جامعة «دار الهدى» في الهند.. تعاليم دينية وعلوم حديثة

مؤسسة سباقة تهدف إلى تنشئة جيل من شباب العلماء المسلمين

حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية
حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية
TT

جامعة «دار الهدى» في الهند.. تعاليم دينية وعلوم حديثة

حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية
حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية

تُعد جامعة دار الهدى الإسلامية، التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية، مؤسسة سباقة في التعليم العالي الإسلامي بالهند، إذ توفر الجامعة مناهج دراسية تمزج ما بين الدراسات الدينية والأخرى العلمية، فضلاً عن التركيز على تدريس مختلف اللغات.
ومن منطلق الإيمان بالتطور التدريجي لطراز الجامعة الإسلامية النموذجي، تعد الجامعة قلعة من قلاع تدريس كل التعاليم الإسلامية، كما تعد تراثًا تعليميا بامتياز.
ويقع الحرم الجامعي المترامي الأطراف لهذه الجامعة العريقة على مساحة 13 فدانًا، ويضم ما يزيد على 20 كلية عربية للتعليم الإسلامي العالي تابعة للجامعة، من ولايات كيرالا، وماهاراشترا، وأندرا براديش، والبنغال الغربية، وآسام. وتتبع تلك الكليات الجامعة من حيث المناهج الدراسية والأنشطة التعليمية الأخرى. وبعد إتمام الطلبة لشهاداتهم الجامعية بنجاح، من تلك الكليات التابعة للجامعة، يتوجب عليهم الالتحاق بالحرم الجامعي الرئيسي للجامعة للانخراط في الدراسات العليا لمدة عامين من أجل الحصول على درجة الماجستير.
ورئيس الجامعة الحالي هو الأستاذ الدكتور بن عقاد سيد حيدر علي شهاب، ونائب الرئيس هو الدكتور بهاء الدين محمد الندوي. وفي الوقت الراهن، تضم «دار الهدى» أكثر من ألف طالب، ونحو 60 مدرسًا.
يذكر أن اتحاد علماء السنة بولاية كيرالا، وهي الهيئة التنفيذية التي تدير نحو 8 آلاف مدرسة، أو المدارس الإسلامية والعربية التي تعمل بدوام جزئي في أنحاء كيرالا من أجل إدخال الإصلاحات على نظام التعليم، قد أسس مدرسة تحمل اسم أكاديمية دار الهدى الإسلامية عام 1986. وقدمت رؤيتهم توليفة من التعليم الديني والعلماني والروحي والمادي.
ولاحقًا، خلال عام 2009، أصبحت الأكاديمية جامعة متكاملة الأركان، بعد الخطابات المطولة بين العلماء الحالمين وقادة المجتمع الداعمين. وتهدف الجامعة إلى تنشئة جيل من شباب العلماء المسلمين المسلح بأدوات المعرفة الحديثة.

