومن ثم تحقيق الربح. وسرعان ما أصبحت الترموميتر الذي تقاس به قدرة المصممين وتحدِّد نجاحهم وبقاءهم. كل هذا جعل المنافسة على أشدها بين كبار بيوت الأزياء لابتكار «حقيبة الموسم». وهذا يعني زيادة الضغوطات على المصممين الذين تسابقوا على طرح أشكال وألوان كثيرة منها، حتى إذا خابت واحدة تصيب أخرى. وطبعاً ساهمت المرأة في نشر هذه الثقافة الاستهلاكية بشرائها حقيبة أو أكثر في كل موسم.

بطلة السباحة يسرى مارديني وحقيبة من دار «سالفاتوري فيراغامو» (فيراغامو)

الأمر يختلف حالياً؛ إذ أصيب الجيل الجديد بنوع من التخمة من كثرة التصاميم الموسمية. عقليته وسلوكياته الشرائية أيضاً تختلف عن الجيل السابق. لم تعد منتجات تفقد وهجها بعد أشهر أو سنة تثيره، كما بدأ يبتعد عن كل ما يحمل «لوغو» صارخاً. الأناقة الحقيقية بالنسبة للغالبية هي تلك التي تقوم على الاستدامة والجودة العالية والابتكار، وهذا يعني الاستثمار في حقيبة يمكن أن تبقى معه طويلاً. تصرخ بالرقي من دون صوت أو ضجيج، بفضل شكلها وخاماتها. هذا التوجه كان له تأثير السحر على علامات معينة مثل «لورو بيانا» و«ذي رو» للأختين ماري كايت وآشلي أولسن، وعلامة «أسبينال»، التي تربطها خيوط متينة بالعائلات الأرستقراطية.

في حملتها الأخيرة، استعانت العلامة الإنجليزية بالليدي إليزا وأختها الليدي أميليا سبنسر، ابنتَيْ إيرل تشارلز سبنسر، شقيق الأميرة الراحلة ديانا لتسويق مجموعتها الجديدة. فهما سفيرتان للدار منذ سنوات، وتُجسدان روحها الإنجليزية الراقية. بينما بقيت التصاميم كلاسيكية، تنوعت أحجامها وتلونت بألوان الأحجار الكريمة، وكأنها تقول إنها لا تقل قيمة عنها. تشير الدار إلى أن الأختين ستظهران في كل مناسبات الأعياد بحقائب من هذه المجموعة؛ لأنها وبكل بساطة «تليق بالأميرات والملكات»، وتتنوع في أشكال تغطي كل المناسبات.

الليدي أميليا سبنسر وحقيبة «توت» لمناسبات النهار وأماكن العمل (أسبينال)

العودة إلى القديم

المشكلة المطروحة أن التنافس بين بيوت الأزياء والأسماء الكبيرة على خطف القلوب والوصول إلى الجيوب، خلق تنوعاً يُصيب بالحيرة، لا سيما أن جرعة الابتكار تضاعفت بدليل التصاميم التي طرحتها كل من «جيورجيو أرماني» و«ديور» و«بوتيغا فينيتا» و«سكياباريللي» و«فيراغامو» و«فندي» وغيرها. بعضهم تبنى فكرة أن تكون التصاميم جديدة بكل معنى الكلمة مثل «جيورجيو أرماني»، بينما عاد بعضهم الآخر إلى كلاسيكيات قديمة نجحت في عصرها باعتبارها مضمونة. في الحالتين، تستشعر رغبة محمومة في جعل حقيبة اليد تستعيد نفس النجومية التي حظيت بها في التسعينات وبداية الألفية، حين كان مجرد ظهور واحدة على كتف نجمة أو يد أخرى يجعلها، بين ليلة وضحاها، ظاهرة، تنفد من الأسواق، وتضاف إلى قوائم الانتظار لأشهر طويلة.

لشتاء 2025 شهدت حقيبة Paddington تطوراً دقيقاً مع الحفاظ على جوهرها (كلوي)

لم يكن هذا النجاح محض صدفة أو نتيجة تسويق ذكي، بل كان نابعاً من جاذبية التصميم. أكبر مثال على هذا، حقيبة «بادينغتون» التي تميزت بقفل كبير وجلد ناعم وتفاصيل مستوحاة من عالم الفروسية. حققت لدار «كلوي» نجاحاً منقطع النظير عندما أصدرتها أول مرة في عام 2005، وحلقت بفيبي فيلو، مصممتها آنذاك إلى العالمية. عيبها الوحيد كان وزنها الثقيل، وهو ما صححته «كلوي» هذا الموسم. استعملت معادن أخف وزناً، وجلداً أكثر نعومة ومرونة، وأضافت فتحة بسحاب واحد زاد من عمليتها. كل هذا من دون أن تغير بأساسيات هيكلها... فهو مكمن قوتها.

