«حزب الله» ينعى أحد قادته سقط في حلب.. وارتباك في بيئته الحاضنة بعد كسر الحصار

معلومات عن إرسال 400 مقاتل خلال الساعات الماضية إلى الجبهة الشمالية

مناصرون لحزب الله لدى تشييع أحد عناصره في بلدة الدوير جنوب لبنان سقط في معارك حلب (أ.ف.ب)
مناصرون لحزب الله لدى تشييع أحد عناصره في بلدة الدوير جنوب لبنان سقط في معارك حلب (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» ينعى أحد قادته سقط في حلب.. وارتباك في بيئته الحاضنة بعد كسر الحصار

مناصرون لحزب الله لدى تشييع أحد عناصره في بلدة الدوير جنوب لبنان سقط في معارك حلب (أ.ف.ب)
مناصرون لحزب الله لدى تشييع أحد عناصره في بلدة الدوير جنوب لبنان سقط في معارك حلب (أ.ف.ب)

تُتابع البيئة الحاضنة لما يسمى «حزب الله» بقلق المعلومات الواردة من مدينة حلب السورية بعد إعلان فصائل المعارضة كسر الحصار عن الأحياء الشرقية، وشروعها بعملية تحرير المدينة بالكامل. وتشير آخر المعلومات إلى إرسال الحزب نحو 400 مقاتل خلال الساعات الماضية إلى الجبهة الشمالية بعد تدهور الأوضاع هناك بالنسبة إليهم بشكل دراماتيكي، ونعيهم أحد قادتهم الملقب بـ«أبو عيسى» خلال مشاركته بالقتال في حلب.
ولفت ما أعلنه عضو الائتلاف السوري أحمد رمضان عن أن عناصر الحزب «وجدوا أنفسهم شبه وحيدين في المعارك الدائرة في المدينة، بعد هروب عدد كبير من المقاتلين السوريين الجدد، ومغادرة نحو 57 ضابطًا رفيعًا سوريًا حلب باتجاه طرطوس، ما أدّى لتخلخل في صفوف قوات النظام». وقال رمضان لـ«الشرق الأوسط»: «كذلك انسحب المقاتلون تحت لواء الميليشيات العراقية والأفغانية ليبقى عناصر الحزب والحرس الثوري الإيراني وحدهم من يقومون بهجمات معاكسة في محاولة للحد من تقدم فصائل المعارضة». وهذا ما أفاد به الناشط السياسي الشيعي المعارض لـ«حزب الله» مصطفى فحص أيضًا، متحدثًا عن معلومات واردة من حلب تفيد بأن «جماعات تنظيم الأسد والمقاتلين الإيرانيين، انسحبوا من الجبهة وتركوا مقاتلي (حزب الله) وحدهم في المعركة»، مبديًا أسفه لأن أمين عام الحزب حسن نصر الله «وضع الشيعة في مهبّ الريح». وإذ أكد فحص في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هزيمة حلب ستفتح تساؤلات كبيرة عن مصير الشيعة ككل»، تساءل: «بعد خمس سنوات عن تورط (حزب الله) في المستنقع السوري، وبعدما أثبتت المعركة أن انتصار إيران بات مستحيلاً، من سيدفع ثمن هذا الجنون؟»، مستطردًا: «للأسف يبدو أن شيعة لبنان هم من سيدفع الثمن».
ويسيطر الارتباك على بيئة الحزب في لبنان، باعتبار أن أمينه العام حسن نصر الله شدد في إطلالته الأخيرة على كون حلب تمثل معركته الكبرى في سوريا، معلنًا أنّه سيزيد قواته في المدينة، ولافتًا إلى أن «المطلوب من الجميع أن يتحضر، لأن المعركة الحقيقية الاستراتيجية الكبرى هي معركة حلب». كما أشار نصر الله بحينها إلى أن معركة حلب هي لـ«الدفاع عن سوريا بالكامل، وأنها ضرورية لإفشال مشروع إقليمي ودولي يستهدف إسقاط هذا البلد عبر استقدام المقاتلين الأجانب إليه».
وبحسب فحص، فإن «نتائج معركة حلب، لن تكون هزيمة للحزب والنظام السوري، بقدر ما ستشكّل هزيمة مدوية لمحور إقليمي دولي عريض، وضربة قاتلة للمشروع الروسي للحل في سوريا»، معتبرًا أن «خطاب نصر الله الأخير الذي أعلن فيه أن انتصار مشروعه في حلب سيقرر مصير المنطقة، هو الذي أعطى معركة حلب هذا الزخم، فجاءت الانتفاضة العربية والإقليمية لوضع حدّ للاستهتار الروسي، ومن خلفه العنجهية الإيرانية بالمصالح العربية والتركية»، واصفًا معركة حلب بـ«الانتفاضة العربية والإسلامية على التمرّد الإيراني». وأضاف: «نصر الله كان يقول للشيعة (كما وعدتكم بالنصر سابقًا، أعدكم بالنصر مجددًا)، اليوم حصل التحول الكبير». وسأل: «هل يستطيع شيعة لبنان أن يتحملوا هذه الهزيمة؟، وأي نتائج سيحصدون بسبب عدائهم للشعب السوري؟».
وتداولت مواقع إلكترونية في الساعات الماضية تسجيلاً صوتيًا، أكدت أنه لأحد عناصر ما يسمى «حزب الله» من داخل المعارك الدائرة في كلية المدفعية بحلب. ويتوجه عنصر الحزب في التسجيل، لأحد الأشخاص ويُدعى جاد مطمئنًا إياه بأنّهم لا يزالون بخير ويسيطرون على الوضع، إلا أنه يُقر بأنّهم محاصرون وسيحاولون فك الحصار. ويضيف العنصر: «سلم على الكل وسامحونا.. سلم على كل الشباب».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم