احتدام المواجهات في الصلو.. وإسناد جوي من التحالف يكبد الميليشيات خسائر الكبيرة

الانقلابيون يشعرون بالتخبط والإحباط.. وينتقمون بحصد أرواح المدنيين

لقطة للدمار الذي خلفته المعارك بأحد المباني في تعز (رويترز)
لقطة للدمار الذي خلفته المعارك بأحد المباني في تعز (رويترز)
TT

احتدام المواجهات في الصلو.. وإسناد جوي من التحالف يكبد الميليشيات خسائر الكبيرة

لقطة للدمار الذي خلفته المعارك بأحد المباني في تعز (رويترز)
لقطة للدمار الذي خلفته المعارك بأحد المباني في تعز (رويترز)

*مجلس تنسيق مقاومة تعز يدعو إلى مزيد من التحفز والاحتشاد الثوري لاستكمال النصر
تواصل ميليشيا الحوثي والموالون لها من قوات المخلوع علي عبد الله صالح قصفها المستمر والهستيري بمختلف أنواع الأسلحة على مواقع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مديرية الصلو، إحدى قرى قضاء الحُجرية جنوبي تعز، وذلك من مواقع تمركزها في دمنة خدير ومنطقة ورزان، جنوب شرقي مدنية تعز، وكذلك على مواقع الجيش والمقاومة في مختلف جبهات تعز.
ويرافق القصف المواجهات العنيفة بين قوات الشرعية والانقلابيين في مديرية الصلو، وراح ضحيتها قتلى وجرحى من الجانبين، في حين تكبدت الميليشيات الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد جراء مواجهاتهم مع قوات الشرعية وبمساندة طيران التحالف.
بدوره، ثمّن مجلس تنسيق المقاومة الشعبية في تعز، الدور البطولي للجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مديرية الصلو، وجاء ذلك خلال اجتماعه الدوري الذي ناقش فيه مجملا من القضايا العامة في جبهات القتال بمحافظة تعز، ولا سيما جبهات القتال في حيفان والصلو. وشدد المجلس التنسيقي على ضرورة العمل بصورة عاجلة على فك الحصار وتحرير المحافظة من الميليشيات الانقلابية، منوها إلى «أهمية الالتزام الإعلامي بسياسة المقاومة وبما يخدم أهدافها الاستراتيجية ويحقق وحدتها، وأن بيانات المجلس وبلاغاته الرسمية هي وحدها التي تعبر عن الموقف الرسمي للمقاومة». ودعا أبناء المحافظة إلى «مزيد من التحفز والاحتشاد الثوري والفعل المقاوم بصوره المختلفة لاستكمال النصر الذي وصلنا إلى بوابته وصار قاب قوسين أو أدنى». وقدم المجلس خلال اجتماعه شكره للتحالف العربي بقيادة السعودية، الذي قال عنه بأن «دعمه يمثل عاملا رئيسيا في استمرار المقاومة الشعبية وتقدمها منذ انطلاقتها في اليمن عامة، ومحافظة تعز خاصة».
وكان القائد الميداني في المقاومة الشعبية قائد لواء الصعاليك، عزام الفرحان، الذي يقود المواجهات مع الميليشيات الانقلابية في مديرية الصلو، دعا إلى ضرورة دعم عناصر المقاومة الشعبية المقاتلة في جبهة الصلو، محذرا في الوقت ذاته من «انهيار الجبهة إذا لم تصلها أي مساندات أو تعزيزات». وقال في منشور كتبه على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «مازلنا مرابطين وثابتين في أعلى قمة في جبل الصلو رغم شدة الضرب من الصباح وإلى الآن الاشتباكات مستمرة». ودفعت الميليشيات الانقلابية بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى مواقع متفرقة في جبهات تعز، ومنطقة ظبي الأعبوس في جبهة حيفان، جنوبي المدينة.
من جهته، جدد طيران التحالف كإسناد جوي لقوات الشرعية، غاراته على مواقع ومخازن وتعزيزات الميليشيات الانقلابية في مناطق متفرقة من محافظة تعز. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن غارات التحالف استهدفت تجمعات ومواقع ومخازن أسلحة الميليشيات الانقلابية في مناطق متفرقة من تعز، ومن بينها مواقع قرب محطة توفيق عبد الرحيم بأكثر من خمس غارات، وأكثر من 12 غارة على تجمعات للميليشيات في معسكر الإذاعة في الحوبان، ومواقع الميليشيات في معسكر 22 ومحيطه في منطقة الجند، ومواقع أخرى شرقي المدينة.
كما شن طيران التحالف غاراته على مواقع الميليشيات الانقلابية في شرق جبل النار على طريق المخا غرب تعز، وتجمعات أخرى في معسكر خالد بن الوليد مقر قيادة اللواء 35 بمفرق المخا غرب تعز، ومنطقة المحجر الجديد وجسر الهاملي على طريق المخا أيضا. كما استهدفت نقطة للميليشيات، ومطار تعز الدولي، ومعسكر العمري في ذباب، ولا يزال طيران التحالف يحلق فوق سماء تعز وبكثافة.
