مخيم «عين الحلوة» يستوعب التحذيرات الأمنية والعشرات يسلمون أنفسهم للجيش اللبناني

مصادر: نحاول تفكيك أي بيئة حاضنة للمتطرفين والدفع باتجاه حلول سلمية

مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا جنوب لبنان (فلسطين أونلاين)
مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا جنوب لبنان (فلسطين أونلاين)
TT

مخيم «عين الحلوة» يستوعب التحذيرات الأمنية والعشرات يسلمون أنفسهم للجيش اللبناني

مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا جنوب لبنان (فلسطين أونلاين)
مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا جنوب لبنان (فلسطين أونلاين)

تخطى عدد المطلوبين الفلسطينيين للسلطات اللبنانية الذين سلموا أنفسهم للجيش خلال الأسابيع الماضية العشرات، بما يبدو أنّه يندرج بإطار تنفيذي لخطة وضعتها القوى الفلسطينية المعنية داخل مخيم «عين الحلوة» الواقع في مدينة صيدا جنوب لبنان، نجحت من خلالها وإلى حد بعيد في استيعاب التحذيرات الأمنية التي وصلتها من أكثر من جهاز أمني حول سعي التنظيمات المتطرفة وأبرزها تنظيم داعش إلى التمدد داخل المخيم تمهيدا لإعلان إمارة له فيه.
فبعد تسليم عدد من أنصار الشيخ المتشدد أحمد الأسير أنفسهم الأسبوع الماضي، وأبرزهم شقيق الفنّان المعتزل فضل شاكر، محمد عبد الرّحمن شمندور، توالت عمليات تسليم المطلوبين أنفسهم وآخرها يوم أمس. إذ أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بتسليم محمد توفيق طه، نجل قائد كتائب عبد الله عزام، توفيق طه، نفسه إلى مخابرات الجيش في الجنوب عند حاجز مستشفى صيدا الحكومي، فيما قالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن الفلسطيني محمود درويش، المتهم بارتباطه بتنظيم «جند الشام» المتشدد وبالمشاركة بالقتال ضد الجيش اللبناني سلّم نفسه أيضا في محيط مخيم «عين الحلوة».
وكان قد سبق هاتين العمليتين تسليم حركة «فتح» 3 من عناصرها على خلفية حوادث إطلاق نار أوقعت ضحايا في المخيم، وهو ما تضعه مصادر الحركة بإطار استكمال تنفيذ «خطة جديدة» لمحاولة استيعاب التداعيات الأخيرة وخصوصا مع تقاطع المعلومات عن مخططات إرهابية يتم الإعداد لها داخل المخيم وعن اتساع القاعدة المتعاطفة مع تنظيم داعش، خاصة بعد عودة عدد من العناصر الذين جندهم التنظيم في الرقة إلى «عين الحلوة» الذي يستضيف نحو 120 ألف لاجئ فلسطيني بينهم من أوى إليه في السنوات الـ5 الماضية بعدما هربوا من سوريا.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «حركة كبيرة تحصل في المخيم بمحاولة لحث العناصر المطلوبين للسلطات اللبنانية وخاصة أولئك الذين لا يحملون ملفات ثقيلة لتسليم أنفسهم على أن يخضعوا لمحاكمات سريعة وعادلة»، لافتة إلى أن هذه المساعي «أثمرت في الأيام الماضية بعدما سلّم عدد كبير من أنصار الأسير أنفسهم إلى مخابرات الجيش». وأضافت: «الكل مقتنع اليوم، فلسطينيين ولبنانيين، أنه لا مكان للحل العسكري داخل عين الحلوة، باعتبار أنّه ودون أدنى شك سيؤدي لانفجار كبير لا أحد يريده». وأشارت المصادر إلى أن القوى الفلسطينية تركز جهودها حاليا على «تفكيك أي بيئة حاضنة للمتطرفين والدفع باتجاه حلول سلمية»، مشددة على كون «حي الطوارئ في المخيم الذي يلتجئ إليه العدد الأكبر من المطلوبين ليس هو الآخر بيئة حاضنة، إنما احتواؤه على عائلات ترزح تحت خط الفقر، إن كان من اللبنانيين أو الفلسطينيين الذين لا يستطيعون الانتقال للعيش في مواقع أخرى، هو الذي جعل هؤلاء يرضخون لفكرة وجودهم بين هؤلاء المطلوبين».
ولا يزال الاستنفار الأمني اللبناني - الفلسطيني المشترك سيد الموقف في مدينة صيدا، وبالتحديد داخل «عين الحلوة»، حيث تتولى قوة أمنية قوامها نحو 300 عنصر أمن ضبط الأوضاع في المخيم الذي لا وجود فيه للأجهزة أو القوى الأمنية اللبنانية، كغيره من المخيمات الفلسطينية المنتشرة في أكثر من منطقة في لبنان.
وتم في الساعات الماضية تنفيذ خطة لإعادة انتشار وتموضع عناصر القوة الأمنية في المخيم، بحسب قائد «القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة» في لبنان اللواء منير المقدح الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «برنامج تنسيق مع الجيش اللبناني لإنهاء ملف المطلوبين الموجودين داخل المخيم»، لافتا إلى أنه اتفق على أن يسلم بعض هؤلاء أنفسهم ونسلم نحن عناصر آخرين، بإطار مساعينا للحفاظ على أمن المخيم والجوار. وإذ لمّح المقدح لوجود خطة عمل أخرى يتم تطبيقها للتعاطي مع «الرؤوس الكبيرة» التي لا تقبل بالخضوع إلى البرنامج المذكور، قال ردا على سؤال عن إمكانية تسليم الفنان المعتزل فضل شاكر الموجود داخل المخيم لنفسه: «نسعى جاهدين للوصول إلى خاتمة سعيدة لهذا الملف»، بإشارة لملف «أحداث عبرا» التي تخللتها مواجهات بين الجيش وأنصار الأسير أدّت لمقتل 18 عسكريا وجرح مائة آخرين.



