58 طلقة ضلت طريقها تضع «حسم» على خريطة التنظيمات المسلحة في مصر

الأمن اعتبرها إحدى خلايا الإخوان العنقودية والخبراء حذروا من «الإرهاب العشوائي»

58 طلقة ضلت طريقها تضع «حسم» على خريطة التنظيمات المسلحة في مصر
TT

58 طلقة ضلت طريقها تضع «حسم» على خريطة التنظيمات المسلحة في مصر

58 طلقة ضلت طريقها تضع «حسم» على خريطة التنظيمات المسلحة في مصر

عبر 58 طلقة ضلت طريقها للهدف، نجحت حركة «سواعد مصر - حسم»، في لفت الانتباه، عقب محاولة اغتيال فاشلة استهدفت مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة قبل 3 أيام، لتضع الحركة نفسها على خريطة التنظيمات المسلحة في البلاد، ضمن جيل جديد ظهر على سطح المشهد السياسي على خلفية صراع جماعة الإخوان المسلمين والسلطات المصرية الحالية.
لم تكن عملية استهداف الدكتور جمعة أولى عمليات حركة حسم التي أعلنت عن نفسها منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي، بعد عملية اغتيال ناجحة لضابط شرطة في محافظة الفيوم، لكنها لم تحظ بالاهتمام. ودشنت حسم انطلاقتها عبر اغتيال الرائد محمود عبد الحميد، ضابط مباحث مدينة طامية أحد مراكز محافظة الفيوم (جنوب القاهرة)، وهي العملية التي أصيب فيها أمين شرطة ومجند كان برفقته، في 17 يوليو الماضي، وقالت الحركة في بيان عسكري حمل الرقم 1: «إن العملية جاءت جزاء ما ارتكبوا من جرائم وانتهاكات».
لكنَّ مصادر أمنية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الحركة قامت بعمليات أخرى في نطاق محافظة الفيوم أسفرت عن إصابة مجندي شرطة، كما فتحت عناصر الحركة النار على دورية شرطية في نطاق محافظة الجيزة.
وسُلطت الأضواء على حركة حسم بعد أن أعلنت مسؤوليتها عن محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدف مفتي مصر السابق يوم الجمعة الماضي في مدينة 6 أكتوبر (تشرين الأول) غرب القاهرة، في عملية وصفت بالبدائية، نفذها 4 من عناصر التنظيم مستخدمين 58 طلقة من أسلحتهم الآلية.
وقال العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني: «إن العملية تكشف بوضوح عن عناصر تفتقر إلى الخبرة والتدريب والتسليح.. أعتقد أن فشل العملية التي تعد بالمعايير الأمنية سهلة، جاء نتيجة شعورهم بالذعر من صوت رصاصهم».
وبررت الحركة فشل عمليتها بقولها إنه «منعنا من الإجهاز عليه خشية الدم الحرام وإصابة الأبرياء غير أن القادم لن يفلت منه».
واستهدف الدكتور جمعة أمام مسجد فاضل بمنطقة غرب سوميد في مدينة 6 أكتوبر القريب من مسكنه، ونشرت الحركة على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي صورا لعمليات الرصد التي سبقت تنفيذ العملية.
ويتفق خبراء أمن وباحثون في شؤون جماعة الإسلام السياسي في أن «حسم» أحد إفرازات جماعة الإخوان المسلمين التي أزيحت عن السلطة عبر مظاهرات شعبية حاشدة في يونيو (حزيران) قبل ثلاث سنوات.
ويرى أحمد بان، الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي، أن «حسم كغيرها من الحركات التي ظهرت مؤخرا على الساحة نتاج حالة الغضب والعنف العشوائي لمجموعات شبابية من جماعة الإخوان المسلمين».
ويضيف بان قائلا: «إن بالنظر إلى المفردات التي استخدمتها حركة حسم، وهي لم تخرج عن نطاق تعبيرات مثل الثورة والثأر يبدو أنهم لا ينتمون للتنظيمات المتشددة الأخرى التي يمكن أن تنادي بتطبيق الشريعة كأنصار بيت المقدس مثلا، خطابهم يتطابق مع خطاب الإخوان».
وتعهدت حركة «حسم» التي صاغت شعارها على هيئة «كلاشنكوف» متبوع بعبارة «بسواعدنا نحمي ثورتنا»، بمعاودة استهداف الدكتور جمعة الذي يعد أحد أبرز خصوم جماعة الإخوان.
وسبق أن رفعت مجموعات تابعة للجان نوعية تشكلت من شباب جماعة الإخوان بعد فض اعتصامي لأنصار الجماعة في أغسطس (آب) عام 2013 شعار «حسم»، وفي تصريحات للمتحدث الرسمي السابق لوزارة الداخلية اللواء هاني عبد اللطيف، قبل عامين، وضع حركة حسم ضمن مجموعة أخرى من التنظيمات العنقودية التابعة لجماعة الإخوان. وقال عبد اللطيف حينها: «إن جماعة الإخوان سعت إلى توحد الهدف الاستراتيجي المتمثل مرحليا في إشاعة الفوضى بالبلاد بدعوى أنها أعمال جهادية، حيث توصلت التحريات إلى تحديد القوى الدينية المتطرفة، التي اتفقت توجهاتها مع التنظيم الإخواني، من بينها تنظيمات (أجناد مصر - أنصار بيت المقدس - الجماعة الإسلامية - حركة حازمون)، الذين قاموا بالفعل بتشكيل خلايا عنقودية مسلحة تحمل كثيرا من الأسماء، مثل: (حركة كتائب حلوان - حركة العقاب الثوري - حركة كتيبة إعدام - حركة حسم - حركة الحراك الثوري - حركة بلاك بلوك ضد الانقلاب) للإعلان عن مسؤوليتها عن الحوادث الإرهابية للإيحاء للرأي العام بتعدد الحركات المتطرفة، فضلا عن استبعاد تهمة الإرهاب عن جماعة الإخوان». ويضع التنظيم الجديد هدفا له «تحرر شعبنا العظيم من ظلم الآلة العسكرية الغاشمة وميليشياتها الغادرة»، بحسب نص بيانه العسكري الأول، ويتعهد بأن عناصره لن تغادر «أرض المعركة إلا منتصرين أو شهداء»، وبالنسبة إلى الخبراء الأمنيين يبدو الاحتمال الثاني أقرب إلى الواقع. ويقول العميد عكاشة إن «حسم تبدو صيدا سهلا لقوى الأمن التي نجحت خلال الشهور الماضية في تفكيك تنظيمات أخرى مشابهة، كتاب حلوان مثلا التي تم القبض على عناصرها بعد شهر واحد فقط من الإعلان عن نفسها، والعقاب الثوري، وحركة ولع والكتائب الشعبية». يتابع: «حتى تنظيم أجناد مصر الذي بدأ أكبر تنظيمات الموجة الجديدة من الإرهاب، الذي امتلك عناصر أكثر مهارة وخبرة نجحت قوات الأمن في تفكيكه خلال عام واحد من زعيم التنظيم حتى أصغر أفراده». ورغم إقراره بهشاشة التنظيم وقدرة قوات الأمن المصرية التي تملك خبرة في هذا المضمار، فإنه حذر من خطورة ما سماه «الإرهاب العشوائي»، قائلا إن سلوك تلك التنظيمات لا يمكن التنبؤ به.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.