كنوج.. عاصمة صناعة العطور في الهند منذ 5 آلاف سنة

250 معملاً تعمل منذ العصور الوسطى بالطريقة والمعدات نفسها

تعبأ العطور بعد تقطيرها في أوعية من جلد الجاموس - تستخدم أفخر أنواع القوارير - عطر ميتي - عطور خالية من الكحول
تعبأ العطور بعد تقطيرها في أوعية من جلد الجاموس - تستخدم أفخر أنواع القوارير - عطر ميتي - عطور خالية من الكحول
TT

كنوج.. عاصمة صناعة العطور في الهند منذ 5 آلاف سنة

تعبأ العطور بعد تقطيرها في أوعية من جلد الجاموس - تستخدم أفخر أنواع القوارير - عطر ميتي - عطور خالية من الكحول
تعبأ العطور بعد تقطيرها في أوعية من جلد الجاموس - تستخدم أفخر أنواع القوارير - عطر ميتي - عطور خالية من الكحول

تعد مدينة كنوج بولاية أوتار براديش الهندية مركزًا تاريخيًا لصناعة العطور من شتى أنواع الأزهار والأعشاب منذ ما يزيد على 5 آلاف سنة؛ تحديدًا عصر حضارة وادي السند.
وتتميز كنوج داخل الهند بمكانة تكافئ تلك الخاصة بمدينة غراس بفرنسا، بمعنى أنها عاصمة العطور على مستوى البلاد.
اليوم، إذا ما سرت عبر شوارع المدينة، سيكون بمقدورك رؤية واجهات دور إنتاج العطور المتداعية التي يعود تاريخها إلى قرون مضت التي تضفي على المدينة بأسرها صبغة مميزة تحمل عبق العصور الوسطى. بصورة إجمالية، تضم كنوج أكثر من 250 معملا لإنتاج العطور، ويبدو أن المدينة بأكملها تشترك بصورة أو بأخرى في عملية صناعة العطر.
وداخل سوق فيجاي، التي تغلب عليها حالة فوضوية، تنهمك الأيدي والأنوف في مزج عناصر نادرة وفريدة لصناعة عطور مميزة، في الوقت الذي ينشغل فيه آخرون في ترتيب أكوام من الزهور والأعشاب بهدف استخدامها في إنتاج مثل هذه الروائح المتميزة التي ربما لا يوجد لها مثيل على سطح الكوكب بأكمله.
ومع تنقلك عبر جنبات السوق، يحرص أصحاب المتاجر على الخروج للترحيب بك عبر إلقاء قطرات خفيفة عليك من مختلف أنواع الروائح والعطور: الياسمين والورد وتشامباك وكيوره وثلاثة أنواع مختلفة من اللوتس والخولنجان وغاردينيا وبلوميريا واللافندر وروزماري والغرنوقي، وكثير من النباتات الأخرى التي ربما لم تسمع بها قط. واللافت أن كثيرا من العطور التي تنتجها المدينة لم يطرأ عليها أدنى تغيير عما كانت عليه في الحقبة المغولية.

تاريخ العطور
من المعتقد أن كنوج كانت تقع مباشرة على الطرق التي جرت العادة على استخدامها في نقل العطور والتوابل والمعادن والحرير والأحجار الكريمة من الهند إلى الصين والشرق الأوسط. كانت المدينة قد بلغت ذروة مجدها وتألقها خلال القرن السابع الميلادي عندما أصبحت عاصمة للإمبراطورية التي قادها هارشا فاردهان. وفي تلك الفترة، بدأت في الاضطلاع بدور مهم في عالم صناعة العطور. ولاحقًا، شجع المغول على صناعة العطور، لدرجة دفعت الإمبراطور «أكبر» لاستحداث وزارة مخصصة لهذه الصناعة.
من جهتها، أوضحت قمر علام علي، التي تتولى إدارة مؤسسة «أزام علي علام علي للعطور»: «تملك العطور القدرة على التأثير على الذهن وتجديد نشاطه. وقد ورد ذكر العطور الطبيعية (الخالية من الكحول) في القرآن الكريم. كما أن عبقها الساحر يساعد في جعل المكان مناسبًا لإقامة الصلاة».
يذكر أن قمر متزوجة منذ أربعة عقود من شخص ينتمي لعائلة تعمل بمجال صناعة العطور، وتعد بمثابة موسوعة بشرية بمجال العطور وأسرار صناعتها، وقد أشارت إلى أن وصفات إعداد العطور العتيقة لا تزال من الأسرار التي يحرص جميع أفراد العائلة على التكتم عليها. وقد توارثت الأجيال واحدًا بعد الآخر مهارة صناعة العطور ومزجها.
من ناحية أخرى، فإن الغالبية العظمى من المقيمين في كنوج يرتبطون بصورة أو بأخرى بصناعة العطور؛ بدءًا من الحرفيين الذين يتولون تسخين الأوراق التويجية للزهور والورود على البخار فوق نيران متصاعدة من خشب محترق، داخل أوان نحاسية ضخمة، وصولاً إلى الأمهات اللائي يقمن بلف عصي البخور في الظل، بينما يستلقي أطفالهن بالجوار.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال شاكي فيناي شوكلا، مدير المركز الهندي لتنمية العطور والنكهات: «لا يزال يجري إنتاج عطور كنوج بنفس الأسلوب تمامًا الذي كان متبعًا منذ قرون، بل وبالمعدات ذاتها».
والملاحظ بالفعل أنه لم يطرأ أدنى تغيير على صناعة العطور منذ قرون ماضية، خصوصا أن جميع المحاولات للاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة في صناعة العطور داخل المدينة باءت بالفشل. كما أن «ديغ بهبكاس» (الأواني المستخدمة في صنع العطور) داخل كنوج تتميز بالتصميم نفسه الذي جرى استخدامه في حضارة وادي السند.
يذكر أنه جرى التنقيب والكشف عن كثير من أجهزة التقطير المستخدمة في صناعة العطور والمنتمية لحقبة حضارة وادي السند بمواقع تقع داخل الأراضي الباكستانية الآن، ومحفوظة حاليًا في متحف تاكسيلا بمدينة لاهور الباكستانية.