انتقاء عالي الجودة

وقد وضع نموذج التعليم الذي أرسته جامعة دار الهدى حدًا للصورة النمطية السائدة بأن التعليم الديني يعد خيارا للطلاب الفقراء، أو من هم أقل ذكاء، وللأطفال الأقل كفاءة الذين لا يصلحون لشيء، إذ إن الجامعة تضع معيارا لانتقاء الطلاب الأذكياء المتفوقين الموهوبين فقط، بصرف النظر عن خلفياتهم، بعد اجتيازهم للاختبارات الشفهية والنظرية.
ولدى المؤسسة نظام مميز من التعليم، يعتمد على قبول الطلاب بعد 5 سنوات من التعليم الابتدائي، ومن ثم يمضوا 12 عاما من التعليم بالمؤسسة (5 أعوام من التعليم الثانوي، و2 لما بعد الثانوي، ثم 3 للحصول على الشهادة الجامعية، و2 من أجل درجة الماجستير). وبعد 12 عاما من الدراسة، يتخرج الطالب حاملاً لدرجة الماجستير في الدراسات الإسلامية والتعليم العلماني المعاصر، وعلى درجة إلمام جيدة باللغات المالايامالاية والعربية والإنجليزية والأردية. ومعظم الطلاب في جامعة دار الهدي ينتمون إلى عائلات ثرية، وقد حضروا للدراسة فيها بمحض اختيارهم، وبدافع رغبتهم في أن يصيروا علماء دينيين، وليس لأسباب اقتصادية.
وبدوره، قال الحاج محمد شافي، سكرتير الجامعة: «نظرًا لأننا نقوم بتدريس المواد الإسلامية والعلوم الحديثة، يرسل الآباء من العائلات التي تنتمي للطبقة المتوسطة أطفالهم إلى هنا». وأردف أن من أسباب نجاح التجارب التعليمية في كيرالا ما وصفه بـ«الصلة الوثيقة بين فئة العلماء وفئة العاملين بالعمارة – النخب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمسلمين المحليين، وهو الأمر الذي يسمح بمشاركة شعبية واسعة النطاق في مؤسساتنا التعليمية، ولمصداقية أوسع بطبيعة الحال».
ومن جانبه، قال محمد صديق، وهو طالب من شمال الهند، عبر الهاتف: «الأمر هنا مختلف عن المدرسة التي تلقيت فيها تعليمي في بلدتي. فهنا، نحن نتعلم جميع المواد التي تُدرس في المدارس العادية، ولكن العلماء هنا يتسمون بتفتح العقل، ولا يترددون في التعلم أو الاستفادة من العلوم الجيدة الأخرى، أو الانفتاح على المجتمعات الأخرى، وهم لا يحسرون اهتمامهم بين الجدران الأربعة للمدرسة، بل إنهم يشاركون في كل الأنشطة الاجتماعية. وبعكس العلماء الموجودين في شمال الهند، يتحدث العلماء هنا الإنجليزية، ويشجعون على تعلمها. وهم يريدوننا أن نتعلم كل شيء عن العالم، كي نتمكن من خدمة وتوجيه مجتمعنا بشكل أفضل».
ويتحدث الطلاب اللغة الإنجليزية بطلاقة، وبعضهم يريد امتهان الصحافة، في حين يتطلع الآخرون إلى التدريس بالجامعة، غير أن البعض الآخر يود أن ينشئ مؤسسات على غرار «دار الهدى»، ويشترك جميعهم في خدمة الدين والمجتمع، وإن تعددت الطرق في ذلك.
وكثير من المؤتمرات والندوات الدولية التي استضافتها الجامعة كانت تصب في هدف مساعدة الطلاب على الحصول على التعليم الأكاديمي الدولي، بمساعدة الطلبة في التعرف على التعليم الأكاديمي الدولي، فضلا عن توطيد علاقات وثيقة بالشخصيات العالمية. ولا يشكل هذا خطرا على الهوية الدينية والالتزام الديني للطلاب.
وقد شغل كثير من الطلاب الذين تخرجوا من الجامعة مناصب شتى، تشمل: إمامة المساجد، والتدريس في المدارس الحكومية والمدارس الدينية والكليات العربية، إضافة إلى الذين ذهبوا للعمل في الخليج بالشركات ومختلف المؤسسات الدينية والحكومية الأخرى. وقليل منهم يعمل بالصحافة لصالح «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، و«الجزيرة».
وحصل أحد خريجي الجامعة، ويدعى «زين العبد»، أيضًا على دبلومة في الاتصال الجماهيري من المعهد الهندي للاتصال الجماهيري بدلهي، وبدأ العمل بوصفه صحافيا في «بي بي سي» عام 2012.
أما بالنسبة للكليات الموجودة داخل الجامعة، فتشتمل الجامعة حاليًا على 5 كليات: كلية الشريعة وأصول الدين، وكلية الألسن، وكلية الدعوة والثقافة الإسلامية، وكلية التربية والتعاليم الإسلامية.
أهداف الجامعة

