أوروبا تتأهب لمواجهة التهديد الإرهابي

مخاوف من وقوع اعتداءات جديدة.. ومقتل مزيد من الأبرياء بعد سلسلة هجمات دموية

تواجد أمني في منطقة برج إيفل عقب الهجمات الإرهابية في باريس نوفبمر الماضي أ.ف.ب)
تواجد أمني في منطقة برج إيفل عقب الهجمات الإرهابية في باريس نوفبمر الماضي أ.ف.ب)
TT

أوروبا تتأهب لمواجهة التهديد الإرهابي

تواجد أمني في منطقة برج إيفل عقب الهجمات الإرهابية في باريس نوفبمر الماضي أ.ف.ب)
تواجد أمني في منطقة برج إيفل عقب الهجمات الإرهابية في باريس نوفبمر الماضي أ.ف.ب)

تعيش القارة الأوروبية أجواء مشحونة في مواجهة التهديد الإرهابي، ففي إسبانيا، شعر مصطافون بالذعر جراء مزحة ظنوا أنها اعتداء، وفي أماكن أخرى من أوروبا، ينتشر الخوف من احتمال حدوث اعتداء إرهابي بمجرد حصول حادث بسيط كان يعتبر في السابق خبرا عاديا.
بعد تسارع وتيرة الاعتداءات المتطرفة في الأشهر الأخيرة، أثار الهجوم بسكين الذي نفذه نرويجي من أصل صومالي في لندن الأربعاء الماضي الخوف بعد أن أدى إلى سقوط قتيل وخمسة جرحى. وبعد ساعات من عدم اليقين، استبعدت الشرطة فرضية العمل الإرهابي، مؤكدة أن منفذ الجريمة غير متزن عقليا.
في مواجهة «عصر القلق»، اعتبر الكاتب إدوار لوي، والفيلسوف جوفروي دي لاغاسنوري، في مقال نشرته صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية، أن الأسوأ «هو الانطباع بأن معاناتنا مضاعفة: ليس فقط جراء الخوف، لكن أيضا جراء ما يثيره من تشويش أن نجد أنفسنا في حلقة مفرغة لا نهاية لها». والمخاوف من حصول اعتداءات إرهابية في أوروبا تغذيها تحذيرات تطلقها السلطات لمواطنيها منذ أن أعلن تنظيم داعش في العراق وسوريا في يونيو (حزيران) 2014. ويشارك عدد كبير من البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في تحالف عسكري دولي ضد التنظيم الذي توعد بإراقة دماء «الكفار» و«الصليبيين» الغربيين بكل الوسائل.
وحذرت لندن في الآونة الأخيرة من احتمال حصول اعتداء في المملكة المتحدة، في وقت أعلنت النمسا أول من أمس أنها تلقت عن طريق البريد الإلكتروني «تهديدات إرهابية» ضد الشرطة. وفي فرنسا، توقع رئيس الوزراء مانويل فالس «اعتداءات جديدة ومقتل مزيد من الأبرياء»، بعد سلسلة هجمات دامية منذ أكثر من عام ونصف عام.
وما يغذي أيضا الانطباع بوجود سيف مصلت فوق أوروبا، هو الإعلان عن توقيف مشتبه بهم كانوا يستعدون لتنفيذ اعتداءات في أواخر يوليو (تموز)، اتهمت بلجيكا رجلا بمحاولة ارتكاب جريمة ذات طابع إرهابي. وأبقى هذا البلد الذي شهد في 22 مارس (آذار) اعتداءين لمتطرفين استهدفا المطار والمترو (وأوقعا 32 قتيلا)، على مستوى تأهب من الدرجة الثالثة (تهديد ممكن ومحتمل) على مقياس من أربع درجات.
أما في فرنسا، حيث دخلت حالة الطوارئ حيز التنفيذ منذ اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) (التي أوقعت 130 قتيلا)، فتعلن السلطات بانتظام عن عمليات دهم واعتقال في إطار قضايا تتعلق بمكافحة الإرهاب.
وبعد ثمانية أيام من هجوم بالشاحنة على كورنيش «لا برومناد ديزانغلي» في نيس (جنوب شرقي فرنسا) أوقع 85 قتيلا في 14 يوليو، أدى إطلاق النار في مركز للتسوق في ميونيخ الألمانية في 22 يوليو (9 قتلى) إلى إعطاء مثال صارخ على الأجواء المحمومة. ومن دون انتظار معرفة طبيعة هذه العملية، نسبت إلى تنظيم داعش، خصوصا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما دفع الشرطة الألمانية إلى طلب عدم نشر الشائعات.
وأظهر التحقيق أن مطلق النار، وهو ألماني من أصل إيراني يبلغ من العمر 18 عاما، كان مدفوعا بأفكار عنصرية يمينية متطرفة، ومهووسا بألعاب الفيديو العنيفة وعمليات القتل الجماعي، خصوصا عملية القتل التي ارتكبها قبل خمس سنوات النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك.
ولدى حصول أقل حادث بسلاح أبيض، تقطع قنوات الأخبار المتواصلة برامجها، لمتابعة تدخل الشرطة وفرق الإنقاذ مباشرة، كما لو كان الأمر يتعلق باعتداء جديد.
ففي فرنسا، تعامل عدد من وسائل الإعلام مع إقدام رجل مغربي على طعن وجرح امرأة وبناتها الثلاث في منتجع في جبال الألب في 19 يوليو، على أنه اعتداء متطرفين محتمل. واتهم المعتدي الذي قال إنه يعاني اضطرابات نفسية، زوج ووالد الضحايا بأنه «حك ما بين ساقيه أمام زوجته».
وقال كريستيان ديلبورت، المتخصص الفرنسي في تاريخ وسائل الإعلام: «ليست وسائل الإعلام هي التي تغذي الهوس، بل على العكس فإن هذا الهوس هو الذي يغذي وسائل الإعلام. لدى القادة السياسيين مسؤولية أكبر من وسائل الإعلام، لأن عليهم أن يحضوا على الهدوء.
وأوضح أن وسائل الإعلام تؤدي دور نقل مشاعر الخوف، مضيفا: «يجلس كل منا أمام التلفزيون، وعندما يتحدث الناس بشكل جماعي عبر وسائل الإعلام (يساهم ذلك) في التهدئة».
في بعض الأحيان يؤدي المزاح دورا معاكسا. ففي منتجع بلاتخا دارو شمال شرقي إسبانيا، ظن مصطافون مذعورون أن هناك اعتداء، إثر قنبلة مضيئة ألقاها خمسة شبان ألمان أقدموا على الصراخ والركض على شاطئ البحر. ونتيجة لذلك، عولج أحد عشر شخصا من كدمات وتسارع ضربات القلب.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.