العملية
عندما تصل كمية جديدة من الزهور، يضع العاملون كميات ضخمة من الورود أو الياسمين أو الأوراق التويجية الأخرى في أوعية ضخمة، ويغمرونها بالماء، ثم يضعون غطاءً على رأس الإناء، ويحكمون إغلاقه بالطين. بعد ذلك، يشعلون مجموعة من الأخشاب أسفل القدر، ويضيفون إلى الوعاء زيت خشب الصندل الذي يعمل أساسا للعطور. ينقسم الوعاء إلى جزأين عبر أنبوب مجوف من خشب الخيزران، ويعمل الأنبوب على نقل البخار المتصاعد من الجزء الكبير من الوعاء الذي يضم الأزهار أو الورود لينقلها إلى جزء آخر يضم زيت خشب الصندل. وبوجه عام، تتطلب عملية صناعة العطور قدرا كبيرا من الصبر والمهارة، خصوصا أن النباتات عادة ما يجري تقطيرها في آنية نحاسية ضخمة يجري تسخينها فوق نار تتصاعد من أخشاب محترقة.
ويسهم مزيج الخشب والمعدن في إضافة رائحة مميزة إلى العطر، تصعب محاكاتها عبر استخدام الآلات الحديثة.

عطر الورد الشهير
ورد ذكر صناعة العطور في السيرة الذاتية للإمبراطور المغولي «أكبر»، التي وضعها أبو الفضل، وجرى اكتشافها حديثًا بمحض الصدفة. كان أحد الخدم في قصر الإمبراطور المغولي قد لاحظ وجود بعض قطرات من زيت الورد تطفو فوق السطح داخل حوض استحمام الملكة. وخلص الرجل، وكان من كنوج، إلى أن الزيت ينشأ عن اتصال الأوراق التويجية للوردة مع الماء الدافئ، ونجح في صياغة تصور لعملية التبخير والتكثيف لاستخراج هذا الزيت.
وحتى اليوم، فإنه من أجل استخراج رائحة «روح القلوب» الشهيرة، يجري التقاط براعم الورود يدويًا قبل الفجر ووضعها في إناء ضخم مفتوح. وتستغرق عملية استخراج الزيت من طن واحد من الورود ما يزيد على الشهر ولا توفر سوى بضعة ملليغرامات قليلة من الزيت.
وعن هذا، قالت قمر: «يقال إن كل نقطة من هذا الزيت تعادل وزنها ذهبًا»، مشيرة إلى أن بعض الشخصيات من منطقة الشرق الأوسط تطلب من شركة «باكارا كريستال» الفرنسية المعنية بإنتاج الأواني الكريستالية الفاخرة، توفير زجاجات جميلة لتخزين العطر.
من جانبه، ينتج فيجاي فيرغيا، الذي يعمل بمجال العطور ويمثل الجيل الخامس من عائلته يعمل بالمجال ذاته، أكثر من 700 زجاجة من الزيوت الأساسية ومشتقاتها. كان فيرغيا قد درس صناعة العطور بمدينة غراس في فرنسا، ونجح في مزج روائح تقليدية بأخرى حديثة، وتوصل إلى سبل فريدة لجعل الحياة العادية اليومية أكثر عطرًا.
وأوضح فيرغيا أن «مثل هذه النوعية من العطور تحظى بإقبال كبير من جانب صفوة أثرياء الشرق الأوسط الذين يبدون استعدادهم لدفع مبالغ كبيرة مقابل الحصول على عطور تبقى ملاصقة للجسد وكأنها طبقة ثانية من الجلد».
تقليديًا، يجري تخزين العطور في جيوب مصنوعة من جلود الجمال بعد تقطيرها. أما الآن، فأصبح يجري تخزينها في قوارير مصنوعة من جلود الجاموس.
أما العكر المستخرج من عملية التقطير الأخيرة، فيوضع تحت أشعة الشمس، بحيث تتبخر منه المياه الزائدة ويتحول العطر إلى مركب دافئ وعضوي وغني بالمعادن.