ومن جانبه، تحدث د. بهاء الدين محمد ندوي، نائب رئيس الجامعة، بحماسة عن تفرد المؤسسة التي يرأسها، قائلاً: «نود إعداد علماء يتمتعون بالفهم الجيد للمجتمع الإسلامي والمجتمع الحديث على حد سواء، لكي يتمكنوا من خدمة المجتمع بشكل أفضل، وأكثر كفاءة. والعلماء بحاجة إلى الإلمام بالعلوم الحديثة، إضافة إلى التعاليم الإسلامية. وبعد ذلك، عليهم أن يتولوا إرشاد المجتمع، ليس فقط فيما يتعلق بالأمور العقائدية، بل أيضًا في شتى الأمور الشخصية المختلفة، وشؤون الحياة العامة. ونحن هنا نجمع ما بين تدريس المواد الدينية والعلوم الحديثة على حد سواء».
وشرح بهاء الدين ندوي، الذي يعمل مدرسًا أول في جامعة دار الهدى، بنية البرامج التدريسية التي توفرها المؤسسة من البداية قبل التعليم الجامعي، موضحًا أن المؤسسة تبدأ في قبول الطلاب الذين نجحوا في الصف الخامس للمدارس النظامية، والذين تلقوا تعليما إسلاميا حتى نفس المرحلة بالمدارس جزئية الدوام.
ويدرس الطلاب لمدة 5 سنوات في المرحلة الابتدائية، ثم 4 سنوات في المرحلة الثانوية، التي يدرسون فيها التخصصات الإسلامية، إضافة إلى المواد الأخرى التي تُدرس في المدارس النظامية، بما فيها مادة الإنجليزية الإجبارية. وهذا يعطيهم الأولوية الخاصة في أثناء التقديم على دراسة اختبارات القبول في المدارس الثانوية العامة الحكومية. وبعد هذه المرحلة، بإمكانهم الاختيار ما بين الانخراط في الدراسة في الجامعات النظامية، أو الاستمرار في جامعة «دار الهدى» لأربع سنوات لدراسة الدراسات الإسلامية المعادلة لشهادة البكالوريوس، ثم الدراسة لعامين آخرين للحصول على درجة الماجستير. وبالنسبة للطلاب في مرحلة ما قبل التخرج بجامعة دار الهدى، يتعين عليهم أيضًا أن يسجلوا بالتزامن مع دراستهم بـ«دار الهدى» للدراسة في جامعة كاليكوت، أو في أي جامعة مفتوحة أخرى، بصفتهم مرشحين خاصين، موضحًا أنهم «غالبا ما يختارون الدراسة في أقسام اللغة الإنجليزية أو العربية أو العلوم الاجتماعية».
جدير بالذكر أن الطلاب المنخرطين في الدراسة بجامعة دار الهدى ملزمون بالإقامة داخل الحرم الجامعي إقامة إجبارية خلال جميع الفصول الدراسية. ويجري تقديم جميع مصاريف الدراسة والإقامة والطعام، وغيرها من النفقات بالمجان، للاستفادة من التعليم العالي الإسلامي، بصرف النظر عن الخلفيات المادية للطلاب. كما توفر الجامعة حرمًا جامعيًا منفصلاً وآمنًا للطالبات الإناث، ويقع هذا الحرم الجامعي للطالبات بالقرب من مركز الحرم الجامعي الرئيسي، ويطلق عليه اسم كلية «فاطمة الزهراء» للمسلمات.

