تجمع مصري ـ ماليزي يدعو لضبط مفاهيم «إسلامية» لصد آراء الجماعات الإرهابية

بمشاركة 3 آلاف أكاديمي وداعية.. ومصدر: عناصر قتالية لـ«داعش» تخطط لعمليات في آسيا

جانب من التجمع الإسلامي المصري - الماليزي في العاصمة كوالا لمبور أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من التجمع الإسلامي المصري - الماليزي في العاصمة كوالا لمبور أمس («الشرق الأوسط»)
TT

تجمع مصري ـ ماليزي يدعو لضبط مفاهيم «إسلامية» لصد آراء الجماعات الإرهابية

جانب من التجمع الإسلامي المصري - الماليزي في العاصمة كوالا لمبور أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من التجمع الإسلامي المصري - الماليزي في العاصمة كوالا لمبور أمس («الشرق الأوسط»)

دعا تجمع إسلامي مصري - ماليزي عن التطرف، المجتمع الدولي لدرء شر التطرف وخطره بشكل عاجل، وضبط مفاهيم الجهاد والخلافة والتكفير للتصدي لفتاوى وآراء الجماعات المتطرفة، فضلا عن نشر صحيح الدعوة البعيدة عن الغلو والتطرف من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.
وقال أحد المشاركين المصريين في فعاليات المؤتمر العالمي الذي اختتم فعالياته أمس في ماليزيا، إن «المتطرفين يحاولون أن يقدموا الدين الإسلامي على أنه نموذج للتخريب والهدم والتفريق والعداء المتواصل». مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤتمر أكد خطورة سعي (داعش) الإرهابي لاستقطاب الشباب في آسيا للانضمام للتنظيم، خاصة بعد تفشي ظاهرة الإرهاب هناك، وترهيب الأقليات العرقية الدينية».
بينما حذر مصدر مصري من توافد عناصر قتالية تابعة لتنظيم داعش ممن تمرسوا على القتال في سوريا والعراق وليبيا، كي يقوموا بإدارة عمليات وتفجيرات في آسيا، فضلا عن تجنيد وترتيب سفر الشباب الماليزيين إلى سوريا وأرض الخلافة المزعومة، لضمان استمرار وجود التنظيم في آسيا أطول فترة ممكنة، والتأكد من تكوين البؤر الإرهابية، بشكل عنقودي يصعب معه حصار التنظيم والقضاء عليه.
وترفع السلطات في ماليزيا حالة تأهب من انتشار تنظيم داعش في البلد الذي تسكنه أغلبية مسلمة لكن تعيش فيه أيضا أعراق متعددة، وسبق أن ألغت السلطات الماليزية مطلع أغسطس (آب) الحالي 68 جواز سفر لمواطنين، تردد أنهم سافروا للخارج لدعم تنظيم داعش المتطرف.
وحملت السلطات الماليزية «داعش» مسؤولية الهجوم بقنبلة على مركز ترفيهي في يوليو (تموز) الماضي. ويذكر أن الشرطة الماليزية ألقت القبض على أكثر من 200 ماليزي، للاشتباه في قيامهم بأنشطة ذات صلة بتنظيم داعش منذ مطلع عام 2013.
وطالب المشاركون في جلسات مؤتمر «تفعيل الوسطية في مواجهة التطرف بمقر الجامعة الإنسانية»، والذي عقده فرع الرابطة العالمية لخريجي الأزهر بولاية قدح في ماليزيا، بمشاركة الفرع الرئيسي للرابطة بالقاهرة، بمواجهة «مرض التطرف بطريقة علمية وبعمل متواصل، بهدف تفكيك أسباب الإرهاب جميعها وإيجاد حلول مناسبة».
وشاركت مصر في المؤتمر الدولي بوفد رفيع من الرابطة العالمية لخريجي الأزهر، وحضر المؤتمر من ماليزيا، أشرف وجدي دسوقي نائب وزير الشؤون الدينية بمجلس وزراء ماليزيا، ومحمد فخر الدين رئيس الجامعة الإنسانية ورئيس فرع الرابطة بماليزيا، وحاج يوسف بن دين رئيس مؤسسة الوسطية الماليزية، فضلا عما يقرب من 3 آلاف من الأكاديميين ورجال الدعوة بماليزيا.
وقال المشاركون في المؤتمر، إن البداية لمواجهة التطرف لا بد أن تكون بالعناية بالأسرة والأطفال للحرص على تربيتهم تربية تجمع بين العيش في عصرنا الحاضر والحفاظ على ديننا وقيمنا الأصيلة، فضلا عن الاعتناء بقضية المرأة بتعليمها وتثقيفها ومشاركتها الاجتماعية والسياسية.. فكم استغل المتطرفون هذا الفراغ ليعبثوا بعقول الأطفال والنساء ويدخلوا علينا من أبوابهم.
وأكد المشاركون أنه عندما ترك دعاة الوسطية المساجد، سرق المتطرفون عقول الناس وأفكارهم، فضلا عن التأكيد على مناهج التعليم، والإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الأمنية في الدول.
