مهدي جمعة يلتقي أوباما ويؤكد قدرة تونس على مواجهة التطرف

طالب بتعاون استخباراتي ومعدات متطورة لمواجهة الإرهاب والاضطرابات عند الحدود التونسية - الليبية

الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى لقائه رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة أمس (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى لقائه رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة أمس (أ.ب)
TT

مهدي جمعة يلتقي أوباما ويؤكد قدرة تونس على مواجهة التطرف

الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى لقائه رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة أمس (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى لقائه رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة أمس (أ.ب)

استقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما، مساء أمس (الجمعة)، رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة مشيدا بالإصلاحات التي تقوم بها الحكومة التونسية ومعانا التزام بلاده بمساعدة تونس في مسارها نحو الديمقراطية.
وشدد رئيس الوزراء التونسي على إصرار حكومته على المضي في الإصلاحات السياسية والاقتصادية والتحول إلى الديمقراطية، مطالبا إدارة الرئيس أوباما بدعم الاقتصاد التونسي وتعزيز التعاون في المجال الأمني والاستخباراتي، لمواجهة الجماعات المتشددة في تونس، والحصول على معدات متطورة لمواجهة الإرهاب والاضطرابات عند الحدود التونسية - الليبية.
وأكد جمعة قدرة تونس على مواجهة التطرف والانفتاح على العالم، مشيرا إلى التوافق الداخلي بين التيارات الإسلامية والليبرالية والأحزاب اليسارية، وإصدار دستور جديد إضافة إلى التحضير لانتخابات جديدة في نهاية العام.
وقد ازدحمت أجندة رئيس الوزراء التونسي بالعديد من اللقاءات خلال زيارته للولايات المتحدة التي استمرت ثلاثة أيام، ركز خلالها على الملفين السياسي والاقتصادي في لقاءاته بالمشرعين الأميركيين في الكونغرس، ومع رئيس البنك الدولي جيم كيم ومديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، إضافة إلى لقاءاته بمراكز الأبحاث الأميركية ومنظمات رجال الأعمال.
وقد التقى جمعة مع زعيم الأغلبية بمجلس النواب الأميركي أريك كانتور وأعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، مساء أول من أمس (الخميس)، كما اجتمع بـ11 عضوا من أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ برئاسة السيناتور روبرت مننديز. وأبدى أعضاء الكونغرس التزامهم بدعم تونس في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والتجارية، وأثنوا على خطوات الانتقال إلى الديمقراطية في تونس، وتعهد الجانبان على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، ومناقشة إنشاء منطقة تجارة حرة بين البلدين.
وقال زعيم الأغلبية في مجلس النواب أريك كانتور عقب لقائه، برئيس الوزراء التونسي بالكونغرس، أول من أمس (الخميس): «لقد سررت باستضافة رئيس الوزراء جمعة في الكابيتول، وقد ألهمت ثورة الياسمين في تونس العالم. ووسط العنف السياسي الذي يجتاح المنطقة، فإننا نشجع صمود الشعب التونسي، وروح التوافق في تونس، ولدينا أمل كبير في أن الدستور التونسي والتحول التاريخي سيحميان الحريات الأساسية، ويمكن أن يجعلا تونس نموذجا في المنطقة».
وأوضح كانتور أن محادثاته مع رئيس الوزراء التونسي ركزت على التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه تونس، وقال: «ندرك أن تحديات كبيرة لا تزال قائمة، ويجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الوقوف إلى جانب تونس في مواجهتها لهذه التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية. وتونس منذ فترة طويلة شريك في مكافحة الإرهاب في المنطقة، وبما أن خطر التطرف الراديكالي مستمر في النمو، فإن شراكتنا مع تونس مهمة عن أي وقت مضى، وأمامنا عدوّ مشترك هو الإرهابيون وآيديولوجياتهم الراديكالية التي تتنافى مع المبادئ الديمقراطية لدينا، ويجب أن نكون حازمين في مواجهة الذين يسعون لعرقلة التقدم في تونس، ويستهدفون مهاجمة مصالحنا».
وقال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تدعم بقوة الشعب التونسي وسعيه لتحقيق ازدهار اقتصادي. وأكد البيت الأبيض في بيان التزام الولايات المتحدة بأكثر من 400 مليون دولار لدعم المرحلة الانتقالية في تونس مع التركيز على المساعدة النقدية والمالية للاقتصاد ودعم القطاع الخاص.
وأشار البيت الأبيض إلى إعلان الرئيس أوباما تقديم ضمانات قروض سيادية للحكومة التونسية بما يقرب من 500 مليون دولار إضافة إلى توسيع وتعميق العلاقات التجارية ودعم مشاريع تكنولوجيا المعلومات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة كحافز لدعم القطاع الخاص وتوفير فرص العمل إضافة إلى برامج منح دراسية للطلبة التونسيين.
في حين رحب المسؤولون في البنك الدولي وصندوق النقد بالدستور التونسي الجديد والإصلاحات الاقتصادية التي تخطوها حكومة جمعة، أشار المسؤولون إلى خطورة ارتفاع معدلات التضخم التي بلغت ستة في المائة عام 2013 مطالبين بإصلاحات لخفض التضخم وخفض الدعم المقدم للوقود والغذاء ومواجهة عجز الموازنة وارتفاع معدلات البطالة.
وشدد جمعة على سعي حكومته لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية دون الأضرار بالفئات ذات الدخل المنخفض. وصرح محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري بأنه جرى الاتفاق على المضي قدما في تقديم قروض لتونس مسبقا.
ودشن الوفد التونسي خلال زيارته لواشنطن إطلاق الحوار الاستراتيجي بين البلدين، برئاسة وزير الخارجية المنجي الحامدي، ووكيل وزارة الخارجية ويليام بيرنز، وتركزت النقاشات على مجالات الاقتصاد والاستثمار والأمن والتحول الديمقراطي في تونس، وأكد الجانب الأميركي على تقديم الدعم لتونس لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني وتقوية المجتمع المدني وتمكين الشباب كأسس لتحقيق الديمقراطية، وتُعقد الدورة المقبلة من الحوار الاستراتيجي في تونس عام 2015.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.