رائحة المطر
بجانب العطور القديمة التي لطالما اشتهروا بها، ورث أبناء كنوج عن أجدادهم مهارة متميزة: بإمكانهم الاحتفاظ برائحة الأمطار الهندية - تحديدًا رائحة الأرض بعد سقوط المطر عليها - في صورة عطر يعرف باسم «ميتي».

كيف يصنع عطر «ميتي»؟
عملت أسرة سيارام في بيع رائحة الأرض بعد امتزاج الأمطار بها من قطعة أرض تقع خلف منزلهم، إلى جهات محلية تعمل بمجال صناعة العطور. خلال فترة الأمطار الموسمية، تغطي هذه القطعة من الأرض الأمطار، بعد أن تكون قد جفت خلال فترة الصيف. ويعمد أفراد أسرة سيارام - الأب والأم والأطفال - إلى استخدام عصي خشبية في كسر قطع من الأرض الجافة وصب الماء عليها من بحيرة بالجوار بالاعتماد على مضخة تعمل بالديزل، مع العمل على تقسيم شكل قطع الأرض إلى أقراص، التي يقومون بتسخينها لاحقًا داخل موقد بدائي، ثم يغمرونها بالماء داخل قدور نحاسية، والتي تغلق بالطمي بعد ذلك. وبعد هذا، توقد نار أسفل القدور تعتمد على روث الأبقار كوقود لها، وينتقل البخار عبر أنابيب الخيزران ليجري تكثيفه في إناء آخر يضم زيت خشب الصندل ليتكون العطر. ولا ينتهي العمل من إعداد عطر «ميتي» إلا بعد أن يجري صبه داخل قارورة خاصة مصنوعة من جلد الجمال أو الجاموس تدعى «كوبي»، ويغلق عليه بالداخل.
من ناحيته، أوضح أشفق، الذي يشكل الجيل الـ16 من عائلته الذي يعمل بهذا المجال، أن عطر «ميتي» الذي لا يجري تخزينه في «كوبي» يفسد. وأبدى أشفق الذي تخرج في مدرسة عامة، قلقه إزاء تقنيات التصنيع الحديثة، خصوصا أي شيء يتعلق بالبلاستيك. وأضاف مؤكدًا أن «اللحظة التي تضع فيها العطر داخل قارورة جلدية بالغة الأهمية، بل لا تقل أهمية عن اللحظة التي تضع العطر على جسدك، حيث تسمح القارورة الجلدية للعطر بالتخلص من أي رطوبة متبقية به وامتلاك الرائحة الحقيقية المرغوبة؛ وهي في هذه الحالة رائحة المطر الممزوج بالأرض».
من ناحية أخرى، أعرب بعض مالكي محلات العطور عن اعتقادهم بوجود فوائد علاجية لعطر «ميتي»، مشيرين إلى أنه يسهم في علاج من يعانون من اضطرابات ذهنية.
وعن هذا، قال أشفق: «هناك أمر ما بخصوص هذا العطر يساعد في تهدئة الأعصاب وبث روح من النشاط بها. وقد ورثنا هذه المعلومة عن أجدادنا القدامى».

العطور المعتمدة على خشب الصندل
كما سبق أن أشرنا، يعتمد مصنعو العطور في كنوج على زيت خشب الصندل بوصفه مادة تشكل القاعدة للعطور التي ينتجونها، لما يتمتع به من خاصية ثبات قوية وقدرته على الإبقاء على العطر الخاص بالورود أو الأزهار المستخدمة لفترة طويلة.
وعليه، عندما تسير عبر شوارع كنوج يخالجك شعور بوجود معمل لتقطير زيت خشب الصندل عند كل ناصية، ذلك أن عبق خشب الصندل يملأ الأجواء. وكل صباح، تحرص مجموعة من الرجال على الاستحمام في المياه التي تخلص منها أحد معامل التقطير ولا تزال تحمل جزيئات خشب الصندل.
من بين هؤلاء، بوشبراج الذي أعرب عن اعتقاده بأن بقايا خشب الصندل الممتزجة بالمياه تساعد في الوقاية من الأمراض.

الطريقة المثلى لوضع العطر
احرص على تجنب استنشاق العطر مباشرة من القارورة، فنظرًا لأن العطر مكثف للغاية، فإن نقطة واحدة منه كافية للغاية لتعطير الجسد بأكمله. أما الطريقة المثلى لوضع العطر، فهي حك أطراف الأصابع في نقطة منه ومسحها برفق على الملابس.
جدير بالذكر أن مصنعي العطور في كنوج ينتجون ما بين 8 آلاف و10 آلاف برميل من العطور يوميًا، حسب موسم الأزهار. ويضم كل برميل قرابة مائتي لتر من العطر.
أما الوجهات الرئيسة للتصدير، فهي دول الشرق الأوسط وأوروبا واليابان والصين والولايات المتحدة، علاوة على قرابة 50 دولة أخرى بشتى أرجاء العالم.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».