وسبق أن نفذ تنظيم داعش عملية إرهابية في جاكرتا عبر سلسلة من التفجيرات في العاصمة الإندونيسية قرب مكتب الأمم المتحدة ومناطق أخرى، أسفرت عن مقتل نحو ثمانية أشخاص من بينهم خمسة من منفذي الهجوم.
من جانبه، أكد أسامة ياسين نائب رئيس الرابطة العالمية لخريجي الأزهر بمصر، أحد ممثلي القاهرة في المؤتمر، أن «ظاهرة التطرف في التاريخ الإنساني والفكر البشري هو الاستثناء وليس القاعدة ولا تختص بدين ولا ثقافة ولا شعب، وعلى الرغم من ذلك فهي ظاهرة معقدة لا نستطيع أن نردها لسبب واحد؛ بل لعدة أسباب، منها «النفسية والأخلاقية والتعليمية والفكرية والاجتماعية»، فضلا عن أن لمظاهر العولمة أثرها البالغ في نشر ألوان جديدة للتطرف، جعلت العالم أكثره في حالة من الاستقطاب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لافتا إلى أنها كلها أسباب مركبة تنبع من منابع مختلفة؛ لكنها تنتهي جميعا إلى مصب واحد وهو التطرف المؤسس للعنف والإرهاب.
السلطات الماليزية ذكرت في يوليو الماضي، أنها أحبطت هجوما بقنبلة على ضباط كبار في الشرطة، واعتقلت 14 يشتبه بأنهم من أعضاء «داعش» من بينهم عضو بارز في التنظيم، يعتقد أنه مسؤول عن تجنيد عبد الغني يعقوب، وهو ماليزي من مقاتلي التنظيم المتشدد، وقتل في سوريا في أبريل (نيسان) الماضي.
من جانبه، قال أسامة ياسين إن المؤتمر يأتي في وقت بالغ الأهمية والدقة والخطورة، مما يجعل مسؤوليتنا عظيمة وفاء بواجبنا الديني والوطني والإنساني لتصحيح الصورة الذهنية الخاطئة عن ديننا الحنيف، ورد شبهات المشككين فيه، والتي كان بعض المنتسبين له سببا فيها.
مضيفا أنه «في الوقت الذي نقدم فيه الدين للناس على أنه باب السعادة في الدنيا والآخرة، وأن أهدافه ومقاصده تتمثل في عبادة الله وتزكية النفس وعمارة الأرض، يحاول المتطرفون أن يقدموا الدين على أنه نموذج للتخريب والهدم والتفريق والعداء المتواصل». مؤكدا أن التطرف ظاهرة لا تختص بدين ولا ثقافة ولا شعب، وأن كثيرا من المتاجرين بالمبادئ يحاولون أن يلبسوه - زورا - ثوبا دينيا أو فلسفيا أو فكريا أو إصلاحيا.
بينما أكد المشاركون في فعاليات المؤتمر، ضرورة مواجهة مرض التطرف بطريقة علمية وبعمل متواصل، بهدف تفكيك أسبابه جميعا، ثم إيجاد حلول مناسبة، حتى لا يطغى جانب من جوانب الحل على جانب آخر؛ بل يجب تضافر جهود دعاة الاستقرار والسلام جميعها، لتقديم الحلول المتكاملة لهذه الظاهرة.
المشاركون في المؤتمر دعوا في ختام جلسات عملهم بالمؤتمر، إلى حماية الشباب من القيم الزائفة والمعاني العنيفة التي يبثها «داعش»، والتي تحفز على ممارسة العنف واستحسانه، وكذا الحث على متابعة التطبيقات والبرامج التي تقدم للشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لضمان عدم تعرضهم لهذه الدعاية الخبيثة، والأفكار التي تحض على العنف، والتي يسعى التنظيم إلى بثها في عقول الشباب، لتهيئتهم لتقبل مثل هذه الأفكار وممارسة أعمال العنف.
في ذات السياق، أوصى البيان الختامي للمؤتمر الذي اختتم أعماله أمس، بعد أن استمر لمدة يومين، بضرورة تعاون جميع المؤسسات الإسلامية الرسمية وغير الرسمية في مواجهة الفكر المتطرف، واستيعاب الشباب وتوجيه طاقاته في البناء والتنمية وتأصيل روح المواطنة، فضلا عن فتح أبواب الحوار مع الشباب في المدارس والجامعات والمعاهد لتصحيح ما علق بأذهانهم من أفكار مغلوطة، مطالبا بضبط مفاهيم الشريعة الإسلامية (الجهاد، والخلافة، والحاكمية، والولاء والبراء، والتكفير) للتصدي لفتاوى وآراء الجماعات الإرهابية، فضلا عن العمل على التوسع في إنشاء فروع أخرى للرابطة العالمية بمختلف أنحاء العالم خاصة في المناطق التي تشهد انتشارا للفكر المتشدد. معتبرين أن أهم أسباب انتشار الفكر المتطرف هو الجهل بمقاصد الشريعة الإسلامية، والتعصب المذهبي والطائفي، وضعف الأسرة في التنشئة الاجتماعية الصحيحة، واستغلال الدين في تحقيق المكاسب السياسية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.