مؤتمر كلينتون عقد للبث التلفزيوني.. ومؤتمر ترامب لموقع «تويتر»

كان البرنامج التلفزيوني الذي قدمته هيلاري كلينتون في ولاية فيلادلفيا أفضل من البرنامج الذي قدمه دونالد ترامب في كليفلاند. فقد كانت التوقعات تسير على عكس ذلك، إذ كان ينظر إلى ترامب بوصفه صاحب الضجة الحقيقية والمايسترو السابق لسلسلة حلقات مسلسل الواقع وبأنه وعد بالمزيد من الترفيه في الأيام القادمة. غير أن ما حدث هو أن أداء كلينتون كان قريب الشبه بما يراه جمهور برنامج «تونايت شو» وأداء أليسيا كيس، وميريل ستريب، وباول سايمون، وإليزابيث بانكس، وليني كرافيتز، وكاتي بيري. بالفعل كان عرض كلينتون احترافيا بما تحمله الكلمة من معنى، إذ تفوقت كلينتون في التقييم الذي حصلت عليه في أول ليلتين بفارق عدة ملايين من الأصوات.
نجح فريقها في إعداد خطة العمل بحيث يساعدها في الحصول على أكبر فائدة من جائزة الإعلام الكبرى لمرشحي الحزب الأقوى في البلاد وهي السيطرة شبه الكاملة على برامج التلفزيون ونشرات الأخبار في أوقات الذروة، وعلى شبكات البث المباشر من الساعة 10 إلى 11 مساء.
أعطى ترامب مصداقية لمؤتمر الحزب الديمقراطي عندما انعقد المؤتمر منتصف الأسبوع الحالي لمناقشة الفروق بين المؤتمرين. قال ترامب: «أعجبني كلا البرنامجين»، إلا أنه قال إنه لا يستطيع أن يصدر حكما صحيحا قبل نهاية المؤتمر عندما يصبح من الممكن مقارنة خطب وتقييم كلا المرشحين.
في فيلادلفيا، كان لكل خطاب من خطابات الحزب الديمقراطي هدف محدد، وهو إشعار القاعدة الشعبية (السيناتور كوري بوكر من نيوجيرسي وأمهات الشباب الأعزل الذي قتل على يد الشرطة)، ومهاجمة ترامب (السيناتور إليزابيث وارين والممثلة لانا دانهام، وأميركا فيريرا)، وتوحيد الحزب (بارني ساندرز)، وتجمع الأحرار (مايكل بلومبيرغ)، وملء السيرة الذاتية للمرشحين (بيل كلينتون).
صُممت الخطب وكل ما يقدم دقيقة بدقيقة بحيث لا تذهب ثانية واحدة ثمينة من وقت الذروة هباء، واستمرت عملية الإنتاج على نشاطها حتى اللحظة الأخيرة، واستمرت الخطب النارية التي ألقاها الداعية النشط ريف ويليام باربر، والجنرال المتقاعد جون ألين، ثم استقبال كلينتون الذي لقي بعض الاعتراض غير المخطط له وكان ذلك عند وصولها للقاعة، إلا أن هذا لم يخرج خطابها عن إطاره.
ربما كان الفارق سيكون أقل وضوحا لو أن برنامج ترامب لم يصغ بهذا الشكل المكتوب والمتكلف الذي اعتاده الناس في مثل هذه المؤتمرات. ففي ولاية كليفلاند الهامة انتخابيا، بدأت السيناتور جوني إرنيسيت من ولاية أيوا، الحديث بعدما كانت الشبكات التلفزيونية قد انتقلت بالفعل لبث الأخبار المحلية (جادل مسؤولو الحزب الجمهوري الخميس الماضي أنه كان من الأولى تقديم كلينتون بدلا من الأخبار)، في حين تحدث ترامب عن البرنامج الحواري العتيق «أو ريالي فاكتور»، في الوقت الذي تحدثت فيه باتريشيا سميث على المسرح بشكل عاطفي عن موت ابنها في هجوم بنغازي، وبعدها انتهي البرنامج قبل موعده، ليترك دقائق ثمينة في وقت الذروة من دون استفادة.
ولدى سؤاله عن الفروق، قال ترامب إنه لم يستطع التحدث معهم بتفاصيل أكثر والسبب «إنني لم أقم بإنتاج برنامجي، فقد ظهرت فقط في الحوار الأخير يوم الخميس». (اعترف أنه ظهر في برامج أخرى في وقت انعقاد المؤتمر، بما فيها برنامج «أو ريالي»، لكنه قال إن ذلك لم يسبب تشتتا في المؤتمر لأنه لم يجر الإعلان عن أسمائهم، ولذلك لم يعلم أحد بظهوره).
وحتى بعد ما اتضح للناس أن أداء منظمي مؤتمر كلينتون كان أفضل من منافسهم بشأن الاستفادة من الوقت التلفزيوني، بقي السؤال الذي لازم الحملة على مدار العام: هل يمثل ذلك أهمية؟
بدا وكأن ترامب دخل في معترك حرب إعلامية غير متكافئة، فقد تنازل عن تكتيك الحملات التقليدية مثل الإعلانات التلفزيونية المكثفة والاستفادة من المعلومات المتطورة مثل تلك التي استخدمها أوباما في حملتيه الانتخابيتين. وبدلا من ذلك، فقد ملأ برامجه التلفزيونية وموقع تويتر ببرامج أشبه بتلفزيون الواقع، التي عندما تصل لقمة تأثيرها تصيب منافسيه بالاختناق لنقص الأكسجين الإعلامي.
اتبعت كلينتون تعليمات كتاب الإعلام التقليدي بشأن الفوز في الانتخابات الرئاسية في العصر الحديث: وهي باختصار، وفي ضوء نفورها من التقارير الإخبارية، تتلخص في الاعتماد على الحملات الدعائية التلفزيونية المكثفة والدعاية من الباب للباب والعمل الميداني.
تعتبر المؤتمرات الانتخابية التنافسية اختبارا عظيما لتوضيح أي من الأسلوبين أفضل من الآخر. وحتى الآن بدا وأن ترامب قد تحدى جميع القواعد التقليدية للإعلام السياسي. ولذلك فإن ثبت أن أسلوبه في التعامل مع المؤتمرات هو الأمثل، فسوف يكون صاحب السبق في إعادة كتابة القواعد من جديد.
قال ترامب إنه سوف يفوز في النهاية لأنه، بحسب ترامب، «رسالتنا أفضل ولدينا من هم أفضل في نقل الرسائل».
سرعان ما أجمع المراسلون الصحافيون الذين غادروا كليفلاند على أن مؤتمر ترامب كان فوضويا إلى حد بعيد، بحسب كتابات بعضهم، إلا أن ترامب كتب على صفحته بموقع تويتر مساء الثلاثاء أن «مؤتمره الانتخابي كان أكثر تشويقا». بمعنى آخر، جاء البرنامج بالشكل الذي وعد به ترامب، حتى وإن بدا أحينا قريب الشبه من حلقات «ذا أبرانتيس»، أو الصبي، أكثر منه مؤتمر سياسي جماهيري.
لم يخل الأمر من الرتابة، إذ كيف انتهى المطاف ببضع سطور من خطاب ميشيل أوباما التي ألقتها عام 2008 بأن تقع بين يدي ميلينا ترامب كجزء من خطابها عام 2016؟
ما رأته وسائل الإعلام فوضى شديدة، رآه أنصار ترامب تغييرا وتجديدا للحيوية.