السيستاني يحث الناخبين على تجنب استخدام الرموز الدينية

انتخابات برلمانية يتنافس فيها أكثر من تسعة آلاف مرشح

ملصق دعائي للدكتور إياد علاوي رئيس «ائتلاف الوطنية» في أحد شوارع بغداد (رويترز)
ملصق دعائي للدكتور إياد علاوي رئيس «ائتلاف الوطنية» في أحد شوارع بغداد (رويترز)
TT

السيستاني يحث الناخبين على تجنب استخدام الرموز الدينية

ملصق دعائي للدكتور إياد علاوي رئيس «ائتلاف الوطنية» في أحد شوارع بغداد (رويترز)
ملصق دعائي للدكتور إياد علاوي رئيس «ائتلاف الوطنية» في أحد شوارع بغداد (رويترز)

في الوقت الذي ابتكر فيه كثير من المرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق المقرر إجراؤها في الثلاثين من أبريل (نيسان) الحالي طرقا وأساليب مختلفة لكسب أصوات الناخبين، فقد حثت المرجعية الشيعية العليا في العراق ممثلة بآية الله علي السيستاني العراقيين إلى عدم الوقوع تحت إغراءات الوعود البراقة والإعلانات التي تملأ الشوارع والساحات العامة بعد انطلاق الحملة الدعائية في الأول من الشهر الحالي.
مرشحو الانتخابات وعددهم أكثر من تسعة آلاف مرشح ومرشحة ابتكر كثير منهم طرقا قد تحصل للمرة الأولى في أية انتخابات برلمانية في العالم. ففيما أقسم أحد المرشحين بأغلظ الإيمان بأنه مرشح للانتخابات المقبلة من قبل الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وهو ما كتبه بالنص في الملصق الخاص الذي وزعه في شوارع بغداد ويحمل صورته، فإن مرشحا آخر من الطائفة المسيحية أشهر إسلامه وانضم إلى إحدى قوائم الإسلام السياسي الشيعي في محاولة منه لكسب أصوات الناخبين تحت تأثير هذا الانقلاب الديني - المذهبي المباشر، والذي يتمثل بانتقاله من بيئة قد لا يصل بمن تبقى من أصوات أبنائها (الكلدوأشوريين) إلى البرلمان بعد ما خضعوا لأكبر عملية تهجير من البلاد خلال سنوات ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق إلى بيئة أخرى يسعى إلى الاستثمار فيها انتخابيا.
المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني والمراجع الثلاثة الكبار في مدينة النجف (آيات الله محمد سعيد الحكيم ومحمد إسحاق الفياض وبشير النجفي) كرروا خلال الفترة الماضية عدم تبنيهم أية قائمة وأي مرشح لا سيما بعد فشل الطبقة السياسية التي صعدت باسمهم خلال الدورتين الماضيتين والتي تسبب في كثير من الإحراج لهم نتيجة للفساد المالي والإداري والفشل الأمني والخدمي.
وفي هذا السياق، جدد ممثل السيستاني خلال خطبة الجمعة في كربلاء ليوم أمس ما كان قد تبناه سابقا بعدم تأييد أو الترويج لأية قائمة. وقال عبد المهدي الكربلائي: «نقترب من موعد الانتخابات البرلمانية، وقد ذكرنا في خطب سابقة موقف المرجعية الدينية العليا بشأنها ونؤكد وفق توجيهات مكتب سماحة السيد السيستاني في النجف الأشرف على نقاط، أولها أن الانتخابات تحظى بأهمية بالغة في رسم مستقبل البلد ومستقبل أبنائنا وأحفادنا والبرلمان يمثل السلطة التشريعية أي سلطة إصدار القوانين بالإضافة إلى دوره في الرقابة على المؤسسات الحكومية، والحكومة ستنبثق من مجلس النواب»، مبينا أن «من لا يشارك في الانتخابات يعطي الفرصة لغيره في رسم مستقبله وهذا خطأ لا ينبغي لأي مواطن أن يقع فيه» مشيرا إلى أن «العراق يعيش أوضاعا صعبة، فمن الناحية الأمنية هناك الكثير من المناطق التي تشهد اشتباكات مسلحة وتفجيرات دامية وأعمال عنف يذهب ضحيتها المئات من الأبرياء».
وربط ممثل المرجعية بين ضخامة الفساد المالي وبين الحاجة إلى «التغيير نحو الأفضل وهو لا يتحقق إلا بأيدي المواطنين»، نافيا دعم المرجعية لأية كتلة، وقال إن المرجعية «لن تدعم أي قوائم انتخابية»، داعيا إلى «عدم الخضوع لإغراءات الوعود البراقة والإعلانات التي تملأ الشوارع والساحات ولا القليل من المساعدات والخدمات التي يسعى البعض لتقديمها قبيل الانتخابات».
وفي هذا السياق أكدت كتلة «المواطن» التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي أن «موقف المرجعية هذا ينبغي ألا يعمم، بحيث يشمل به النزيه والكفء والفاسد والفاشل». وقال عضو البرلمان العراقي عن كتلة المواطن محمد اللكاش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن خطاب المرجعية واضح وهو الوقوف على مسافة واحدة من الجميع ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل الكتل السياسية هي على مسافة واحدة من حيث الإنجاز أو الفشل، وبالتالي فإنه يجب التعاطي مع موقف المرجعية ليس من زاوية الحياد فقط دون تمييز، معتبرا أن «هذه القراءة لموقف المرجعية غير صحيح وغير منصف رغم أن الكتل السياسية التي كانت وما زالت تتمسك بشؤون البلاد والعباد تريد أن تفهم موقف المرجعية بهذه الطريقة وهو غير صحيح تماما».
وأضاف اللكاش قائلا إن «خطاب المرجعية الأخير واضح غاية الوضوح وهو عدم الوقوف إلى جانب الفاسدين، وهم معروفون، وبالتالي يجب عدم انتخابهم كما أنها لا تقف مع الكذاب بل مع الصادق، وبالتجربة فإن الناس تعرف من هو الكاذب ومن هو الصادق». وأوضح أن «المرجعية دعت الناس إلى البحث عن الإنسان النزيه والذي لم يتلوث بفساد ولم يكن مسؤولا عن فشل، كما أن المرجعية أكدت على مبدأ التداول السلمي للسلطة». من جهته فقد اعتبر التيار المدني الديمقراطي أن «استخدام الرموز الدينية في العمل السياسي أساء للدين والسياسة معا وهو ما ينبغي تجنبه». وقالت شروق العبايجي، المرشحة للانتخابات المقبلة عن التحالف المدني الديمقراطي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تركيز المرجعية الدينية على مثل هذه الأمور يأتي من زاوية كون الأحزاب الإسلامية استغلت الدين والمراجع لمصالحها وبعد أن فشلت تماما، فإن المرجعيات الدينية تريد النأي بنفسها لأنها ليست جزءا من خطاب هذه الأحزاب بعد أن فشل من صعد باسمها خلال السنوات الماضية». وأضافت العبايجي أن «التيار المدني الديمقراطي يحترم الدين ورموزه ولكنه لا يستخدمها، لأنه يرى أن بناء الدولة المدنية وإرساء قواعد الديمقراطية يتطلب ترسيخ فكرة المواطنة دون استغلال المشاعر الدينية لأنها لا تفيد في صنع القرار وبناء الدولة»، مشيرة إلى أن «المرجعية باتت الآن تحث على المحاسبة حتى لا تستغل ثانية».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.