قانون السلامة الوطنية يصل إلى البرلمان العراقي في الوقت الضائع

خبير قانوني: صلاحياته تمنح المالكي سلطة التصرف بكل شيء

قانون السلامة الوطنية يصل إلى البرلمان العراقي في الوقت الضائع
TT

قانون السلامة الوطنية يصل إلى البرلمان العراقي في الوقت الضائع

قانون السلامة الوطنية يصل إلى البرلمان العراقي في الوقت الضائع

أكد مقرر البرلمان العراقي والقيادي في كتلة «متحدون» محمد الخالدي أن «البرلمان تسلم قانون السلامة الوطنية من الحكومة لكي يعرض على التصويت وبالتالي يصبح نافذ المفعول».
وقال الخالدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «هذا القانون وصل في وقت توشك فيه الدورة البرلمانية على الانتهاء ولم يعد هناك أي مجال لإقراره، ورئيس الوزراء نوري المالكي الذي أرسل هذا القانون باسم الحكومة يعلم جيدا أنه لم يعد ثمة وقت لإقرار مثل هذا القانون». واعتبر إرسال مثل هذا القانون في هذا الوقت بالذات «دليلا أكيدا على الفشل الأمني الذي تعانيه الحكومة وعدم قدرتها على التعامل مع الملف الأمني بطريقة صحيحة».
وأشار الخالدي إلى أن «هذا القانون يعني في حالة إقراره إعلان حالة الطوارئ وجعل كل شيء بيد شخص واحد، وهو ما يعمل به حاليا من الناحية العملية، حيث إن كل ما يتعلق بالأمن بيد المالكي». وردا على سؤال بشأن فرص نجاح إقرار هذا القانون قال الخالدي «لن نتعامل معه، حيث لم يعد هناك وقت لذلك، والحكومة تعرف ذلك، لكن الهدف واضح وهو إحراج البرلمان في هذا الوقت».
في سياق متصل، أكد الخبير القانوني طارق حرب أنه لا يجوز ممارسة السلطات والصلاحيات الواردة في مشروع قانون الطوارئ إلا بموافقة رئيس الوزراء أولا وموافقة رئيس الجمهورية ثانيا وموافقة البرلمان ثالثا. وقال حرب في بيان له أمس إنه «تعليقا على الأقوال بشأن مشروع قانون الطوارئ نقول إنه لا يجوز ممارسة السلطات والصلاحيات الواردة في مشروع قانون الطوارئ إلا بموافقة رئيس الوزراء أولا وموافقة رئيس الجمهورية ثانيا وموافقة البرلمان ثالثا، شريطة أن تكون موافقة البرلمان بأغلبية الثلثين وليس بالأغلبية البسيطة العادية التي تحصل عند التصويت على القوانين وقرارات سحب الثقة وقرارات الموافقة على تعيين أصحاب الدرجات الخاصة طبقا لأحكام المادة (60/ تاسعا/ أ) من الدستور». وأضاف أن «حالة الطوارئ والصلاحيات الواردة فيها موجودة حاليا في القانون (الأمر التشريعي رقم 1 لسنة 2004) الذي أصدره إياد علاوي عندما كان رئيسا للوزراء ويتمتع بالسلطتين التشريعية والتنفيذية في آن واحد، ولم يتول البرلمان إلغاء هذا القانون أو تعديله».
وختم حرب بيانه بالقول إن «التاريخ العراقي ذكر أن أول قانون للطوارئ صدر باسم قانون الإدارة العرفية رقم 18 لسنة 1935، ثم صدر قانون الطوارئ رقم 10 لسنة 1940، ثم صدر قانون السلامة الوطنية رقم 4 لسنة 1965 والذي استمر نافذا حتى التاسع من أبريل (نيسان) 2003».
من جانبها، اعتبرت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أن «حالة الطوارئ واردة في الدستور العراقي طبقا للمادة 91 لكن هناك ضوابط في هذا المجال تبرر إعلان حالة الطوارئ، منها إعلان الحرب، وهو ما يتطلب الحصول على غالبية الثلثين في البرلمان». وقال عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني وعضو لجنة الأمن والدفاع شوان محمد طه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «ذلك يأتي في سياق طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأمده 30 يوما يجري تمديده في كل مرة وليس مطلقا، وهو يخول الحكومة الصلاحيات الكاملة لكن هذه الصلاحيات تنظم بقانون». وتساءل طه قائلا إن «المالكي يخوض خلال الأشهر الستة الماضية حربا في الأنبار وديالى ولم يعرض شيئا على البرلمان لأخذ موافقته، وبالتالي فإنه حين يطلب اليوم الموافقة على إعلان حالة الطوارئ فإن من حقنا أن نسأل ماذا يريد المالكي أن يفعله خلال المرحلة المقبلة لا سيما أنه كان يمارس القتال دون غطاء قانوني والآن يريد أخذ هذا الغطاء في الوقت الضائع تماما؟». واعتبر طه أن «هذا القانون هو نوع من الهروب إلى الأمام لا أكثر، لا سيما أن كتلة دولة القانون كانت قد مارست خلال الشهور الستة الماضية كل ما يجعل البرلمان في حالة شلل تام».



كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
TT

كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)

عودة التصنيف الأميركي لجماعة «الحوثي» منظمة «إرهابية»، لأسباب بينها تهديدها الملاحة بالبحر الأحمر، فتحت تساؤلات بشأن تأثير القرار على وقف الهجمات التي كانت سبباً في تضخم عالمي، وشكاوى دول عديدة بخاصة مصر، مع تراجع إيرادات قناة السويس لنحو 7 مليارات دولار.