وبينما عاود طيران التحالف العربي شن غاراته على مواقع وتجمعات وتعزيزات ومخازن أسلحة الميليشيات الانقلابية في محافظة تعز وعدد من المحافظات اليمنية، ترى القوى السياسية اليمنية أن الحسم العسكري لا بد منه في ظل إفشال مشاورات السلام في الكويت من قبل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح التي تواصل انتهاكاتها والدفع بتعزيزاتها العسكرية إلى مختلف الجبهات، علاوة على قصفها المستمر على الأحياء السكنية في مدينة تعز وقرى وأرياف المحافظة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه دول التحالف العربي بقيادة السعودية لإنقاذ المشاورات السياسية اليمنية بين وفدي الشرعية والانقلابيين، بينما يرفض هذا الأخير الالتزام بأي اتفاقيات دولية من شأنها وقف نزيف الدم اليمني والملاحقات المستمرة من قبل الانقلابيين، إضافة إلى التهجير وهدم المنازل وقتل من يعارضهم ويؤيد شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
تعليقا على ذلك، يقول المحلل السياسي، ياسين التميمي لـ«الشرق الأوسط» إن «دور دول التحالف العربي كان مفصليًا في إنهاء الجدل بشأن التسلسل الزمني للحل المفترض للأزمة اليمنية، والذي اتكأ عليه الحوثيون كثيرًا واعتبروه فرصة لإطالة الأزمة وحشر الوفد الحكومي ودفعه إلى خيار الانسحاب، الذي يرفع عنه تكلفة تحمل أعباء فشل المفاوضات». وأضاف أن «عقدة التزمين قد منحت الانقلابيين فرصة التملص من استحقاقات الحل، خصوصا أن بعض سفراء الدول الغربية تبنوا خطة تشكيل حكومة الشراكة قبل البدء بالترتيبات الأمنية، وهنا يبرز دور التحالف الذي دفع نحو تغيير موقف أهم دولتين مؤثرتين في مسار الأزمة اليمنية هما أميركا وبريطانيا، وهو ما رأيناه في مخرجات اجتماع لندن الرباعي الذي عقد في التاسع عشر من يوليو (تموز) بمشاركة وزراء خارجية السعودية وأميركا وبريطانيا والإمارات».
وتابع القول: «هذه المخرجات عكست تغيرًا جوهريًا في الموقف الدولي والإقليمي حيال الحل المفترض، والذي حشر الانقلابيين في زاوية ضيقة، خصوصا أن الدول الأربع أكدت على ضرورة البدء أولاً بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216»، مؤكدا أن «تأسيس مجلس سياسي للانقلابيين جاء في سياق الإحباط الذي شعر به الانقلابيون».
من جانبه، قال باسم الحكيمي، محلل سياسي أن «التحالف العربي لعب دورا كبيرا جدا في محاولة إنجاح المشاورات، فهو يعقد وبشكل مستمر لقاءات مكوكية مع سفراء الدول 18 وكذلك مع المبعوث الأممي. ومن خلال هذه اللقاءات، يسعى إلى إيجاد حل للأزمة اليمنية وحقن الدم اليمني، لكن للأسف هناك تعنت وتصلب من قبل ميليشيات الحوثي وصالح وتحد واضح للمجتمع الدولي والإقليمي». وطالب الحكيمي من المبعوث الدولي للأمم المتحدة لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أن يكون «أكثر وضوحا في تحديد مسؤولية الطرف الذي يقوض المفاوضات والضغط عليه حتى يلتزم بتوقع الخريطة المطروحة على الطاولة».
وعلى الجانب الإنساني، تواصل الميليشيات الانقلابية حصارها المطبق على جميع معابر محافظة تعز وتمنع دخول المواد الطبية والإغاثية والدوائية والغذائية وجميع المستلزمات، ما زاد من معاناة الأهالي. وبعد نصف شهر من إغلاق معبر غراب، غربي المدينة، الذي يُعد المنفذ الأهم لمدينة تعز، أعادت الميليشيات الانقلابية فتحه بشكل جزئي، في حين يعتبر المعبر الوحيد الذي يمكن للأهالي من خلاله إدخال المواد الغذائية والدوائية والإغاثية، وكذا لحركة تنقل المواطنين القادمين من أرياف المحافظة إلى المدينة والخارجين منها.
وعلى سياق متصل، نفذت مؤسسة التواصي الخيرية، عضو ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز، مشروع توزيع مساعدات غذائية لأسر جرحى الحرب في مديرية المظفر بتعز، وذلك عبر التنسيق من مكتب الائتلاف في الرياض وتمويل فاعل خير. واستفاد من المساعدات الغذائية المقدمة في الحملة الثامنة مائتا أسرة في أحياء: الضربة، وادي القاضي، المطار القديم، بير باشا، القبة والبعرارة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.