المعارضة التركية: إردوغان يعلم أن عقوبة الإعدام لن تعود

اعتقال صهر رئيس الأركان السابق وتطهير واسع في «الشؤون الدينية»

المعارضة التركية: إردوغان يعلم أن عقوبة الإعدام لن تعود
TT

المعارضة التركية: إردوغان يعلم أن عقوبة الإعدام لن تعود

المعارضة التركية: إردوغان يعلم أن عقوبة الإعدام لن تعود

طفت تباينات على السطح بين المعارضة التركية والرئيس رجب طيب إردوغان وحكومته بشأن الحديث عن إعادة العمل بعقوبة الإعدام بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي.
وقال كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، إن إردوغان يعلم أن عقوبة الإعدام لن تعود إلى تركيا، «لكنه يكرر الحديث عن هذا الأمر في الميادين لامتصاص غضب الشعب حيال الانقلابيين».
وأثار إردوغان مسألة عودة عقوبة الإعدام مجددًا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة حيث ذكر في الخطاب الذي ألقاه أمام الجماهير المنددة بالانقلاب في ساحة يني كابي، الأحد الماضي، أنه سيخضع لرغبة المواطنين الذين خرجوا للميادين دفاعًا عن الديمقراطية، فقد برزت شعارات في كثير من التجمعات والميادين تردد: «نريد الإعدام للانقلابيين».. «نريد عودة عقوبة الإعدام».
وقال كليتشدار أوغلو: «طرح إردوغان إعادة عقوبة الإعدام في تركيا أمر مقلق»، مشيرا إلى أن إردوغان على علم بأن هذا القانون من الصعب إقراره في هذه الفترة.. «يجب على إردوغان أن يهدئ الشعب بدلا من زيادة غضبه».
وحث كليتشدار أوغلو وزير الدفاع التركي على إصدار تصريح حول موقف الحكومة التركية حيال إعادة تطبيق عقوبة الإعدام بشكل صريح.
وتابع: «حتى لو عادت عقوبة الإعدام اليوم، فيجب أن تكون مطابقة لمعايير القوانين الدولية، فلا يمكن لتركيا العودة إلى الوراء».
كان إردوغان كان ذكر أمام الحشد الجماهيري في «تجمع الديمقراطية والشهداء» في يني كابي بإسطنبول الأحد الماضي، أنه من الممكن عودة تطبيق حكومة الإعدام إذا أراد الشعب ذلك، مشيرًا إلى أنه ينبغي «على الأحزاب السياسية أن تنصاع لإرادة الشعب، فكثير من الدول تطبق أحكام الإعدام مثل الصين واليابان والولايات المتحدة، غير أن دول أوروبا لا تطبقها».
في سياق مواز، هدد لطيف إردوغان، الكاتب في صحيفة «يني عقد» الموالية لحزب العدالة والتنمية، الذي يصف نفسه بـ«النائب السابق» للداعية فتح الله غولن، نائبة رئيس حزب الحركة القومية ميرال أكشنار، التي تنافس رئيس الحزب دولت بهشلي على رئاسة الحزب، بوجود تسجيل مصور يخصها.
وحاولت أكشنار إجراء مداخلة مع قناة «سي إن إن تورك» التي كانت تستضيف لطيف إردوغان مساء الاثنين، والتي بدأت منذ أسبوع سلسلة حلقات مع الصحافيين لطيف إردوغان ومصطفى فاران، المنشقين عن حركة «خدمة» التابعة لغولن بهدف الكشف عن أسرار الحركة من الداخل، إلا أن مقدمة البرنامج ديدم أرسلان رفضت المداخلة.
ونشرت أكشنار ردا شديد اللهجة على تصريحات لطيف إردوغان عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
وكان لطيف إردوغان قال خلال البرنامج: «كنت أشعر منذ فترة بأن ميرال مقربة من حركة (خدمة). وأعلم أنها صديقة مقربة لكمال الدين أوزدمير الذي انفصل عن (خدمة) منذ فترة، وهناك كثير من الناس يعرفون هذه العلاقة» على حد زعمه.
وفي رد منها على هذه الادعاءات، قالت أكشنار: «تقومون بانتهاك كرامة وسمعة الآخرين في برنامجكم، وأنا أستنكر عليكم ذلك. لا تجمعني أي صداقة أو علاقة بكمال الدين أوزدمير. لذا، عدِّلوا هذه المعلومة على الفور، وإلا سألجأ إلى القضاء. أعتبر ذلك هجوما صريحا على كرامتي. ليلعنكم الله جميعا».
يُذكر أن لطيف إردوغان قال خلال لقاء تلفزيوني في شهر فبراير (شباط) الماضي إن حركة «خدمة» أعطت له شريطا مسجّلا يخص أكشنار ليشاهده. وأقامت أكشنار دعوى قضائية ضده.