ولأنه من الصعب جداً ابتكار أشكال جديدة تماماً، فإن العديد من بيوت الأزياء الكبيرة عادت إلى قديمها بترجمات تقتصر على التفاصيل مثل المقابض والمشابك والتطريزات إضافة إلى إدخال مواد جديدة أو تطوير الخامات.

من بين هذا الكم الهائل من الحقائب المطروحة هذا الموسم والمواسم المقبلة، اخترنا التالي:

«لايدي ديور»

«لايدي ديور» النسخة الجديدة مزخرفة بحرفية وكأن قطرات ماء صافية تتدلى منها (ديور)

في كل موسم، يُعاد ابتكار حقيبة «لايدي ديور» بأسلوب يعكس روح الدار وحرفيّتها. وفي مجموعة «ديور كروز» لعام 2026، عادت بحلّة مصغّرة مصنوعة من الجلد الأبيض الناصع، تزينها تفاصيل شفافة وكأنها قطرات ماء صافية تؤكد مهارة حرفيي الدار في تقطيع الجلد، وصياغة المقابض وتثبيت كل جزئية بعناية مدروسة، بما في ذلك الأحرف التي نقش بها اسم «ديور». فهو ليس «لوغو» بقدر ما هو زخرفة تضاف لجمال الحقيبة.

من «جيورجيو أرماني»

دار «جيوجيو أرماني» استعارت تفاصيل من الأزياء في حقائب مفعمة بالأناقة والفخامة (جيورجيو أرماني)

تبرز مجموعة بجلود فاخرة وتفاصيل أنثوية دقيقة، منها الأيقونتان «لابريما» و«لابريما سوفت» إلى جانب تصاميم جديدة، تتميز بآليات إغلاف فريدة مستوحاة من السترات التي برع فيها المصمم الراحل وأصبحت مرادفاً لقدرة الدار على الإبداع. أما حقيبة توت الجديدة فتستحضر أشكالاً أرشيفية تم تجديد الجزء العلوي منها لتصبح أخف وأقرب إلى التصميم المفكك، ما يمنحها عملية وأناقة. فهي تحتوي على كيس داخلي وحزام كتف قابل للتفكيك. وتأتي بجلد العجل المحبب أو السويد. تضم التشكيلة أيضاً حقائب «كلاتش» لتلك المناسبات الخاصة من جلد النابا أو السويد مع تطريزات أنيقة، وحقائب كتف من جلد العجل المحبب أو السويد بشكل شبه منحرف وحواف معدنية.

من «فندي»

طرحت «فندي» نسخاً جديدة من أيقوناتها الناجحة (فندي)

ركّزت دار «فندي» في مجموعتها لربيع وصيف 2026 على إكسسوارات تلعب على نقش Falena (الفراشة) بأسلوب تجريدي، بدءاً من حقائب Baguette التي جاءت مطرّزة بأجنحة الفراشة أو مرصّعة بالترتر، إلى حقائب Peekaboo المصنوعة من صوف الشيرلينغ المجزوز أو بالأنماط الزخرفية المحبوكة. تمتد طبعات الفراشة أيضاً على حقيبة FENDI Spy الناعمة. وحقيبة FENDI Verse الجديدة متعددة الاستخدامات مع أحزمة كتف قابلة للتعديل ومزيّنة بقطع معدنية تحمل شعار FF، فيما تأتي حقيبة Baguette أيضاً بتصميم clutch مع مشبك إغلاق يحمل شعار FF.

إيكارنو من «سان لوران»

حقيبة «إيكارنو» من «سان لوران» أصبحت حقيبة معتمدة من قبل النجمات (سان لوران)

نسخة مصغرة أيضاً طرحتها دار «سان لوران» لخريف وشتاء 2025من تصميمها الشهير «إيكارنو». إضافة إلى حجمها الذي يراعى الموجة السائدة حالياً في عالم الحقائب، يمزج تصميمها الأناقة بالعملية الوظيفية، ما يجعلها مناسبة لكل الأوقات. فحجمها رغم صغره عملي بامتياز بفضل سحاب الإغلاق ونعومة الجلد، تحافظ على رموز الدار وشخصية «إيكارنو» من ناحية جلد العجل الناعم، والخياطة المضلعة ذات الشكل الماسي المسطح، فضلاً عن الألوان المتنوعة ما بين الأسود والرمادي والأخضر والبني الباهت والبرتقالي المطفي وغيرها من الألوان. اختيارها بلون كلاسيكي محايد يجعلها استثماراً بعيد المدى.

