أسعار النفط تتراجع نتيجة وفرة المعروض وتفاؤل منتجي الخام الأميركي

مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة خالفت التوقعات وارتفعت إلى 1.4 مليون برميل

حفار في أحد حقول النفط الصحراوية (رويترز)
حفار في أحد حقول النفط الصحراوية (رويترز)
TT

أسعار النفط تتراجع نتيجة وفرة المعروض وتفاؤل منتجي الخام الأميركي

حفار في أحد حقول النفط الصحراوية (رويترز)
حفار في أحد حقول النفط الصحراوية (رويترز)

بدأت أسعار النفط تتراجع مُجددًا مبتعدة عن مستوى 50 دولارًا للبرميل، الذي يعتبر الأعلى منذ أن هبطت الأسعار في بداية العام لأقل من 30 دولارًا للبرميل، وسط عمليات بيع مكثفة أدت إلى سقوط خام غرب تكساس الوسيط إلى 26 دولارًا آنذاك. وبعد صعود العقود الآجلة للنفط الأميركي بنسبة 11 في المائة حتى الآن، بعد صعوده فوق 50 دولارًا في فصل الربيع، تراجع الخام مُجددًا ليستقر عند أقل 42 دولارًا.
ولا يزال العالم يعاني من وفرة في المعروض من النفط الخام، وهذا ما يغذي مرة أخرى التراجع في أسعار النفط الخام. والخوف الحقيقي هو أن الطلب على النفط الخام سينخفض إلى أبعد من ذلك، حيث إن المصافي تذهب حاليًا - كما يفعلون عادة في أوائل الخريف - للصيانة الروتينية قبل تكرير الوقود في فصل الشتاء. وذلك من شأنه أن يرسل النفط إلى 30 دولارًا مُجددًا. وكان الداعم الأهم لأسعار النفط هو وجود اضطراب في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك نقص كبير في الإنتاج النفطي في كندا بسبب حرائق الغابات. لكن كندا بدأت تعود مرة أخرى للإنتاج بشكل مستقر، فضلاً عن الصراع المستمر بين المملكة العربية السعودية وروسيا لإنتاج المعدل الأكبر عالميًا من النفط. ونتيجة لارتفاع الأسعار خلال الأشهر الستة الماضية، بدأ المنتجون في أميركا أيضا في إضافة بعض الحفارات، مما يزيد من الإنتاج النفطي الأميركي.
وخالفت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة التوقعات - خلال الأسبوع الماضي - وارتفعت 1.4 مليون برميل، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية. وكانت تشير التوقعات إلى تراجع المخزون نحو 1.36 مليون برميل. ووفقا لتقرير الإدارة تراجعت مخزونات البنزين بواقع 3.3 مليون برميل، وارتفعت مخزونات نواتج التقطير التي تشمل وقود الديزل وزيت التدفئة 1.2 مليون برميل.
وأظهرت بيانات شركة النفط الأميركية «بيكر هيوز» زيادة في أنشطة الحفر للأسبوع السادس على التوالي. وقالت «بيكر هيوز»، في تقريرها الأسبوعي، إن شركات الحفر أضافت سبع منصات في الأسبوع المنتهي في الخامس من أغسطس (آب)، ليصل إجمالي عدد الحفارات العاملة إلى 381 مقارنة بـ670 حفارا كانت قيد التشغيل قبل نحو عام. وارتفع عدد المنصات بواقع 44 في يوليو (تموز) الماضي، في أكبر زيادة شهرية منذ أبريل (نيسان) 2014. وتوقع محللون أن يتأرجح عدد المنصات العاملة في الشهور القليلة المقبلة، بسبب انخفاضات موسمية في أنشطة الحفر وهبوط بنحو 20 في المائة في أسعار الخام بفعل المخاوف من تخمة المعروض منذ أن تجاوز في مطلع يونيو (حزيران) 50 دولارًا للبرميل، وهو المستوى الذي يرى محللون ومنتجون أنه سيشجع الشركات للعودة إلى الإنتاج.
ويعتقد أن عودة المصافي للعمل ستكون عاملاً أساسيًا لمزيد من الإنتاج. ومع اقتراب النفط من مستوى 40 إلى 50 دولارًا خلال الفترة الماضية، طرح عدد من المنتجين خططًا لإكمال تراكم الآبار غير المكتملة. هذه الآبار لديها القدرة على إضافة الإنتاج في وقت قصير دون منصات.
ويأتي تحليل لبنك باركليز ليؤكد أن الطلب العالمي على النفط خلال الربع الثالث من عام 2016 قد أظهر تناميًا تقل وتيرته عما كانت عليه مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2015، وسط ضعف وتباطؤ في أداء البلدان الصناعية، إضافة إلى الصين والهند، متأثرا بتباطؤ في النشاط الصناعي، ولكن البنك يتوقع كما هي الحال لبقيه بيوت الاستشارة، أن الطلب سيعاود التعافي بوتيرة أسرع في الأشهر، من أكتوبر (تشرين الأول)، ونوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول)، على أسس موسمية، وتكون السوق أكثر توازنًا، وهو ما يعني تعافي مستويات الأسعار حينئذ. وقالت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها الشهري الصادر في 22 يوليو 2016، إن إمدادات النفط العالمية ارتفعت في يونيو الماضي إلى 96 مليون برميل يوميا، بعد كبح جماح التوقف في الإمدادات خلال مايو (أيار) 2016.
