مصادر فرنسية: معركة حلب أثبتت أن سحق المعارضة أمر «غير ممكن»

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن الثنائي الأميركي ـ الروسي لا يملك جميع الأوراق في سوريا

مصادر فرنسية: معركة حلب أثبتت أن سحق المعارضة أمر «غير ممكن»
TT

مصادر فرنسية: معركة حلب أثبتت أن سحق المعارضة أمر «غير ممكن»

مصادر فرنسية: معركة حلب أثبتت أن سحق المعارضة أمر «غير ممكن»

شددت مصادر فرنسية رسمية، أمس، على أن التطورات الميدانية الحاصلة في حلب «تبين بشكل قاطع» أن الحل العسكري في سوريا الذي يراود النظام ومن يدعمه استنادا لما كانت قواته قد أنجزته عندما تمكنت من حصار مدينة حلب بالكامل في 17 يوليو (تموز) الماضي «لا أساس متينا له» وأن «ما يربحه النظام اليوم يمكن أن يخسره غدا».
ودعت المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، النظام السوري والجهات الإقليمية والدولية الداعمة له، وعلى رأسها روسيا وإيران، إلى «الاستفادة» من التطورات الميدانية الجارية على الأراضي السورية، وخصوصا في حلب، من أجل العودة إلى المسار السياسي الذي يتحمل مسؤوليته المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.
وأضافت هذه المصادر أن النكسات التي أصابت قوات النظام في حلب رغم المساندة الجوية الكثيفة التي توفرها الطائرات الحربية الروسية والمساندة البرية من ميليشيات إيرانية وعراقية وما يسمى «حزب الله».. وغيرها، تظهر أن هذه القوى مجتمعة «غير كافية لفرض الحل العسكري» على الأطراف الأخرى، وبالتالي، فإن الإصرار على الحسم العسكري، وفق رؤية النظام ومن يقف إلى جانبه «لن يكون له من أثر سوى إطالة الحرب والاستمرار في تدمير سوريا وإيقاع الأذى بشعبها».
والخلاصة التي تركز عليها المصادر الفرنسية أنه «حان الوقت» لهذه الأطراف أن «تعترف» بأن الحل العسكري، أي سحق المعارضة وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أمر «غير ممكن». لذا، فإن الأجدى «مراجعة الحسابات» والاستفادة من جهود الأمم المتحدة والسير بالحل السياسي.
من هذه الزاوية، ترى باريس أن «خشبة الخلاص» بالنسبة لجميع الأطراف المتحاربة في سوريا هي العودة إلى طاولة المفاوضات في جنيف من أجل السير في عملية الانتقال السياسي التي ينص عليها بيان جنيف لصيف عام 2012، والقرار الدولي رقم «2254»، والقرارات الدولية الأخرى ذات الصلة. أما الخطوة الأولى، وفق ما شرحته المصادر الفرنسية، فتكمن في إحياء اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي تم الاتفاق عليه في فيينا ثم صدق عليه بقرار دولي مرفقا بروزنامة محددة للعملية السياسية. والحال، أنه بعد ثلاث جولات من المحادثات في المدينة السويسرية، لم ينجح دي ميستورا في الوصول إلى أي نتيجة ملموسة بسبب رفض وفد النظام مقاربة الموضوع الأساسي وهو عملية الانتقال السياسي. أما رغبة دي ميستورا بالدعوة إلى جولة جديدة في جنيف «أواخر الشهر الحالي» فيبدو أنها «معلقة» بانتظار تطورات الوضع الميداني وانعكاساتها على مواقف الأطراف المتحاربة على طاولة المحادثات. ولا شك أن نتيجة معركة حلب، عاصمة سوريا الاقتصادية، بما تحمل من شحنة رمزية ودلالات سياسية وعسكرية، ستكون، في أي حال، عنصرا حاسما في الاتجاه الذي ستسلكه مجريات المحادثات السياسية إن جاء الحسم لمصلحة المعارضة أو لمصلحة النظام.
بموازاة ذلك، تطرح معركة حلب، بحسب مصادر دبلوماسية فرنسية أخرى، مسألة مصير «التفاهمات» الأميركية - الروسية التي توصل إليها الوزير جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماعاتهما المطولة في موسكو يومي 14 و15 يوليو الماضي. وتنص هذه التفاهمات، وفق ما علمته «الشرق الأوسط» على إيجاد غرفة عمليات مشتركة في عمان، تكون مهمتها تحديد بنك أهداف موحد لضرب تنظيمي «داعش» و«النصرة» في عمليات مشتركة، مقابل مطلب أميركي بالتوصل إلى هدنة من أسبوع، وتلافي الطيران الروسي استهداف مواقع المعارضة المسلحة المعتدلة، والضغط على النظام ليحذو حذو روسيا، وتفعيل وقف الأعمال العدائية، والعودة إلى المسار السياسي، مع ترك موضوع مصير الأسد إلى «مرحلة لاحقة».
والحال، أن هذه المصادر كانت تشكك منذ البداية في «صدق» الطرف الروسي الذي ساهم بقوة، من خلال عمليات طائراته، في تمكين النظام وحلفائه من ضرب طوق على المناطق الشرقية في حلب وتطويقها بالكامل، مما دفع مصادر العاصمة السورية إلى تأكيد أن الحرب «دخلت مراحلها النهائية» وأن «الانتصار» فيها أصبح قاب قوسين أو أدنى. أما التحول الآخر، فتمثل في إعلان زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني قطع صلات تنظيمه «حبيًا» مع «القاعدة»، والدور الكبير الذي لعبته «فتح الشام»، (وهو الاسم الجديد لـ«النصرة») في معركة حلب، إلى جانب «أحرار الشام»، والتنظيمات الأخرى التابعة للجيش السوري الحر. والحال أن هذه التغيرات تجعل المطالبة الروسية من واشنطن بـ«فصل» مواقع المعارضة المعتدلة عن مواقع النصرة أمرا صعب المنال، بالنظر للتداخل الكبير بين المواقع العسكرية للأطراف المعارضة من جهة، وابتعاد «النصرة»، أقله شكليا، عن «القاعدة».
من جانب آخر، ترى باريس أن تطورات حلب تبين بوضوح أن «الثنائي» الأميركي - الروسي، رغم قدراته في التأثير على مسار الوضع حربا أو سلما «لا يملك جميع الأوراق»، بل إن الأطراف الإقليمية «قادرة هي الأخرى على التدخل والتأثير على مجرياته». والخلاصة التي تتوصل إليها مصادرها هي أن تفاهمات واشنطن - موسكو «ليست كافية»، بل ثمة حاجة «لتوسيع الإطار وضم الأطراف الفاعلة» إقليميا ودوليا إلى دائرة اتخاذ القرارات والتشاور بشأن كل أوجه الحرب السورية، بما فيها مصير النظام، وليس فقط التركيز على الحرب على «داعش» وإخوانه بموجب أجندة أميركية - روسية لا غير.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.