مباحثات بين مصر وقبرص تضع علاقات القاهرة بالاتحاد الأوروبي على رأس الأولويات

قمة ثلاثية بمشاركة اليونان في أكتوبر.. والأوضاع الليبية على بساط البحث

مباحثات بين مصر وقبرص تضع علاقات القاهرة بالاتحاد الأوروبي على رأس الأولويات
TT

مباحثات بين مصر وقبرص تضع علاقات القاهرة بالاتحاد الأوروبي على رأس الأولويات

مباحثات بين مصر وقبرص تضع علاقات القاهرة بالاتحاد الأوروبي على رأس الأولويات

عقد وزيرا خارجية مصر وقبرص مباحثات في القاهرة أمس، شملت عدة ملفات من بينها الدعم الذي يمكن أن تمنحه قبرص لمصر في علاقتها بالاتحاد الأوروبي، وكيفية استفادة قبرص من عضوية مصر غير الدائمة في مجلس الأمن، فيما بدا ذلك استثمارا مصريا لعلاقتها بقبرص واليونان بعد أن توترت علاقتها بتركيا وإيطاليا.
أكد وزير الخارجية سامح شكري ونظيره القبرصي إيوانس كاسوليدس، خلال مؤتمر صحافي مشترك، عقد بقصر التحرير بوسط العاصمة المصرية أمس، عمق علاقات التعاون التي تربط بين البلدين، والتي تعود إلى عقود من الزمان.
وقال الوزير المصري إن بلاده تثمن كثيرا درجة التفاهم بين مصر وقبرص في إطار علاقاتنا مع المؤسسات التي ننتمي إليها (قبرص)، والتفهم القبرصي للتطورات في مصر، وتوضيح الصورة للشركاء الأوروبيين للتفاعلات التي تحدث في مصر وتكثيف العلاقات الثنائية لمصر مع الاتحاد الأوروبي.
وتوترت علاقات مصر مع الاتحاد الأوروبي على خلفية عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، قبل ثلاث سنوات، لكن الدبلوماسية المصرية النشطة نجحت إلى حد بعيد في بناء جسور التفاهم بين القاهرة والاتحاد الأوروبي بدعم إيطالي، لكن الخلافات التي نشبت بين البلدين على خلفية مقتل الباحث الإيطالي أفقدت مصر حليفا قويا لها داخل الاتحاد.
وشدد شكري أمس على أن بلاده تعمل على استمرار النهج المبدئي إزاء القضايا التي هي محل اهتمام قبرص في الأمم المتحدة، قائلا إن «قضية قبرص وإعادة توحيدها تخضع لقرارات الشرعية الدولية وهناك ضرورة لاستمرار الالتزام بالشرعية الدولية».
ويوجد نزاع بين قبرص واليونان من جهة، وتركيا من جهة أخرى بشأن توحيد شطري الجزيرة، وتسعى قبرص للاستفادة من وجود مصر كعضو غير دائم في مجلس الأمن لتفعيل القرارات الدولية، كما تسعى مصر للضغط على تركيا التي تستضيف قادة جماعة الإخوان، عبر الملف القبرصي.
وأوضح شكري أنه عقد ونظيره القبرصي محادثات ثنائية أعقبها جلسة مباحثات موسعة تناولت الرؤية المشتركة إزاء القضايا الدولية والإقليمية وأهمية استمرار التشاور بين الجانبين إزاء التحديات التي تواجهها منطقة شرق المتوسط وأيضا العلاقات الثنائية والإطار الثلاثي الذي يربط بين مصر وقبرص واليونان وأيضا القمة الثلاثية المقبلة ومجالات التعاون التي تم إقرارها سابقا، والاهتمام بأن تكون القمة المقبلة مثالا لتفعيل مجالات التعاون التي تم الاتفاق عليها.
وعبر وزير الخارجية المصري عن شكره لقبرص «على كل الدعم وما تظهره قبرص من اهتمام بتنمية العلاقات»، وقال إن بلاده تشارك قبرص الاهتمام، لافتا إلى أن الوزير القبرصي التقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي، كما التقى مع رئيس وزراء المهندس شريف إسماعيل.