وعلى الرغم من استمرار معاناة الشركات من ضغوط انعدام أو قلة الأرباح والسيولة، كما يتضح من استمرار ارتفاع معدلات إعلان الإفلاس، فإن منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة يشعرون براحة أكبر في الوقت الحاضر مما كان عليه في الربع الأول من العام، عندما انخفضت أسعار النفط إلى ما دون 30 دولارا للبرميل. وإذا استمر النفط الصخري في الولايات المتحدة في المنافسة، فقد نشهد جولة أخرى من زيادة الإنتاج من المملكة العربية السعودية، لأنها عازمة على بذل قصارى جهدها للاحتفاظ بحصتها في السوق حتى بعد إعلانها عن خططها الطموحة طويلة الأجل لبناء اقتصاد «أقل اعتمادا على النفط» بحلول عام 2030، وفقا لرؤية المملكة.
وأنهى خام غرب تكساس الوسيط تعاملات الأسبوع الماضي عند 41.83 دولار للبرميل، وأغلق برنت عند 44.28 دولار. لكن أسعار النفط الأميركي انخفضت بنحو 20 في المائة من أعلى مستوياتها في يونيو عند نحو 52 دولارًا. ومع ذلك، فإنها تبقى فوق أدنى مستويات العقد في فبراير (شباط)، عندما هبطت أسعار النفط دون 30 دولارا للبرميل.
وقال بيل أونيل، وهو كبير المستشارين في مجموعة «LOGIC» الاستشارية، إن حرائق الغابات الكندية في منطقة الرمال النفطية، وانخفاض إنتاج حاد في نيجيريا وليبيا وإضراب عمال النفط في الكويت، تسببت في سلسلة من انقطاع الإمدادات في وقت سابق من هذا العام. ويقول أونيل، إن الطلب الصيني على النفط المستورد آخذ في التباطؤ. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال هناك مخاوف بشأن الطلب الأوروبي بعد قرار المملكة المتحدة بترك الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن بيانات أقل من المتوقع عن نمو الناتج المحلي في الولايات المتحدة. وتواصل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) استراتيجيتها في الحفاظ على حصتها في السوق، وضخ مزيد من النفط بقدر الإمكان. وتشير بعض التقارير الإخبارية إلى أن إنتاج أوبك في يوليو (تموز) يمكن أن يسجل رقمًا قياسيًا بسبب الزيادات المتوقعة من إيران ونيجيريا.
وقال ستيوارت جليكمان، رئيس قسم أبحاث الطاقة في «S&P»، إنه عندما سجلت أسعار النفط الخام الأميركي 50 دولارًا، شجعت بعض منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة على العودة للإنتاج مرة أخرى، كما يتضح من خلال ارتفاع عدد منصات النفط خلال الأسابيع الأخيرة. وأضاف غليكمان: «مع هوامش ربح أقل وارتفاع المخزون من المنتجات مثل البنزين والديزل، ستتراكم مخزونات النفط الخام مرة أخرى». وذلك المخزون المتزايد - كما هو واضح في البيانات من إدارة معلومات الطاقة الأميركية - يدل على استمرار تسجيل مستويات مرتفعة تاريخيًا من النفط الخام.
وقال غليكمان، إنه كانت هناك آمال كبيرة أن موسم الرحلات الصيفية يستنزف بعضا من تلك الوفرة، ولكن حتى الآن كانت النتائج تحت التوقعات. ويرى غليكمان أن الأسعار يمكن أن تنخفض إلى أبعد من المستوى الحالي قليلا، لكن أيا من مراقبي السوق يتوقعون تراجع الأسعار إلى 20 دولارًا للبرميل. ولا يرون أيضًا أن أسعار النفط يمكن أن ترتفع إلى مستوى بعيد عن 50 دولارًا للبرميل خلال العام الجاري. أما البنك الدولي فيتوقع استقرار أسعار النفط بين 53 و60 دولارًا للبرميل بحلول عام 2020، وذلك مع عودة التوازن المتوقعة بين العرض والطلب، حسب التقرير الجديد من الموجز الاقتصادي الفصلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
والتباطؤ المتجدد في أسعار النفط قد أجبر البنوك الاستثمارية الكبرى إلى خفض توقعات الأسعار لعام 2017، وسط مزيد من التشاؤم حول مستقبل أسعار النفط. واستطلعت صحيفة «وول ستريت جورنال» 13 بنكا استثماريا في توقعاتها لسعر خام برنت، وكانت النتيجة متوسط 56 دولارًا للبرميل لعام 2017، التي جاءت أقل بنحو دولار واحد للبرميل الواحد من مسح أجرته «وول ستريت» في يونيو (حزيران). والبنوك الاستثمارية أيضا لا ترى أن أسعار النفط سترتد إلى 50 دولارًا للبرميل حتى نهاية هذا العام، وهو تغيير جذري من توقع العام الماضي بأن النفط سيصل إلى 70 دولارًا في عام 2016.



السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.