تشجيع الفتيات على الدراسة

تعد كلية فاطمة الزهراء للمسلمات معهدًا إسلاميًا فريدًا من نوعه حصريًا للفتيات فقط، وقد جرى تأسيسها عام 1992 من أجل الارتقاء بالتعليم الإسلامي الموجه والتعليم المعاصر في آن واحد للفتيات المسلمات، لتخريج أجيال من العالمات. ويوفر المعهد، المتاخم للحرم الجامعي الرئيسي، تعليمًا ذا جودة عالية للمسلمات، من أجل التعزيز منهن كأمثلة متجذرة في الثقافة والأخلاقيات والآداب الإسلامية. وتستغرق الدراسة فيه مدة 6 أعوام، تتألف من برنامج إجباري يتضمن شهادة ثانوية عامة، تتبعها دراسة لمدة سنة أو اثنتين من خلال نظام التعليم المفتوح، يعقبها برنامج تخصص اختياري مدته 3 سنوات. ويدرس للطالبات تشكيلة متنوعة من مواد التعاليم الإسلامية والعلوم الإنسانية الحديثة، مثل القرآن والحديث والفقه والتفسير والتصوف، والعلوم والتكنولوجيا والرياضيات والعلوم الاجتماعية والحاسب الآلي وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها من المواد. فضلاً عن التركيز على تسليح الطالبات بلغات أربع، وهي: الإنجليزية، والعربية، والهندية، والمالايامية.
وبالإضافة إلى المواد الأكاديمية، توفر المؤسسة تدريبًا عمليًا في التصميم والخياطة والتطريز. وبعد إتمام سنوات الدراسة الست بنجاح، تمنح جامعة «دار الهدى» الإسلامية كل فتاة لقب «الزهراية» الشرفي.
وعلى الرغم من أن الجامعة تركز على تعليم الطلاب المسلمين من الهند، فقد التحق بالجامعة بعض الطلاب القلائل من النيبال ونيوزيلندا. وفي المسقبل القريب، تخطط الجامعة إلى فتح أبوابها أمام الطلاب من كل أنحاء العالم.
وعادة ما يستأنف كثير من الطلاب دراستهم، إما في الجامعات الهندية أو في الجامعات المنتشرة عبر أنحاء العالم. وكثير منهم أكملوا دراساتهم العليا بعد الجامعية في الجامعات النظامية، في فروع عدة لم تقتصر على الدراسات الإسلامية أو العربية فحسب، بل تختطها إلى دراسات الأدب الإنجليزي والصحافة وعلوم الاجتماع وعلوم الأنثروبولوجيا وعلوم الاقتصاد. وكثير منهم ينخرط الآن بالفعل في الدراسة في جامعات مثل جامعة جواهر لال نهرو، والمعهد الهندي للاتصال الجماهيري، والجامعة المالية الإسلامية، وجامعة همدرد، وجامعة حيدر آباد، ومعهد تاتا للعلوم الاجتماعية، والجامعة المركزية في كجرات، وجامعة اللغات الإنجليزية واللغات الأجنبية، ومعهد التكنولوجيا، في الهند. علاوة على ذلك، استأنف كثير من خريجي الجامعة دراستهم ما فوق الجامعية بالخارج، في المؤسسات الكبرى مثل جامعة كاليفورنيا في بيركيلي، وجامعة الإسلامية الدولية في ماليزا، وجامعة الأزهر بمصر، وجامعة لايدن في هولندا.

المكانة الدولية
وقعت جامعة «دار الهدى» الإسلامية كثيرًا من مذكرات التفاهم مع كثير من الجامعات الهندية والدولية، وهي تلقى تقديرًا يعادل مكانة كبار الجامعات، مثل جامعة الأزهر بالقاهرة، والجامعة الإسلامية الدولية في كوالالمبور، وجامعة طرابلس، وجامعة أم درمان الإسلامية في السودان، وجامعة العظيم الأزهري في الخرطوم، وجامعة المصطفى الدولية في إيران، وجامعة يلدرم بايزيد في تركيا، وجامعة الفتح في إسطنبول بتركيا، وجامعة الكويت، وجامعة الزيتونة في تونس. علاوة على أن الجامعة عضو في اتحاد جامعات العالم الإسلامي بالمغرب، ورابطة الجامعات الإسلامية بالقاهرة.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».