«نيو لاغيج» من «سيلين»

حقيبة «نيو لاغيج» من سيلين ربما تكون الأكبر حجماً لتستوفي كل عناصر الأناقة والعملية (سيلين)

يبدو أن «سيلين» Celine أيضاً عادت إلى قديمها لتجدده. رسا الاختيار هذه المرة على حقيبة «نيو لاغيج» NEW LUGGAGE المستوحاة من حقيبة «فانثوم لاغيج» Phantom Luggage التي صممتها مديرتها الإبداعية السابقة، فيبي فيلو، وحققت نجاحاً كبيراً في 2010 بتفاصيل تستحضر حقيبة «ميسترال» التي صُممت أول مرة في عام 1969 على يد سيلين فيبيانا، مؤسسة الدار سيلين.

النسخة الجديدة تتميز بحجم أكبر، ومن جلد الحمل الناعم واللامع، فيما تم تحسين هيكل الحقيبة باستعمال خياطة عكسية مع حواف مخيطة وسحاب. تفاصيل تزيد من نعومتها وخفة وزنها وفي الوقت ذاته من عمليتها. فهي مطروحة بأحجام متنوعة وباستخدامات متعددة. حجمها الصغير يتيح حملها على الكتف أو باليد بعد إزالة الحزام. وبحجمها المتوسط يمكن أن تحمل باليد أو على المرفق، وبحجمها الصغير على الكتف أو بمقبض اليد.

«مي بولسا» Mi Bolsa

رغم خاماتها المترفة مثل جلود العجل الناعم والتماسيح تؤمن «مي بولسا» بأن جمال الحقيبة في بنيتها لا في سعرها (مي بولسا)

تعني بالإسبانية «حقيبتي». عمرها لا يتعدى بضع سنوات، ومع ذلك أكدت أن لها رؤية مبتكرة تجمع الأسلوب الإسباني المنطلق والكلاسيكية البريطانية. تأسست على يد ميكايلا وشقيقها أليكس، اللذين يجمعان خلفيات وتجارب متنوعة. فميكايلا مثلاً كانت تعمل في قطاع المال بلندن، وبعدها في تطوير المنتجعات في كوريا الجنوبية لكن شغفها بالحقائب جعلها تتخلى عن مسيرة مهنية مضمونة لتدخل عالم المنافسة من خلال حقائب حرصت على أن تعكس شخصيتها، وكل ما تعنيه كلمة الفخامة من معانٍ، لكن بأسعار متوسطة. فهي ترى أن الفخامة لا تقاس بالسعر بقدر ما تقاس بتلك العلاقة التي تربطها بصاحبتها. والنتيجة أن العلامة تقدم مجموعة واسعة من التصاميم، تخاطب كل الأوقات والأذواق. لكن يبقى الجلد الناعم والخفة قاسمين مشتركين في كل هذه التصاميم، سواء تلك التي تُحمل باليد أو على الكتف.


تانيا فارس أول لبنانية تفوز بجائزة الموضة البريطانية وجوناثان أندرسون يحقق ثلاثية ذهبية

تانيا فارس خلال تلقي كلمتها بعد حصولها على جائزة تقدير على إسهاماتها في دعم المصممين الناشئين (غيتي)
تانيا فارس خلال تلقي كلمتها بعد حصولها على جائزة تقدير على إسهاماتها في دعم المصممين الناشئين (غيتي)
TT

تانيا فارس أول لبنانية تفوز بجائزة الموضة البريطانية وجوناثان أندرسون يحقق ثلاثية ذهبية

تانيا فارس خلال تلقي كلمتها بعد حصولها على جائزة تقدير على إسهاماتها في دعم المصممين الناشئين (غيتي)
تانيا فارس خلال تلقي كلمتها بعد حصولها على جائزة تقدير على إسهاماتها في دعم المصممين الناشئين (غيتي)

في الوقت الذي كان فيه لبنان يحتفل بزيارة البابا روبرت بريفوست (ليو الـ14) التاريخية، كانت اللبنانية تانيا فارس تكتب التاريخ في مجال الموضة بوصفها أول لبنانية تفوز بجائزة التقدير الخاص (Special Recognition Award) عرفاناً لها بـ15 عاماً من مبادرة BFC Fashion Trust، وتقديراً لدورها في تأسيس هذه المبادرة.