ومن جانبه، أعرب وزير خارجية قبرص عن سعادته لزيارة مصر، واصفا إياها بأنها «مثمرة وحققت نتائج مثمرة للغاية»، مشيدا بالعلاقات التي تربط بين الشعبين. وأكد على تنفيذ المشروعات المشتركة في الإطار الثلاثي (المصري القبرصي اليوناني)، وهي خاصة بالطاقة والسياحة وقال إنها سيكون لها أثر مباشر على اقتصادنا، مشيرا إلى أن القمة المقبلة بين رؤساء الدول الثلاث ستعقد في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وقال الوزير القبرصي إنه ناقش مع الوزير شكري «مجموعة من القضايا منها التطورات في ليبيا، ونتفهم في قبرص أهمية استقرار ليبيا بالنسبة لمصر، وناقشنا التطورات في سوريا، وكذلك عملية السلام في الشرق الأوسط».
وتابع أن المباحثات تطرقت أيضا لـ«العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، وعبرنا عن التزامنا بأن نعمل جاهدين في هذا الصدد، ومصر ستظل شريكا يعتمد عليه في استقرار المنطقة». وأثنى الوزير القبرصي على موقف مصر التاريخي والدائم من القضية القبرصية في مجلس الأمن والأمم المتحدة.
وردا على سؤال حول الحوار الليبي والمشاورات الأخيرة الخاصة بليبيا في القاهرة، قال وزير الخارجية شكري إن بلاده تولي الأوضاع في ليبيا اهتماما بالغا، وترى ضرورة رعاية مصالح الأشقاء بليبيا في إطار الروابط التي تربط الشعبين وأيضا التحديات التي يواجهها الشعب الليبي، خاصة فيما يتعلق بالإرهاب.
وأشار شكري إلى أن مصر دعمت الاتفاق الذي تم التوصل إليه بالصخيرات، وما نتج عنه من المجلس الرئاسي الذي تم اعتماده من قبل مجلس النواب الليبي والحكومة التي تقدم بها والذي لم يتم بعد اعتماد مجلس النواب لها، وهناك زخم دولي متصل بمحاولة تحقيق الاستقرار في ليبيا اعتمادا على اتفاق الصخيرات.
وشدد شكري على حرص مصر على ضرورة ألا تنفصل مكونات هذا الاتفاق كافة، سواء المجلس الرئاسي أو النواب أو حكومة الوفاق، وأن مجلس النواب الليبي هو مجلس منتخب، وأنه لا بد من أن يضطلع بدوره الموكل إليه، «من هنا كانت أهمية أن نعمل على خلق أرضية من التفاهم والتواصل وإزالة بعض العثرات السياسية التي ظهرت منذ الانتهاء من الاتفاق من أجل تفعيل مكونات اتفاق الصخيرات كافة، والعمل على مجابهة ظاهرة الإرهاب وتوفير الاستقرار للشعب الليبي، وهذا لن يتحقق إلا من خلال التوافق بين الأشقاء الليبيين، وأن كل طرف له شواغل، ولا بد من تفهمها، وهذا هو الهدف من اللقاءات التي عقدت».
وأكد أن «مصر منفتحة على الأطياف كافة في ليبيا، حتى يتم التوصل إلى تفاهم يؤدى إلى استقرار». وقال: «نثمن دور الجيش الوطني الليبي، وضرورة أن يوفر له المجتمع الدولي (الدعم) واستعادة الدولة الليبية، ومصر على اتصال بكافة الدوائر حتى يتحقق الاستقرار للشعب الليبي».
وردا على سؤال حول إمكانية تسليم مختطف الطائرة المصرية الذي حط بها في قبرص، أوضح وزير الخارجية القبرصي أنه لا يوجد سبب سياسي لعدم تسليمه إلى مصر، ولكن هناك إجراءات وفقا لقانون الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أنه كان هناك طلب من المصري للجوء السياسي، وتم رفضه والآن القضية بالمحكمة، ومن المتوقع أن تستكمل المحكمة وسيتم الإعلان في منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.