هل ينعش الإسرائيليون حركة السياحة في سيناء المصرية؟

تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)
تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)
TT

هل ينعش الإسرائيليون حركة السياحة في سيناء المصرية؟

تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)
تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)

أثارت تقارير عبرية تحدثت عن تدفق الآلاف من السياح الإسرائيليين على مصر رغم تحذيرات تل أبيب من خطورة السفر، تساؤلات بشأن ما إذا كان سيسهم في إنعاش حركة السياحة الوافدة إلى سيناء المصرية، التي تأثرت نسبياً منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وبينما توقع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن تشهد الفترة المقبلة «رواجاً سياحياً في مدن جنوب سيناء؛ طابا ودهب وشرم الشيخ»، عدو ذلك «تعافياً جزئياً لن يصل بالسياحة إلى معدلاتها الطبيعية»، مؤكدين أن «عدد السياح الإسرائيليين ليس كبيراً ما يجعله غير مؤثر في معدلات السياحة الوافدة».

ووفق تقرير نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم»، أخيراً، وتناقلته مواقع محلية وعربية، فإن «أكثر من 30 ألف إسرائيلي عبروا الحدود إلى مصر عبر معبر طابا البري خلال الفترة الأخيرة رغم التحذيرات الأمنية المتكررة من السفر إلى الدول المجاورة مثل مصر والأردن»، بحسب ما نقلته الصحيفة عن جهاز مكافحة الإرهاب التابع لمجلس الوزراء الإسرائيلي.

وأوضحت الصحيفة أن «نحو 30 ألفاً و808 سيّاح سافروا إلى شبه جزيرة سيناء خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، معظمهم من العرب الإسرائيليين». وأشارت إلى أن «انخفاض أسعار الفنادق وتكلفة الإجازة في مصر يسهم في جذب السياح الإسرائيليين».

ويرى الخبير السياحي المصري، أحمد عبد العزيز، أن «السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر عادة ما تتركز في مدن جنوب سيناء، وطابا ودهب وشرم الشيخ، نظراً لإمكانية دخول الإسرائيليين حتى شرم الشيخ دون تأشيرة».

وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر تأثرت نسبياً بالحرب على غزة»، لافتاً إلى أن «السياح الإسرائيليين كانوا يشكلون في فترة من الفترات نحو 30 في المائة من حركة السياحة في شرم الشيخ».

سانت كاترين ومنطقة التجلي الأعظم في سيناء (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بدوره، قال الخبير السياحي، محمد كارم، إن «مصر منطقة آمنة وجاذبة للسياح الإسرائيليين»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «بالنسبة للسائح الإسرائيلي فإن مدن طابا ونويبع ودهب من أفضل وجهاته السياحية كونه لا يحب الفنادق ويفضل الإقامة في كامبات»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تطلق تحذيرات سفر لمختلف دول العالم لكنها عادة غير مؤثرة».

وفي أكتوبر 2023 أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية (فنادق وكامبات) في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

ولفت كارم إلى أن «الفترة الأولى من حرب غزة أثرت جزئياً على معدلات السياحة في سيناء، لكنها استقرت لا سيما مع حملات الترويج السياحي التي جذبت أعداداً كبيرة من السياح لمصر بشكل عام».

وبينما توقع أن «تشهد الفترة المقبلة زيادة في معدلات السياحة الوافدة إلى مصر»، أكد أن «السياحة الإسرائيلية غير مؤثرة نظراً لقلة عددها ناهيك عن انخفاض إنفاق السائح الإسرائيلي بشكل عام».

بدوره، أوضح عبد العزيز أن «حجم تراجع معدلات السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر لم يكن كبيراً، ولم يستمر طويلاً، نظراً لأن معظم الوافدين من عرب إسرائيل، وهم عادة لا يكترثون بتحذيرات تل أبيب المتعلقة بالسفر»، مشيراً إلى أن «سيناء شهدت استقراراً نسبياً في معدلات السياحة الوافدة خلال الفترة الماضية، وإن لم تصل حد التشغيل الكامل لطاقتها السياحية».

وتوقع عبد العزيز أن «تشهد فترة الأعياد المقبلة رواجاً وإقبالاً من السياح الإسرائيليين على مدن جنوب سيناء، لا سيما مع انخفاض تكلفة قضاء الإجازة في مصر مقارنة بالداخل الإسرائيلي». لكنه أكد أن «هذا الرواج سيسهم في التعافي الجزئي للحركة السياحية دون أن يصل إلى درجة التعافي الكامل».

ومنتصف العام الماضي زعمت وسائل إعلام عبرية أن مصر خرجت من قائمة الـ10 وجهات سياحية المميزة بالنسبة للإسرائيليين وحلت مكانها قبرص واليونان.

وقبل اندلاع حرب غزة أشارت تقارير إعلامية عبرية إلى أن «مصر من أكثر الدول العربية استقبالاً للسياح الإسرائيليين وقدرت عددهم بنحو نصف مليون سائح عام 2022».

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية، 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. واقتربت أعداد السياح العرب الوافدين لمصر، العام الماضي، من 3 ملايين سائح، بحسب تصريحات رسمية.

وكانت مصر تستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028 عبر استراتيجية أعلنتها الحكومة سابقاً، لكنها عادت وعدلت الاستراتيجية ورحّلت هدفها إلى عام 2031. وقال رئيس الوزراء المصري في إفادة رسمية الشهر الماضي: «لولا الاضطرابات الإقليمية التي تحيط بمصر لارتفع هذا الرقم إلى 18 مليون سائح».