تانيا فارس عبَّرت عن فخرها بكونها أول لبنانية تحصل على الجائزة (غيتي)

بكلمات تُعبّر عن فخرها بهويتها قالت تانيا وهي تتسلم الجائزة، إن لا شيء يضاهي سعادتها سوى فخرها بأصولها اللبنانية وكونها أول لبنانية تحصل عليها.

جدير بالذكر أن حفل جوائز الموضة البريطانية السنوي من أهم فعاليات عالم الموضة، حيث تُقدَّم فيه جوائز لأهم المصممين العالميين والشباب إلى جانب صناع الموضة والمؤثرين من رؤساء تنفيذيين ومصممين ومبدعين في مجالات فنية مختلفة أخرى. كما يحضره أفراد من الحكومة دعماً لصناعة تدر على البلد الملايين وتوظف الآلاف.

عمدة لندن صادق خان يتوسط المصممة روكساندا والنجمة كيت بلانشيت لدى وصولهم الحفل (رويترز - أ.ف.ب)

هذا العام، وفي أول ليلة من ديسمبر (كانون الأول)، وبين زخّات مطر خفيفة تلامس شوارع لندن، ازدانت قاعة رويال ألبرت هول بالبريق: أضواء مشعة ونجوم في فساتين مثيرة، وكأنها بهذا الكم من الأناقة الراقية، تطوي عاماً حافلاً بالإبداع والفن والتغييرات الجريئة.

منذ اللحظة الأولى وحتى قبل بدء الحفل، بدت الأجواء خارج القاعة واعدة. مشاهير من عالمي الفن والموضة تحدّوا الطقس اللندني وتألقوا على السجادة الحمراء. من شارون ستون وكيت بلانشيت وصادق خان، عمدة لندن، وهلمّ جراً من الأسماء الكبيرة، والتي كان عدد لا يستهان منها يأمل في أن يسمع اسمه من بين الفائزين.

أندرسون... ثلاثية ذهبية

من هؤلاء كان الآيرلندي جوناثان أندرسون، المدير الإبداعي الحالي في دار «ديور» والذي فاز بجائزة مصمم العام، محققاً بهذا إنجازاً قياسياً. فهذه المرة الثالثة التي يفوز بها باللقب على التوالي، وإن كان هذا العام يحمل قيمة إضافية بالنسبة له؛ لأنه فاز بالجائزة عن علامته الخاصة «جي دبليو أندرسون» وعن دار «ديور» التي التحق بها مؤخراً وقدم لها أول مجموعة من إبداعه منذ أشهر قليلة.

جوناثان أندرسون بعد تسلمه جائزة مصمم العام للمرة الثالثة على التوالي (غيتي)

وقف أندرسون وسط تصفيق حار، وقال بروح مرحة: «سأكون سريعاً... أعلم أن الجميع يرغب في الاحتفال». ثم عبّر عن شكره لدلفين أرنو، الرئيسة التنفيذية للدار وإلى فريقه قائلاً: «أؤمن بأن التعاون طريق النجاح». إنجاز أندرسون لا يقتصر على تحقيقه الرقم القياسي هنا، بل يمثل لحظة تحول مهمة لدار «ديور» التي من المتوقع أن يضخها بروح جديدة تجمع بين الحداثة والحرفية وبين الماضي والمستقبل.

جوائز تُكرّم الإبداع البريطاني

وفي سياق الجوائز التي تحتفي بالفعل الإبداعي البريطاني، فازت سارة بيرتون بجائزة مصمّمة الأزياء النسائية البريطانية للعام عن عملها في دار «جيفنشي»، التي التحقت بها مؤخراً، مؤكدة استمرار تأثيرها الراسخ في عالم الأزياء النسائية.

وعلى الجانب الآخر، توّجت غريس ويلز بونر بجائزة مصمّم الأزياء الرجالية البريطانية للعام عن علامتها Wales Bonner، بعد عام شهد حضوراً قوياً لها على منصات العرض وفي النقاشات الثقافية المرتبطة بالهوية والموضة، لا سيما بعد دخولها دار «هيرميس» خليفة لفيرونيك نيشانيان التي تولت القسم الرجالي لنحو 37 عاماً.