ووسط آمال باستعادة الملاحة بالبحر الأحمر نشاطها مع دخول هدنة قطاع غزة حيز التنفيذ قبل أيام، يتوقع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن يؤثر قرار واشنطن «إيجابياً» على الحد من عمليات الحوثي بالبحر الأحمر، مرجحين أن يكون عام 2025 بداية نهاية تلك العمليات، وأن تبتعد قناة السويس عن خسائرها استفادة من القرار الأميركي.

وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، أمراً بإدراج جماعة الحوثي، بقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لأسباب بينها «تهديد استقرار التجارة البحرية العالمية»، مؤكداً أن سياسة بلاده «إنهاء هجماتها» على الشحن البحري، خاصة أنها «هاجمت السفن التجارية المارة عبر باب المندب أكثر من 100 مرة، وأجبرتها على التوجه بعيداً عن البحر الأحمر لممرات أخرى، ما أسهم في ارتفاع التضخم العالمي».

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)

وبهذا يعود ترمب لقرار مماثل اتخذه بولايته الأولى (2017: 2020)، قبل أن يلغيه جو بايدن عقب توليه منصبه عام 2021، «استجابة لمطالب إنسانية»، ثم شهد الوضع تحولاً عقب اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مع شن الحوثيين هجمات على السفن التجارية بدعوى دعم غزة، ليقوم بإدراجهم ضمن قائمة «الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص»، وهو تصنيف أقل صرامة يسمح باستمرار المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

ولم يعلق الحوثيون على قرار ترمب، غير أنه جاء مع خطوات تهدئة، وإعلان الجماعة الموالية لإيران، الأربعاء، الإفراج عن طاقم السفينة «غالاكسي ليدر» بوساطة عمانية بعد مرور 14 شهراً من احتجازه، فيما عد رئيس مجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، القرار الأميركي، في منشور، الخميس، عبر منصة «إكس»، «مدخلاً للاستقرار في اليمن والمنطقة».

ولم تعلق مصر المتضررة من هجمات الحوثي على قرار ترمب بعد، غير أن تداعيات تلك الهجمات كانت مدار محادثات عديدة، أحدثها، الخميس، بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء بالقاهرة، مع نظيره البريطاني ديفيد لامي.

كما بحث سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينجيز، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونائب وزير الخارجية المصري، السفير أبو بكر حفني، تهدئة الأوضاع بالبحر الأحمر، وأهمية قناة السويس، وفق بيانين منفصلين للخارجية والرئاسة بمصر، يومي الثلاثاء والأربعاء.

وأعاد الرئيس المصري التنبيه لخسائر قناة السويس جراء الأوضاع في البحر الأحمر في كلمة، الأربعاء، باحتفالية عيد الشرطة (25 يناير «كانون الثاني» من كل عام)، قائلاً: «إن انخفاض مواردنا من القناة كان له تأثيره علينا كدولة». فيما كشف رئيس القناة الفريق أسامة ربيع عن أن إيراداتها بلغت 4 مليارات بانخفاض قرابة 7 مليارات دولار خلال عام واحد.

موقف القاهرة

ويعتقد رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، أن قرار ترمب «يأتي في إطار إضعاف الحوثيين، إحدى أذرع إيران بالإقليم، بعد تهديدهم لإسرائيل، وحرية الملاحة بالبحر الأحمر»، متوقعاً رداً حوثياً ضد إسرائيل.

وبشأن الموقف المصري، يعتقد العرابي «أن الجماعة الحوثية لا تشكل مشكلة أمنية للقاهرة بل اقتصادية، وكان لهجماتها أثر مباشر على الاقتصاد، لكن لم نتدخل في مواجهة مباشرة سابقاً ولا حالياً بعد قرار ترمب، باعتبار أننا لسنا طرفاً في معركة الحوثيين مع إسرائيل، وكان موقف القاهرة واضحاً بأن وقف حرب غزة سيعيد الأمور لطبيعتها، دون أن يستدعي ذلك أي تدخلات، وهذه سياسة حكيمة مصرية تتوافق مع رؤيتها لأزمات المنطقة وسبل حلها».

ويعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، «أن الموقف المصري عادة يميل إلى ألا يكون طرفاً، خاصة وهو يدرك أن حل المشكلة بوقف حرب غزة، وهذا من أطر السياسة الخارجية الحكيمة».

سلاح ذو حدين

ويرى المحلل السياسي اليمني، معين الصيادي، أن قرار ترمب «سيستغله الحوثي لتسويق نفسه أمام الرأي العام المحلي في مناطق سيطرته، بهدف كسب تعاطف الشارع والتهرب من أي تسويات سياسية بشأن الملف اليمني».

ومن المتوقع أن تستغرق عملية إعادة التصنيف عدة أسابيع قبل أن تدخل حيز التنفيذ، ما يمنح الأطراف المعنية وقتاً للتكيف مع الإجراءات الجديدة، وفق ما أوردته «فرانس 24»، الخميس.

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن شركة «دي بي وورلد» تقديراً بأن السفن غير المرتبطة بإسرائيل، قد تبدأ في العودة للبحر الأحمر قريباً، ربما خلال أسبوعين فقط، مع تراجع في أسعار الشحن «بما لا يقل عن 20 و25 في المائة» على مدى شهرين إلى ثلاثة أشهر.

ويتوقع العرابي أن يكون للقرار أثر في إضعاف نشاط الحوثيين بالبحر الأحمر، ورجح اللواء فرج أيضاً خفض تصعيدهم، مع عقوبات اقتصادية أميركية أكبر ضدهم.

ويتوقع الصيادي «أن يكون عام 2025 هو بداية نهاية تمدد الجماعة الموالية لإيران حال تم تعزيز القرار بعمليات عسكرية برية وبحرية وجوية، ما يدفعها للقبول بأي حلول سياسية بأقل المكاسب الممكنة».