في الوقت نفسه، تواصلت حملات الإقالة والتطهير في المؤسسات المختلفة في تركيا في إطار التحقيقات التي بدأتها السلطات التركية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.
وأعلنت رئاسة هيئة الشؤون الدينية أنه تمت إقالة ألفين و560 من العاملين بها داخل وخارج تركيا، بعد أن سبق أن أقالت 492 موظفا عقب محاولة الانقلاب.
كما ألقت قوات الأمن التركية القبض على المعيد في كلية الطب بجامعة غازي في أنقرة يوسف كيزيل، صهر رئيس الأركان السابق الفريق الأول نجدت أوزال في إطار الحملة الأمنية ضد حركة «خدمة»، (الكيان الموازي كما تسميه الحكومة).
واقتحمت قوات الأمن التركية أمس كلية الطب في جامعة غازي وطالبت العاملين بعدم مغادرة غرفهم، ثم بدأ عميد الكلية الدكتور صادق دميرسوي بإبلاغ العاملين الذين تم فصلهم من الجامعة، كما تم إبلاغ كيزيل، صهر رئيس الأركان السابق والمعيد في قسم الأنف والأذن والحنجرة، بأنه فُصِل من عمله.
وعقب فصلهم قامت عناصر الشرطة داخل المستشفى التابع للكلية بتحركات متزامنة لتعتقل أشخاصا أصدرت النيابة العامة قرارات اعتقال بحقهم.
في سياق آخر، أعلنت السلطات التركية أنها تخطط لإنشاء أسواق تجارية مكان القواعد والثكنات العسكرية التي أغلقت عقب محاولة الانقلاب الفاشلة. وكانت الحكومة أعلنت أنه سيتم إغلاق قاعدة أكينجي الجوية في منطقة كازان بالعاصمة أنقرة ومدرسة الطيران المدني في جوفارجينلك ووحدات المدرعات والوحدات العسكرية في ماماك والثكنات العسكرية في هاصدال ومالتبه بمدينة إسطنبول بجانب نقل المدرسة الجوية إلى إسبرطة.
وتخطط الحكومة التركية لتنفيذ مشاريع تجارية بارزة في مواقع الوحدات العسكرية هذه بهدف توفير عائد مادي، مشيرة إلى أن وزارة المالية ووزارة الدفاع ووزارة البيئة والتخطيط العمراني، هي التي تتحمل مسؤولية هذه العملية، بناء على تعليمات من رئاسة الوزراء، كما أشارت إلى أن مشروع الأسواق التجارية ونقل الثكنات العسكرية سيتكلف ملياري ليرة.
كما غيرت بلدية أنقرة أمس اسم ميدان «كيزلاي»، الميدان الأكبر والأشهر بالعاصمة التركية، إلى ميدان «إرادة الأمة 15». وعلى صعيد آخر، استأنفت محكمة جنايات أكحصار (وسط تركيا) النظر في قضية 46 متهما من بينهم 6 معتقلين على خلفية كارثة منجم سوما بمحافظة مانيسا غرب تركيا التي راح ضحيتها نحو 301 عاملا في مايو (أيار) 2014، وذلك بعد توقف استمر لستة وخمسين يوما.
وأثناء إدلائه بإفادته، قال رئيس مجلس إدارة مناجم فحم سوما، جان جوركان الذي اعتقل على خلفية الكارثة: «بلادنا تتعرض لهجوم من قبل منظمة حزب العمال الكردستاني وحركة (خدمة)، (الكيان الموازي أو منظمة غولن كما تسميها الحكومة) وجبهة التحرر الشعبي الثوري. هذه المنظمات هي المسؤولة عن حادث سوما». كما زعم جوركان بأنه غير مسؤول عن الكارثة. وكانت التحقيقات أثبتت وجود مخالفات في إجراءات السلامة والأمان في المنجم. وعلى صعيد آخر، قال محامي دفاع جوركان قدير شاكين: «حركة (خدمة)، (الكيان الموازي) متورطة في كارثة سوما، وسترون ذلك عما قريب» على حد قوله.
وتجري محاكمة 46 متهما رُفعت بحقهم دعوى قضائية مع مطالبات بالسجن من سنتين إلى 25 سنة بسبب اتهامات «القتل العمد» و«التسبب في مقتل 301 عاملا وإصابة مئات آخرين في منجم سوما» وذلك في إطار التحقيقات القضائية التي بدأت عقب الكارثة التي وقعت في 13 مايو عام 2014. وقبيل الجلسة عقد أهالي الضحايا وأعضاء مؤسسات المجتمع المدني الداعمين لهم، مؤتمرا صحافيا. وفي كلمة له بالنيابة عن أسر الضحايا، اتهم والد أحد الضحايا ويدعى إسماعيل شولاك، موظفي اتحاد مناجم تركيا بالتورط في الحادث، مؤكدا أن أسر الضحايا ستتابع القضية حتى النهاية.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.