أما جائزة Vanguard، التي تُمنح للمواهب الواعدة، فكانت من نصيب المصمّمة ديلارا فندك أوغلو، التي واصلت خلال العام الماضي فرض نفسها بوصفها واحدةً من أكثر الأصوات الشابة إثارة للاهتمام في عالم الأزياء التجريبية.

برونييلو كوتشينيلي

شارون ستون وبرونيلو كوتشينلي قبل دخولهما قاعة الحفل (أ.ف.ب)

ومن بين الجوائز المهمة أيضاً في الأمسية، كانت جائزة الإنجاز المُتميز التي ذهبت هذا العام إلى المصمّم الإيطالي برونيلو كوتشينيلي، المعروف ببناء إمبراطورية عالمية للرفاهية الهادئة من مقره في قرية سولوميو الحالمة بوسط إيطاليا. وكان توم فورد هو الفائز بهذه الجائزة في العام الماضي؛ الأمر الذي يؤكد استمرار الاعتراف بالأسماء التي تركت بصمتها على الصناعة بأبعادها الإنسانية والحرفية.

الجانب الإنساني يسرق الأضواء

رغم أن أسماء الفائزين ببعض الجوائز كانت معلنة قبل الحدث، فإن اللحظات التي عاشها الضيوف داخل القاعة لم تفقد تأثيرها.

كانت أنوك ياي، الفائزة بجائزة عارضة العام، من أبرز هذه اللحظات. العارضة السودانية - الأميركية التي تصدرت أغلفة المجلات العالمية مثل «فوغ» فرنسا، وظهرت في حملات سان لوران وفيرساتشي، وقدّمت عطراً من تييري موغلر، اعتلت المسرح وهي تتلقى الجائزة من الفائزة السابقة أليكس كونساني. وقالت ياي بخفة ظل: «قيل لي إن مسيرتي لن تتجاوز ستة أشهر... ويبدو أنها كانت ستة أشهر طويلة، أليس كذلك؟»، ثم تحوّلت عباراتها رسالة تمس القلوب: «إلى كل الفتيات السود الصغيرات اللواتي يشاهدنني الآن... لونكن ليس لعنة. أنتنّ أقوى مما تتخيلن». كلمات جعلت القاعة تصمت في لحظة إجلال، قبل أن تنفجر بالتصفيق.

إبداع يربط الموضة بالثقافة

جائزة المبتكر الثقافي كانت من نصيب ليتل سيمز، الفنانة التي تجمع بين الموسيقى والتمثيل، والتي أهدت جائزتها «لنسختها الصغيرة» التي لم تكن لتتخيل هذا اليوم، لكنها «رأته حتى النهاية».

كما شهد الحفل منح جائزتي تقديراً خاصاً في هذا المجال لكل من دلفين أرنو وBFC Fashion Trust متمثلة في تانيا فارس بمناسبة مرور 15 عاماً على تأسيسه.

وحصلت لولو كينيدي ورافاييل مور على تكريم 25 عاماً من Fashion East، بينما ذهبت جائزة «لحظة باندورا الأسلوبية» للعام إلى سام وولف.

أما جائزة «إيزابيلا بلو للإبداع»، فقد مُنحت لكلٍّ من راي كاواكوبو، وأدريان جوفي، وديكون باودن عن Dover Street Market.

تخللت الحفل أنشطة فنية وترفيهية عدة عربوناً على لقاء الموضة والفنون (رويترز)

وهكذا اختُتمت أمسية جمعت بين الأزياء وعروض حية من الموسيقى والباليه، إضافة إلى القصص الإنسانية، وفي الوقت ذاته كرّست مكانة جوائز الموضة بين أكثر الأحداث تأثيراً في روزنامة الموضة العالمية. ليلة كتبت فيها لندن فصلاً جديداً، وكان بطلاها الأساسيان لبنانيةً وآيرلندياً.


أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)
انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)
TT

أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)
انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)

بين افتتاح المتحف المصري الكبير وفضول عالمي متزايد بسوق الموضة وصعود مصممين من أبناء البلد يطمحون لترك بصمتهم على العالم، يأتي أسبوع الموضة المصري ليكون خطوة مهمة في رحلة القاهرة لاستعادة دورها بوصفها عاصمة ثقافية وفنية. سلاحها، العودة إلى الجذور وإلى حكايات ملهمة إلى جانب توظيف خامات طبيعية محلية.

يبدو واضحاً أن معظم المصممين والمبدعين متمسكون بالجذور رغم تطلعهم للعالمية (خاص)

تحت عنوان «التطور» انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري في احتفال يعكس خطوات واثقة بدأت تحققها صناعة الأزياء منذ إطلاق الحدث لأول مرة في عام 2023. في هذه الدورة برزت رغبة محمومة من قبل المصممين المشاركين في توظيف خامات طبيعية كالقماش والقطن. وطبعاً إحياء حرف يدوية تقليدية في مسار يُعبِد الطريق نحو مستقبل مستدام وهوية تصميم مصرية معاصرة.

فتحت الفعاليات أبوابها للجمهور داخل مبنى كونسوليا وبيت بدير في قلب وسط البلد، بعدما أعادت إحياءهما شركة Coterie الشريك الرئيسي لهذا العام.

من علامة «باز القاهرة» تصاميم مستوحاة من التراث بلغة معاصرة (خاص)

كان هناك حرص على أن تُجرى كل فعاليات الحدث في مكان محدد، حتى لا يضطر الحضور إلى التنقل بين الأماكن في زحمة سير القاهرة، وما يمكن أن يترتب عليه من تأخير وضغوط. ثم إن المكان يتوفر فيه كل شيء، بدءاً من فناء أخضر فيه مقهى إلى طوابق مختلفة يحتضن كل واحد منها فعاليات معينة. الطابق الخامس مثلاً خُصص لأعمال أبرز المصممين المصريين عبر معارض ومنصات تفاعلية وورش عمل، فيما خصصت الطوابق العليا، كمسرح لعروض الأزياء وصالونات للماكياج وتصفيف شعر العارضات.

هناك رغبة في العودة إلى الجذور واستعمال خامات طبيعية مستدامة (خاص)

لكن ما ميز أسبوع هذه الدورة أيضاً، تعدد برامج الحوارات، التي شارك فيها أكثر من 30 شخصية محلية ودولية مؤثرة، من ضمنهم الأرشيدوقة كاميلا فون هابسبورغ-لوتيرينغن والمصممة أمينة غالي من عزة فهمي، و كاميلا فراكاسو ديافيريا من White Milano

والباحثة التراثية شهيرة محرز وشرين رفاعي مؤسسة أسبوع الموضة الأردني.

وشاركت ثمانٍ من أبرز مؤسسات تعليم الموضة في مصر إما بعروض أو معارض تبرز أفكاراً مبتكرة لطلاب يدعمهم برنامج GTEX التابع للمركز الدولي للتجارة ومؤسسة دروسوس بعد عملية انتقاء دقيقة لكل واحد منهم.

كانت القاعات تنبض بالنقاشات حول الاستدامة، الملكية الفكرية، تعليم الحرف والتمويل. وفي ورش العمل، قدّم المصمم الأردني ليث معلوف عروضاً تطبيقية على الأقمشة، بينما شرح مشرفون من مبادرة MSNJ كيف أصبح الصبار خيطاً ناعماً يمكن إدخاله في أزياء صديقة للبيئة.

تقول سوزان ثابت، أحد مؤسسي الأسبوع، إن مصر تزخر بالموارد والمواهب، وتاريخ غني في مجال الموضة لا يعرفه كثيرون ويستحق التعريف به وتسليط الضوء عليه بعد أن طاله غبار الزمن.

المصمم بريهان أبو زيد من علامة «باز» (خاص)

من هذه الفكرة أو الرغبة تبدأ قصة أسبوع الموضة في مصر تحت عنوان «التطور».

كانت التصاميم تشبه دفاتر يوميات مفتوحة ترجم فيها الطلاب رؤية لعالم يريدون أن يكونوا جزءاً منه عن استحقاق.

لكن وراء الألوان والقصات والأضواء وتسريحات الشعر الأنيقة، يقف اقتصاد ضخم. فصناعة النسيج مثلاً من أهم ركائز الاقتصاد المصري، وكذلك القطن المصري الذي يعد علامة فارقة في المنتجات العالمية من ناحية جودته وفخامته. تقول سوزان: «هذا تحديداً ما يرتكز عليه أسبوع الموضة ليعيد صياغة هذه الصناعة، ليس فقط عبر تصدير الخامات، بل عبر خلق علامات مصرية قادرة على المنافسة عالمياً وتحمل مفهوم (صنع في مصر)».